"يخجل من فعلته".. إعلام عبري: الأردن يتخبط بعد توقيع إعلان النوايا مع إسرائيل
سلط إعلام عبري الضوء على تداعيات "مذكرة تفاهم" موقعة بين الأردن وإسرائيل في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021؛ بهدف الدخول في عملية تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه.
و"مذكرة التفاهم" أو ما أطلق عليها "إعلان النوايا" تنص على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما تعمل تل أبيب على تحلية المياه لصالح الأردن الذي يعاني من الجفاف ويحصل بالفعل على مياه من إسرائيل.
إنكار كاذب
وأوضحت صحيفة "معاريف" أن "مذكرة التفاهم كانت بمساعدة الإمارات وتم التوقيع عليها برعاية الولايات المتحدة، التي ستوفر للأردنيين مياها ثمينة غير متوفرة لديهم، لكن ليس كل شخص في عمان قادرا على الاستمتاع والاستفادة من هذه الفكرة".
وأشارت إلى أن "المتحدث باسم الحكومة الأردنية، وزير الإعلام فيصل الشبول، نفى نية بلاده توقيع مذكرة تفاهم مع إسرائيل، وبعد ساعات قليلة تم توقيع الاتفاقية في دبي".
وعلقت معاريف أن "النفي يكشف الإنكار الكاذب عن عيوب مقلقة في استقرار النظام الأردني، حيث وقعت إسرائيل والأردن مذكرة تفاهم لتبادل الطاقة في دبي، فهذه الفكرة التي أطلق عليها اسم (الكهرباء من أجل الماء) بسيطة ولكنها مبدعة".
وأوضحت أنه "في صباح توقيع الاتفاقية أجرت محطة إذاعية محلية مقابلة مع المتحدث باسم الحكومة، الشبول ونفى أي توقيع ممكن للاتفاق، وبعد ساعات قليلة أعلن من دبي عن التوقيع رغم النفي، وتراجعت الأردن عن النفي وتصدرت وكالة الأنباء الرسمية (البترا)، والتي تتبع إلى المتحدث نفسه عناوين الصحف بشأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه".
وترى الصحيفة العبرية أن "التعرج حول الحكومة الأردنية، وخاصة وزير الإعلام فيها، إلى مزحة في الأوساط التي تتابع الأمور في عمان".
وإثر ذلك، غرد شاب أردني يدعى عمر جلال على حسابه في تويتر: "في الصباح نفى وزير الإعلام، ووزير المياه الآن يوقع، اذكروا لي كم عدد الحكومات لدينا؟".
وفي تغريدة أخرى باسم محمد الخطيب: "في العاشرة قالوا لم يكن هناك شيء، وفي الحادية عشرة وقعوا، إذا لم يكن المتحدث باسم الحكومة يعلم أن شيئا ما حدث في ذلك اليوم، فمن سيعرف؟"
وقالت معاريف: "لم يتصرف المتحدث باسم الحكومة بذلك على أنه نزوة، فأي شخص يتابع الخطاب العام في الأردن خلال هذه السنوات لن يجد تفاصيل حول الاتصالات مع إسرائيل".
وأضافت أنه "رغم وجود شيء بالتأكيد لإخبار المواطنين، خاصة في الآونة الأخيرة بعد زيارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت للقصر الملكي (في يونيو/حزيران 2021)، وزيارة وزير الدفاع بيني غانتس ووزير الخارجية يائير لبيد، امتدادا لاتفاقية توظيف العمال في إيلات، وبالطبع امتدادا لاتفاقية المياه".
واستطردت أن "الأردنيين غالبا ما يتعرفون عن علاقات بلادهم مع إسرائيل من خلال المطبوعات والصحف الأجنبية أو بفضل التسريبات العبرية، وهذا ما حصل في اتفاق (الكهرباء مقابل الماء)".
أفظع من الإثم
ولفتت الصحيفة العبرية إلى أن "التوقيع على مذكرة التفاهم تم دون أن تخبر القيادة الأردنية مواطنيها، كما طلب الطرف الأردني من إسرائيل والأميركيين، خلال المناقشات، الحفاظ على السرية، لكن التفاصيل سربت لوسائل إعلام عبرية، وسرعان ما وصلت إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية في الأردن".
واعتبرت أن "سلوك المتحدث باسم الحكومة الأردنية يذكر بمزحة قديمة عن ملك دعا ثلاثة من المخلصين له للذهاب إلى منزله لمناقشة مشكلة حدثت، فذهب الجميع في نزهة قصيرة في البستان وبينما هم يتكلمون التفت الملك ليقطف ثمرة الشجرة ويأكلها".
