"بدون الأسد".. صحيفة تركية ترصد مقاربات بوتين في الملف السوري
تطرقت صحيفة تركية لتصريحات دبلوماسي سابق يعمل لصالح نظام بشار الأسد كشف خلالها أن هناك بعض المشكلات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وأن موسكو قامت بإعداد "خطة جديدة" لاستبعاده من المشهد السوري.
وقالت صحيفة "يني شفق" في مقال للكاتب بولنت أوراك أوغلو: "في حال كانت هذه المزاعم صحيحة، ولم يقم الأسد بحل مشكلاته مع بوتين فمن المرجح أن يجد نفسه وقد سقط عن عرشه، في وقت حول فيه وجهته إلى إيران بسبب تعارض مصالح دمشق وطهران مع مصالح روسيا وأهدافها في المنطقة".
وأضاف أوراك أوغلو: "وبحسب الدبلوماسي السابق صقر الملحم، فقد تم الاتفاق بين الدول الفاعلة في سوريا على العمل لأجل (سوريا بغير الأسد)".
وأوضح أنه "كخطوة أولى في الحل، سيتم تشكيل مجلس سياسي إلى جانب المجلس العسكري للنظام، ويتم تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تضم بعض المسؤولين السوريين من المعارضة، ليغادر الأسد إلى إيران أو كوبا أو فنزويلا كلاجئ سياسي".
حرب وحشية
وفي إشارة إلى أن الأشهر المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت، ادعى الملحم أن العقوبات الأميركية ستشتد ضد الدول أو المؤسسات التي لها علاقات وثيقة مع نظام الأسد و"لا تطبق مبادئ قانون قيصر".
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هو من وقع على "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، المعروف باسم "قانون قيصر"، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأردف أوراك أوغلو: "بحسب القانون الذي أخذ مسماه من الاسم الرمزي لأحد أفراد الشرطة العسكرية الذي سرب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون الأسد، سيتم فرض عقوبات على الأشخاص والمنظمات الأجنبية الذين يدعمون أو يملكون علاقات مالية كبيرة مع أشخاص أو شركات تعمل نيابة عن روسيا وإيران".
وتابع: "وفي هذا السياق، أعلن مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على 39 شخصا مرتبطين بالنظام السوري، بمن فيهم بشار الأسد وزوجته بموجب قانون قيصر".
كما ذكر المسؤولون أنفسهم أن "العقوبات ستستمر ما استمرت الحرب الوحشية التي يشنها النظام ضد شعبه".
ولفت أوراك أوغلو إلى أنه ووفقا للخبراء، "تختلف السياسات الخارجية والأهداف النهائية لروسيا وإيران رغم أنهما كانا على جبهة واحدة خلال الثورة التي بدأت عام 2011. كما وأن المشكلات الرئيسة الثلاث بين موسكو ودمشق وطهران متعلقة بالعملية السياسية حول إعداد الدستور الجديد في إيران وإسرائيل وسوريا".
وذكر أن "روسيا تفترض أن هناك امتدادين لإيران: أحدهما في آسيا والآخر في الشرق الأوسط. وفي هذا تعتبر إيران في آسيا مهمة جدا بالنسبة لروسيا من حيث إنها عضو مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، وكونها جزءا في المناورات العسكرية المشتركة في بحر قزوين، والعلاقات التجارية بين بكين وموسكو".
واستدرك أوراك أوغلو قائلا: "بيد أن روسيا تختلف مع إيران في الشرق الأوسط من حيث الأساليب المتبعة رغم أن أهدافهما في سوريا واحدة وهي محاربة الإرهاب، لهذا ترغب روسيا في أن تظل إيران قوة إقليمية في آسيا، ولا تريدها أن تنفتح على البحر الأبيض المتوسط".
ولذلك، ومع أن إسرائيل كثيرا ما تشن هجمات على مناطق معينة داخل سوريا بحجة أنها "تصيب أهدافا عسكرية إيرانية"، إلا أن روسيا لا تتصدى لها ولا تمنعها مع أنها تملك أنظمة دفاع جوي وعلى علاقات جيدة مع إسرائيل، الأمر الذي يتسبب بانزعاج دمشق وطهران.
لذا يمكن القول بأن "غض روسيا الطرف" عن هذه الهجمات إحدى المشكلات المهمة بين الطرفين، بحسب ما يراه الكاتب.
استفزاز صريح
واستطرد أوراك أوغلو: "بينما تتراجع النزاعات في سوريا، تتزايد الخلافات بين موسكو وطهران ودمشق. وقد أدت انتقادات موسكو التي وجهتها لدمشق إلى ظهور ادعاءات بأن بوتين لم يعد يريد الأسد في المعادلة السورية. غير أن هناك مقاربتين لما يمكن لموسكو أن تنتهجه في سوريا".
وشرح ذلك قائلا: "بحسب المقاربة الأولى التي يدافع عنها الجناح العسكري غالبا، لا يوجد هناك حرب أهلية في سوريا. وتحاول حكومة النظام استعادة أراضيها لذلك، فإن الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع سيكون في القضاء على من تسميهم إرهابيين عن بكرة أبيهم".
وتابع: "أما بحسب المقاربة الثانية التي ينادي بها الدبلوماسيون الروس، فإن القضية في سوريا لا تقتصر على الإرهابيين، إذ إن هناك معارضين ضد إدارة الأسد أيضا، فهذه إذن حرب أهلية وإنهاء هذا إنما سيكون ببدء حوار سياسي، والعودة إلى مسار جنيف (متابعة العملية)، والتوصل لاتفاق، وإصلاح الدستور، وإجراء انتخابات تحت مراقبة الأمم المتحدة."
واستدرك الكاتب: "لقد كانت تركيا أولى الدول التي أظهرت معارضتها وموقفها من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 26 مايو/أيار 2021، والتي كانت عبارة عن عرض مسرحي هزلي، نظمها نظام الأسد، قاتل الأطفال من جانب واحد في المناطق الواقعة تحت سيطرته".
وأردف: "وقد جاء في البيان المشترك الذي نشره وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا والولايات المتحدة: إن الانتخابات الرئاسية لم تكن حرة ولا نزيهة، ونرفض قرار نظام الأسد بإجراء هذه الانتخابات خارج إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254".
ولفت أوراك أوغلو إلى أن "78 من أهالي دوما فقدوا حياتهم تأثرا بالغازات السامة التي أطلقها نظام الأسد في هجمة بالأسلحة الكيماوية في 7 أبريل/نيسان 2018، واستولى النظام على قضاء دوما بعد حصار مكثف وهجمات عنيفة".
لذلك، كان اختيار الأسد وزوجته للتصويت في قضاء دوما بالعاصمة دمشق، "استفزازا واضحا" لمشاعر ملايين السوريين، وكذلك "تحديا صريحا" للمجتمع الدولي الذي أعلن أنه لن يعترف بهذه الانتخابات، يقول الكاتب التركي.
وختم أوراك أوغلو مقاله بالقول: "تتساءلون من أين يحصل جزار القرن الـ21 بشار الأسد على الشجاعة لتحدي العالم أجمع؟ من بوتين ولا شك، لذلك، أعتقد أنه لو بدأ بوتين العد التنازلي لاستبعاد الأسد من المشهد السوري، لما كان هذا القاتل قادرا على القيام بهذا التحدي جهارا نهارا".