إسرائيل عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي.. ماذا ينتظر مصر والسودان؟ 

أحمد يحيى | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

20 عاما انتظرتها إسرائيل حتى تعود إلى بوابة الاتحاد الإفريقي مرة أخرى كعضو مراقب، حيث كانت تل أبيب حتى عام 2002، تشغل العضوية داخل منظمة الوحدة الإفريقية حتى جرى حلها واستبدالها بالاتحاد.

منذ ذلك الحين أخرجت دولة الاحتلال، ولم تعد إلا في 22 يوليو/ تموز 2021، بحسب بيان الخارجية الإسرائيلية.

وأعلنت الحكومة الإسرائيلية بقيادة رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت عودتها إلى الأحضان السمراء، كانتصار دبلوماسي رفيع.

على الجانب الآخر لم تنفصل مصر عن الحدث، وهي تخوض أشرس معاركها الإستراتيجية والأمنية ضد إثيوبيا، فيما يخص أمنها المائي، المهدد بسبب إقدام أديس أبابا على عملية الملء الثاني للخزان.

وهو النزاع الذي يشغل الاتحاد الإفريقي، ويعامله بحذر، بعدما أخذت القضية بعدا دوليا، ووصلت إلى طريق مسدود.

عضوية إسرائيل

وجاء دخول إسرائيل إلى معمعة النزاع مثيرا للتساؤلات والشبهات، خاصة مع وجود سياسات وتقارير تؤكد دعمها للجانب الإثيوبي، ومساهمتها في إنشاء السد وإمداد دولة المنبع بتكنولوجيا ومعدات عسكرية لترسيخه، مع أطماعها القديمة الرامية إلى الاستفادة من ماء النيل.

وكذلك كونها طرفا غير محايد بشكل عام، للخلافات التاريخية والنزاعات مع الدول العربية.

كانت إثيوبيا حاضرة وشاهدة على اختراق إسرائيل حصون الدبلوماسية الإفريقية، عندما قدم السفير الإسرائيلي لدى إثيوبيا "أليلي أدماسو"، أوراق اعتماده كمراقب في الاتحاد الإفريقي، إلى رئيس مفوضية الاتحاد "موسى فقي محمد"، في مقر المنظمة الواقع في أديس أبابا.

بعدها مباشرة في 22 يوليو/ تموز 2021، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، في بيان: "هذا يوم احتفال بالعلاقات الإسرائيلية الإفريقية".

وأضاف أن وضع المراقب "سيمكن إسرائيل من مساعدة الاتحاد الإفريقي بشكل أكبر في مجالي مكافحة جائحة كوفيد والإرهاب".

وأورد: "هذا يصحح الوضع الشاذ الذي كان قائما منذ نحو عقدين، ويشكل جزءا هاما لتعزيز نسيج العلاقات الخارجية لإسرائيل".

وشدد على أن "هذه الخطوة ستساعدنا على تعزيز أنشطتنا في القارة الإفريقية ومع الدول الأعضاء في المنظمة".

ومنذ ستينيات القرن الماضي شهدت العلاقات الإفريقية الإسرائيلية توترات مع اندلاع حركات التحرر الوطني، التي أمدتها مصر بالدعم اللوجيستي والعسكري، وهو ما أدى لانحياز كثير من دول الاتحاد إلى مصر والعرب، في أتون الصراع العربي الإسرائيلي.

ثم دفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية خلال أعوام 1967 إلى 1973، دولا إفريقية إلى تجميد علاقاتها بإسرائيل قبل أن تبذل دولة الاحتلال على مدار السنوات التالية مساعيا حثيثة لتحسين العلاقات بالعديد من تلك الدول لا سيما إثيوبيا.

وتقول إسرائيل حسب وزارة خارجيتها: إنها تتمتع بعلاقات واسعة مع 46 دولة في إفريقيا، ولديها شراكات قوية وتعاون مشترك في العديد من المجالات المختلفة بما في ذلك التجارة والمساعدات في الشؤون السياسية والتكنولوجية والأمنية. 

طبيعة العضوية

على مدار تاريخ الاتحاد الإفريقي لم تكن إسرائيل الأولى من خارج نطاق القارة التي تحصل على صفة المراقب، وإن كانت بالطبع هي الحالة الأكثر جدلا على جميع الأصعدة.

 وسبق أن حصلت تركيا وفلسطين وكازاخستان على هذه العضوية، حيث تسمح قواعد "لومي" المنظمة للاتحاد بانضمام أي دولة تربطها علاقات جيدة وتكاملية مع دول إفريقيا بالانضمام تحت صفة مراقب.

والاتحاد الإفريقي هو منظمة دولية تتألف من 55 دولة إفريقية، تأسس في 9 يوليو/ تموز 2002، وعاصمته ومقره الدائم في أديس أبابا الإثيوبية. 

ورغم أن العضو المراقب بحسب السلطة التشريعية للاتحاد، الممثلة في البرلمان الإفريقي، لا يحق له التصويت على القرارات، فإن ذلك لا ينفي جملة انعدام تأثيره، بل يظل مؤثرا بطريقة أو بأخرى، ويسمح ميثاق الاتحاد للعضو المراقب بحضور الجلسات، ومنها الجلسة الافتتاحية للقمم الدورية والاجتماعات العليا على مستوى الوزراء.

