جواد غفاري.. عميد إيراني دخل سوريا قائدا للحرس الثوري وخرج بلقب جزار حلب
لم يكن العميد جواد غفاري، قائد المليشيات الموالية لإيران في سوريا، الملقب بـ"جزار حلب"، أن ينهي مهامه ويعود إلى إيران، قبل قيامه بجولة وداع على جميع مقرات المليشيات التي ساهم في تشكيلها لوأد آمال الشعب السوري في حياة كريمة.
انتهت بشكل مفاجئ مهمة غفاري في سوريا، بإعلان طهران عودته إلى بلاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بعد أن قاد عمليات الحرس الثوري الإيراني على الجبهة الشمالية بصفته قائدا عاما للحرس في سوريا.
وقبل أن يغادر غفاري البلد الذي شارك بدماره وقتل شعبه وتشريده داخليا وخارجيا، جال على المقرات العسكرية التابعة لطهران في حلب وحماة وحمص ودمشق ودير الزور، حيث أقيمت له مراسم توديع.
وكان آخر ظهور لغفاري في مدينة البوكمال السورية على الحدود مع العراق، وهي تشكل موقعا إستراتيجيا بالنسبة لإيران، وذات ثقل كبير لمليشياتها كونها تعد الممر الرئيس البري لطهران إلى سوريا.
واستقبل غفاري في مقر اللواء 47 المحلي التابع لمليشيا الحرس الثوري الإيراني، بحضور "الحاج مهدي" قائد المليشيات الإيرانية بالمنطقة الشرقية، ووفود عشائر موالية لطهران وقادة مليشيات أجنبية.
وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية أن مؤسسات عسكرية وأمنية تابعة للنظام السوري وحتى "على مستوى رئاسي" كرمت غفاري.
وأشارت إلى أن غفاري ودع مهامه في سوريا لحمل عبء مهمة جديدة في مكان آخر، دون ذكر طبيعة مهمته الجديدة.
المهمة الخاصة
ولد مصطفى جواد غفاري (لا يُعرف سنه) في محافظة أذربيجان الشرقية بإيران، ويعرف هناك باسمه الأصلي "أحمد مدني"، وعمل سابقا قائدا لفيلق عاشوراء التابع لقوات التعبئة في الحرس الثوري الإيراني.
كما كان غفاري أحد قادة الحرس الثوري في الحرب الإيرانية العراقية خلال ثمانينيات القرن الماضي.
وللمفارقة فإن غفاري رغم اتخاذه مصانع الدفاع السورية شرق محافظة حلب مقرا لسكنه وإدارته العسكرية، إلا أنه أطلق على المكان اسم "ثكنة السيدة رقية"، بعدما أصبح هو من يديرها.
وكان غفاري على علاقة وثيقة مع قائد "فيلق القدس" السابق، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية قرب مطار العاصمة بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020.
وانتدب الحرس الثوري الإيراني غفاري إلى سوريا عام 2014 وتوجه مباشرة لقيادة العمليات العسكرية في حلب.
وأصبح غفاري قائدا عاما للحرس الثوري الإيراني في سوريا، خلفا لحسين همداني، الذي قتل في 9 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 في حلب.
وتولى غفاري مهمة التحضير العسكري لمعركة السيطرة على الأحياء الشرقية من مدينة حلب منذ عام 2014، إلى أن أطلق حملة عسكرية تحت اسم "دبيب النمل".
وأسفرت تلك الحملة عن قتل مئات المدنيين، وتهجير مئات الآلاف من السكان من تلك الأحياء نحو مناطق المعارضة نهاية عام 2016، بعد حملة عسكرية شرسة لقوات الأسد بدعم روسي إيراني.
وبدا واضحا أن عين إيران كانت مسمرة نحو حلب، حيث أشرف غفاري بنفسه على استجلاب مزيد من المليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية لتدعيم معركة السيطرة على حلب عام 2016، حتى لقب غفاري بـ "مهندس معركة حلب".
وحاليا تنقسم مدينة حلب من حيث السيطرة إلى ميليشيات شيعية أجنبية ومحلية تابعة لإيران من جهة، وأخرى تتبع لوجستيا وعسكريا لروسيا.
وكانت مهمة غفاري منصبة على محافظة حلب عاصمة الاقتصاد السوري، التي تشهد الآن أكبر عمليات تشيع وافتتاح حسينيات وتجنيد للمليشيات المحلية.
