لمواجهة انقلاب سعيد.. هل تشكل مؤسسات تونس المدنية "جبهة موحدة"؟
.jpg)
ذكرت صحيفة فرنسية أن أكثر من 20 منظمة غير حكومية في تونس أعربت عن انزعاجها من قرارات رئيس البلاد قيس سعيد، بينها إغلاق "الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد"، فضلا عن موجات الاعتقالات والإقامة الجبرية والمنع من السفر لمدة شهر.
وأشارت "لاكروا" إلى أن المجتمع المدني التونسي لم يعد يواري مخاوفه، بعد أكثر من شهر على بداية نظام الطوارئ في 25 يوليو/تموز 2021 وتركيز السلطات في يد قيس سعيد.
وكتبت 22 منظمة غير حكومية إلى سعيد في 28 أغسطس/آب رسالة وعنونوها بـ"إجراءات استثنائية حتى متى، وماذا كانت النتيجة؟"، واستنكروا "حملات الاعتقال وحظر السفر والإقامة الجبرية" التي طالت عشرات الأشخاص والبرلمانيين ورجال الأعمال والقضاة وغيرهم.
وعلقت لاكروا: إنهم يخشون عودة تونس إلى "المربع الأول" في "الاستبداد العربي".
حظر تعسفي
وكانت الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد (Inlucc) التي تم إنشاؤها في أعقاب الثورة عام 2011، أحد علامات هذا الانجراف الاستبدادي، تمثل في "مداهمة أمنية" لحقتها من قبل وزارة الداخلية، وفقا للمنظمات غير الحكومية التونسية.
كما تم وضع المحامي والرئيس السابق للنقابة شوقي طبيب، وهو الرئيس السابق الذي يمثل هذه المؤسسة، قيد الإقامة الجبرية، وأقيل أمينها العام بمرسوم رئاسي في 20 أغسطس/آب، وأغلقت أعمالها الإدارية وكذلك أرشيفها.
وحذر المحامي وحيد الفرشيشي، رئيس مجلس إدارة الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية (عدلي) إحدى الموقعين على الرسالة، من أنه "تم تقديم 244 ألف ملف للإقرار بالممتلكات الشخصية، بالإضافة إلى 43 ألف طلب من قبل المبلغين عن المخالفات، بالإضافة لـ800 طلب حماية، هذه المحفوظات بالغة الحساسية، وهي في أيدي وزارة الداخلية".
واحتج على ذلك بقوله: إنه قد: "تم إنشاء الهيئة على وجه التحديد للهروب من وزارة الداخلية الفاسدة بشكل خاص، والرئيس، الذي جعل مكافحة الفساد هوايته، يعتمد على نفس هذه الوزارة".
علامات أخرى، هي الأدوار الجديدة الموكلة للجيش، الذي كان دائما مهمشا بطريقة ممنهجة من قبل السلطة الحاكمة منذ استقلال البلاد، ولكن الآن حوكم المدنيون أمام محاكم عسكرية، بحسب "لاكروا".
من جهتها، نددت منظمة العفو الدولية، في 26 أغسطس/آب 2021، بأكثر من 50 حالة حظر سفر "تعسفي" و"غير قانوني" ضد أشخاص لا يخضعون لتحقيق قضائي.
وأشارت المنظمة إلى أن عدد الحالات "ربما يكون أعلى من ذلك بكثير" لأن الناس يكتشفون أنهم ممنوعون عندما يمرون عبر الجمارك في المطار، ثم يتم إبلاغهم شفهيا بقرار وزارة الداخلية "بدون إذن قضائي، بدون أمر كتابي، بدون سبب أو فترة حظر".
حالة من التشتت
كما أعربت ست منظمات غير حكومية أخرى، ذات وزن تاريخي كبير في المجتمع التونسي، مثل رابطة حقوق الإنسان أو جمعية النساء الديمقراطيات، عن قلقها إزاء الانتهاكات المصاحبة لإجراءات الطوارئ.
وسار المجتمع المدني النشط في البداية بأجندة عمل مشتتة في مواجهة انقلاب الرئيس، ورأى البعض أنه وسيلة للخروج من الشلل السياسي، ومحاربة الفساد وعدم المساواة وإطلاق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة مدة 10 سنوات.
بعد شهر، وفي مواجهة صمت الرئيس الذي لم يقم بعد بتعيين حكومة أو إعطاء برنامج وخارطة طريق للخروج من نظام الطوارئ، تميل مواقف المجتمع المدني التونسي إلى التقارب.
وتساءل المحامي الفرشيشي: "هل هناك مثال واحد لدولة أعادت فيها الإجراءات غير الديمقراطية الديمقراطية؟".
وأيد في هذا السياق التوجه "لتشكيل جبهة موحدة"، قائلا: إن "وقتها قد حان".
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: إن "المنظمات غير الحكومية الموقعة تخشى من أن السعي لفرض حالة الإغلاق لا يعرض العملية الديمقراطية للخطر فحسب، بل إنه يزيد من تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والصحي والسياسي للبلاد".