استياء متزايد.. صحيفة إسبانية: آخر إنجازات عباس فوزه في رئاسيات 2005
قالت صحيفة إسبانية إنه "قبل وقت قصير من الهجوم الإسرائيلي على غزة في 10 مايو/أيار 2021، كان من المقرر أن تجري الأراضي الفلسطينية انتخاباتها الأولى منذ 15 عاما، والتي ألغاها الرئيس محمود عباس نفسه في نهاية المطاف".
وأشارت "الكونفدنسيال" إلى أن "إسرائيل نفذت هجمات على غزة بعد يوم واحد من أداء رئيس الوزراء الجديد نفتالي بينيت، اليمين الدستورية، بدعم من تحالف انتقائي من 8 أحزاب من مختلف الأطياف السياسية، منهيا 12 عاما من حكم بنيامين نتنياهو، وقد جاء هذا القصف ردا على بعض هجمات البالون الحارقة التي نفذها فلسطينيون".
وأكدت أن "وراء هذه الهجمات الإسرائيلية، كانت الرسالة واضحة: رحل نتنياهو، لكن كل شيء بقي على حاله في الأراضي المحتلة".
واستدركت الصحيفة قائلة: "في واقع الأمر، ما لم يتغير حقا، كما لو أن المشهد السياسي قد بقي على حاله خلال السنوات الـ12 الماضية لنتنياهو؛ هو الوضع على الجانب الآخر من الخط الأخضر، وتحديدا، يراكم محمود عباس، 15 عاما في رئاسة البلاد متحكما في مصائر السلطة الوطنية الفلسطينية".
وتابعت: "عباس، هو زعيم سياسي جاء كمصلح للقضية الفلسطينية وانتهى به الأمر بالبقاء في السلطة".
الخاسر الأكبر
ولفتت الصحيفة إلى أن "الأراضي الفلسطينية كانت تستعد لإجراء انتخاباتها الأولى منذ 15 عاما، قبل الهجوم الإسرائيلي بوقت قصير؛ والتي ألغاها عباس أخيرا وسط ضغوط شديدة وعقبات من السلطات الإسرائيلية".
ثم جاء الهجوم، حيث احتلت حركة (المقاومة الإسلامية الفلسطينية) حماس مرة أخرى مركز النقاش وقادت التحركات الفلسطينية، مما أدى إلى جعل مكانة عباس تتراجع مرة أخرى إلى أدنى مستوياتها.
وفي حقيقة الأمر، في أعقاب الهجوم على قطاع غزة، اعتبر الكثير - حتى بين الفلسطينيين - أن عباس هو الخاسر الأكبر في الفصل الأخير من الصراع.
ونوهت الصحيفة بأن مقاربة "المقاومة غير العنيفة السلبية" التي يمثلها عباس لم توفر للفلسطينيين القليل من الحقوق والتطلعات، رغم التنازلات التي يرى الفلسطينيون أنها قدمت لإسرائيل خلال قيادة عباس للسلطة على مدار سنوات.
ومن بينهم، الناشط السياسي الشاب، نزار بنات، الذي أراد الترشح للانتخابات الفلسطينية، ويرى أن "المقاومة الفلسطينية" تفوقت على عباس، لتحل محله كلاعب إقليمي في الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن "آخر إنجازات عباس العلنية تمثل في فوزه في آخر انتخابات الرئاسة عام 2005، تحت شعار "إقامة الدولة الفلسطينية".
وفي عام 2007، انفصلت حركة "حماس"، عن سلطة عباس وسيطرت على قطاع غزة.
ومنذ ذلك الحين، بدأت حركة "فتح"، بقيادة عباس تعاني من الانقسامات، منذ طرد القيادي محمد دحلان.
وأضافت الصحيفة أنه في 29 نيسان/أبريل 2021، أطفأ عباس آخر شعلة أمل بتجديد سياسي ديمقراطي بتأجيل، إلى أجل غير مسمى، أول انتخابات برلمانية فلسطينية منذ 15 عاما، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تسمح بالتصويت في القدس المحتلة.
