علي بو منجل.. مناضل جزائري اعترفت فرنسا بقتله بعد 65 عاما من رحيله

12

طباعة

مشاركة

بعد نحو 65 عاما من ترويج باريس قصة انتحاره، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن المناضل الجزائري علي بومنجل قتل تحت التعذيب على أيدي جيش بلاده في العاصمة الجزائر.

ففي 2 مارس/آذار 2021، أعلن قصر الإليزيه أن ماكرون اعترف بأن المحامي والزعيم الجزائري علي بومنجل تعرض للتعذيب والقتل على أيدي الجيش الفرنسي قبل 65 عاما.

وقال ماكرون: "علي بومنجل لم يمت انتحارا بل عُذّب وقُتل على يد الجيش الفرنسي عام 1957 خلال معركة الجزائر العاصمة". مؤكدا أن الحديث عن هذه الواقعة سيتوسع ويتعمق خلال الأشهر المقبلة، حتى تتمكن فرنسا من المضي قدما باتجاه التهدئة والمصالحة.

تقرير ستورا

الرئاسة الفرنسية أشارت إلى أن هذا الاعتراف يأتي استجابة لمبادرات أوصى بها المؤرخ بنجامان ستورا في تقريره حول "ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر" التي وضعت أوزارها عام 1962، وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين، وأوصى بالاعتراف بحقيقة الوقائع" من أجل "مصالحة الذاكرة"، حد قوله.

ومع أن هذا الاعتراف، كشف زيف الرواية التي عملت فرنسا على ترديدها طوال أكثر من 6 عقود، إلا أن ماكرون لم يعلن نتيه تقديم الاعتذار للجزائر أو لعائلة بومنجل.

لكنه أعلن نيته اتخاذ خطوات رمزية من شأنها إعادة الاعتبار لنضالهم كنقل رفات بعض المناضلين إلى مقبرة العظماء في (الباتيون) بفرنسا، وإعادة جماجم بعضهم إلى الجزائر، وتخصيص مساحة أكبر لتاريخ البلدين في مناهج التعليم.

أستاذة الطب والناشطة الحقوقية فضيلة بومنجل ابنة شقيق علي بومنجل سبق أن نددت بمحاولة باريس التغطية على جريمة قتل عمّها، واصفة ما جرى بـ"كذب الدولة الهدّام"، وهو الأمر الذي كانت تؤكده عائلة بومنجل على الدوام، من بينها أرملة الراحل.

وفي 23 مارس/آذار 1957، تعرض المناضل علي بومنجل للتعذيب في زنزانة انفرادية ثم القتل برميه من الطابق السادس في إحدى البنايات على أيدي الجيش الفرنسي أثناء حرب التحرير الجزائرية.

جرى ذلك بعد أن كلف الرئيس السابق للاستخبارات الفرنسية في الجزائر بول أوساريس أحد مرؤوسيه بقتل بومنجل والتصريح بأنه انتحر، لتغطية الجريمة، وهو الاعتراف الذي كان قد أدلى به أوساريس لقصر الإليزيه عام 2000.


المحامي الثائر

ولد علي بو منجل في بلدة بغليزان، إحدى بلديات الجزائر ومقر ولاية غليزان في 24 مايو/أيار 1919، لأسرة مثقفة، حيث كان والده محاميا وكذلك أخوه أحمد.

درس تعليمه الابتدائي في المدرسة التابعة لبلدية بلدته بغليزان، ثم انتقل إلى كلية دوفرييه في مدينة البليدة (الورود)، وهناك أتيح له لقاء عدد من الثوار الجزائريين.

حصل على الامتياز في البكالوريا وكان مجتهدا في دراسته ومتأثرا بمسيرة والده الحقوقية، فانتقل فورا لدراسة الحقوق في جامعة الجزائر وما لبث أن تخرج فيها، ليمارس بعد ذلك المحاماة.

أصبح رفيقا للمحامي الفرنسي جاك فيرجس الذي عرف بموقفه في الدفاع عن الثوار الجزائريين ومسلحي جبهة التحرير الوطني أثناء حرب التحرير، بالإضافة لموقفه الداعم للفدائيين الفلسطينيين في عقد الستينيات.

كان بومنجل عضوا في حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي أسسه أول رئيس للحكومة المؤقتة فرحات عباس عام 1946، ونادى باستقلال ذاتي للبلاد دون قطع الصلة مع فرنسا.

وخلال فترة انضمامه للحزب، كان لأبومنجل نشاطا سياسيا وفعالا في التعريف بالقضية الجزائرية والمطالبة بحق السيادة من خلال الأنشطة السلمية على المستوى الخارجي، حيث أسس "المجلس العالمي للسلم"، مع زملائه، ومثل المجلس في مؤتمر باريس عام 1949.

في تلك الفترة، كان بومنجل يتبنى رؤية الحزب في النضال السلمي وعدم المفاصلة التامة مع الجزائر غير أن قناعاته تلك سرعان ما تغيرت، بعد أن أدرك أن ذلك النشاط لن يفلح في إجبار فرنسا على منح الجزائر استقلالها، فانضم إلى المقاومة المسلحة بعد نحو 9 سنوات من انضمامه للحزب.

عائلة قانونية

ولد علي بو منجل في بلدة بغليزان، إحدى بلديات الجزائر ومقر ولاية غليزان في 24 مايو/أيار 1919، لأسرة مثقفة، حيث كان والده محاميا وكذلك أخوه أحمد.

