نسرين ستوده.. معتقلة إيرانية تدخل قائمة "تايم للمؤثرين" بجانب سجّانها

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في مفارقة لافتة، ورد اسم الناشطة الحقوقية الإيرانية المعتقلة، نسرين ستوده، إلى جانب اسم رئيس بلادها إبراهيم رئيسي، ضمن قائمة مجلة "تايم" لأهم 100 شخصية مؤثرة في العالم، الأمر الذي أعاد تسليط الأضواء عليها مجددا والمطالبة بالإفراج عنها.

وعرضت مجلة "تايم" في 15 سبتمبر/ أيلول 2021 الشخصيات في 6 أقسام؛ حيث أدرج اسم نسرين ستوده في قسم "الرموز" مع آخرين مثل الناشطين الفلسطينيين منى ومحمد الكرد، بينما أُدرج "رئيسي" في قسم الشخصيات السياسية مع نظيره الأميركي جو بايدن وغيرهما.

حقوقية بارزة

نسرين ستوده (58 عاما) محامية حقوقية بارزة، ومدافعة عن حقوق المرأة، كرست حياتها للعمل السلمي الحقوقي، بما في ذلك من خلال معارضة عقوبة الإعدام. وقد ألقي القبض عليها في منزلها في 13 يونيو/حزيران 2018.

وفي مارس/آذار 2019، حكم عليها بالسجن 33 سنة وستة أشهر وبالجلد 148 جلدة بسبب تسع تهم تتضمن "التشجيع على الفساد والدعارة" والتجسس ونشر دعاية وإهانة الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي.

وقبل ذلك، وتحديدا في سبتمبر/أيلول 2016، حكم على نسرين ستوده غيابيا بالسجن خمس سنوات في قضية منفصلة مرتبطة أيضا بعملها في مجال حقوق الإنسان.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020،  أفرجت السلطات لمدة شهر عن ستوده إثر تحذيرات من جماعات لحقوق الإنسان أشارت إلى تدهور حالتها الصحية بشدة عقب دخولها في إضراب عن الطعام لمدة ستة أسابيع للمطالبة بالإفراج عن سجناء سياسيين وناشطين حقوقيين.

وقبل ذلك بثمانية أعوام، سجنت الناشطة الحقوقية في تهم مشابهة بنشر دعاية والتآمر للإضرار بأمن البلاد وأفرج عنها بعدما قضت نصف مدة العقوبة البالغة ستة أعوام.

وقضت ستوده نحو نصف مدة عقوبة بالسجن ست سنوات في سبتمبر/أيلول 2010 لإدانتها بنشر دعاية والتآمر للإضرار بأمن الدولة، وهي تهم نفت ارتكابها، حتى أفرجت السلطات عنها في سبتمبر/أيلول 2013.

وفي 24 سبتمبر/ أيلول 2021، قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، دوبرافكا سيمونوفيتش إن ستوده تعاقب "بشكل منهجي بسبب عملها في الدفاع عن حقوق الإنسان".

وتقول الأمم المتحدة إنه "بموجب القانون الإيراني، ستحتاج ستوده إلى أن تقضي 12 عاما في السجن، وهي أطول مدة من بين العقوبات التي يجب أن تقضيها في السجن".

ضغوط دولية

وفي 24 مارس/آذار 2021 قال رضا خندان، زوج نسرين ستوده، خلال مقابلة صحفية إن "الحكومة الإيرانية تتعرض لضغوط كثيرة من المجتمع الدولي من أجل الإفراج عنها، إلا أنهم يخشون أن تكون خارج السجن أيضا"، مضيفا: "أعتقد أنهم مجبرون على إطلاق سراحها إذا استمرت تلك الضغوط".

وحمل وزارة الاستخبارات والأمن الوطني مسؤولية الانتهاكات التي تتعرض لها زوجته، لأنها هي المسؤولة عن قضيتها، مؤكدا أن "ستوده باتت أكثر إصرارا على المضي قدما في التمسك بمواقفها وقضاياها التي تؤمن بها، رغم الضغوط الكبيرة التي تواجهها".

وأكد زوج نسرين خلال تصريحاته أن "الفيلم الوثائقي (نسرين) أظهر وجه زوجتي بشكل أكثر موضوعية للجمهور، وسلط الضوء على أنشطتها. وهذا بالتأكيد سيغير من وضعها على المدى البعيد، خاصة أنه نجح في تجسيد صورة الناشطات في إيران بشكل أكبر مما كنا نتخيله في البداية".

وفيلم (نسرين) من إخراج جيف كوفمان، مخرج الأفلام الوثائقية الأميركي المعروف، قدم خلال مهرجان "غلوبدوكس" السينمائي الأميركي، ويروي مسيرة الحقوقية الإيرانية، ويعرض جانبا من الانتهاكات التي تعرضت لها.

