مصطفى بكري.. صحفي مصري يلعب دور "محجوب عبدالدايم" ويطبل لأي نظام
يرتبط الصحفي والسياسي المصري، مصطفى بكري، في أذهان الشعب المصري بشخصية "محجوب عبد الدايم" وهي شخصية اعتبارية، لأحد أبطال فيلم "القاهرة 30" الشهير، الذي عرض عام 1966.
ووجه الربط بين الشخصيتين أن كليهما جاء من الصعيد، بتطلعات انتهازية نفعية، ووصولية إلى المال والسلطة دون النظر للمبادئ والقيم. وأيا كانت طريقة الوصول، سيسلكها بكري كما سلكها عبد الدايم من قبل.
فعبد الدايم باع مبادئه من خلال التعاون مع أحد رجال السلطة، في إطار درامي، وبات رمزا للبراغماتية المطلقة في أوساط الشعب المصري، لذلك ربطوا بينه وبين بكري الذي انتهج نفس المسلك، من خلال تجاوزه كل القيم المعتبرة واشتهاره بالتدليس مقابل البقاء في رحاب السلطة، والدائرة المقربة من رئيس النظام.
أدوار متعددة
مصطفى بكري الذي نجح في تغيير جلده باستمرار، من أروقة المعارضة المخملية، إلى بلاط السلطان العريض، لم يجد حرجا في سرد الروايات وتزييف التاريخ القريب والمشهود، ليحوز رضا النظام المصري.
فكما بدأ مسيرته في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ضمن الطليعة الاشتراكية الوارثة لمنهج سابقه جمال عبد الناصر، انتهى به الحال على رأس مؤيدي رئيس النظام المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، والمؤرخ الثابت للمجلس العسكري.
إذ حرص على غسيل سمعتهم من المجازر المتعددة التي ارتكبت خلال المرحلة الانتقالية في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وصولا إلى الانقلاب العسكري الدموي في 3 يوليو/ تموز 2013، حيث كان بكري حاضرا ومنظرا ومحرضا في آن واحد على كل تلك الوقائع.
ولد محمد مصطفى بكري محمد، 16 مايو/ أيار 1956 بمحافظة قنا، في مركز المعنة، بصعيد مصر، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، قبل أن يحصل على شهادة في الآداب والتربية من جامعة أسيوط.
ثم انطلق من الصعيد إلى الدلتا حيث حصل على شهادة دبلوم الدراسات العليا في النظم السياسية والقانونية والاقتصادية من جامعة الزقازيق.
كسائر شباب حقبة بداية السبعينيات من القرن الماضي، ولى وجهه شطر العاصمة القاهرة، حيث الملتقى الفكري، وصراع الاتجاهات والأحزاب، وكذلك مركزية السلطة، وأسباب الغنى والشهرة.
التحق بكري بمنظمة الشباب الاشتراكي، وانتخب عضوا باللجنة المركزية عام 1971. وكان واحدا ممن أسسوا منبر اليسار عام 1976 وانتخب عضوا بالأمانة العامة.
بسبب اعتناق مصطفى بكري الفكر الناصري، شارك في مظاهرات عام 1977، التي عرفت بانتفاضة الخبز، وتم اعتقاله، لكن أفرج عنه بعد ذلك بأيام.
وقد دخل بلاط الصحافة، عام 1982، مع عمله محررا بمجلة المصور الصادرة من دار الهلال.
بسبب نشاطه وارتدائه ثوب المعارضة الهادئة غير الصدامية إلى الحد الذي يغضب الرئيس أو أقطاب النظام، اخترق المناصب العليا في العديد من الصحف والإصدارات الإعلامية.
ترأس تحرير صحف "مصر اليوم"، عام 1989، ثم "مصر الفتاة" في 1990، وكذلك جريدة "الأحرار" اليومية عام 1994، وذلك قبل أن يصبح رئيس تحرير جريدة الأسبوع.
اعتبر عمله مراسلا بإذاعة "مونت كارلو" الدولية الفرنسية عام 1990، نقلة نوعية في مسيرته المهنية.
وأصدر بكري العديد من الكتب، منها: الإرهاب الصهيوني، معركة 1956، كلمات في الزمن الصعب، فضفضة، الأوراق السرية.
