أزمة النائب "العجارمة".. هل تزعزع العشائر الأردنية حكم الملك عبدالله؟
تحدثت صحيفة تركية عن الاشتباكات التي دارت في الأردن، خلال يونيو/حزيران 2021، بين أنصار النائب في مجلس النواب أسامة العجارمة وقوات الأمن.
وتجددت الاشتباكات بين السلطات الأمنية وأنصار النائب الأردني المفصول، في منطقة لواء ناعور غربي العاصمة عمّان، بداية الشهر، عقب إعلان البرلمان قراره فصل العجارمة.
وكانت وزارة الداخلية الأردنية قد أعلنت، في بيان، أن الساعات المتأخرة من ليل 5 يونيو/حزيران شهدت "هجوما مسلحا على القوات الأمنية"، حسب وكالة الأنباء الرسمية "بترا".
وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوي، إن "قوة أمنية تعاملت مع أعمال شغب وإحراق مركبات وإطلاق عيارات نارية في الهواء، نفذها مجموعة من الأشخاص في منطقة ناعور، ونتج عن تلك الأعمال إصابة أربعة من رجال الأمن العام، وأسعفوا، وهم قيد العلاج في المستشفى".
بداية القصة
وأوضحت صحيفة "يني شفق" في مقال للكاتب طه كيليج أن أصل الحادثة، التي تضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الأزمات التي مرت بها البلاد مؤخرا، يعود إلى الهجمات الإسرائيلية على القدس والأقصى وغزة خلال شهر رمضان وما بعده.
وقال كيليج: لا بد أنكم ستذكرون تجمع الآلاف من الأردنيين على الحدود مع فلسطين المحتلة في تلك الأيام في مسيرات التضامن، مطالبين بفتح البوابات الحدودية.
وبطبيعة الحال لم تستجب الإدارة الأردنية لهذا المطلب، لتتحول المظاهرات إلى احتجاجات في الداخل، وتظهر دعوات للتضامن مع القدس وغزة.
وتابع: وفي بيئة مثل هذه، كان أسامة العجارمة، وهو نائب مستقل عن منطقة ناعور تم انتخابه في عام 2020، أحد الأسماء النشطة في هذه العملية.
اشتهر أسامة العجارمة من مواليد عام 1981، وأحد أفراد عائلة تعد من أقوى وأكبر العشائر في الأردن بقوله: "افتحوا البوابة الحدودية على الفور، ولنؤدي صلاة العصر في المسجد الأقصى".
وفي الأيام التالية، طالب العجارمة، بطرد السفير الإسرائيلي موجها انتقادات صريحة وقاسية لسياسة الأردن تجاه إسرائيل، واصفا ذلك بأنه "أضعف الإيمان".
كما اعتبر العجارمة انقطاع التيار الكهربائي الذي استمر لمدة 6 ساعات في الأردن في 21 مايو/أيار أنه "كان حادثا متعمدا".
اتهم العجارمة الحكومة بأنها تحاول منع الشعب من التجمع ووقف مسيرة حاشدة للعشائر الأردنية إلى عمان لنصرة القضية الفلسطينية.
ويقول الكاتب: "في الواقع، فإن انقطاع المياه والإنترنت مع انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك توقف محطات الوقود عن العمل، جعلنا نعتقد بأن العجارمة كان على حق".
واستدرك: وكنتيجة للانزعاج الذي سببته هذه التصريحات المتتالية، تم تجميد عضوية أسامة العجارمة في البرلمان الأردني لمدة عام واحد في 27 مايو/أيار.
لكن هذا القرار تسبب في رفع العجارمة لصوته أكثر فأكثر.
ومشيرا إلى عدة قضايا من بينها مغالطة سلطة الملك عبدالله الثاني في حل البرلمان ومزاعم الفساد تجاه بعض السياسيين، حصل العجارمة على أرضية شعبية كبيرة داعمة له.
وفي 5 يونيو/حزيران، رفع أفراد عشيرة العجارمة وأنصاره الذين نزلوا إلى الشوارع في منطقة ناعور، علم التمرد ضد حكم الملك عبد الله بشكل علني.
