فرحات مهني.. أمازيغي يدعم إسرائيل وتحميه فرنسا وتطالب الجزائر بتسليمه

12

طباعة

مشاركة

أصدر النائب العام لمجلس قضاء الجزائر، 26 أغسطس/ آب 2021، مذكرة توقيف دولية بحق فرحات مهني، رئيس حركة استقلال القبايل "ماك" التي تصنفها الحكومة "إرهابية".

القضاء الجزائري، يتهم مهني بالتورط في مقتل الشاب جمال بن إسماعيل الذي اتهم بإشعال الحرائق في غابات "تيزي وزو" (شرقي العاصمة)، وذلك بغرض إشعال فتيل الفتنة بين السلطات وسكان القبايل (الذين يطالبون بالانفصال عن البلاد).

في مايو/ أيار 2021، صنفت الجزائر حركة مهني المقيم في فرنسا "إرهابية"، وفي السنة نفسها فعلت البلاد اتفاقية مع باريس لتسليم المطلوبين. 

أصابع الاتهام

النائب العام الجزائري، أعلن للصحفيين أن "التحقيق كشف عن وجود تدبير مسبق وممنهج لحركة (ماك) خلال الواقعة، بالإضافة إلى دور للعنصر الأجنبي"، في إشارة إلى المغرب وإسرائيل اللذين تتهمهما الجزائر بدعم الحركة.

دعا النائب العام الدول المعنية توقيف المتورطين لتسليمهم للسلطات الجزائرية "لخطورة الوقائع المرتكبة"، فيما وجه كلامه للمتورطين أنهم "لن يعرفوا الطمأنينة بسبب هذه الوقائع الخطيرة والثابتة في حقهم".

وتوالت ردود الفعل الحزبية المستنكرة للأحداث الأخيرة التي عرفتها الجزائر، في أعقاب الحرائق التي مست العديد من المناطق، والتي صنفت ضمن "الفعل الإجرامي"، يضاف لها الحادثة التي هزت الرأي العام الجزائري بمقتل بن إسماعيل.

تشكيلات سياسية في الجزائر في أغسطس/ آب 2021، أجمعت على توجيه أصابع الاتهام لمنظمة "ماك"، مشيرة إلى أنها وراء افتعال الأزمات في منطقة القبائل لإثارة الفتنة وضرب الوحدة الوطنية.

تلك الأحزاب اتهمت "أطرافا داخلية وخارجية بمحاولة إشعال النعرات والتحريض على التفرقة.. "، مطالبة بـ"ضرورة تسليم فرحات مهني إلى الجزائر".

حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" طالب بمحاسبة مرتكبي الجريمة التي صنفها ضمن خانة "الجريمة المنظمة"، واعتبر أن هذه المنطقة التاريخية ظلت عرضة لأنشطة إجرامية ترتكبها (ماك)، بقيادة فرحات مهني، داعيا لتسليمه إلى الجزائر.

من جهته، تبنى رئيس حركة "البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، الموقف ذاته، منتقدا من يريد أن "يلقي بسمومه على الجزائر"، ويقوم "بدعم ونشر الفتنة والتحريض عبر انتهاج أسلوب دعم الحركات والمنظمات العنصرية والإرهابية".

وأضاف: دعوة المغرب للصلح مع الجزائر "اتضح زيفها بعد استقبال المغرب لوزير خارجية الكيان الصهيوني وتصريحاته العدائية تجاه الجزائر"، واصفا تلك التصريحات من المغرب بـ"البالغة الخطورة".

"رئيس دولة"

تلك الضجة تدعو للتساؤل: "من هو الأمازيغي الذي تطارده الجزائر؟ ".

فرحات مهني، الذي اشتهر بلقب "فرحات إيمازيغن"، ولد 5 مارس/ آذار 1951، في "إيلولة أمالو" بدائرة "بوزغن" ولاية تيزي وزو، وهو مغن وناشط سياسي قبايلي.

تخرج مهني من جامعة الجزائر تخصص العلوم السياسية، ودخل عالم الموسيقى عام 1973 بعد فوزه بالجائزة الأولى في مهرجان الموسيقى الحديثة بالجزائر.

ثم بدأ مهني بعد فترة قصيرة عمله كمغن ثوري وناشط سياسي، اشتهر بانتقاده الحكومة الجزائرية والإسلاميين، وكان ذلك سببا في اعتقاله 13 مرة، وسجنه ثلاث سنوات، "وتعذيبه من قبل السلطة"، وفق تصريحاته.

أسس مهني حركة "ماك" من أجل استقلال منطقة القبائل عام 2002، كحركة سياسية تطالب بتأسيس حكومة ذاتية في بلاد القبائل.

وذلك عقب ما تسميه الحركة بـ"مذبحة الربيع الأسود" بين أبريل/ نيسان 2001 حتى الشهر نفسه من 2002، التي اشتبكت فيها قوات الدرك الجزائري مع سكان القبايل.

جرى اغتيال شقيقه الأكبر أمزيان مهني بباريس عام 2001، ما اعتبره البعض عقابا لمهنى، بينما يرى آخرون أن ما حدث كان خطأ في تحديد هوية الشخص، وأن المستهدف كان فرحات نفسه.

ويرأس منذ مطلع يونيو/ حزيران 2010، حكومة القبائل الانتقالية، التي شكلتها الحركة في المنفى بفرنسا، إذ تنشط وتتكون من تسعة وزراء فقط، ونصب نفسه رئيسا لدولة القبايل.

فرحات مهني، صرح مرارا أنه لا يعتبر نفسه جزائريا، ما دفع السلطات لسحب الجنسية الجزائرية منه.