درس تعليمه الابتدائي في المدرسة التابعة لبلدية بلدته بغليزان، ثم انتقل إلى كلية دوفرييه في مدينة البليدة (الورود)، وهناك أتيح له لقاء عدد من الثوار الجزائريين.

حصل على الامتياز في البكالوريا وكان مجتهدا في دراسته ومتأثرا بمسيرة والده الحقوقية، فانتقل فورا لدراسة الحقوق في جامعة الجزائر وما لبث أن تخرج فيها، ليمارس بعد ذلك المحاماة.

أصبح رفيقا للمحامي الفرنسي جاك فيرجس الذي عرف بموقفه في الدفاع عن الثوار الجزائريين ومسلحي جبهة التحرير الوطني أثناء حرب التحرير، بالإضافة لموقفه الداعم للفدائيين الفلسطينيين في عقد الستينيات.

كان بومنجل عضوا في حزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي أسسه أول رئيس للحكومة المؤقتة فرحات عباس عام 1946، ونادى باستقلال ذاتي للبلاد دون قطع الصلة مع فرنسا.

وخلال فترة انضمامه للحزب، كان لأبومنجل نشاطا سياسيا وفعالا في التعريف بالقضية الجزائرية والمطالبة بحق السيادة من خلال الأنشطة السلمية على المستوى الخارجي، حيث أسس "المجلس العالمي للسلم"، مع زملائه، ومثل المجلس في مؤتمر باريس عام 1949.

في تلك الفترة، كان بومنجل يتبنى رؤية الحزب في النضال السلمي وعدم المفاصلة التامة مع الجزائر غير أن قناعاته تلك سرعان ما تغيرت، بعد أن أدرك أن ذلك النشاط لن يفلح في إجبار فرنسا على منح الجزائر استقلالها، فانضم إلى المقاومة المسلحة بعد نحو 9 سنوات من انضمامه للحزب.

قرار النضال

مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 1954، قرر مناضلون جزائريون بدء مسيرة التحرر، فأصدروا بيانا أعلنوا فيه ميلاد جبهة التحرير الوطني ضد الاستعمار الفرنسي ( (5 يوليو/تموز 1830 - 5 يوليو/تموز 1962)، واسترجاع السيادة الوطنية المتمثلة باستقلال الجزائر عبر استخدام جميع الوسائل العسكرية والسياسية.

سرعان ما بدأ العمل العسكري بنحو 1200 مناضل يمتلكون 400 قطعة سلاح وبعض القنابل التقليدية، غير أن القوات الفرنسية المحتلة قابلت الثورة بالقمع والسلاح والاختطاف والقتل لتندلع حرب التحرير بين المناضلين الجزائريين والقوات الفرنسية المحتلة وتدوم نحو 8 سنوات حتى إعلان الاستقلال وتحرير الجزائر عام 1962.

لم تمر سنة واحدة منذ إعلان انطلاق المقاومة الجزائرية، حتى انضم لها المحامي بومنجل، رغم انشغاله بالقضايا الحقوقية والدفاع عن الجزائريين في المحاكم الخاضعة للقوات الفرنسية.

التحق بومنجل بجبهات المقاومة في جبهة التحرير الوطني مع صديقه القديم عبان رمضان، وقاتل في صفوفها لنحو عامين حتى تم إلقاء القبض عليه في معركة الجزائر العاصمة، بعد تدخل القوات الخاصة للجيش الاستعماري لوقف هجمات جبهة التحرير الوطني في 9 فبراير/شباط 1957.

دام اعتقال بو منجل نحو 43 يوما تعرض خلالها لصنوف التعذيب في زنزانة انفرادية ثم صدر أمر من قبل الرئيس السابق للاستخبارات الفرنسية في الجزائر بول أوساريس بتصفيته وقتله عبر رميه من إحدى البنايات في 23 مارس/آذار 1957.

أثناء اعتقاله، كانت هناك محاولات عديدة لتحويله إلى القضاء المدني، إلا أن القوات العسكرية وتحديدا وحدة المظليين رفضت ذلك الطلب وأبقته في قبضتها، تحت قيادة الكولونيل بيجار والكولونيل جون بيار والكولونيل إيرونيل وجرعته صنوفا من التعذيب الجسدي حتى تصفيته في نهاية المطاف.

شجاعة استثنائية

التحفظ عليه من قبل وحدات المظليين وضعه تحت تصرف الاستخبارات الفرنسية التي أمرت بقتله، يشير إلى أن الرجل كان ذا أهمية بالنسبة للمحتل الفرنسي.

وهو الأمر الذي أشار إليه المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا عندما قال عام 2000 إن "بومنجل كان رجلا ذا شجاعة استثنائية. احتجز في الحبس الانفرادي وتعرض للتعذيب لمدة 43 يوما، ولم يتكلم، بعد اعتقاله في معركة الجزائر الرهيبة في فبراير ومارس عام 1975".

وفي 2011، كتبت المؤرخة الجزائرية الباحثة في معهد "تاريخ الزمان الحاضر" و"المركز الوطني للبحث العملي" كتابا عن بومنجل بعنوان (بومنجل .. قضية فرنسية وتاريخ جزائري) تناولت فيه المسار النضالي للمناضل الراحل.

وزارت الدكتورة رحال المبنى الذي تم رمي بومنجل منه في شارع علي خوجه بمنطقة الأبيار والتقطت صورا للمبنى وشككت برواية انتحاره، برغم التقارير التي وردت حينها على أنه انتحر.