بنات كوباني.. رواية يتبناها "آل كلينتون" تثير صدى واسعا في تركيا

12

طباعة

مشاركة

أثيرت ردود فعل واسعة في تركيا، بعد شراء شركة أسستها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون وابنتها تشيلسي، حقوق رواية تتحدث عن الفتيات الكرديات في منطقة عين العرب شمال غربي سوريا.

ووفق مقال نشرته وكالة الأناضول التركية، فإن شركة "HiddenLight Production" اشترت حقوق رواية "بنات كوباني: قصة تمرد وشجاعة وعدالة" للكاتبة غايل تزيماش ليمون.

وبحسب الباحثين في مركز دراسات الشرق الأوسط "أورسام"، إبراهيم أيدن وإسماعيل نعمان تيلجي، فإن الكتاب الذي نشر في 16 فبراير/شباط 2021، سيتحول إلى مسلسل يحتوي على تقارير ميدانية ومقابلات مع "المليشيات الكردية" المتشكلة من النساء فقط واللواتي حاربن ضد تنظيم الدولة في سوريا. 

وأثار تصريح كلينتون بشأن القصة، بأنها "غير عادية لنساء شجاعات ومناضلات يقاتلن من أجل العدالة والمساواة" ردود فعل كبيرة.

إستراتيجية ناجحة

وذكر الباحثان أن العديد من المؤلفين والناشطين ووسائل الإعلام المختلفة المهتمين تحدثوا عن الرواية من الدعم العسكري والاحترام الذي نالته بطلات الرواية من القوات الخاصة الأميركية لهزيمتهن تنظيم الدولة و"الثورة" التي حققنها في قضية حقوق المرأة.

قد تكون حقائق مثل موقف المجتمع الدولي العام من القضية وحقيقة كونه حدثا جديدا وجودة محتواه وإعداده بشكل جذاب، عوامل مؤثرة في كل هذه التعليقات، يقول المقال.

وشرح الباحثان ذلك بالقول: "يلاحظ أن هناك محاولات لإنشاء تصور بأن وحدات حماية المرأة أحد العناصر الفاعلة الرئيسة في مكافحة تنظيم الدولة في سوريا". 

لكن وبالنظر إلى حقيقة أن التشكيل النسوي في وحدات حماية الشعب الكردية يعتبر امتدادا لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في سوريا، فإن الأمر له معان مختلفة. 

وتابع المقال: ستساهم هذه التصريحات في الجهود المبذولة منذ البداية لإضفاء الشرعية على التنظيم، وذلك في إطار القبول بأن حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب هيكل مستقل عن حزب العمال الكردستاني (المصنف إرهابيا في أوروبا وأميركا وتركيا).

ويقول الباحثان: كما يعد طرح هذه القضية على جدول الأعمال في الوقت التي تولى فيها الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة والذي يعيد فيه النظر في سياساته الخاصة بالمنطقة ليدل على إستراتيجية واعية. 

وهنا من المفيد تقييم خطاب سابقه دونالد ترامب "الذي خذل المقاتلين الأكراد الذين هزموا تنظيم الدولة" أيضا.

وأردف الباحثان: "لن يكون من الواقعي أن نقول إن إبراز المرأة بشكل خاص في هذه المرحلة كان من قبيل المصادفة".

 فبالإضافة إلى كونها خطابا يملك تأثيرا قويا على الساحة الدولية، فإن قضية حقوق المرأة تبرز باعتبارها واحدة من أكثر القضايا أهمية في الفترة الأخيرة. "فلا تزال قضية العنف ضد المرأة حديثة في بلادنا".

أما على الصعيد الدولي، فإن حركة "أنا أيضا" التي بدأتها الناشطة الاجتماعية الأميركية تارانا بورك في عام 2006 وأعادت استخدامها أليسا ميلانو في عام 2017 ، والتي تهدف للتوعية بحقوق المرأة ما زالت مؤثرة وخاصة في الدول الغربية.

ويتساءل الكاتبان: لكن هل هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها أعضاء من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية المرأة في الإعلام الغربي؟ بالطبع لا. 

فقد ركزت العديد من المجلات والصحف الشهيرة من أميركا وأوروبا، بالإضافة إلى العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية على مقاتلات وحدات حماية المرأة كما تم طرح هذه القضية مؤخرا من قبل المسؤولين الأميركيين أيضا.

فقد قال العقيد واين ماروتو، المتحدث الرسمي باسم "عملية العزم الصلب" التي شكلها التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا نيابة عن قوات القيادة المركزية الأميركية في رسالة شاركها على تويتر: "اليوم يوم تحرير كوباني (عين العرب)؛ لقد حررها المقاتلون الأكراد في 26 يناير/كانون الثاني 2015".