لكن ما زاد الطين بلة هو سفر مهني إلى إسرائيل عام 2012، ولقائه نواب الكنيست الإسرائيلي حينها، وإعلان دعمه وتضامنه مع إسرائيل، التي قارنها بالقبائل.

مهني، زعم وقتها قائلا: "نحن في بيئة معادية، كلا البلدين يشتركان في نفس الطريق، ولكن إسرائيل موجودة بالفعل، وهذا هو الفارق الوحيد".

وذهب مهني إلى أبعد من ذلك إذ وعد بفتح سفارة إسرائيلية في منطقة القبائل حال استقلالها، وهو ما أثار ضده سيلا من الانتقادات.

إثر زيارة تل أبيب بعام واحد انهال التكريم الدولي على مهني الذي حاز في 23 يوليو/تموز 2013، على جائزة "گوسي" للسلام.

تاريخ من الإثارة

ساهم مهني في تجديد الموسيقى الأمازيغية التقليدية مثيرا مسألة الهوية، ما دفع الرئيس هواري بومدين (1932- 1978) لمنع أغانيه.

في يونيو/ حزيران 1976، نشط في المناقشات الصاخبة التي سبقت الاستفتاء على الميثاق الوطني، معلنا أنه ليس جزائريا بل أمازيغيا ما عرضه إلى مشادات مع الأمن العسكري.

في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 1976، جرى اختطافه من إقامته الجامعية، وأفرج عنه بعد 24 ساعة.

في أبريل/ نيسان 1980، كان أحد الفاعلين في الربيع الأمازيغي في تيزي وزو، وألقي القبض عليه في 16 من الشهر نفسه،  ليطلق سراحه في 14 مايو/ أيار 1980، ليستأنف أنشطته الثقافية.

في 30 يونيو/ حزيران 1985 كان أحد مؤسسي "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، وعضوا في لجنتها التوجيهية.

ثم جرى إلقاء القبض عليه في 17 يوليو/ تموز 1985، من منزله بسبب عضويته في الرابطة والاحتفال بعيد الاستقلال بعيدا عن المواكب الرسمية.

اعتقل في سجن "البرواقية"، وحكم عليه 20 ديسمبر/ كانون الأول 1985 بالسجن ثلاث سنوات مع غرامة مالية، بعد 21 شهرا من السجن، ليفرج عنه في 27 أبريل/ نيسان 1987 بعفو رئاسي.

في ديسمبر/ كانون الأول 2013، طالب فرحات مهني، بالتدخل الأوروبي بقيادة فرنسا في حل الأزمة التي نشبت في مناطق "غرداية" بين قبيلتي "الميزاب" و"الشعانبة".

دعت الحركة كذلك دول الاتحاد الأوروبي إلى إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية التي أبرمها مع الجزائر كإجراء عقابي لها، وطالب منظمات حقوق الإنسان الدولية بإجراء تحقيقات في الأحداث.

منطقة غرداية شهدت ديسمبر/ كانون الأول 2013، مواجهات دامية بين أبناء "الميزاب"، و"الشعانبة"، خلفت جرحى وخسائر في المرافق العمومية والممتلكات الخاصة.

ويتهم سكان قبيلة الميزاب الأمازيغ، السلطات المحلية بالتفرقة بينهم وبين أبناء الشعابنة الناطقين بالعربية في توزيع الوظائف في الشركات والإدارات الحكومية.

وفي 28 أبريل/ نيسان 2019، ألقى مهني محاضرة عبر الإنترنت حملت عنوان "معركة القبائل في مواجهة الاحتلال الجزائري"، وأثار فيها الجدل بدعوته إلى تقسيم الجزائر. 

اللعب مع الرباط

في يوليو/ تموز 2021، أثار فرحات مهني المقيم بفرنسا، جدلا جديدا إثر رسالة أرسلها إلى سفير المغرب بباريس شكيب بنموسى، شكره فيها على دعم الدبلوماسية المغربية لـ"استقلال الشعب القبائلي".

وفي السياق دعت حركة "ماك" ملك المغرب محمد السادس لاستقبال رئيسها فرحات مهني استقبالا رسميا بالرباط، حسب موقع "هيسبريس" المغربي.

مهني قال للموقع: إن لقاء الملك "لا يتعلق بطلب الدعم المادي، لكن يدخل في إطار الدبلوماسية".

تلك المراسلة جاءت عقب توزيع سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، باجتماع حركة "عدم الانحياز" في نيويورك، 13 يوليو/ تموز 2021، وثيقة على الدول الأعضاء يعلن فيها دعم "الحركة من أجل استقلال القبائل".

حينها، طالبت الجزائر، وفي 16 يونيو/ تموز 2021، المغرب بتوضيحات بشأن ما وصفتها بـ"تصريحات عدوانية"، في أزمة ذهبت إلى حد سحب سفير الجزائر من الرباط.

ووجهت الجزائر أصابع الاتهام إلى حركتي "رشاد" الإسلامية المعارضة و"ماك"، بالوقوف وراء إشعال حرائق الغابات في أغسطس/ آب 2021، مشيرة إلى أن الثانية "مدعومة من المغرب وإسرائيل".

وفي يناير/ كانون الثاني 2019، وقعت فرنسا والجزائر اتفاقية تعاون جديدة تتعلق بتسليم المجرمين بين البلدين، فيما نشرتها باريس في الجريدة الرسمية 24 مارس/ آذار 2021.

وفق محللين، فإن السلطات الجزائرية ذهبت إلى توجيه تهم ذات طابع إرهابي لبعض المعارضين لها في الخارج، ما يضمن تجاوب دول أوروبية معها في تسليم المطلوبين، ما يعزز احتمال مغادرة مهني لفرنسا.