لوبوان: جيش السودان مسؤول عن "انهيار الاقتصاد".. وهذا المخرج الوحيد

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة فرنسية الضوء على المستويات المعيشة في السودان، و"التدهور الشديد" للاقتصاد منذ بدء مسار الانتقال الديمقراطي في أغسطس/آب  2019.

وقالت صحيفة "لوبوان": "ربما كان التدهور في الظروف المعيشية ذريعة للموالين للجيش، لكن النظام الذي تأسس منذ الانقلاب في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 يمكن أن يتسبب في أزمة اقتصادية خطيرة".

وأشارت إلى أن "تدهور مستويات المعيشة هي إحدى الحجج التي رددها محرضو اعتصام القصر الجمهوري الذين طالبوا اعتبارا من 16 أكتوبر/تشرين الأول 2021 باستيلاء الجيش على السلطة".  

وذكرت أن "التضخم تجاوز بالفعل 400 بالمئة، رغم انخفاضه إلى ما دون هذا الحد في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2021". 

انهيار اقتصادي

وفي الأشهر الأخيرة أدت الإجراءات الصارمة التي اتخذها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بما في ذلك رفع الدعم عن النفط ومواءمة سعر الصرف الرسمي في السوق الموازية، إلى بداية استقرار الأسعار والأسهم.  

لكن الانقلاب الذي دبره رئيس الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، باسم "التهديد بوقوع حرب أهلية مقبلة"، يثير مخاوف "الانهيار الاقتصادي".

وذكر الاقتصادي عبده يحيى المهدي أن "الاقتصاد كان قد بدأ للتو في الاستقرار وكنا نشهد أول دعم مالي دولي". 

وأضاف: "توقعنا 150 مليون دولار من صندوق النقد الدولي و500 مليون دولار من البنك الدولي"، هذا في الوقت الذي علقت فيه الولايات المتحدة بالفعل مساعدات قيمتها 700 مليون دولار، بعد الانقلاب الأخير.

وحذر الخبير الاقتصادي في ذات السياق بقوله: "في حين أنه من المفهوم أن على المجتمع الدولي أن يشترط دعمه المالي بعودة الحكم المدني، يجب أن يكون مفهوما أن هذا الموقف سيضر في نهاية المطاف بالمواطن العادي"، معربا عن "قلقه للغاية" بشأن الأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق.

من جانبه يلوم الخبير الاقتصادي مجاهد خلف الله الانقلابيين على إفشال التحسن الذي بدأ بالفعل، قائلا إن "عائدات الجمارك الحكومية خلال الأشهر الثلاثة الماضية تضاهي عائدات عام 2020 بأكمله".

لذلك، حسب رأيه، "لم يكن هناك مبرر اقتصادي للانقلاب".

وأضاف خلف الله بالقول إنه "في النهاية كان بإمكاني أن أتفهم الانقلاب إذا كان قد حدث في سبتمبر/أيلول 2020، في وقت كانت فيه البلاد تعاني حالة تدهور اقتصادي".

عواقب وخيمة

وأوضح الخبير الاقتصادي خلف الله أنه "من المتوقع بداية العواقب الوخيمة لانقطاع الاتصال بالإنترنت، الذي دخل في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في يومه العاشر على التوالي تقريبا دون انقطاع".

وتابع: "إذ تمثل شركات الاتصالات أحد المصادر المالية الرئيسة للدولة؛ حيث تفرض ضريبة قدرها 42 بالمئة من دخل هذه الشركات، وهذا هو التأثير الأكثر مباشرة".

كما توقفت عديد الشركات عن العمل؛ لأن أنشطتها "تعتمد كليا" على الإنترنت.

من جانبه يتوقع الباحث المتخصص في شؤون السودان بمعهد "ريفت فالي"، إريك ريفز، ظهور "صعوبات اقتصادية".

وقال عن ذلك ساخرا إن "أسلحة الجيش لن تحل الجوع أو الغضب، إذ إنه وفي مواجهة الركود المتوقع قد لا يكفي حتى حلفاء الجيش السوداني الثلاثة، مصر والإمارات والسعودية".

وأضاف ريفز أن "هذه الدول الثلاث ستقدم بالتأكيد مساعدات على المدى القصير، لكنها لن تكون قادرة على حل المشاكل الاقتصادية على المدى الطويل".  

وزاد: "إنهم بالتأكيد يعارضون الانتقال الديمقراطي السوداني، ومع ذلك فإن الانهيار الاقتصادي سيتطلب أموالا أكثر مما هم على استعداد لتقديمه".

هبوط الأسعار

ورغم هذه التوقعات القاتمة انخفض سعر السكر بشكل كبير في غضون أيام، إذ بعد أن تجاوز الكيلوغرام 2500 جنيه سوداني (نحو 5 يورو) في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عاد إلى تكلفته الأصلية، ما بين 300 و500 جنيه سوداني (بين 60 سنتا ويورو واحد).

كما عاد رغيف الخبز المدعم الذي يباع بحوالي 5 جنيهات سودانية (1 سنت) الذي وفي كثير من الأحيان، خلال الشهر السابق، تم استبداله بخبز صناعي يباع بين 30 و50 جنيها (ما بين 6 و10 سنتات).

وأعاد الجيش منذ الانقلاب فتح ميناء "بورتسودان" جزئيا، وجعل من الممكن نقل مخزون السكر الموجود هناك، كما تم حظر حوالي 190 ألف طن من الدقيق. 

وقال الخبير الاقتصادي خلف الله: "لا يمكنك القول أن الأسعار قد انخفضت، لقد عادت فقط إلى قيمتها الطبيعية".

ويبدو هذا الموقف، على أي حال، متوافقا مع العديد من المحللين والناشطين الذين اكتشفوا دور الجيش وراء شلل الرئة الاقتصادية للبلاد، منذ منتصف سبتمبر/ أيلول 2021.

استمرار الوساطة

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن "الهبوط المفاجئ في الأسعار بالكاد يقنع لجان المقاومة، هذه الفروع المحلية للثوار الذين شاركوا في تنظيم المسيرة الحاشدة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021 للاحتجاج على مصادرة الجيش للسلطة". 

وتتهم إحدى أعضائها، سارة عثمان، طالبة الطب البالغة من العمر 21 عاما، "الجيش بخفض الأسعار؛ لإظهار أنهم يريدون مساعدة الناس"، مضيفة "لكننا لانثق بهم على الإطلاق لأنهم يواصلون قتلنا في نفس الوقت".

وخلف القمع العنيف لتطبيق القانون ما لا يقل عن 12 قتيلا ومئات من الجرحى منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

في الوقت نفسه اعتقل البرهان عشرات النساء والسياسيين وأعضاء الحكومة المدنية والناشطين.

ومن المقرر تنظيم مظاهرة حاشدة ثانية في الأيام المقبلة لـ"التنديد مرة أخرى بأكاذيب أولئك الذين يتصفحون الصعوبات الاقتصادية والأمنية أيضا من أجل استعادة نظام يشبه بشكل متزايد 30 عاما من ديكتاتورية عمر البشير بحلول ثورة ديسمبر/أيلول 2018".

وختمت "لوبوان" تقريرها بالقول: "المخرج الوحيد، كما يأمل الوسطاء، يمكن أن يتمثل في إعادة تشكيل حكومة مدنية".