ووفقا لحسابات مليشيا "لواء الباقر"، فإن غفاري، أشرف بنفسه على فك الحصار عن قوات النظام السوري داخل مطار كويرس العسكري عام 2015 بعد محاصرته من قبل تنظيم الدولة آنذاك، إذ يعد المطار قاعدة إستراتيجية لتجميع قوات النظام في ريف حلب.
جزار حلب
لقب جواد غفاري بـ "جزار حلب"، بعدما نجح في تشكيل مجموعة عسكرية عبارة عن خليط من مقاتلين من حزب الله اللبناني وحركة النجباء العراقية ولواء الفاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون الباكستاني، التي ارتكبت مجازر وأعمالا وحشية في حلب عام 2016.
ويعتبر غفاري المسؤول عن عرقلة اتفاق مدينة حلب بين روسيا وتركيا منتصف ديسمبر/كانون الأول 2016، القاضي بإخلاء الأحياء الشرقية من حلب من الأهالي ومقاتلي المعارضة، إذ لم تتوقف الهجمات مما أدى لوقوع مجازر بحق المدنيين.
وبرز اسم جواد غفاري بصفته الرجل الثاني بعد قاسم سليماني في سوريا، واتهمته إسرائيل بشكل مباشر، بتدبير هجوم بطائرة مسيرة عليها في أغسطس/آب عام 2019.
وورد اسم جواد غفاري على رأس قائمة تقرير لـ"المقاومة الإيرانية" المعارضة لنظام الملالي نشر في يونيو/حزيران 2018 حول أبرز قادة إيران المشاركين إلى جانب النظام السوري في سفك دماء السوريين.
ودعا التقرير إلى "فضح هؤلاء المشاركين في تشكيل هذه الجريمة المعادية للإنسانية داخل سوريا حتى يتم عرضهم أمام العدالة والمحاكمة في المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
#د24:
— ديرالزور24 (@DeirEzzor24) November 16, 2021
صور تظهر حفل توديع المدعو " مصطفى جواد غفاري " من قبل ميليشيات الباقر في مدينة #حلب قبيل توجهه الى #ديرالزور محطته الأخيرة قبل مغادرة سوريا. pic.twitter.com/wASadf6ktg
وتؤکد معلومات "المقاومة الإيرانية"، أن قوات النظام السوري وقوات الحرس الثوري، تعملان تحت قيادة عملياتية مشترکة، وأن کل العمليات البرية تجرى تحت إشراف وبحضور قادة قوات الحرس الإيراني.
وذكرت في تقرير آخر نشر في أواخر أبريل/نيسان 2018، أن عميد الحرس سيد جواد غفاري هو قائد قوات الحرس الإيراني في سوريا، ومحمد رضا فلاح زاده المكنى بـ "أبي باقر" هو من مساعديه في سوريا.
وبينت أنهما من القادة الكبار للعمليات، وأشارت إلى أن غفاري كان يستقر في معظم الأحيان في مقر حلب لقوات الحرس، وفلاح زاده في مقر المبنى الزجاجي بالقرب من مطار دمشق.
وكان غفاري يعد يد سليماني الأولى في حلب، وكان من المفترض أن تنتهي مهمته العسكرية في أوائل عام 2020، لكن مقتل سليماني أجل مغادرته، ما يدلل على ثقله العسكري داخل منظومة المليشيات الإيرانية.
مرجع عسكري
ونظمت مليشيات إيرانية مراسم وداع لـ"غفاري"، الذي كان أشبه بمرجع عسكري للمليشيات الإيرانية، وكان قادتها على تواصل دائم معه ويتلقون التعليمات منه.
كما أشرف على تشكيل مليشيا الدفاع الوطني "الذاتي"، وهي قوات رديفة لقوات النظام السوري، شكلت أواخر عام 2012 من مدنيين وعسكرين غير منضبطين لمساندة الأخير خلال عملياته العسكرية.
ولاحقا انقسم ولاء تلك المليشيا بين إيران وروسيا، حيث تبنت الأخيرة كثيرا من عناصرها ودعمتهم لوجستيا وعسكريا وأصبحوا تابعين لها بشكل مباشر.
وتسعى إيران لاستكمال ترسيخ وجودها العسكري على الأراضي السورية، لاسيما وهي تمتلك نحو مئة ألف عنصر مقاتل لها في سوريا جرى تنظيمهم منذ تدخلها عسكريا لوأد الثورة السورية عام 2012.