"حقل ألغام".. موقع أميركي: تحديات هائلة أمام الحكومة العراقية المرتقبة
أكد موقع أميركي أن الحكومة العراقية المنتظرة تواجه عددا من التحديات المحلية والإقليمية التي تجعلها تتحرك وسط حقل من الألغام.
وأوضح موقع "أوراسيا ريفيو Eurasia Review" أن "احتجاجات 2019 دفعت إلى انتخابات مبكرة في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أعطت نتيجتها صورة جديدة على عكس الماضي".
وأشار إلى أن "الأحزاب الوطنية ظهرت على أنها الرابح الرئيسي، وولد الأمل في أن الحكومة الجديدة ستحاول معالجة قضايا عدم الاستقرار السياسي، والأزمة الاقتصادية، والتضخم، والبطالة، من بين أمور أخرى".
كما شدد الموقع على أن "الحكومة سيتعين عليها أيضا الحفاظ على التوازن بين الولايات المتحدة والحلفاء العرب وإيران وتركيا، الفاعلين الخارجيين الرئيسين النشطين في العراق".
مصدر قلق
وبالنظر إلى عدد التحديات وشدتها، سيتعين على الحكومة الجديدة إظهار بعض "المهارات الدبلوماسية غير العادية" لإدارتها، وفق "أوراسيا ريفيو".
ومنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، غاب الاستقرار السياسي في العراق واحتدم الصراع العرقي وحركات التمرد والصراعات العنيفة المتكررة.
وفي مثل هذه البيئة الفوضوية، أثبتت الجهود المبذولة لاستعادة الشرعية والتنمية للبلاد أنها "غير فعالة".
وبسبب ضعف مؤسسات الدولة وافتقارها إلى السلطة لفرض سلطة القرار في البلاد، كان مجرد الحكم "يمثل تحديا".
ويعد ارتفاع الفساد "مصدر قلق" آخر يثيره عامة الناس لأنه يؤثر عليهم أكثر من غيرهم.
وأظهرت دراسة حديثة أجراها مركز "تمكين السلام" في العراق، أن حوالي 80 بالمئة من العراقيين ينظرون إلى الفساد على أنه أحد أكبر المشاكل التي تواجهها البلاد.
ورغم العملية السلسة لترشيحات رئيس الوزراء، هناك عدد من التحديات المستقبلية التي تنتظر تشكيل حكومة جديدة على الجبهتين المحلية والإقليمية.
تحديات محلية
وقال موقع "أوراسيا ريفيو" إنه "من المرجح أن تواجه الحكومة المقبلة تحديات هائلة في إدخال إصلاحات اقتصادية قصيرة وطويلة المدى، ومحاربة الفساد، وتحسين الخدمات الأساسية ومعالجة البطالة والتضخم والفقر".
كما سيتعين على الحكومة التعامل مع المشكلات المتراكمة على مدار السنوات التي أجبرت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة، وكذلك الأزمة التي ظهرت بعد ذلك، ولا سيما محاكمة قتلة المتظاهرين الذين ثاروا ضد الحكومة عام 2019.
وتعاني البلاد أيضا من أزمة صحية نتيجة لتفشي وباء كورونا، ذلك أن العراق لديه أقل معدل تطعيم في المنطقة (حوالي مليون شخص)، ما يمثل أقل من 2 بالمئة من عدد السكان.
أما التحدي الآخر سيكون إعادة إعمار البلاد، ومنذ عام 2003 إلى عام 2014، تم إنفاق أكثر من 220 مليار دولار على إعادة بناء البلاد.
وفي فترة ما بعد "تنظيم الدولة"، عقد العراق مؤتمر إعادة الإعمار في الكويت حيث تعهد مانحون دوليون رئيسيون بتقديم 30 مليار دولار.
لكن لم يتم تحويل العديد من الأموال الموعودة، بسبب الفساد وسوء إدارة الأموال من قبل الحكومة السابقة.
إلى جانب ذلك، تمثل التحديات الأمنية مصدر قلق حيوي لأن المليشيات التابعة لـ"تنظيم الدولة" تواصل تنفيذ هجمات متفرقة في جميع أنحاء البلاد، مما يؤدي إلى عدد من الضحايا والخسائر المالية.
ووفق نتائج أولية لانتخابات 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تصدرت "الكتلة الصدرية"، التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، النتائج الأولية بـ73 مقعدا، فيما حصلت كتلة "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي (سني) على 38 مقعدا.
وفي المرتبة الثالثة، حلت كتلة "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 - 2014) بـ34 مقعدا.
بينما يعد تحالف "الفتح"، وهو مظلة سياسية للفصائل المسلحة، أبرز الخاسرين في الانتخابات، بحصوله على 16 مقعدا فقط، بعد أن حل ثانيا بـ48 مقعدا في انتخابات 2018.
تحديات إقليمية
ومنذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، كانت كل حكومة في العراق بحاجة إلى الضوء الأخضر من طهران وواشنطن.
وعلى سبيل المثال، تنازلت إيران والولايات المتحدة عن تعيين مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء عام 2020.
ومن الأهمية بمكان أن تحافظ الحكومة الجديدة على علاقات جيدة مع إيران والولايات المتحدة لسببين، أولا، للتفاوض على اتفاقية وضع القوة مع الولايات المتحدة، لسحب قواتها المقاتلة من العراق بحلول نهاية عام 2021، وثانيا، الاستمرار في الإشارة إلى أن العراق يريد علاقات قوية مع إيران على أساس "مبدأ عدم التدخل" في الشؤون الداخلية للبلاد.
كما أن هذا المبدأ سيبني الثقة بين العراقيين الذين طالبوا بإنهاء النفوذ الأجنبي في البلاد، خلال احتجاج أكتوبر/تشرين الأول 2019، ومع ذلك، لن يكون الأمر سهلا على الحكومة الجديدة.
وفي حين أن طلب الانسحاب الأميركي هو الأقوى بين وحدات "الحشد الشعبي"، خاصة بعد الضربة الجوية الأميركية بدون طيار في يناير/كانون الثاني 2020 والتي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، ورئيس قوات "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، فقد قاومها آخرون، لا سيما الأكراد.
كما أن هناك طلبا متزايدا من الأكراد لتطبيع العلاقات مع حليف الولايات المتحدة الوثيق، إسرائيل، وهو تطور آخر غير مرحب به لإيران والجماعات التابعة لها في العراق، وفق الموقع الأميركي.
وإلى جانب الأكراد، ستبحث دول الخليج التي لا تزال قلقة للغاية بشأن النفوذ الإيراني في المنطقة، بالتأكيد عن طرق للتأكد من بقاء الحكومة الجديدة على مقربة من الولايات المتحدة وحلفائها. وتنظر الإمارات إلى إسرائيل على أنها شريك قوي ومستعد للعمل بالقوة لمواجهة خصمها الإقليمي؛ إيران.
وبينما تنظر روسيا، إلى جانب إيران، في العراق على أنه مسرح آخر يمكن أن تعمل فيه على إنهاء النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة وإعادة تأسيس نفسها كقوة مهيمنة، لكن القيام بذلك يضر باستقرار العراق.
وتستغل روسيا وتزيد من حدة التوتر في العلاقات الأميركية العراقية لتسريع انسحاب واشنطن من المنطقة.
وختم موقع "أوراسيا ريفيو" مقاله بالقول إن "العلاقات المتزايدة بين الكرملين وشبكة المليشيات التي تعمل بالوكالة لإيران في العراق يمكن أيضا أن تهدد ليس فقط الاستقرار العراقي، ولكن أيضا القوات والمصالح الأميركية في العراق وسوريا".