فاشل سياسيا
عموما، كانت هذه الانتخابات بصيص أمل لتغيير النظام السياسي الفلسطيني الذي عانى من أزمات عديدة، وقد تمثلت أهمها في استمرار وتعميق الانقسام بين "فتح" و"حماس" باعتبارهما القوتين السياسيتين الرئيستين، وعدم قدرتهما على تحقيق أهداف الفلسطينيين في مواجهة إسرائيل، وفق "الكونفدنسيال".
وأوردت الصحيفة أن فادي شيخ يوسف، ناشط سياسي مستقل يقود قائمة "الحلم" الانتخابية، يرى أن "تأجيل الانتخابات خطوة لم يكن على عباس أن يقدم عليها، بل كان يجب أن يستخدم الحظر الإسرائيلي لتحويلها إلى معركة سياسية من أجل السيادة في القدس".
وفي حديث مع "الكونفيدنسيال"، قال شيخ يوسف: إن "هذا الفشل السياسي يضاف إلى القائمة الطويلة من الوعود التي لم يتم الوفاء بها والتي يراكمها عباس".
وأضاف: "خلال السنوات الـ14 التي قضاها على رأس السلطة، لم يتمكن مشروع عباس السياسي من الإجابة على سؤال واحد: ماذا سيحدث إذا رفضت إسرائيل ضمان دولة فلسطينية بحدود 1967، على النحو المعترف به في قرارات الشرعية الدولية؟".
وواصل: "أصبحت القضية أكثر وضوحا عندما قدم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مبادرته الشهيرة لحل الصراع والمعروفة باسم (صفقة القرن)، بمعايير إقليمية أقل بكثير من الحد الأدنى لدولة فلسطينية قابلة للحياة".
ونوهت الصحيفة بأن المفاوضات المباشرة بين عباس وإسرائيل وصلت إلى طريق مسدودة، خاصة مع "الجناح اليميني" للسياسة الإسرائيلية ونمو المزيد من القوى القومية المتطرفة واليمينية، التي لا ترى الفلسطينيين كمحاور.
ويجادل أنصار عباس بأن اعتراف 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية عام 2018 هو انتصاره الشخصي.
ومهد هذا الاعتراف الطريق أمامه للانضمام إلى العديد من المنظمات الدولية، مثل محكمة العدل الدولية، التي تأمل أن يحاكم مختلف قادة الجيش الإسرائيلي لارتكابهم جرائم خلال الحروب المتتالية في قطاع غزة، والتحقيق في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة.
يناسب إسرائيل
ونقلت الصحيفة أن استحالة نجاح عباس عمليا في إقامة دولة فلسطينية مستقلة بحدود 1967 وعاصمتها القدس، حولته في نظر كثير من الفلسطينيين إلى رجل "تنازلات، وزعيم فاشل، ورمز لنبذ المقاومة المسلحة، وتعزيز الانقسام".
ومنذ وصوله إلى السلطة، توسعت المستوطنات في الضفة بشكل كبير، وزادت القيود المفروضة على حرية الحركة ونقاط التفتيش في المناطق التي تحتلها إسرائيل، كما تنامت الاعتقالات، كتلك التي جرت في حي "الشيخ جراح" ضد تهجير العائلات الفلسطينية.
وبشكل عام، في ظل المشروع السياسي لعباس "لم يعد الفلسطينيون قادرين على التعبير عن غضبهم".
وشدد الناشط نزار بنات على أنه وسط الاستياء المتزايد من عباس، تعتبر "إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي تمنع الفلسطينيين من اقتحام مقر عباس في رام الله والإطاحة به".
وبحسب دراسة أجراها "المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات واستطلاعات الرأي" في ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن الرأي القائل بضرورة استقالة عباس من منصبه ارتفع إلى ثلثي السكان الذين شملهم الاستطلاع، رغم أن انتقادات عباس لم تمتد إلى حركة "فتح" بأكملها.
وأضاف التقرير أن "ميزان التأييد لحركة فتح وحماس لا يتغير".
ونقلت "الكونفدنسيال" أن عباس "يواجه حتى داخل فتح نفسها منافسين سياسيين آخرين"، ومن بين هؤلاء، "العظماء المطرودين"، دحلان وناصر القدوة، اللذين يقودان "التيار الإصلاحي الديمقراطي" و"المنتدى الوطني الديمقراطي" على التوالي.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: "لكن ليس هناك شك، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، أن أكبر منافس لعباس ومشروعه السلمي والسلبي هو جيش حماس".