مساحة هامشية.. لهذا يمكن أن يتحول صراع إثيوبيا إلى مشكلة كبيرة لواشنطن

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت مجلة إيطالية أن خطر عودة الإرهاب وأيضا زعزعة استقرار منطقة الساحل الإفريقي وصولا إلى الغايات الصينية، ليست "سوى القليل" من الأسباب التي تهدد بأن يتحول الصراع الإثيوبي إلى "مشكلة كبيرة" للولايات المتحدة.

وقالت مجلة "فورميكي" إن "الرئيس الأميركي جو بايدن قام بتحريك بيادقه"، في إشارة إلى فرض إدارته عقوبات على الجيش الإريتري والحزب الحاكم "الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة"؛ لتورطهما في الصراع المستمر شمال إثيوبيا بين القوات الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي. 

وأضافت أن هذه هي العقوبات الأولى التي قررت الإدارة الأميركية فرضها، في إطار الأمر التنفيذي الذي وقعه بايدن في سبتمبر/أيلول 2021 والذي أجاز فرض عقوبات على المتورطين في الصراع الإثيوبي.

خريطة الأولويات

ولاحظت فورميكي أن هذه العقوبات "غير مباشرة"، أي أنها "لا تستهدف إلى الآن الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد، أو جبهة جماعات المعارضة التي انضمت تدريجيا إلى الفصيل الرئيسي، جبهة تحرير تيغراي الشعبية".

ورغم ذلك، اعتبرت المجلة أن هذه العقوبات "تشكل إشارة إلى أن الإدارة الأميركية تعيد تشكيل نهجها ببطء رغم أنه في الوقت الحالي لم تؤثر هذه العقوبات على أي من الفاعلين المعنيين". 

وبحسب المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، فإن التهديد بالعقوبات دون فرضها الفوري، يعد "بمثابة عنصر ضغط إضافي ضد القوى المختلفة على الأرض لثنيها عن الاستمرار في الصراع".

ولفتت المجلة الإيطالية إلى أن "هذا النهج كان دون تأثير، وهو ما دفع واشنطن إلى تغييره بعد أن تفاقمت الأزمة خلال الأسابيع الأخيرة". 

وترجح فورميكي أن "التدخل الأميركي ذو وزن حقيقي لا يزال مستبعدا، وهو ما يشكل دليلا إضافيا على أن إفريقيا تظل مساحة هامشية في خريطة الأولويات الإستراتيجية الأمريكية، وهي مساحة توجد فيها مصالح جزئية وقطاعية ولكنها غير وجودية، رغم ما باتت تثيره الأزمة من قلق لدى واشنطن".

من جهته، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكين عن قلقه من "الانهيار الداخلي المحتمل لإثيوبيا"، بينما يستعد لزيارة القارة السمراء للمرة الأولى منذ توليه منصبه، ستشمل كينيا ونيجيريا والسنغال. 

تداعيات فورية

وبحسب المجلة، تنظر الولايات المتحدة إلى الأزمة بشكل رئيسي من خلال عدستين، واحدة كلاسيكية أكثر نظرا للمصالح في المنطقة، وتتعلق بخطر الإرهاب الإقليمي. 

أما الثانية، فهي جيوسياسية أكثر وتتعلق بالتأثير المحتمل لعدم التوصل إلى حل في إثيوبيا على الديناميكيات الإستراتيجية الإقليمية والنزاعات الإقليمية الكامنة إلى حد ما والموجودة في البلدان الإفريقية الأخرى والتي يمكن أن تتأجج إذا انهارت الدولة الإثيوبية الفيدرالية.

وتابعت المجلة بالقول إن "الولايات المتحدة تخشى تداعيات فورية في الصومال، أو أيضا في مكان آخر في شرق إفريقيا، على قدرة دول المنطقة على محاربة الجماعات المسلحة". 

وفي هذا الصدد، ذكرت أن القوات الإثيوبية المشاركة كجزء من بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) أو بشكل مستقل كانت لاعبا مهما للغاية في الصومال. 

وأشارت المجلة إلى أن "أميصوم لطالما كان وزنها العسكري أعلى بكثير من وزن القوات الصومالية، لكن الأزمة في إثيوبيا قلّلت من قدرة أديس أبابا على العمل في هذا السياق". 

عموما، مع تهديد الفوضى الإثيوبية، قد تتضاءل أيضا قدرة الجهات الإقليمية على إدارة هذه التهديدات، حيث سيتعين على الدول المجاورة إعادة ضبط خياراتها لإدارة عواقب المشاكل في إثيوبيا، بحسب فورميكي. 

لذلك، فإن هذا التسلسل يخاطر بتوفير إمكانيات جديدة لحركة الشباب الصومالية أو "تنظيم الدولة" للاستفادة منه، تحذر المجلة.

مزيد من الضغط

ولفتت فورميكي إلى أن "الضعف الهيكلي للحكومة الإثيوبية المركزية قد يحفز بعض الدول لممارسة المزيد من الضغط على أديس أبابا؛ لإضعافها أكثر". 

وفي هذا السياق، أشارت إلى "السودان ومصر، الدولتان اللتان لا تزال علاقاتهما مع أديس أبابا متوترة للغاية بسبب أزمة سد النهضة الإثيوبي والمشاكل المرتبطة باستغلال النيل"، معتبرة أن هذه المسألة "لا تزال تثير قلقا إلى حد كبير في دوائر واشنطن".

وأردفت المجلة الإيطالية إلى أن "هناك أيضا مسائل تتعلق بديناميكيات الصراع لا ينبغي التقليل من شأنها في مفتاح أوسع". 

وفي هذا الإطار، ذكرت أن "مصدر معظم الأسلحة الثقيلة التي تستخدمها قوات الدفاع الإثيوبية، سوفييتي/روسي وأوكراني". 

ونقلت المجلة عن مصادر صحفية لم تحددها، أن "أديس أبابا اشترت صواريخ باليستية من الصين، ويبدو أنها تستخدم طائرات إيرانية بدون طيار".

من جانبها، تراقب واشنطن هذه التطورات بشيء من الخوف، رغم أن الأزمة الإثيوبية تؤكد ضعف قدرة بكين على العمل دبلوماسيا في سياقات شديدة العسكرة، وفق فورميكي. 

وحافظت الصين على دور ضعيف للغاية فيما يتعلق بالنزاع، رغم الأهمية التي تمثلها إثيوبيا في إستراتيجية بكين الإفريقية والعالمية.

وبررت المجلة ذلك بأن "الصين لديها استثمارات ضخمة في كل من تيغراي ومناطق أخرى من البلاد، لذلك يجب عليها بالضرورة منع الاستقطاب على الأرض من تهديد هذه الاستثمارات وعلاقاتها مع العالم السياسي الإثيوبي المتنوع والمتشظي والمستقطب بشكل متزايد".

في الوقت نفسه، يؤكد هذا الدور الضعيف أن الصين ليست مستعدة بعد لتكون لاعبا رئيسا في الإدارة الدبلوماسية لهذه الأزمات، إلا أن وجود الأسلحة الصينية في هذا السياق يمثل بالتأكيد عنصر قلق واهتمام لدى الأمريكيين، تختم فورميكي.