وفي 13 يونيو/ حزيران 2019، أعلنت منظمة العفو الدولية، انضمام أكثر من مليون شخص إلى الحملة العالمية لمطالبة الحكومة الإيرانية بإطلاق سراح نسرين ستوده.

وقالت المنظمة الدولية إنه قد تكاتف أزيد من مليون شخص في أكثر من 200 دولة وإقليم في جميع أنحاء العالم للإعراب عن غضبهم من الحكم الصادر بحق المحامية الحقوقية الإيرانية البارزة نسرين ستوده، بالسجن لمدة 38 عاما وستة أشهر وبالجلد 148 جلدة، بعد محاكمتين جائرتين للغاية.

بينما جرى تسليم التوقيعات التي تطالب بالإفراج عنها إلى السفارات الإيرانية في جميع أنحاء العالم.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة إن "العقوبة القاسية التي صدرت بحق نسرين ستوده، بسبب دفاعها عن حقوق المرأة، ومعارضتها لقوانين الحجاب الإلزامي التمييزية والمهينة في إيران، قد أثارت موجات من الصدمة في جميع أنحاء العالم".

فالظلم الذي اتسمت به قضيتها قد مس قلوب مئات الآلاف من الناس الذين رفعوا أصواتهم، في تضامن مؤثر، للمطالبة بحريتها، وفق قوله.

وتابع: "نأمل أن يظهر الدعم الذي تحظى به حملة منظمة العفو الدولية لنسرين ستوده أنه على الرغم مما تواجهه من محنة مؤلمة، فهي ليست وحدها".

فقد كشفت عملية احتجازها المستمر مدى شدة قمع السلطات الإيرانية على الساحة الدولية، "وإننا اليوم نرسل إلى هذه السلطات رسالة واضحة مفادها: العالم يراقب وسوف تستمر حملتنا حتى تصبح نسرين ستوده حرة طليقة".

تعتبر قضية نسرين ستوده رمزا لحملة قمع أوسع من قبل السلطات الإيرانية في السنوات القليلة الماضية لسحق المجتمع المدني الإيراني، وإسكات أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد، بحسب "العفو الدولية".

"بطلة قومية"

تعد ستوده "بطلة قومية" بالنسبة للعديد من الإيرانيين، وخاصة لدى الشابات اللواتي يقتدين بجرأتها ويثنين على أفكارها.

إلا أنها كما يقول ناشطون، شخصية متواضعة رغم حيازتها العديد من الجوائز، وتندهش عندما يقال لها إنها مشهورة ومعروفة عالميا، حسبما ذكر موقع "بي بي سي" في 12 مارس/آذار 2021.

وذكرت ستودة في إحدى مقابلاتها مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، إنها قضت ثماني سنوات للحصول على شهادة المحاماة في مجال حقوق الأطفال، فكانت عقوبات الإعدام ترهقها خاصة إذا كان المدان دون الثامنة عشر من العمر.

كما عملت مع منظمات غير حكومية وساعدت في إنشاء بعضها، بما في ذلك "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان" الذي أسسته شيرين عبادي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003، ولجنة حقوق الطفل. إلا أن السلطات الإيرانية أغلقت المركز عام 2008.

وقالت ستوده إنها تلقت تهديدات بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان، لكن الأمور لم تكن بتلك الخطورة في ذلك الوقت، أما بعد فوز محمود أحمدي نجاد بمنصب الرئاسة، تغيرت أشياء كثيرة.

وتحدثت نسرين عن لحظات إلقاء القبض عليها قائلة: "كنت في اجتماع لجمعية المحاميات المحترفات عندما دخل علينا فجأة رجال المخابرات ومعهم مذكرة استدعاء من المحكمة لزيارتهم، وعندما ذهبت إلى المحكمة، اعتقلوني".

وأضافت: "فتشوا منزلي وأخذوا دفتر مذكراتي التي كتبت فيها عن طفولة طفلي نيما منذ ولادته". وقالت إنهم وجهوا إليها تهم "العمل ضد الأمن القومي" و"الدعاية ضد النظام" و"إهانة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي".

كتبت نسرين رسالة إلى طفلها على مناديل في سجن "أفين" السيئ الصيت، والذي يدار من وزارة الاستخبارات.

قالت: "عزيزي نيما، لا أعرف ما أخبرك عن السجن والاعتقال، إنه صعب على طفل بريء مثلك أن يستوعب معنى المحاكمة والظلم والرقابة والقمع ونقيضها الحرية والعدالة والمساواة، وكيف أشرح أن العودة إلى المنزل ليست مسألة اختيارية، وإنني لست حرة، وليس لي الحق برؤيتك ولو لساعة واحدة".

خارج البلاد، وتحديدا في فرنسا تحرك عدد من المحامين للدفاع عن نسرين، فيما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنفسه في أبريل/ نيسان 2019 من نظيره الإيراني آنذاك حسن روحاني إطلاق سراح نسرين، حسبما نقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية في 21 يونيو/ حزيران 2019.