انشغال بايدن بالصراع مع الصين.. كيف يفاقم أزمات الشرق الأوسط؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على "عدم وفاء" الرئيس الأميركي جو بايدن بوعوده المتعلقة بتعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث "يبدو أن العدالة ليست من بين اهتماماته". 

بالنسبة للرئيس الديمقراطي، وفق صحيفة "بوبليكو"، فإن بيع الأسلحة بأقصى سرعة أهم من حل المشكلات الراسخة في المنطقة. 

في الوقت نفسه، يسعى القادة العرب إلى الحصول على الحماية من إسرائيل، التي أصبحت "ملاذا" بالنسبة لهم. 

فقدان النفوذ

وقالت "بوبليكو" إن النهج الذي بدأ يلاحظ مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وأصبح أكثر وضوحا اليوم بشكل متزايد (مع بايدن)، يسلط الضوء على فقدان الولايات المتحدة نفوذها في الشرق الأوسط. 

لشرح هذه الظاهرة، من الضروري الأخذ بعين الاعتبار العديد من العوامل، على رأسها تحول الاهتمام الأميركي إلى آسيا.  

وفي واشنطن، يخشى بعض المحللين أنه في 2020، أي منذ الانتخابات الأخيرة، كانت نية الإدارة الحالية هي التنازل عن الصدارة في المنطقة لتركيز جهودها على آسيا، حيث أصبحت الصين منافسا يثير مخاوف بلاد العم سام. 

علاوة على ذلك، ستزداد هذه المخاوف خلال السنوات القادمة، وفق تقدير الصحيفة.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة لم تقلص وجودها العسكري في الشرق الأوسط على الرغم من تراجع اهتمامها بالمنطقة.  

في واقع الأمر، لا تفكر حاليا في تفكيك أي من القواعد المنتشرة بالعشرات هناك. 

لكن، أشارت مجلة فورين أفيرز الأميركية منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى أن الأميركيين توقفوا عن اعتبار أن المنطقة لها الأولوية القصوى، مثلما كانت منذ وقت قصير.

وبينت بوبليكو أن الحديث عن هذا الاتجاه كان حاضرا حتى قبل ترامب، ولكن يلاحظ الآن ظهور العديد من الظروف التي لم تكن موجودة من قبل. 

في حقيقة الأمر، أصبحت القضية الفلسطينية في طي النسيان، وبشكل كامل تقريبا، في العالم العربي بأسره، تقول الصحيفة. 

في الآن ذاته، أوضح القادة العرب أن الديمقراطية ليست من بين خططهم، وهو أمر لا يهم الولايات المتحدة على الإطلاق.  

ونوهت الصحيفة بأن الوجود الأميركي أصبح أقل أهمية وعلى نحو متزايد. 

فرصة إسرائيل

أمام هذا الوضع، أخذت عنها إسرائيل المشعل، ونصبت نفسها على أنها القوة الوحيدة التي لا جدال فيها؛ ليس فقط في قلب الشرق الأوسط ولكن حتى في المحيط الأطلسي.

وهو ما يضمن استمرارية الأنظمة الاستبدادية ويمنح الحرية للقادة الأقوياء في المنطقة الذين لا يريدون سماع عبارة ديمقراطية، بحسب تعبيرها.

وأفادت الصحيفة بأن القادة العرب يتطلعون، في الوقت الراهن، إلى تل أبيب أكثر من واشنطن. 

وقالت: "تغريهم القوة الإسرائيلية، لا سيما نفوذها الهائل وغير المحدود في أروقة السلطة في العاصمة الأميركية". 

 في الآن ذاته، يعتبر القادة العرب هذا الظرف أكثر فائدة وأقل إشكالية من التعامل المباشر مع أعضاء الكونغرس، الذين تراودهم تجاههم الكثير من المخاوف كل مرة يتحدثون فيها عن الديمقراطية. 

وأوردت الصحيفة أنه على غرار تراجع الاتحاد الأوروبي وعدم مبالاته بالمنطقة، قررت الولايات المتحدة السير على خطاه. 

ومن هنا، قررت واشنطن أن "تؤجل مسألة دعم الديمقراطية إلى وقت غير مسمى". 

