عشرية الثورة.. هل تنجح معارضة سوريا بتحريك المجتمع الدولي ضد الأسد؟

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع مرور عقد كامل على اندلاع الثورة، لا يزال الشعب السوري يتطلع إلى نيل الحرية بالتخلص من نظام دموي يرأسه بشار الأسد، تسبب بغياب ومقتل أكثر من نصف مليون سوري، إضافة إلى تشريد 12 مليونا من أصل 23 مليونا هم عدد سكان سوريا.

وفي 15 مارس/آذار 2011، انطلقت في مدينة درعا جنوب سوريا احتجاجات شعبية سلمية ضد بشار الأسد، لكنها سرعان ما قوبلت بالقمع والقوة من قوات النظام قبل أن تتحول حربا مدمرة ساهمت فيها بشكل أساسي روسيا وإيران اللتان ساعدتا النظام في حربه ضد الشعب.

وعلى وقع هذه الذكرى تدور تساؤلات حول مدى قدرة انفتاح المعارضة السورية بشكل أكبر على المجتمع الدولي لحلحلة عقد الأزمة السورية، وهل الاعتماد على المجتمع الدولي بشكل أكبر يمكن له أن ينهي معاناة الشعب السوري بعد 10 أعوام من الثورة؟

غياب البرنامج

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون أن الأسد استطاع تثبيت نفسه من خلال استخدام حلفائه، فإن آخرين يشيرون إلى أن تشتت المعارضة وضعف انفتاحها على المجتمع الدولي وتقديم بديل جدي عن النظام، أسهم بشكل كبير في تأخر تحقيق أهداف الثورة.

رئيس مركز "رصد" للدراسات الإستراتيجية العميد المعارض عبد الله الأسد، يقول: "المعارضة السورية ليس لديها برنامجا سياسيا ولا قدرة على التحرك على مستويات دولية أو أفقية مع جميع دول العالم، وإنما لديها تعامل مع دول استطاعت التأثير على المعارضة نفسها، واستقطاب أشخاصها".

وأضاف الأسعد لـ"الاستقلال" أن "الجميع يعمل على انفراد، فبدلا من قيام الائتلاف المعارض- الذي اعتمدته الدول ممثلا للشعب السوري- بالتصعيد من حراكه السياسي للتأثير على دول صاحبة القرار من أجل تسريع العملية الجارية الآن وخصوصا مع إعادة القضية السورية إلى الواجهة، نجدهم يقومون بأعمال ليست من اختصاصهم، مثل إقامة منشآت أو احتفال هنا وهناك، وهذه كلها من اختصاص الحكومة التنفيذية".

وتابع: "الشعب يريد أن يكون الائتلاف السوري، لاعبا أساسيا على المستوى الدولي من أجل حلحلة عقد المسألة السورية، لكننا نلاحظ قصورا كبيرا في المعارضة المتمثلة بالائتلاف، فهم ليس لديهم برنامج سياسي، وأن كل تحركاتهم هي انفعالية وليست فعالة".

وأوضح الأسعد أن المعارضة اليوم "باتت تعقد حل الأزمة السورية بشكل كبير جدا، وما تقدمه من مشاريع هي طوق نجاة للنظام السوري، فهي تحاول أن تصنع منه شريكا للعملية السياسية في سوريا"، في إشارة منه إلى إعلان "الائتلاف" في نوفمبر/ تشرين الأول 2020، تشكيل مفوضية للانتخابات لكن سرعان ما تراجع عنها بعد انتقادات واسعة.

وأشار رئيس مركز "رصد" إلى أن "من يقوم الآن بالعمل على قضايا تحاسب النظام، هم المنظمات القانونية في أميركا وأوروبا من الجالية السورية، وهم يعملون بجد ونشاط، أما المعارضة المتمثلة بالائتلاف فليس لديها أي تصور بهذا الشكل".  

وعلى نحو مماثل، رأى رئيس الوزراء السوري الأسبق رياض حجاب أن "المعارضة تعاني من ترهل ولم تستطع أن تكون بديلا للنظام، كما أن الاستقطاب الإقليمي أثر بشكل كبير عليها، إضافة إلى التأثير السلبي للمحاصصة الحزبية على اتخاذ القرار"، مشيرا إلى أن ابتعادها عن الشعب أدى إلى فقدانها الحاضنة الشعبية.

وأرجع حجاب خلال مقابلة تلفزيونية في 13 مارس/ آذار 2021 أسباب تعثر التوصل إلى حل شامل في سوريا إلى تماهي المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا مع وجهة النظر الروسية، ما صعب التوصل إلى حل، كما أن المجتمع الدولي انشغل بصراعات أخرى في المنطقة أدت إلى تراجع اهتمامه بإيجاد حل للأزمة السورية.