وكثير من مؤلفاته أثارت جدلا، بسبب تضمنها روايات غير موثقة، لا تحمل أدلة، أبرزها "سقوط الإخوان.. اللحظات الأخيرة بين مرسي والسيسي"، و"تسريبات كلينتون ومؤامرة الربيع العربي"، وكذلك "خاشقجي أم المملكة.. الحقيقة الغائبة".
عدو الثورة
أراد مصطفى بكري أن يكون في نطاق السلطة وجزءا من مكوناتها بأي شكل وثمن، فاختار الترشح لانتخابات مجلس الشعب في الدورة البرلمانية لعام 1995 ولكنه لم ينجح.
لم ييأس وتقدم للترشيح مرة أخرى عام 2005 وفاز بمقعد الفئات عن دائرة 15 مايو والتبين بالقاهرة، كمرشح مستقل.
مع انطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، والتي أيدها قطاع ضخم وعريض من المصريين والشباب، كانت هناك فئة على رأسها مصطفى بكري، اختارت المنطقة الرمادية.
ولعب بكري دورا أسوأ عندما نزل إلى ميدان التحرير في أول أيام الثورة لساعة واحدة ليقنع الشباب بالعودة إلى بيوتهم، مع إطلاق وعد بتحقيق مطالبهم، لكنه فشل بعد أن تعرض للهجوم، وعاد أدراجه سريعا.
نقطة سوداء أخرى أضافها بكري إلى ملفه في الثورة، وذلك خلال الثاني من فبراير/ شباط 2011، وهو اليوم المعروف بـ "موقعة الجمل"، حيث أطلق نظام حسني مبارك مجموعات من البلطجية محملين بأسلحة وهروات، على ظهور الجمال والخيل والبغال، ليداهموا ميدان التحرير ويسحقوا الثوار.
اتصل حينها بكري بقناة "الجزيرة" الفضائية، أثناء الاشتباكات، وبدلا من الدفاع عن الثوار، قال إن من يدير المعركة الداخلية هو السياسي والدبلوماسي السابق محمد البرادعي.
وأشار إلى أن من كان يدافع عن ميدان التحرير هم رجال ممولون من البرادعي وداخلهم قوات "أجنبية"، في حالة كذب صريحة، كذبتها الوقائع والشهادات العينية، لا سيما أن الأحداث كانت تذاع على مرأى ومسمع من الشعب المصري.
الواقعة الثالثة التي تثبت عداء مصطفى بكري للثورة والتآمر عليها، كانت في 10 فبراير/ شباط 2011، قبل عزل مبارك بيوم واحد.
وزعم وقتها كذبا، أن مبارك غادر مصر متجها إلى روسيا وأنه لا فائدة من بقاء الثوار في الميدان وأن الخطاب الذي قاله رئيس النظام وقتها مسجل من فترة، وطالب الثوار بالعودة من ميدان التحرير.
الغريب أن مصطفى بكري، عقب نجاح الثورة وسقوط نظام مبارك، بدل ثوب المعارضة الكرتونية، إلى الثائر الحق، وبدلا من المضي في تملق السلطة حينها، تملق شباب الثورة إلى أن بدأت تعلو قوة المجلس العسكري، الحاكم آنذاك فتحول إليه، وأصبح رهن إشارته.
بعد الثورة جاءت المرحلة الانتقالية على مصر بقضها وقضيضها، وتباينت القوى، واختلفت الرؤى، بينما كان المجلس العسكري يستعد للانقضاض على الثورة ومكتسباتها، بقيادة وزير الدفاع آنذاك المشير محمد حسين طنطاوي.
عرف بكري أن معيار القوة والتحكم والسلطة في كفة المجلس العسكري، فأصبح ضمن فريقهم السياسي والإعلامي، ومنذ العام 2012 عارض حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، وساهم في الانقلاب عليه 3 يوليو/ تموز 2013.
لم يكتف بكري بلعب دور المبشر بالانقلاب وحكم العسكر، بل كان على رأس دعاة فض الاعتصامات السلمية المناهضة للانقلاب.
وكان أيضا من الذين فوضوا قائد الجيش وقتها عبد الفتاح السيسي، لسحق الاعتصامات، وهو ما حدث في 14 أغسطس/ آب 2013.
وعن ذلك اليوم الدموي المأساوي قال بكري: "هو يوم هام في تاريخ هذا البلد، وهو ذكرى فض اعتصام رابعة الإرهابي!".