وأضاف أن التحرير جاء "بدعم جوي من عملية العزم الصلب، وأظهروا (المقاتلون الأكراد) أن تنظيم الدولة لم يكن منيعا. نهنئ الأكراد على إظهار مثل هذه الشراكة الموثوقة".

واجهة جديدة

وعلى ما يبدو، فإن نساء وحدات حماية المرأة يمثلن "الواجهة الاستعراضية" الجديدة لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، وهذا يتناسب تماما مع تصور الغرب وموقفه من المرأة، بحسب المقال.

 ويمكن تفسير حقيقة جذب الانتباه إلى وحدات حماية المرأة وبالتالي على وحدات حماية الشعب من خلال كتاب "بنات كوباني"، والذي لم يُذكر فيه حزب العمال الكردستاني، بهدف إضفاء الشرعية. 

واستدركا: "وفي الواقع، كانت وحدات حماية الشعب قادرة على إبراز نفسها في الحرب الأهلية السورية من خلال التنظيم السياسي والعسكري الذي بنته عن طريق حزب العمال الكردستاني من قبل، كما استغلت الفرصة لإبراز نفسها على الساحة الدولية بعد مشاركة الجهات الفاعلة العالمية في الحرب".

ولفتا إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب تمكنت من فتح مكاتب تمثيل سياسي في العديد من الدول الأوروبية وكذلك في أميركا باعتبارها "أحد الفاعلين الرئيسين في القتال ضد تنظيم الدولة" نتيجة للدعم الذي تتلقاه.

وكما هو معروف، صنفت الولايات المتحدة حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية ووعدت بملايين الدولارات كمكافآت للقبض على قادة التنظيم، كما أدرجت بعض رؤساء التنظيم في قائمة "مهربي المخدرات المفروض عليهم عقوبات"، يقول الكاتبين.

وتابعا: مع ذلك، فهي لا تصنف حزب الاتحاد الديمقراطي، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب (الجناح المسلح للأخير)، كمنظمة إرهابية".

 ويمكن القول إن الولايات المتحدة بحاجة إلى وحدات حماية الشعب وهياكلها الفرعية في المنطقة من حيث أهدافها قصيرة المدى فيما يتعلق بالحرب في سوريا والتطورات في العراق.

ومع ذلك، من الواضح أيضا أنه من المستحيل أن تحقق واشنطن هذه الأهداف من خلال حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره منظمة إرهابية كما تفعل بعض الدول الغربية وكذلك العديد من المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي. 

كما أنه وبالنظر إلى العلاقات الظرفية لحزب العمال الكردستاني مع إيران وروسيا من الملاحظ أنه يفضل استبدال الحزب بهيكل شرعي يمكنه استخدام جميع كوادره وخدماته اللوجستية وشبكاته المرتبطة به.

ويرى الباحثان أنه يجب معرفة أن الولايات المتحدة تعامل ـ بإصرار ـ كل من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب كهيكلين منفصلين، مما يساهم في إضفاء الشرعية على حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب. 

لكن الولايات المتحدة ستدفع ثمن تحسين صورة وحدات حماية الشعب، التي أثبتت عشرات التقارير الرسمية ارتكابها لجرائم حرب في سوريا، وأنها امتداد لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، وفق المقال. وسيأتي هذا الثمن عبر تشويه تلك الوحدات صورة واشنطن بأفعالها.

وهناك أمر آخر يجب معرفته، وهي قضية المقاتلين الإرهابيين الأجانب. فليس تنظيم الدولة فقط من يضم عناصر منهم. لذا لا يجب أن نهمل حقيقة أن وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية التي تقودها تحتوي أيضا على عدد كبير من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وجزء كبير منهم قادم من أوروبا، بحسب الكاتبين

ولفتا إلى أن "دعم الولايات المتحدة المباشر وغير المباشر لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية يشكل تهديدا صريحا للمنطقة والإنسانية ولتركيا خصوصا، حليفها في الناتو (حلف شمال الأطلسي).

ويختم الكاتبين مقالهما قائلين: إن قتل 13 مواطنا بريئا أعزلا في 14 فبراير/شباط 2021 بوحشية بعد خطفهم من تركيا واحتجازهم في معسكرات إرهابية شمال العراق، أظهر لمرة أخرى ضرورة إنهاء وجود منظمة حزب العمال الكردستاني (بي كا كا) وامتداداته في المنطقة بشكل نهائي. 

وبما أن تركيا حشدت جميع مواردها في هذا الاتجاه، فإنها تتوقع دعما من حلفائها مثل الولايات المتحدة، وفق المقال.