وطالب حجاب بوقف دعم النظام السوري، لأنه لم يعد مقبولا لا إقليميا ولا دوليا، محذرا من أن روسيا تسعى لإعطاء الشرعية لبشار الأسد قبل الانتخابات القادمة عبر حل سياسي، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لمحاسبته بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

صاحب القرار

وعن جدوى تحرك المعارضة على المجتمع الدولي والانفتاح عليه بشكل أكبر، قال الأسعد: "المجتمع الدولي هو صاحب القرار الآن، والأزمة السورية أصبحت عقيمة جدا، والشعب ينظر إلى دول صديقة لمساعدته".

ولفت إلى أن "الشعب يرى أن المعارضة لم تقدم له شيئا، لذلك فهو ينظر إلى تركيا كونها تحملت العبء الأكبر من الأزمة، لذلك يعول عليها كثيرا، ولا سيما أن موقف أنقرة لا يزال كما هو تجاه النظام السوري، حيث أعلنت قبل أيام أن نظام الأسد هو العدو الأول لها".

وبرأي الأسعد، فإن "رؤساء هيئة التفاوض واللجنة الدستورية يعملون بما يصب في مصلحة النظام، ولا ندري إن كان ذلك مقصودا أم لا، لذلك الثقة في هذه المؤسسات المعارضة ضعف كثيرا، وتصرفات هذه المؤسسات باتت تعقد الأزمة، كونهم ليس لديهم أي تصور مستقبلي لمحاور انفراجها قريبا".

وخلال تصريحات صحفية للوكالة "الفرنسية" في 9 مارس/ آذار 2021، هاجم الناشط الحقوقي البارز مازن درويش- الذي اعتقل لنحو 4 أعوام في سجون النظام- المعارضة السورية، واصفا إياها بأنها "إحدى الخيبات".

وقال درويش: "بعض المعارضين يعملون كسفراء لدول أخرى ويمثلون مصالحها في سوريا تعاملوا مع النظام كما لو أنه سيسقط خلال أشهر، وكان الهم الأساسي من سيحظى بمنصب، بينما كنا نحن نحلم بتغيير النظام والحريات وحقوق الإنسان".

ونقلت الوكالة عن الناشط السوري خالد عكاشة من مدينة إدلب، قوله: "عند انطلاق الثورة، خرجنا من أجل هدف، حلمنا بسوريا المستقبل التي لا يحكمها نظام دكتاتوري يتحكم بكل شاردة وواردة".

وتابع: "لكن بعد عقد من الزمن، خسرنا كثيرا. لن أقول فشلت المعارضة لكن المكاسب التي حققتها لا تعادل أبدا ما انتظرناه. خسرنا عشر سنوات من أعمارنا، تدمر البلد فيما النظام زاد قمعا وإجراما. ما لم تتمكن المعارضة من إنجازه خلال عشر سنوات، لن تتمكن من تحقيقه اليوم".

مطالبات بالوحدة

وبمناسبة حلول الذكرى العاشرة للثورة السورية، نظمت "الجمعية العربية" في تركيا، ومنظمات مجتمع مدني سورية، في 13 مارس/آذار 2021، وقفة في مدينة إسطنبول، شارك فيها مئات الناشطين، مرددين شعارات تندد بالنظام السوري، وتؤكد استمرار الثورة.

وتأسست "الجمعية العربية"، في مدينة إسطنبول وتعمل من أجل تعزيز التواصل بين الأتراك والعرب، وتنظيم الأنشطة التعليمية والخيرية، وتعزيز الأخوة التركية العربية عبر مختلف المنظمات ذات العلاقة، حسبما ذكرت على موقعها الإلكتروني.

ودعا رائد الفضاء محمد فارس، في البيان الختامي للوقفة، جميع أبناء الشعب السوري إلى الوحدة السياسية والعسكرية والعمل المدني، "فالقوة في الوحدة"، مطالبا بـ"مساندة الشعب السوري وتمكينه من تقديم بشار الأسد وكل من تلطخت أياديهم بدماء الأبرياء للعدالة على ما ارتكبوه من جرائم حرب".

وحث فارس، المجتمع الدولي لـ"الضغط على روسيا لتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن الملف السوري، والإفراج عن المعتقلين والمغيبين"، مخاطبا الشعب السوري، بالقول: "آن الأوان لتحقيق الوحدة الوطنية التي تستند إلى مشروع عمل هو أساس تحقيق النصر وبناء الدولة القوية المتقدمة".

وطالب البيان الفصائل "بالتوحد ضمن جيش وطني سوري حر يساهم مستقبلا في بناء جيش سوريا الوطني"، مشددا على "رفض محاولات إعادة النظام السوري للجامعة العربية (مقعد سوريا مجمد منذ أواخر 2011)، أو أي شكل من أشكال التعاون معه تحت أي مسمى".

وفي السياق ذاته، أكد رئيس الجمعية العربية متين توران، أن "تركيا دولة وشعبا تنظر إلى انتهاء تولي النظام السوري للحكم (هدفها من ذلك)، لينتهي الظلم الذي لحق بالشعب السوري".

واستنكر توران خلال تصريحات صحفية في 13 مارس/آذار 2021 "تهجير وقتل النظام السوري لملايين المدنيين"، متمنيا "خروج المعتقلين وعودة المهجرين إلى بلادهم".