وتابعت: "إذا بالشخص الثالث يمسك به فالتفت الملك وتفاجأ الشخص الثالث بأنه الملك، فاعتذر الشخص للملك وقال له، اعتقدت أنك الملكة"، في إشارة لعلاقته مع الملكة وحاول تصحيح خطئه برد أفظع، وعن ذلك قيل: إن "التصحيح أفظع من الإثم".
وقالت معاريف: "في الحالة الأردنية، تم التوقيع على الاتفاق، ولكن النفي الكاذب كان من الصعب تحمله، حيث عرف الأردنيون النقص المذهل في الشفافية من قبل حكومتهم ومنذ عقود تعلموا التعايش معه".
وأشار خبير الشؤون العربية، جاكي حوجي، إلى أنه "مع ضعف المسؤولين في القمة والقيادة العليا الأردنية دفع الشعب ثمن ذلك، لكن ما تم الكشف عنه في هذه القضية هو ضعف حكومة عمان في الشأن الإسرائيلي، وبعض الدوائر الأردنية استقبلت ذلك بغضب، وطالب العشرات من النواب بعقد اجتماع عاجل لضرورة مناقشة الاتفاق".
كما اتهم ناشطون سياسيون ومعارضون للقصر الأردن بتكليف الاحتلال الإسرائيلي بصناعة الطاقة فيه.
ونقلت "معاريف" عن الخبير الأردني في شؤون الطاقة، عامر الشباخي، قوله إن "هذا خطر على مستقبل المملكة"، فيما رأى منسق الحملة الشعبية ضد اتفاقية الغاز مع إسرائيل، هشام البستاني، أن "إسرائيل ستستولي على المنطقة بأكملها من خلال مشاريع البنية التحتية".
وأفاد حوجي بأنه "رغم الاحتجاج الديماغوجي، فإن هذه الاتفاقية إنجاز للمملكة وخطوة مفيدة للسكان، وفيها تأمين لتوفير 200 مليون متر مكعب إضافية من المياه، وإلى جانبها يوجد احتضان إماراتي وأميركي، لكن رغم أنه يستحق الثناء، إلا أن القصر يجد صعوبة في إخبار المواطنين بإنجازه، لأن إسرائيل هي مركز هذا الاتفاق".
وتابع: "لذلك، بدلا من أن يتفاخر المتحدث باسم الحكومة الأردنية، اضطر إلى التستر على تصرفه مثل اللص الذي يخجل من فعلته، هو بالطبع لم يتصرف بمبادرة منه، لكنه عبر عن الأجواء التي أملاها عليه مرسلوه".
وتساءل حوجي عن كيفية تصرف الأردن إذا اشتد ضغط الشارع وعوامل المعارضة؟ قائلا: "رغم استقرار القصر الأردني، إلا أنه يقظ جدا لأي تطور مهم قد يعرضه للخطر".
وأضاف "ففي كثير من الأحيان كان يعرف كيفية الوصول إلى حل، حيث يحرس الغرب هذا القصر، ويسعى جاهدا لتزويده بأكبر قدر ممكن من الدعم المالي والدبلوماسي والأمني، لكن هذه العملية التي يدفع فيها الرأي العام القيادة إلى الجدار، مهدّدة ولا نعرف أين ستتوقف، فبمرور السنين، تزداد هذه الضغوط ثقلا".
وخلص حوجي إلى القول إن "معظم الإسرائيليين يعرفون أن السلام مع الأردن له أهمية أكثر مما يراه الشعب الأردني والمعارضون له، وكأن اتفاقية وادي عربة (موقعة عام 1994) هي ربحهم بالدرجة الأولى، فنفترض أنهم لن يعتمدوا علينا أبدا، لأن جيشنا قوي جدا، وهم في وضع اقتصادي صعب ويعانون من نقص المياه".
واستطرد "حتى لو دعموا الفلسطينيين وغضبوا علينا عندما هاجمنا غزة (في مايو/أيار 2021)، فماذا يفعلون ردا على ذلك، هل سيحاربوننا؟ وعندما ينزعج الإسرائيلي حقا، هل سيذكر تلك التسريبات، منذ سنوات عديدة، فالمعلومات الواردة من الموساد أنقذت الملك عبد الله الثاني من محاولة اغتيال، وبالتالي يجب أن يكون ممتنا وعميلا مخلصا لنا لبقية حياته".