صحيفة بريطانية ترصد "الفجوات المعيشية" بين فلسطينيي 48 ويهود إسرائيل
سلطت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الضوء على الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، وتأثير فلسطينيي 48 عليها، وإمكانية تغيير القرارات المصيرية الهامة، حيث استطاعوا التمتع بالعديد من الكراسي في الكنيست (البرلمان)، كما تطرقت إلى الحديث عن الأوضاع المعيشية للعرب في الأراضي المحتلة.
وأوضحت الصحيفة بنسختها الفارسية في مقال للكاتب الصحفي محمد خير ندمان أن "المواطنين العرب في إسرائيل والذين يعرفون باسم (عرب 48) تقريبا 21 بالمائة من سكان إسرائيل الذين يزيد عددهم عن 9 ملايين، وحوالي 83 بالمائة مسلمون ولهم 15 كرسيا في الكنيست، وبالإضافة إلى ذلك عدد من عرب إسرائيل لهم مناصب حكومية متنوعة".
وحتى عام 2018، كانت العربية تعتبر لغة رسمية مثل العبرية، ولكن خلال نفس العام، فقدت العربية مكانتها باعتبارها لغة رسمية للحكومة في أعقاب الموافقة على قانون "دولة اليهود"، وتحولت إلى لغة لها منزلة خاصة.
وكذلك هناك فجوات اقتصادية واجتماعية بين اليهود وعرب إسرائيل، تنتج هذه الفجوة عن إهانة العرب والتقليل من شأنهم بحجة عدم التحاقهم للخدمة في الجيش، وفق "الإندبندنت".
ويتمتع الأفراد الذين يخدمون في الجيش بمزايا وفرص عمل كثيرة لا تكون متاحة بالنسبة للمواطنين الآخرين، وعلى هذا الحال فإن عرب إسرائيل لهم أنشطة في الصناعة ووظائف أخرى مثل البناء.
تمييز واضح
وأشار الكاتب خير ندمان إلى أنه "لا يوجد انفصال رسمي بين العرب وسائر مواطني إسرائيل، ولكن اليهود والعرب يعيشون بشكل منفصل في أكثر المدن، هذا في الوقت الذي يقوم فيه المسؤولون الإسرائيليون بالتمييز الواضح ضد العرب".
وتحصل القرى والمناطق التي يقطنها العرب على ميزانية أقل بالنسبة للمناطق التي يقطنها اليهود، وكذلك تتأثر جودة المدارس، والبنية التحتية، والخدمات الاجتماعية للمناطق التي يسكنها العرب.
ولا يوجد حضور للعرب في أقسام التعليم العالي والصناعي بكثرة، وتقريبا لا يوجد اتصال بين اليهود وعرب إسرائيل؛ لأن أغلب الأطفال والشباب في المدارس الابتدائية والمتوسطة تتعلم بشكل مختلف، ويمكن ألا يحتكوا ببعضهم البعض حتى وقت التحاقهم بالجامعة.
وبلا شك حتى مرحلة الجامعة، ترسخت الأفكار والأحكام المسبقة الكثيرة في أذهان كل من الطرفين حيث تسعى الغالبية إلى تكثيف التوتر بينهما، يشرح "خير ندمان".
ولفت الكاتب إلى أن "إحدى أهم التغيرات السياسية في إسرائيل خلال العامين الماضيين، كان تكرار الانتخابات، واضطر مواطنو إسرائيل إلى التوجه لصناديق الاقتراع مرات عدة لاختيار الحكومة الجديدة، ولكن انعقاد الانتخابات لم يخرج إسرائيل من الجمود السياسي، ومن هنا تظهر الأهمية المتزايدة لرأي عرب فلسطين في إسرائيل".
وأردف: "يمكن القول أن استمرار الجمود السياسي في إسرائيل، بالشكل الذي لم يستطع أي تحالف من الأحزاب السياسية للدولة أن يقوم بتشكيل حكومة دائمة، وإلى حد ما نتج ذلك عن نجاح عرب إسرائيل في الحصول على كراسي المجلس، حيث استطاعوا في الانتخابات البرلمانية السابقة أن يحصلوا على 15 كرسيا من أصل 120".
وتابع: "مما لا شك فيه أن عرب إسرائيل يدركون جيدا العديد من الحواجز الهيكلية التي تحول دون تأثيرهم في السياسة والقرارات باعتبارهم أقلية في النظام القومي لأغلب إسرائيل".
دور حاسم
وأشار خير ندمان إلى أن "عرب إسرائيل ظلوا في حرمان من أي نفوذ وسلطة سياسية، كما فقدوا حق إبداء الرأي إلى حد بعيد جدا من مفهومه، ونفس الأمر فيما يتعلق بزيادة ميزان إحباط المواطنين العرب من الديمقراطية في إسرائيل".
واستمر هذا الوضع حتى عام 2015 إلى أن عرض 4 أحزاب عربية كبيرة "قائمة مشتركة" بزيادة الحد الأدنى من النصاب القانوني المطلوب من أجل الدخول إلى المجلس كرد فعل على خريطة إخراج العرب من الكنيست، بحسب الكاتب.
هذه الخطوة لا تسمح فقط للأحزاب العربية بتجاوز الحد القانوني المطلوب، بل تثير رد فعل إيجابي لدى الناخبين العرب، وفي النهاية استطاعت الأحزاب السياسية العربية أن تحصل على كراسي كثيرة في الكنيست حيث حصلوا على 13 عام 2015، وعلى 15 كرسيا عام 2020.
وذكر الكاتب أنه "وفقا لاعتقاد المراقبين، فإن عدم التوافق والتعدد بين عرب إسرائيل في الانتخابات الأخيرة لم يجعل بوسع أي حزب أن يحصل على أغلب الكراسي، وأن يقدر على تشكيل حكومة، وكان العامل الأساسي تحول العرب إلى الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات (أجريت في 23 مارس/آذار 2021)".
وعلى هذه الحال، يعتقد عدد من الكتاب أن من الممكن أن يكون عرب إسرائيل عاملا واضحا في إخلال التوازن لربح أحد الأطراف المتنافسة من أجل تشكيل حكومة إسرائيل القادمة.
ومع أخذ مجال الاختلافات السياسية الواسع في المجتمع الإسرائيلي في الاعتبار، يعتقد بعض المراقبين أن إسرائيل من الممكن أن تتجه نحو الانتخابات مرة أخرى وتعقد الانتخابات الخامسة في مدة هذين العامين.
وشدد خير ندمان على أنه "في وحدة وارتباط عرب إسرائيل يمكنهم أن يؤدوا إلى التغيير المحتمل في قوانين اللعبة بالكنيست، وأن يضعوا نظام إسرائيل السياسي في وضع يجبره على احترام سلطة ودور العرب آجلا أم عاجلا".
وأوضح أن "بعض المراقبين يرون وجود فرصة خاصة بالنسبة لعرب إسرائيل كي يلعبوا دورا حاسما في نتائج الانتخابات ويقدرون على تحديد مصير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
وختم الكاتب خير ندمان مقاله قائلا: "على هذا الحال، يجب على الأحزاب السياسية العربية أن تنهي عدم التوافق والاختلاف بينها؛ لأن استمرار الوضع الراهن يصب في مصلحة إسرائيل".