كما يحق للدولة المراقب أن تقدم المقترحات والتعديلات وتشارك في المناقشات المختلفة، بالإضافة إلى أحقيتها في طلب الانضمام للاتفاقيات العالمية التي يشارك الاتحاد كطرف فيها. 

ودخول إسرائيل إلى أروقة الاتحاد سيمكنها من الاستفادة السياسية والاقتصادية، وكذلك دعم مواقفها في النظام الإقليمي والدولي، وتعميق انخراطها بأسواق القارة الإفريقية، وكذلك تحييد الاتحاد عن القضايا التي تمسها بشكل مباشر.

ولا يمكن إغفال ما حدث في مايو/ أيار 2021، عندما أدان الاتحاد الإفريقي، القصف الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة والاعتداءات العنيفة لقوات الاحتلال في باحات المسجد الأقصى.

وقد أصدر وقتها بيانا قال فيه: إن "الجيش الإسرائيلي يتصرف في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وعادة ما تتسم لهجة بيانات الاتحاد في قممه السنوية بالتأييد للفلسطينيين". 

وفي 27 يوليو/ تموز 2021، كتبت الباحثة الجزائرية، المتخصصة في النزاعات والأمن بالشرق الأوسط، آمال وشنان، مقالة تحت عنوان: "ما الذي سيغيره انضمام (إسرائيل) إلى الاتحاد الإفريقي؟" قالت فيها: "ستحاول (تل أبيب) الضغط على الكتلة الإفريقية المهمة عدديا لترجيح كفة التصويت على القرارات المتخذة على مستوى المنظمات العالمية".

إذ تحظى الكتلة التصويتية الإفريقية بـ54 مقعدا من أصل 193 على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة، و3 مقاعد من أصل 15 على مستوى مجلس الأمن، و14 مقعدا من أصل 54 على مستوى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، و13 مقعدا من أصل 47 على مستوى مجلس حقوق الإنسان، وفق الكاتبة.

وأضافت أنه "لوحظ مؤخرا تغير اتجاهات التصويت في الكتلة الإفريقية لصالح إسرائيل".

وأردفت "على المستوى الإقليمي يتيح وجود إسرائيل كعضو مراقب في هذه المنظمة فرصة لتحقيق أهداف مختلفة على مستويات متعددة، أبرزها: العمل على تعميق العلاقات مع الدول الإفريقية والاستفادة مما تنتجه هياكل ومؤسسات الاتحاد الإفريقي من مبادرات ومشاريع مختلفة، خاصة ضمن لجنة الزراعة والتنمية الريفية والمياه". 

والنقطة الأخيرة تحديدا هي ما يؤرق مصر، في ظل النزاع المستمر والمتفاقم مع إثيوبيا، وهو الصراع الذي شهد في الأشهر الأخيرة أوج تفاقمه، مع تكهنات بتصاعد الصراع في حال استمرت إثيوبيا في سياستها الرامية إلى حرمان القاهرة من حصتها الثابتة من مياه النيل.

 

خنق مصر

الصحفي المصري المتخصص في الشأن العبري وتقاطعاته، عبد الله حمدي، يرى أن "إثيوبيا ومشروع سد النهضة في الأساس يهدف إلى خنق مصر ونزع استقلاليتها وتحكماتها في القرار على الصعيد البعيد".

وقال في حديثه لـ"الاستقلال": "لا يمكن إغفال الدور السلبي لإسرائيل في ذلك الأمر، وهي التي أمدت إثيوبيا بتكنولوجيا بناء السدود، ثم المنظومة الصاروخية الحامية للسد ضد التهديدات الخارجية، وتحديدا مصر بصفتها المتضرر الأكبر من وجود سد النهضة".

وأضاف حمدي: "خطة إسرائيل تسير على قدم وساق، ووجودها داخل الاتحاد الإفريقي بصفة مراقب، يساهم في دعم الموقف الإثيوبي".

فحتى قبل انضمام إسرائيل، كانت مصر متشككة في دور الاتحاد، ورفضت وساطته وفضلت الذهاب إلى واشنطن لعقد مباحثات منفردة.

وهو ما يعني أن القاهرة كانت متوجسة من الاتحاد وانحيازاته إلى إثيوبيا التي هي أيضا دولة المقر للاتحاد.

وبدخول إسرائيل على الخط، وانخراطها في القارة، فإن مصر أمام معضلة معقدة، وكما نقول في أمثالنا الشعبية: (سلموا القط مفتاح الكرار)، وفق قوله. 

واستطرد الصحفي المصري: "النيل وأهميته لإسرائيل تتجاوز الاستفادة الاقتصادية فقط، بل هو جزء من عقيدة الدولة المحتلة وعلمها".

فنجمة داود بين خطين أزرقين هما النيل والفرات، وإسرائيل ممتدة من الفرات إلى النيل، وتلك حدودها حسب معتقداتهم البالية، كما قال.

وذكر أنه "منذ عقود طويلة والنيل ضمن أهداف إسرائيل الكبرى، ووضع مصر في موقف ضعيف، هو هدف إستراتيجي لإسرائيل".

وبين أنه "بغض النظر عن علاقتها بالنظام السياسي أو وجود اتفاقية سلام أو تطبيع، فهم يعملون على المستقبل البعيد، وقد رأينا كيف غيروا وجهة النظر الإفريقية التي كانت معنا، إلى أن تقبل بوجودهم وتطبع معهم، وتنحاز إليهم".