"نار الصراع".. 4 سيناريوهات محتملة بشأن مستقبل حكومة طالبان

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلط مركز تركي الضوء على سيناريوهات مستقبل حكومة "طالبان" في أفغانستان التي بدأت فيها حقبة جديدة منذ أغسطس/آب 2021.

وقال مركز "الدراسات الإنسانية والاجتماعية" (إنسامر) في مقال للكاتب عبد الله ألتاي: "بغض النظر عن تعقيد التوازنات الداخلية، فإن انخراط الدول الأوروبية والولايات المتحدة والهند وروسيا وباكستان في هذه المعادلة، يعقد الصورة أكثر فأكثر".

وأوضح الكاتب أنه عرض "السيناريوهات التي قد تحدث في حال تحقق الاعتراف بطالبان دوليا، وانتهت الصراعات، أو تم أحدهما دون الآخر".

السيناريو الأول

ويرى ألتاي أن "انتهاء الاضطرابات الداخلية في أفغانستان مع بقاء حركة طالبان في الحكومة وحصولها على اعتراف دولي يعتبر أفضل سيناريو، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني، الأمر الذي يعني أن على طالبان اتباع سياسة أكثر مرونة وتقديم بعض التنازلات على الساحتين الوطنية والدولية".

وأضاف: "في حال تحقق هذا السيناريو، فسيكون من الممكن أن يحل السلام والاستقرار الضروريان لإعادة بناء أفغانستان وتنمية اقتصاده، غير أن تنفيذ هذا السيناريو يبدو صعبا بسبب الضغوط المتولدة عن المعادلة السياسية في أفغانستان والقوى الداخلية والخارجية".

واعتبر ألتاي أنه "من المتوقع أن القوى الداخلية ستعتبر التوصل إلى حل وسط مع القوى الخارجية، تنازلا، خاصة وأنه من المعروف أيضا أن قبول التوصل إلى حل وسط مع القوى الخارجية تسبب في اندثار بعض الجماعات الإسلامية الجهادية في الماضي القريب".

وإلى جانب الجماعات السياسية، "تم توجيه مثل هذه الانتقادات إلى المؤسسات المدنية أيضا في أفغانستان بسبب تعاونها مع الخارج لتحقيق بعض المصالح، لذلك ذكر في التقييمات والمراجعات أن عدم وضوح جبهات الائتلاف داخل البلاد، قد يتسبب في بعض الارتباك خلال الأيام المقبلة"، وفقا للكاتب التركي.

السيناريو الثاني

واستدرك ألتاي قائلا: "على عكس السيناريو الأول، فإن احتمالية تحقق هذا السيناريو أعلى؛ خاصة وأن طالبان جاءت إلى الحكم بمقاومة مسلحة وأنها تسيطر على بعض المناطق".

وتابع: "طالبان -على عكس القوات المسلحة الأخرى- أثبتت قوتها ضد الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والجيش الأفغاني، الأمر الذي يكشف عن مدى قوة طالبان في مواجهة القوى الكبرى".

واستطرد: "من ناحية أخرى، فإن عدم الاعتراف بطالبان على الساحة الدولية كممثل رسمي لأفغانستان قد يشكل تهديدا على وجودها في السلطة، إذ إن الاعتراف الدولي سيلعب وبلا شك، دورا حاسما في إرساء طالبان حكمها لفترة طويلة وبطريقة مستقرة".

إضافة إلى ذلك، فإن عدم الاعتراف بحكومة طالبان من قبل القوى العظمى سيمنع الدول الأخرى من التحرك وحدها والاعتراف بطالبان، الأمر الذي يعني أن الحركة ستواجه صعوبات مختلفة ليس فقط في المجال السياسي والدبلوماسي، بل في المجال الإنساني أيضا، ينوه الكاتب. 

وقال ألتاي: "يمكن القول إن هذا السيناريو مشابه للوضع في قطاع غزة الفلسطيني، إذ إن الاستقرار الداخلي في البلاد سيسهم في تنظيم المساعدات الإنسانية، وبخلاف ذلك، سيكون الشعب الأفغاني أكثر الأطراف تضررا من الأوضاع، خاصة في حالة فرض عقوبات دولية ضد طالبان".

