المحيط الأطلسي.. مناطق جديدة تضمها الصين لميدان المواجهة مع أميركا
سلطت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" الروسية الضوء على قلق الولايات المتحدة عقب اكتشافها مخططا صينيا لإنشاء قاعدة عسكرية في غينيا الاستوائية على ساحل المحيط الأطلسي.
ولفتت الصحيفة في مقال للكاتب ألكسندر جاسيوك إلى أن أجراس الخطر تدق البيت الأبيض منذ ذلك الكشف، في ظل اليقين أن الصين لن تتراجع بسهولة عن تأمين توسع قوتها الاقتصادية.
فيما لا يزال الصمت يخيم على دولة غينيا الاستوائية التي تتمتع رغم مساحتها الصغيرة بموقع متميز غربي إفريقيا في مواجهة القارتين الأميركيتين.
سباق القواعد
وعن قاعدة غينيا الاستوائية، قالت الصحيفة إن الشركات الصينية مستمرة في تنفيذ خططها الاقتصادية لتثبيت أقدامها في تلك المنطقة الإفريقية الصغيرة لكنها إستراتيجية.
وبحسب تقارير استخبارية فإن هناك احتمالا أن تصبح السفن الحربية الصينية قادرة على إعادة التسلح هناك، ما يدق أجراس الخطر في البيت الأبيض.
وأضافت أنه بينما تجري الولايات المتحدة مناورات عسكرية في بحر الصين الجنوبي للضغط على بكين، تستعد الأخيرة لاتخاذ خطوة انتقامية قوية.
وستستضيف غينيا الاستوائية أول قاعدة بحرية للجيش الصيني على ساحل المحيط الأطلسي، حيث ستكون حاملات الطائرات والغواصات الصينية قادرة على التزود بالوقود والتسليح والخضوع للصيانة هناك، وفق الصحيفة.
ونقلت عن صحيفة وول ستريت جورنال أن المخابرات الأميركية كشفت عن نوايا الصين في هذا الإطار، وهي مقلقة للغاية بالنسبة إلى البيت الأبيض.
وأوضحت أن ثمة خططا حقيقية لإنشاء منشأة عسكرية للصين في مدينة باتا بغينيا، حيث يوجد بالفعل هناك ميناء تجاري بنته الصين سابقا.
وزادت أنه إذا كانت المعلومات التي حصلت عليها أجهزة المخابرات الأميركية صحيحة، فهذا يعني أن الجيش الصيني سيمتلك قاعدة بحرية ثانية خارج البلاد.
إضافة إلى الأولى التي افتتحها في جيبوتي شرقي إفريقيا على ساحل خليج عدن في 2017.
ومنذ ذلك الحين، وتضخ الصين استثمارات جادة في تلك القاعدة، وفي نهاية 2019 انتهت من بناء رصيف بطول 330 مترا لرسو السفن الكبيرة، بما فيها حاملات الطائرات.
وحاليا يتمركز فيها نحو ألفي عسكري صيني تشمل مهامهم خدمة مدرج يبلغ ارتفاعه 400 متر، إضافة إلى فرقاطات ومدمرات تابعة للبحرية الصينية تدخل جيبوتي وتعمل في إفريقيا وغرب المحيط الهندي.
تفاقم التوتر
وأوضحت الصحيفة الروسية أن التوسع المتسارع للصين في القارة السمراء يثير قلق الولايات المتحدة، التي تمتلك شبكة مكونة من ثلاثين منشأة عسكرية دائمة وغير دائمة في إفريقيا.
ونقلت عن موقع "ذي انترسبت" الإخباري الأميركي أن ميزانية وزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون" لسنة 2019 تضمنت أموالا لـ29 قاعدة أميركية في 15 دولة إفريقية.
ووفق صحيفة "ستارز آند سترايبس" التي يصدرها الجيش الأميركي، يعتقد أنه في الوقت الحالي ينتشر في إفريقيا نحو 7 آلاف عسكري يشاركون في تدريب قوات أمن محلية وينفذون عمليات لمكافحة الإرهاب.
ولفتت إلى تحقيق هذه العمليات نسب نجاح متفاوتة، ما يلحق خسائر بشكل دوري بالقوات الأميركية هناك.
ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2017، قتل أربعة جنود أميركيين في اشتباك بالنيجر غربي إفريقيا، وفي أوائل 2020، هاجم مسلحون قاعدة أميركية في كينيا شرقي إفريقيا، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين.
كما لفتت الصحيفة إلى تصريحات لرئيس القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم"، ستيفن تاونسند قال فيها لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية إنه يولي اهتماما خاصا لخطط الصين في منطقة مسؤوليته، وإنه قلق جدا من الموقع المقترح لقاعدة صينية على المحيط الأطلسي.
واشنطن تتحرك
ومن أجل منع تنفيذ خطط بكين، نقلت الصحيفة الروسية عن وول ستريت جورنال أن الأميركيين بدؤوا بالفعل التواصل مع مسؤولي غينيا الاستوائية.
وأضافت أن أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية قال لوول ستريت جورنال: "لقد أوضحنا لسلطات غينيا الاستوائية أن بعض الخطوات المحتملة المتعلقة بالنشاط الصيني ستثير مخاوف في مجال الأمن القومي".
فيما لم يتضح بعد ما إذا كانت واشنطن ستكون قادرة على دفع مصالحها المعادية للصين من خلال التدخل المباشر في الشؤون الداخلية لدولة إفريقية صغيرة.
كما لم تصدر على الفور أي بيانات رسمية من سلطات غينيا الاستوائية.
غير أنه من غير المرجح وفق الصحيفة أن تتراجع بكين بسهولة عن مهامها الإستراتيجية لتأمين استثمارات كبيرة في إطار مشروعها العملاق "الحزام والطريق".
وأكدت أن الوسيلة الوحيدة لذلك هي ضمان الوجود المادي للجيش الصيني في أراضي دول أجنبية بعيدة عن الحدود الصينية.
وعقب قاعدة جيبوتي فإن مهمة توسيع نطاق هذه الحملة هي إحدى أولويات الصين حاليا.