مناف طلاس.. صديق بشار الذي انشق عنه إبان الثورة والمرشح لخلافته

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

قبل اندلاع الثورة السورية بسنوات، كان يهمس في الأوساط العسكرية بأن مناف طلاس، سيكون وزير الدفاع القادم في سوريا لكن الثورة غيرت المعادلة، ووضعته على طرفي نقيض من النظام الذي خدمه وعائلته لسنوات طويلة. 

مطلع فبراير/ شباط 2021، انتشرت أخبار على نطاق واسع في عدد من وسائل الإعلام العربية، عن تشكيل مجلس عسكري سوري يستعد لحكم البلاد في مرحلة ما بعد بشار الأسد.

مؤخرا، تم تداول تسريبات عن مقترح تقدمت به كل من منصتي القاهرة وموسكو إلى روسيا، ويتكون من ضباط من المعارضة والنظام يترأسه العميد مناف طلاس، لقيادة المرحلة الانتقالية.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن دور قادم لطلاس الذي غادر البلاد عام 2012، بعد انشقاقه عن جيش النظام، بل سبق وصرح طلاس منتصف عام 2020، بأنه لا بد من تشكيل مجلس عسكري سوري توافقي، لتولي ضمان تطبيق القرار الدولي 2254، ويتولى جمع السلاح غير الشرعي.

عائلة سنية

في واحدة من أكبر العائلات السنية السورية، التي خدمت نظام حافظ الأسد (العلوي) لسنوات طويلة، ولد مناف مصطفى طلاس، في مدينة الرستن عام 1964، وتخرج من المدرسة الحربية في حمص.

والده العماد أول (رتبة عسكرية) مصطفى طلاس، ضابط بالجيش السوري وعضو بحزب البعث، ثم أصبح لاحقا وزيرا للدفاع ورئيسا لأركان الجيش ومن أقرب المقربين للرئيس حافظ الأسد.

خاض مع الأسد انقلاب الحركة التصحيحية عام 1970، والتي بفضلها استمر في منصبه حتى تقاعد في مايو/ أيار 2004، بعد 32 سنة من خدمة النظام،  وبذلك نشأ مناف في كنف عائلة الأسد. 

كان مناف مقربا من باسل الأسد، أكبر أبناء حافظ الأسد وولي عهده حتى وفاته في حادث سيارة عام 1994، ومن بعده صار صديقا لبشار وواحدا من زمرته، ووصفه بشار بـ"الأخ والزميل والصديق".

فراس طلاس شقيق مناف، هو رجل الأعمال الذي كان يشرف على مجموعة "من أجل سوريا" المتخصصة في إمداد الجيش بالمواد الغذائية والملابس والأدوية.

أما شقيقته ناهد طلاس، هي امرأة ثرية كونها أرملة الملياردير وتاجر السلاح السعودي أكرم عجة، تتمتع بشخصية مؤثرة وتعيش في فرنسا منذ أكثر من 3 عقود.

اعتادت أرملة الملياردير السعودي على إقامة حفلات العشاء الفاخرة لأبرز رجال الأعمال والسياسيين والمثقفين في فرنسا، وفي عام 2006 نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية ملفا خاصا عنها تحت عنوان "حفلات عشاء مدام عجة".

وصفتها الصحيفة بالمرأة العصرية التي درست الفلسفة والعلوم السياسية، وتستثمر جزء من ثروتها، التي تزيد عن 61 مليون دولار، في ترميم الآثار وتجميع الأعمال الفنية.

عهود الولاء

سطع نجم مناف طلاس بقوة، عقب وفاة حافظ الأسد عام 2000، وتصعيد نجله بشار ليصبح رئيسا للجمهورية، وأصبح صديقه طلاس الساعد الأيمن له، حيث تمت ترقيته عضوا داخل اللجنة المركزية لحزب البعث الحاكم. 

لعب مناف أيضا دور الوسيط لمساعدة بشار في توسيع دائرة داعميه من التجار السنة الذين كانوا يشعرون بالغبن دائما أمام سطوة العلويين، وحاول طلاس أن يقنعهم بالولاء لبشار، وفي عام 2005 شدد على أن الأسد هو أفضل أمل للإصلاح.

