وثائق باندورا.. هكذا كشفت "مغارة علي بابا" لثروات الشعوب المنهوبة

عمّان- الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

غضب شعبي واسع على تويتر، بعدما كشف تحقيق كبير يعرف باسم "وثائق باندورا" أجراه الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية بالشراكة مع أكثر من 12 وسيلة إعلامية دولية، عن استخدام ملك الأردن عبد الله الثاني، شركات وهمية في الخارج لإخفاء ثرواته ونقلها للخارج.

التحقيق أفاد بأن ملك الأردن الذي كان من بين 35 من القادة الحاليين والسابقين، بالإضافة إلى أكثر من 300 مسؤول عام، أنفق  أكثر من 100 مليون دولار لشراء عقارات في الولايات المتحدة وبريطانيا.

وبحسب تقرير الاتحاد، فإن المستندات المالية المسربة تحدد شبكة من الشركات المملوكة للملك عبدالله، سرا، والتي استخدمها لشراء 15 منزلا منذ توليه السلطة عام 1999.

الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، وصف التحقيق بأنه  أكبر عملية فضح للأسرار المالية حول العالم، وطالت الوثائق التي كشفها عشرات من الزعماء والسياسيين ورجال الأعمال والمؤثرين حول العالم.

وبرز من بينهم، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.

الناشطون عبر مشاركتهم في وسم #وثائق_باندورا أجمعوا على أن الوثائق تثبت أن الأنظمة الحاكمة تبيع الفقر لشعوبها وتشتري بالأموال قصورا في الغرب، متوقعين أن تكون فضيحة الوثائق مجرد بداية، وليست سوى رأس جبل الجليد.

وتوقع ناشطون أن الملك يمتلك شركات وهمية أخرى لكن وثائقها غير متوفرة ولم يكشف عنها، مشيرين إلى أن الوثائق أثبتت أيضا أن جزءا كبيرا من ميزانيات الدول الغربية وأميركا يأتي من أموال الشعوب الفقيرة التي يسرقها حكامهم.

وأعرب ناشطون عن استيائهم مما كشفته الوثائق من أن مصالح ملك الأردن العقارية تراكمت بين عامي 2003 و2017، وهو الوقت الذي شهدت فيه البلاد منحى متصاعدا للتقشف وزيادة الضرائب، بالإضافة إلى الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات ديمقراطية بالبلاد.

وندد ناشطون بحجب النظام الأردني موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الذي أعد وثائق "باندورا"، واعتبروها ممارسة غير قانونية وغير أخلاقية وانتهاك حق المعرفة وحرية الصحافة والنشر، مجمعين على أن ذلك التصرف وضع النظام في دائرة الاتهام ويثبت الاتهامات عليه أكثر ويكشف حجم الألم الذي أوجعه.

علي بابا

الناشطون صبوا غضبهم على ملك الأردن، بعدما كشفت وثائق باندورا أنه أنفق أكثر من 100 مليون دولار لإقامة إمبراطورية عقارية في بريطانيا وأميركا في أوج الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

أمين سر الائتلاف الأردني للمعارضة مضر عدنان زهران، أشار إلى أن الوثائق كشفت أن الأردن يتلقى مليار دولار سنويا من بريطانيا لم يعلن النظام عنها قط!، قائلا: "نشكر أصدقاءنا البريطانيين على نواياهم الطيبة، وننصحهم بالتوقف عن تبديد أموالهم، فعلي بابا ينفقها لشراء العقارات في كاليفورنيا".

ورأى الإعلامي قتيبة ياسين، أن "أكثر ما يقهر ويغيظ في وثائق باندورا أن تلك الثروات العقارية التي راكمها الملك الأردني كانت بين عامي 2012 و2017، أي في الوقت الذي شهد فيه الأردن اندلاع هذه المظاهرات ضد الزيادات الضريبية وخطة التقشف!"، مترحما على قائل عبارة: "شيد قصورك على المزارع من كدنا وعرق أيدينا". وأشار الكاتب فؤاد حلاق، إلى أن "الشعب الأردني لديه اليوم مصيبة مزدوجة، إعلان التطبيع مع النظام الأسدي المجرم، وتسريب وثائق باندورا عن ما ينفقه الملك لشراء عقارات بأكثر من 100 مليون دولار". الصحفي والمعلق السياسي المختص بالشأن السوري غسان ياسين، أشار أيضا إلى أن ملك ملوك إمارة شرق الأردن أنفق عشرات الملايين من الدولارات في الفترة ما بين 2012 إلى 2014 على شراء المنازل الفاخرة في أميركا وبريطانيا.