 واختارت في المقابل أن تطبق تكتيك النعامة، أي أن ما لا تراه غير موجود، لتقليل عدد المشاكل في العالم، وفق بوبليكو.

يعني ذلك، إخفاء هذه المشاكل تحت البساط قدر المستطاع، أو ببساطة، عن طريق الوقوف إلى جانب الأقوى للحفاظ على الاستقرار بأي ثمن، وهو الحال مع الفلسطينيين والصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر. 

وبينت الصحيفة أن الهدوء الافتراضي هو الجانب الذي يهم الغرب. 

وفي الواقع، يجد الأوروبيون والأميركيون أنه من الجذاب أن تبدو مصر أو تونس أو السعودية مستقرة ظاهريا، وهذا بالضبط ما يضمنه تحالف "الحكام المستبدين" مع إسرائيل. 

قد يتغير هذا الوضع الذي يبدو مفيدا على المدى المتوسط ​​أو الطويل، لكن هذا لا يهم الغربيين في الوقت الحالي. 

دوافع بعيدة

وأشارت الصحيفة إلى أن موقف اللامبالاة في الشرق الأوسط أصبح أكثر وضوحا مع جو بايدن. 

في هذا المعنى، أوضح وزير الخارجية أنتوني بلينكن هذه النقطة قبل أن يؤدي اليمين الدستورية في يناير/كانون الثاني عندما أعلن أن إدارته ستولي "القليل من الاهتمام" للمنطقة. 

من الواضح أن سياسة الولايات المتحدة مخطئة للغاية وأن بلينكن هو المسؤول إلى حد كبير، تقول الصحيفة. 

 لكن في الواقع، يتطابق هذا التراجع أيضا مع الافتقار إلى الإرادة الغربية لحل النزاعات بطريقة دائمة. 

وإلى جانب هذه الطريقة في رؤية الأشياء، يمكن إضافة دوافع بعيدة، على رأسها كفاءة الصين في القضايا الإستراتيجية؛ مما جعل الأميركيين يرون أن التصدي للنفوذ الصيني مهمة أكثر إلحاحا.

في هذا المعنى، يجدر الإشارة إلى أن النفوذ الصيني أصبح متزايدا في العالم ولا يتوقف عن النمو.

نتيجة لذلك، "بدأ التشكيك بالفعل في تفوق الولايات المتحدة في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط بدرجة أولى، كما رأينا في إيران وأفغانستان".  

وأشارت الصحيفة إلى أحد الأمثلة الواضحة على تراجع الولايات المتحدة، والذي يختزل في سلوكها تجاه القضية الفلسطينية الحاسمة. 

في الواقع، عقدوا خلال ديسمبر/كانون الأول 2021 لقاء رفيع المستوى مع الفلسطينيين، هو الأول من هذا النوع منذ خمس سنوات.

لكن جوهر الاجتماع كان اقتصاديا وليس سياسيا؛ مؤكدين أن الأميركيين يفضلون، على الصعيد السياسي، تجاهل الاحتلال الوحشي والفصل العنصري الإسرائيلي.  

وذكرت الصحيفة أن واشنطن، التي لم تعد تعتمد على النفط العربي، تواصل إبرام صفقات السلاح الضخمة. 

وأردفت: "سيجرى قريبا الانتهاء من اتفاقية بيع طائرات إلى الإمارات العربية المتحدة بقيمة تقارب 20 ألف مليون يورو". 

لكن، من الصعب فهم ما تريده الإمارات بهذه الطائرات، على الرغم من أن الصفقة ربما تكون طريقة جيدة لرشوة الكونغرس حتى لا يتدخل في مسائل حقوق الإنسان والديمقراطية، وفق تعبيرها.

وأوردت الصحيفة أن القادة العرب قلقون إزاء إمكانية تقليص وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" عدد القواعد الأميركية في المنطقة.

 وعلى الرغم من وجود تكهنات لا غير في الوقت الحالي، فإنه إذا اتخذت واشنطن قرارا في هذا الاتجاه من أجل تعزيز وجودها في المحيط الهادئ، فإن بعض القادة العرب سيشعرون بمزيد من عدم الارتياح والخيانة ويعززون علاقاتهم مع إسرائيل.