فساد مستشر
في 23 سبتمبر/ أيلول 2021، أطلق مدير الشؤون المعنوية السابق بالقوت المسلحة اللواء إسماعيل عتمان، عبارة أثارت جدلا كبيرا، أثناء مداخلته مع الصحفي والبرلماني مصطفى بكري، في برنامجه "حقائق وأسرار"، على قناة "صدى البلد".
قال له ببساطة: "كنا بنعتمد عليك في نشر المعلومات"، مما ألقى الضوء على كيفية استخدام الجيش للإعلاميين أمثال بكري لتوصيل رسالة بعينها.
وهو ما يعضده التسريبات الشهيرة التي انطلقت من مكتب اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي سابقا ورئيس المخابرات حاليا عام 2014، والذي نشر لها حوار مع المتحدث العسكري السابق العقيد أحمد علي.
طلب كامل من علي أن يكتب الأفكار المطلوب أن يروجها الإعلاميون المحسوبون على الجيش والسيسي للجماهير، وكان في باكورة هؤلاء مصطفى بكري، وعبدالرحيم علي، وأحمد موسى.
وكشف موقع ويكيليكس الشهير بالتسريبات في 20 مايو/أيار 2015، ملفات فساد بكري، وحصوله على أموال وتمويلات غير مشروعة من جهات أجنبية.
ونشر الموقع رسالة تفيد أن السفير السعودي السابق في القاهرة "أحمد القطان" بعث برسالة لوزير خارجية السعودية (آنذاك) عادل الجبير.
أفادت الرسالة أن الإعلامي المصري مصطفى بكري زاره في مكتبه وطلب منه تمويلا لتحويل جريدته "الأسبوع"، إلى يومية، وتشكيل حزب سياسي وإنشاء قناة فضائية لمواجهة الخطر الإيراني، ووصفت الوثيقة بأن بكري هو من المقربين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
ووصلت علاقة بكري بالسعودية إلى دعمه وتأييده قرار التفريط في جزيرتي تيران وصنافير المصريتين بالبحر الأحمر لصالح المملكة.
وهي الاتفاقية التي صدق عليها السيسي، في 17 يونيو/ حزيران 2017، بعد عام ونصف العام من الصراع داخل أروقة السياسة والرأي العام المصري، الذي اعترض على مبدأ التفريط في الأرض.
وذهب بكري إلى حد القول إن "مبارك صاحب قرار نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى السعودية عام 1999.
وأضاف: "تاريخيا تيران وصنافير ملك للسعودية، ونحن أمة عربية واحدة".
وهو ما دعا علاء نجل الرئيس المعزول مبارك، للرد عليه قائلا: "أستاذ مصطفى بكري.. كفى تحريفا، وتزويرا للتاريخ".
وكذلك كتب الصحفي المصري وائل قنديل، لموقع "العربي الجديد" بتاريخ 27 يونيو/ حزيران 2016، قائلا: "واصلوا نضالكم دفاعا عن أرضكم وثورتكم، ومعنى الوطن الحقيقي، لا وطن السيسي وبكري ولميس (الحديدي)، وسواهم من أعضاء قائمة (في حب سعودية الجزيرتين)",
وتابع قنديل: "اعلموا أن العمدة المدجج بغطرسة السلطة والنفوذ في رائعة المخرج السينمائي الراحل، صلاح أبو سيف (الزوجة الثانية) ما كان ليصر على تطليق امرأة من زوجها إشباعا لرغبته، لو أن ضمير القرية لم يمت أو يصبه العطب، أو يقرر فجأة أن يكون للبيع وللإيجار".
المصادر
- بالفيديوهات.. «مصطفى بكري» عابد السلطة المتغيير على كل شكل ولون
- التاريخ الأسود لمصطفى بكرى المنافق..المطبلاتى لكل الأنظمة فى مصر
- وطن يعني مصطفى بكري
- بين المخابرات العامة والحربية والأمن الوطني! خريطة ولاءات نجوم الإعلام المصري للأجهزة السيادية
- رسالة وزير الخارجية السعودي عن مصطفى بكري
- السيرة الذاتية للصحفي مصطفى بكري
- مصطفى بكري: فض اعتصام رابعة الإرهابي يوم هام في تاريخ مصر