واستطرد: "أي في وقت كانت المظاهرات تعم الأردن كان يتسوق المنازل كما يتسوق أي مواطن أردني حاجياته المنزلية!"، مؤكدا أن "هذه الأنظمة لا تسقط.. تقتلع".

غباء سياسي

واستنكر ناشطون حجب النظام الأردني لموقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بالأردن، إذ أفادوا بأن موقع الاتحاد قد تم حجبه في البلاد، في إشارة إلى أن النظام الملكي كان قلقا من تداعيات الكشف عن الوثائق في وقت حساس للبلاد وملكها.

المعارض السياسي الأردني محمد بطيبط، أشار إلى أن الملك عقد اجتماعا مغلقا مع أهم الصحفيين الأردنيين وأصحاب مواقع إعلامية قبل يومين من نشر فضائح أوراق باندورا وهددهم بالسجن في حال تناولوا هذه الأخبار.

الناشط الأردني سلطان القوين، تهكم قائلا: "يقول لك الحكومة عندها شفافية من أولها تم حجب مواقع نشر الوثائق السرية.. للأسف حسب الوثيقة الأردن يحتل المرتبة الأولى بالفساد.. انتظروا الأسوأ". وأكدت الصحفية هبة الحياة، أن "من الغباء السياسي وغيره، أن تحجب موقعا أو معلومة، في وقت جعل الإنترنت العالم قرية صغيرة"، موضحة أن "أفضل سياسة ترويج للتحقيق الاستقصائي هو ما فعله النظام الأردني من حجب وثائق باندورا".

حكام لصوص

ورأى ناشطون أن الوثائق تدل على أن "الشعوب غنية لكن حكامها ينهبون ثرواتها"، إذ قال الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، إن "وثائق باندورا أثبتت أن الشعوب الفقيرة ليست فقيرة بالأساس، ولكن الحكام لصوص".

الناشط السياسي أسامة رشدي، قال إن "الأنظمة التي يدعي حكامها الفقر ويجوعون شعوبهم وينتظرون المساعدات الدولية وصدقات اللقاحات التي تتبرع بها الدول الغنية وفقا لبرنامج كوفاكس ينفق الواحد منهم أكثر ما ينفق قادة الدول السبع الكبرى مجتمعين على فخامته وأساطيل طائراته وقصوره في الداخل والخارج، ولاتزال وثائق باندورا تتحفنا". المغرد رعد محمد، أشار إلى أن حجم البيانات في وثائق باندورا تقدر بحوالي 3 تيرابايت تحوي 12 مليون ملف موزعة على شكل وثائق وصور وجداول بيانات ورسائل إلكترونية ومعلومات مالية لسياسيين ومشاهير حول العالم.

وأضاف أن هذه البيانات تظهر أن العالم العربي والإسلامي ليس فقيرا، لكنه مسروق، متسائلا: "هل تثور الشعوب لتطالب الحاكم بأموالها؟".

ووصفت الأكاديمية التربوية فاطمة الوحش، وثائق الباندورا، وثائق ويكليكس، وثائق بنما بـ"الثالوث الفضائحي في عالم الفساد والمال"، متسائلة: "هل ستنهي حكم التجبر العربي للأنظمة الوظيفية العربية أم هي ملهاة".

معاناة الشعب

وأعرب ناشطون عن صدمتهم من حجم الأموال المكشوف عنها، مستنكرين صرف الحكام لهذه الأموال على ملذاتهم فيما تعاني شعوبهم الفقر والبطالة وعجزا عن توفير الأدوية وضعف المستشفيات والخدمات الطبية.

الصحفية بديهة الصوان، أشارت إلى أنه "في وقت يعاني الشعب الأمرين الفقر والجوع، والخلل الفاحش في المنظومة الصحية، البطالة، الأوضاع المعيشية القاهرة، هناك من يشتري منازل فاخرة بالملايين".

المغردة مايا رحال، قالت إن "106 ملايين دولار في الملاذات الآمنة.. لو تم استثمارها في بناء مستشفيات حكومية وفي المدارس وفي أكثر من مليون عاطل عن العمل وفي مشاريع تنموية تساهم في انخفاض معدل خط الفقر ولإطعام الجياع منهم، لنافس الأردن الدول الخليجية"، واصفة الأرقام بــ"الصادمة والخيالية". ورأى الكاتب علاء ملكاوي، أن "مئة مليون كافية لبناء المستشفيات والمصانع والجامعات لتشغيل المعطلين عن العمل وتقليل نسب الفقر والبطالة في مناطق جيوب الفقر وليس لشراء منازل في الجزر وعلى الشواطئ".