أغلى المعادن في أفقر القارات.. لهذا تعمق روسيا والصين وجودهما بإفريقيا
أفاد موقع إيطالي أن العديد من البلدان الإفريقية تتقدمها ناميبيا وملاوي، تعتزم استغلال موارد اليورانيوم الهائلة الموجودة في باطن أراضيها فيما تتحرك كل من الصين وروسيا للسيطرة على هذه الثروات.
وأشار موقع "إيل سوسيداريوا" إلى أنه عندما اتخذت شركة روساتوم النووية الروسية العملاقة قرارا بإعادة تشغيل مشروعها لليورانيوم في تنزانيا نهاية عام 2020، الذي توقف في 2017 بسبب انخفاض سعر الكعكة الصفراء، كان حماس الحكومة التنزانية واضحا.
وبمجرد انتهاء عمليات التنقيب داخل هذا الموقع الواعد باحتياطيات وفيرة والواقع في جنوب البلاد، بالقرب من الحدود الموزمبيقية، أشار نائب رئيس روساتوم المسؤول عن جنوب إفريقيا، فيكتور بوليكاربوف، إلى أن استغلال المشروع سينطلق عام 2022.
قطاع اليوارنيوم
ويتوقع الموقع بأن يسهم المشروع في إنجاز أول منجم روسي لليورانيوم في إفريقيا والبدء في الإنتاج بغضون السنوات الثلاث المقبلة.
واعتبر ذلك أمرا جيدا لتنزانيا التي، على الرغم من احتياطياتها الوفيرة، لم تدخل بعد النادي المصغر للدول الإفريقية المنتجة لليورانيوم، الذي تهيمن عليه الآن ناميبيا والنيجر.
وتابع بأن هذا المشروع سيسهم في تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع موسكو، والتي تتخذ من الصناعة النووية وسيلة لتأثير أكبر في إفريقيا.
وبعيدا عن كونها علاقة أحادية الجانب، يمكن أن تكون شراكة اليورانيوم مع قوة أجنبية رئيسة أداة جيوسياسية لتنزانيا، وفق قول الموقع.
لفت الموقع الإيطالي بأن الأخيرة ليست المنتج الوحيد الطموح لليورانيوم خصوصا بعد فترة كساد شديد جراء كارثة زلزال فوكوشيما 2011.
وذكر أن قطاع اليورانيوم في بوتسوانا شهد منذ بداياته وجود لاعبين دوليين، على رأسهم الأسترالية "ايكاب انرجي" التي تحصلت في عام 2016 على حقوق التعدين لمنجم Letlhakane لمدة 22 عاما.
كما تضم الشركة الأسترالية برأسمال صيني، ضمن مجلس إداراتها فرع بوتسوانا أنتوني خاما، الشقيق الأصغر للرئيس السابق إيان خاما ونجل الرئيس الأول للبلاد، سيريتسي خاما.
وأوضح الموقع الإيطالي أن من بين الدول الإفريقية التي تطمح لاستغلال موارد اليورانيوم، هناك جمهورية إفريقيا الوسطى خصوصا بعد أن خلف انسحاب شركة "أريفا" النووية الفرنسية من مشروع "باكوما" في عام 2012 استياء كبيرا.
واعتبر أن عودة المجموعة الفرنسية إلى البلاد تبدو معقدة في المستقبل القريب، بسبب البيئة الأمنية المتدهورة والتطورات السياسية.
أما على المدى الطويل، لا تزال الحقول الكبرى في وسط إفريقيا موضع اهتمام "روساتوم الروسية"، التي تخوض حملة لتوسيع وجودها في القارة، يشير الموقع.
وأفاد بأن الاستثمارات والتطورات المستمرة المرتبطة بوباء كوفيد-19 سمحت لناميبيا بتجاوز كندا عام 2020 في إنتاج اليورانيوم العالمي الذي تحتكره تاريخيا كازاخستان وأستراليا وكندا.
وتابع بأن ناميبيا اكتسبت هي الأخرى ريادة في إنتاج اليورانيوم الإفريقي، بمساهمة بما يقرب من 11 بالمئة من الإنتاج العالمي ويمكن أن تتجاوز أستراليا في عام 2021.
ويعد منجما "حصب" و"روسينغ "، أكبر منجمين في البلاد والوحيدين المفتوحين حاليا، وتديرهما شركة "اليورانيوم الوطنية الصينية" التابعة للمؤسسة "النووية الوطنية الصينية"، و"مجموعة الطاقة النووية العامة الصينية".