رقي طلاس إلى رتبة فريق بنجمة واحدة في وحدة الحرس الجمهوري، وهي إحدى الرتب العسكرية التي استخدمت لسحق المظاهرات التي اندلعت إبان الثورة في 15 مارس/ آذار 2011.

كان طلاس هو قائد اللواء 104 (نفسه كان تحت قيادة بشار الأسد قبل أن يصبح رئيسا)، وموقعه في الدومة وحرستا، برفقة العميد عصام زهر الدين (قتل عام 2017 أثناء المعارك في دير الزور).

حاول مناف طلاس احتواء المظاهرات في بدايتها، وكان من أوائل المسؤولين الحكوميين الذين اجتمعوا بالمعارضة في مارس/ آذار 2011، وقام بتحركات ميدانية في مناطق دوما و‌درعا و‌التل و‌حمص، بالإضافة إلى بلدته الرستن، قبل أن يخضع للإقامة الجبرية في مايو/ أيار 2011، بأمر مباشر من بشار.

انشقاق رسمي

في 17 يوليو/ تموز 2012، أعلن الرئيس الفرنسي (آنذاك) فرانسوا أولاند، أن "مناف طلاس جاء إلى باريس، ويعيش مع زوجته وابنه هناك"، ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية وقتها هيلاري كلينتون، هذا الانشقاق "بالإشارة القوية على أن المقربين من نظام بشار الأسد قد بدأوا في الرحيل".

وفي 24 يوليو/ تموز 2012 خرج طلاس، عبر فيديو بثته قناة العربية السعودية، ليعلن رسميا انشقاقه عن الجيش النظامي، بعد هروبه إلى تركيا ومنها إلى فرنسا، ووجه دعوة عامة لكل الشرفاء لخدمة سوريا ما بعد الأسد، وبناء نظام حر وديمقراطي.

أحدث انشقاق مناف دويا واسعا في الأوساط السورية والدولية، أولا لرتبته العسكرية الرفيعة، ولكونه من أهل الحظوة لدى الأسد، وكان صديقا مقربا منه.

وذكرت صحيفة الشرق الأوسط، أن من التداعيات المباشرة للحدث، انشقاق 1700 ضابط في الجيش، من بينهم 54 من عائلة طلاس، وينحدرون من منطقة الرستن التي كانت توصف بـ"خزان" الرتب العسكرية في الجيش.

البعض أرجع انشقاق طلاس للحملة الدامية على مسقط رأسه في بلدة الرستن، بينما اعتبرت مصادر أخرى أن الانفصال بينه وبين النظام حدث خلال العملية الدامية على حي بابا عمرو في مدينة حمص خلال مارس/آذار 2012، ورفضه قيادة الوحدة التي هاجمت الحي وارتكبت مذبحة مروعة.

طرح متأخر

بدأ الحديث عن دور مستقبلي لمناف طلاس مبكرا، ففي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، نشر مركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط، تقريرا، قال فيه: "منذ انشقاقه كشخصية قيادية محتملة في المعارضة، أثيرت تكهنات تفيد أنه قد يضطلع بدور قيادي واضح في الجيش السوري الحر، وحتى بسوريا في مرحلة ما بعد الأسد".

وأضاف: "يرى بعض المراقبين أن موقع طلاس في النظام القديم وعلاقة أسرته بأسرة الأسد يجعلانه أكثر قبولا لحليفي النظام الدوليين الرئيسين وهما إيران وروسيا".

 ومع ذلك يتموقع مناف طلاس في موقع مرفوض لدى قطاعات واسعة من المعارضة، لعدد من الاعتبارات على رأسها تاريخه وعائلته في خدمة نظام الأسد، وثروتهم الطائلة المشكوك في نزاهتها.

وفي عام 2013، تم تداول أنباء عن أن "طلاس مرشحا لقيادة الجيش الجديد الذي يعتزم إنشاءَه الائتلافُ الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وأنه اجتمع مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين في الأردن".

وفي 10 فبراير/ شباط 2021، وصف المفكر السوري محيي الدين لاذقاني طرح مناف طلاس لقيادة مجلس عسكري، بـ"الطرح المتأخر"، قائلا: "سوريا لا تحتاج مزيدا من العسكرة".