وبينما كان الكشف عن حمل بعض المتظاهرين لأسلحة يضفي بعدا جديدا على الأحداث، كان خطاب أسامة العجارمة الذي ألقاه على مؤيديه عند الالتقاء بهم في المساء، القطرة التي ملأت الكأس، يقول الكاتب التركي.
مستقبل مجهول
وقال العجارمة، الذي وقف أمام الحشود والكاميرات حاملا مسدسا وسيفا: "أرغب في أن أعلم الملك درسا يعيد لكم شرفكم السابق عند زيارته البرلمان".
وواصل: سأقترب منه وأقول "أريد أن أقبل رأسكم سيدي، وأقبله برصاصة بين عينيه، تماما في منتصف جبهته".
النائب الأردني أسامة العجارمة بتظاهر ومعه سيف وبيهدد بقتل الملك عبدالله، كما تحدث عن نيته زرع رصاصة في جبين الملك الذي وصفه "بالخنزير الخسيس" وسط تصفيق من الحاضرين. هل هذا نائب أم بلطجي ؟ حفظ الله الاردن شعباً وملكاً من أمثال هؤلاء. pic.twitter.com/TLuDXeRvNe
— شؤون تركية (@TurkeyAffairs) June 6, 2021
وبالطبع، كان هذا أكثر مما يمكن للأردن أن يتحمله، خاصة وأنه فقد ملكه المؤسس (عبد الله الأول بن الحسين) الذي يحمل الملك الحالي اسمه، في اغتيال عام 1951.
وأردف: وهكذا، انعقد مجلس النواب الأردني بشكل طارئ وفصل أسامة العجارمة من البرلمان بعد تصريحات اعتبرت مسيئة للملك عبد الله الثاني والمجلس.
وصوت 108 نواب بـ "نعم" من بين 119 نائبا حضروا الجلسة. وأثناء الجلسة التي تم فيها طرد العجارمة تماما من البرلمان، جرى قمع الأحداث في منطقة ناعور كما اعتقل العشرات من الأشخاص.
واستطرد كيليج قائلا: أحيت المملكة الأردنية الهاشمية الذكرى المئوية لتأسيسها بالاحتفالات في 11 أبريل/نيسان 2021.
وحتى وقت قريب، تداولت الصحافة العالمية تحليلات وتقييمات تفيد بأنه يجب إعلان الأردن واحة استقرار نجت من كل الأزمات التي عصفت بالشرق الأوسط.
وأضاف: استطاع الملك عبد الله الثاني، الذي اعتلى العرش بعد وفاة والده الملك حسين عام 1999، أن يحافظ على إبقاء أمن بلاده على ساحل السلامة من خلال الاستعانة بعلاقاته الطيبة مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأردف: كانت الجبهة الغربية تساعد الأردن في أن يتحول رمزا للاستقرار في منطقة تعصف بها النوازل في كل اتجاه من خلال دعم عمان سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
والآن تلقي الهجمات المسلحة التي شهدتها المملكة مع الأحداث الأخيرة ومن قبلها محاولة الانقلاب بظلالها على مستقبل البلاد.
وفي هذا السياق، أكد الملك عبد الله الثاني أن الأردن مستمر في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين وأنه يعمل مع مختلف الدول الشقيقة والأوروبية إضافة إلى واشنطن لإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بحسب مصادر محلية.
كما أكد الملك على ربط تحديث المنظومة السياسية بإصلاح الإدارة العامة وتحسين الاقتصاد باعتبارها عملية متكاملة.
ويختم الكاتب التركي مقاله وهو يشير قائلا: ومع ذلك، يبدو أننا دخلنا مرحلة ستشتد فيها الأزمات الداخلية من الآن فصاعدا في الأردن.
لهذا فإن الخطوات التي سيتخذها الملك عبدالله الثاني بعد الآن، لن تؤثر على بلده الصغير فحسب، بل على جميع التوازنات في الشرق الأوسط.
خاصة وأنه مضطر إلى الاختيار بين الاستسلام دون قيود أو شروط للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أو مواجهة استياء شعبه في المجالات المختلفة.