وحذر موضحا: "بلا شك، فإن تدهور الأوضاع الاقتصادية سيزيد من حاجة الشعب الأفغاني إلى المساعدات الإنسانية، وهنا، من المتوقع أن يحالف الحظ منظمات الإغاثة الإسلامية والإنسانية أكثر من المنظمات الإنسانية الدولية التي لن تقبل منها طالبان أي مساعدات، غير أنه من المتوقع أن تواجه هذه المنظمات عدة صعوبات مثل اتهامها بدعم الإرهاب".

السيناريو الثالث 

وبحسب ألتاي، من المحتمل أن يتحقق هذا السيناريو أيضا، فهناك بوادر قوية تشير إلى ذلك عند النظر إلى المحادثات بين طالبان والحكومة في الدوحة خلال الأشهر الماضية، كذلك فإن الطريقة التي خرج بها الجيش الأميركي من البلاد وتصريحات طالبان حول المرونة تشير إلى أن الحركة ستحاول الاندماج في النظام الدولي".

إضافة إلى كل ذلك، تعطي بعض القوى الداخلية والخارجية إشارات حول رغبتها بالتعاون مع طالبان حسب المعطيات الجديدة التي ستتشكل في الفترة المقبلة. وفي المقابل، يتوقع أن تلتزم طالبان بالقوانين الدولية بالنظر إلى التصريحات التي أدلت بها في وسائل الإعلام"، وفق الكاتب التركي.

وتابع: "في هذا الحال، سيضمن الاعتراف الدولي بطالبان والاتفاق مع القوى الوطنية والدولية، رغم الظروف السياسية الصعبة، جلوس طالبان في عرش السلطة بشكل قانوني وربما حصولها على دعم واسع، غير أن استمرار النزاعات في البلاد سيشكل عقبة كبيرة أمام طالبان ويعرقل تحقيق الاستقرار".

وشرح ألتاي ذلك بالقول: "دعم القوى الداخلية لمناهضي طالبان سيؤدي بلا شك إلى تفاقم الوضع في البلاد، كذلك سيؤدي إلى تأجج نار الصراع المشتعلة، ومن المؤكد أن هذا سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الذي هو في حالة سيئة بالفعل".

ويرسم هذا السيناريو، صورة مشابهة للوضع في سوريا، لذلك، ستكون هناك حاجة إلى تسهيل إيصال المساعدات من خلال المنظمات الدولية والمبادرات الإنسانية، "غير أنه يجب الانتباه إلى أن المنظمات الإنسانية ستكون أكثر حظا في الوصول على عكس المنظمات الدولية"، يلفت الكاتب.

السيناريو الرابع

وقال ألتاي: "يمكن القول إن هذا السيناريو الأخير هو الأسوأ من حيث تداعياته، غير أنه من الوارد جدا أن يحدث أيضا، وفي حال تحقق، فمن المتوقع أن تفقد طالبان صورة الاستقرار التي تحاول رسمها في الداخل والخارج، ويستمر صراعها مع القوات المحلية". 

وأوضح أن "هذا يعني أن خلافات طالبان ستشتد مع الأطراف الدولية التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة في أفغانستان، وسيؤدي ذلك إلى تشويه صورة طالبان السياسية دوليا، وكل هذا سيؤثر ودون شك على الوضع الإنساني في البلاد ويعرقل جهود التدخل في الأزمة لحلها، ليرسم صورة مشابهة للوضع في اليمن وإن لم يكن ذلك بشكل كامل".

وختم ألتاي مقاله قائلا: "في النهاية، يتوقع في الفترة القادمة أن تتزايد الخسائر المادية والبشرية في حال استمرت الاشتباكات المسلحة".

وتابع: "كذلك من المتوقع أن تبدأ الشرائح التي تعارض أيديولوجية طالبان أو تلك التي تشعر بالولاء للحكومة السابقة، حركة هجرة خارجية، أما الشرائح المتأثرة بشكل مباشر من الاشتباكات فستضطر إلى الهجرة والتنقل داخل البلاد".