وهنا يذكر أن مجموعة" ريو تنتو"، شركة أنجلو-أسترالية متعددة الجنسيات، كانت تستغل منجم روسينغ، أقدم منجم لليورانيوم في البلاد، منذ عام 1976، قبل أن تشتري بكين أسهمها مقابل ما يزيد قليلا عن 100 مليون دولار في 2019.
وقبل عملية الشراء هذه، أصبحت بكين اللاعب المهيمن في اليورانيوم الناميبي عام 2016، حيث أكملت بناء منجم "حصب"، ثاني أكبر موقع لإنتاج اليورانيوم في العالم.
استثمارات خارجية
نوه الموقع أن استثمار مجموعة الطاقة النووية العامة الصينية في تطوير منجم "حصب" يعد واحدا من أكبر استثمارات شركة صينية مملوكة للدولة على الإطلاق في إفريقيا، تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات.
وألمح إلى أن اهتمام الصين باليورانيوم في ناميبيا يستند على قربها التاريخي من "سوابو"، الحزب الحاكم منذ الاستقلال عام 1990.
وقد حقق البلد الإفريقي زيادة في إنتاجه بنسبة 25 بالمئة خلال العقد الماضي، بخلاف دول أخرى، مثل النيجر، التي سجلت انخفاضا حادا في إنتاجها.
كما استثمرت قوى أجنبية أخرى في اليورانيوم الناميبي، من بينها القابضة للاستثمارات holding Headspring Investments، وهي شركة تابعة لـ "يورانيوم وان"، ذراع التعدين لشركة "روساتوم" الروسية، التي سرعت مشاريعها مؤخرا شرق ناميبيا.
من جهتها، سجلت النيجر انخفاضا في إنتاجها طيلة عشر سنوات، بعد أن فقدت الريادة في الإنتاج الإفريقي عام 2016 لصالح ناميبيا وتكافح اليوم لاستعادة مكانتها.
مع إغلاق أحد مواقع اليورانيوم الرئيسة، تعتمد النيجر على شراكة أخرى مع شركة "أورانو" الفرنسية النشطة في استخراج اليورانيوم لتطوير منجم "إيمورارين" الجديد، على بعد 100 كيلومتر شمال أغاديز.
وكذلك تحاول دول إفريقية أخرى كانت منتجة في السابق لهذه المادة، إعادة فتح مناجم اليورانيوم المغلقة على غرار ملاوي وجنوب إفريقيا اللتين تحملتا آثار العقد التالي لكارثة فوكوشيما التي قضت على معظم إنتاجهما من اليورانيوم، وفق الموقع الإيطالي.
تتميز جنوب إفريقيا بكونها الدولة الوحيدة في القارة التي تمتلك محطة طاقة نووية، محطة كويبرج للطاقة النووية، في ضواحي كيب تاون.
وبالتالي لديها احتياجات داخلية لإمداد اليورانيوم، كما تمتلك بريتوريا أيضا احتياطيات كبيرة من هذا المعدن في باطن أراضيها.
وبحسب الموقع، يتمثل التحدي الأول في ملاوي، جنوب شرقي إفريقيا، في إعادة فتح منجم Kayelekera الذي كان نشطا من 2009 إلى عام 2014.
وللإشارة، في بداية عام 2020، باعت الشركة الأسترالية "بالادين" للطاقة التي أنجزت المنجم حصة 85 بالمئة لمواطنتها Lotus Resource، شركة حديثة تعمل الآن على جمع الأموال لإعادة فتح المنجم مقابل 5 ملايين دولار.
في الوقت نفسه، أعادت التفاوض بشأن الشراكة مع حكومة ملاوي بقيادة لازاروس تشاكويرا، صاحب الـ 15 بالمئة المتبقية.
وبالإضافة إلى منجم Kayelekera لليورانيوم ، تتميز التربة التحتية للبلاد بكونها غنية أيضا بالأتربة النادرة التي يمكن أن تنتج أيضا اليورانيوم في نفس الوقت.
في الختام، أشار الموقع إلى أن الطبيعة الإستراتيجية للغاية للأتربة النادرة في ملاوي تجذب الاهتمام الدولي.
لذلك يناقش مالك مشروع التربة النادرة الأكثر تطورا في البلاد، شراكة مع واشنطن منذ عام 2019 بناء على نصيحة من الجنرال الأميركي جيمس جونز، مستشار الأمن القومي السابق لباراك أوباما.