بمواجهة "أوكوس".. هل تندلع حرب عالمية حال تحالف روسيا مع الصين؟
يرى مركز تركي أن "التحالفات التي تنشأ لأغراض دفاعية وأمنية تشكل تكوينات خطيرة، من شأنها أن تؤدي إلى حروب عالمية خلال وقت قصير".
وأوضح مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للكاتب جينك تامير أن "التطورات التي أدت للحرب العالمية الأولى تستند إلى الاتفاقات والتحالفات الثلاثية التي تأسست بعد ثمانينيات القرن الـ19".
وبناء على ذلك، يمكن القول بأن تحالف "أوكوس" الأمني الذي أنشأته المملكة المتحدة وأستراليا والولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تحالف من شأنه أن "يعرض سلام العالم وأمنه للخطر".
عداء مفتعل
وقال تامير: "من ناحية أخرى تعد مجموعة (كواد)، التي تضم الهند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة، انعكاسا للاستقطاب المتشكل في المنطقة، فبينما تمثل أوكوس تحالفا أنغلوساكسونيا، وتعتبر (كواد) آلية أمنية تم وضعها لأجل منطقة محيطين حرة ومفتوحة تحت قيادة الولايات المتحدة".
وتابع: "أما الصين وروسيا فتعتبران (كواد) آلية مماثلة للناتو لأنها أنشئت من قبل من يتبنون قيما غربية، غير أن هناك مزاعم تقول بأن الصين تميل إلى تشكيل تحالف مع روسيا".
وبعبارة أخرى، دفعت القوى الغربية بكين وموسكو للتقارب بعد التحالفات التي أقامتها فيما بينها.
وما يؤكد ذلك ما يحدث في حلف شمال الأطلسي "الناتو"؛ إذ صنفت الصين كتهديد في قمم "الناتو" التي عقدت عام 2020.
كما ذكر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، أنه "يجب الاهتمام بروسيا والصين"، لافتا إلى أنهما "بدأتا تتحركان معا"، وفقا للكاتب التركي.
وأعقب ذلك بالقول: "لا شك يعود سبب ذلك إلى إعلان الصين كتهديد من قبل الولايات المتحدة، لكن الأسئلة الأهم هنا هي، هل تشكل الصين تهديدا حقيقيا لأوروبا؟ وكيف ولماذا يجب على الناتو وهو حلف أوروبي أطلسي أن يحارب الصين وهي دولة من دول المحيط الهادئ؟".
لكن ضغوط الناتو على روسيا تدفع الأخيرة إلى تشكيل تحالف مع الصين.
وأوضح تامير: "ففي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021 ألغى الناتو اعتماد 8 أشخاص من البعثة الروسية، الأمر الذي أدى إلى تعميق الشرخ بين الغرب وروسيا، إذ تريد القوى الغربية أن تنهي موسكو أنشطتها الضارة والمدمرة في أوكرانيا، غير أنه ليس بالسهل محاسبة موسكو وبكين على أفعالهما بشأن هذه القضايا وما شابهها".
وتابع: "فقد نص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على استخدام إجراءات ملزمة لمنع الدول من استخدام القوة، لكن حروب اليوم لم تعد كما في السابق حربا مباشرة يتم استخدام القوة المجردة فيها".
لذلك، من الصعب جدا معاقبة الدول، ففي زماننا هناك العديد من طرق الحرب التي لا تتطلب الاستخدام المباشر للقوة مثل، "الحروب الإلكترونية" و"الحروب بالوكالة" و"الحروب الهجينة"، و"حرب المنطقة الرمادية"، و"أنشطة الطابور الخامس"، و"حروب الجيل الرابع"، يعدد الكاتب.
وأردف: "فمثلا تهدف الصين إلى تحقيق التفوق على منافسيها، بما فيهم روسيا، من خلال تنفيذ المزيد من أنشطة المنطقة الرمادية".
وبعبارة أخرى، تحاول الصين "لعب اللعبة وفقا لقواعدها"، وهي بهذه الطريقة يمكنها أن تتراجع بسهولة عندما ترى خطرا محدقا.
أما روسيا فتميل إلى الحروب الهجينة والتي تشمل أنشطة مثل العمليات العسكرية، والمعلومات المضللة والدعاية والأنشطة السيبرانية والاستخبارات والاستخبارات المضادة، لكن أنشطة المنطقة الرمادية للصين والحروب الهجينة الروسية تتعارضان مع بعضهما البعض.
أهون الشر
واستطرد تامير: "إذ لا ترغب الصين في الدخول إلى حروب هجينة كما فعلت روسيا، فبكين تولي أهمية كبيرة لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهي ترغب من الدول الأخرى أن يفعلوا المثل، غير أن الصين قد تنخرط في حرب بالوكالة باستخدام حركة طالبان في أفغانستان وذلك لمواجهة أميركا".
وأوضح أن "ذلك يعني أن أفغانستان قد تصبح ساحة المعركة الأولى بين الولايات المتحدة والصين، خاصة وأنه يلاحظ أن واشنطن ترى كابول كأداة لإرهاق بكين واستنزاف قواها، غير أن روسيا في المقابل، تلاحظ تحركات أميركا وتفهم مغزاها".
ويرى تامير أن " مصالح الصين وروسيا في أفغانستان تتوافق من حيث المبدأ، إذ يهدف كلا منهما إلى منع انتشار الإرهاب في آسيا الوسطى ومنطقة شين جيانغ المتمتعة بالحكم الذاتي، غير أن روسيا لديها تحفظات على الأنشطة العسكرية والأمنية المتزايدة للصين على خط آسيا الوسطى وجنوب آسيا.
وشرح ذلك بالقول: "روسيا تعتبر سياسات الصين العسكرية والأمنية تهديدا لمجال نفوذها، خاصة سياساتها في أفغانستان والهند وميانمار".
وتابع: "ففي الواقع، سيكون من الصعب جدا على روسيا أن تسيطر على آسيا الوسطى وأفغانستان في حال اندلعت حرب صينية هندية في كشمير، لذلك، تحافظ روسيا على علاقاتها مع الولايات المتحدة والغرب بصفتها، أزمة لكن تحت السيطرة، لأنها لا تثق بالصين".
وعلق تامير: "بالنظر إلى العلاقات الروسية المتدهورة مع الولايات المتحدة والغرب مؤخرا، فإن الصين بمثابة (أفضل الخيارات السيئة) بالنسبة لموسكو، وهكذا، قد تذهب موسكو إلى التعاون مع بكين ضد واشنطن، لكنها ستبقى حذرة بشأن سياسات الصين العسكرية والأمنية، خاصة في أراضي الاتحاد السوفييتي سابقا، والمنطقة القريبة من روسيا".
وختم الكاتب التركي مقاله قائلا: "في حال وجب الإشارة لشيء، فهو أن روسيا لم تتفوه ببنت شفة ضد التحركات الصينية في تايوان، وهذا بالطبع، خشية أن تجد نفسها وسط نزاع أميركي صيني مستقبلي.
واستدرك تامير: "غير أن بكين من جانبها، لم تعترف أبدا بضم روسيا لشبه جزيرة القرم. لذلك، من غير المعروف ما إذا كانت روسيا ستدعم الصين في حال تدخلت في تايوان".