أفلام ومسلسلات.. هكذا ألهمت حروب الشرق الأوسط صنّاع السينما حول العالم

12

طباعة

مشاركة

ترى صحيفة إسبانية، أن اضطرابات الشرق الأوسط جعلته كالبلقان سابقا (حرب البوسنة 1992)، إذ بات ينتج قصصا أكثر مما يمكن استيعابه، عن أحداث سياسية لا تنتهي.

وقالت صحيفة "البايس": "وصلت الحروب في أكثر المناطق اضطرابا في العالم إلى المنصات الرقمية بأعداد غفيرة. وتقدم جميع هذه المنصات تقريبًا حاليًا مسلسلات تدور أحداثها في منطقة الشرق الأوسط".

أعمال متفرقة

ويتنوع هذا الإنتاج من السلسلة الاستثنائية "وادي الدموع" على منصة اتش بي أو، وهو من إنتاج إسرائيلي حول حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973؛ ومسلسل "بغداد سنترال" على منصة موفيستار، حول ضابط شرطة عراقي بعد الغزو الأنجلو أميركي عام 2003.

وصولا إلى فيلم "الموصل" المحير على منصة نتفليكس، وهو إنتاج أميركي تم تصويره باللغة العربية (في الواقع، باللهجة العراقية)، حول معركة السيطرة على المدينة في شمال العراق على يد تنظيم الدولة. 

وخلال المشاهد الأولى من هذا الفيلم، يعدم الطرف الذي يعتبر من الناحية النظرية "الصالحين" دون أي تفكير من يعتبرون "إرهابيين". كما يعرض الفيلم مشاهد الخراب الذي عانت منه مدينة الموصل. 

وأضافت البايس أنه في العراق أيضًا، وتحديدا في كردستان، تدور أحداث "نو مانز لاند"، وهو مسلسل فرنسي مثير للاهتمام يصور، من ناحية، حياة المتعصبين الأوروبيين الذين ينضمون إلى تنظيم الدولة، ومن ناحية أخرى، الأجانب الذين ينضمون إلى الألوية الدولية التي تشكلت داخل المليشيات الكردية، بحضور كثيف للعنصر النسائي، وتحديدا لمحاربة الإرهابيين. 

في الآن ذاته، يروي مسلسل "طهران" على منصة أبل بلس قصة عميل المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في العاصمة الإيرانية. 

وعموما، لا يمكن أن يكون هذا الإنتاج أكثر من مادة مواكبة للأحداث بعد اغتيال العالم النووي الإيراني البارز (محسن فخري زاده) في ديسمبر/كانون الأول 2020.  

وعلى الرغم من أن كابول ليست جزءًا جغرافيًا من الشرق الأوسط، إلا أنه يمكن تضمين المسلسل النرويجي "نوبل" على منصة فيلمين في هذه المجموعة، لأن أحداثه تدور خلال فترة ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. وتبدأ قصة المسلسل بمهمة عسكرية أميركية في أفغانستان.  

وأوضحت الصحيفة أن هذه المسلسلات والأفلام أظهرت مرة أخرى قدرة الخيال التلفزيوني على إزاحة الستار عن حقائق الحاضر، في الوقت الذي يرسمون فيه صورة قاطعة وناقدة حول التاريخ الحديث.

وتفسر هذه الحقيقة بكون هذا الإنتاج السينمائي والتلفزيوني يمكن أن يكون في مجمله وصفا للصراعات التي ابتليت بها المنطقة منذ السبعينيات. ويمكن اعتباره أيضا سردا للصراع من أجل الهيمنة وتضارب المصالح الدائر في الشرق الأوسط خلال القرن الحادي والعشرين. 

من ناحية أخرى، يمثل هذا الإنتاج مثالا حيا على التنوع المتزايد الذي توفره هذه المنصات، من حيث المواضيع، والبلدان المنتجة، والممثلين واللغات.

صراعات المنطقة

ونوهت الصحيفة بأن وادي الدموع، تنطلق أحداثه عشية السادس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1973. وبحسب هذا السيناريو، شنت مصر وسوريا حربهما ضد إسرائيل. 

وخلال أيام قليلة، وجدت القوات الإسرائيلية نفسها في وضع خطير للغاية. كما أنه على مدار عشر حلقات، يروي المسلسل قصة المعركة الشهيرة في مرتفعات الجولان، ويرسم أيضًا صورة الدولة العبرية التي بدأت تهتم بالأمن، تاركة كل شيء وراءها.  

وأضافت الصحيفة أن جزءا فرعيا من المسلسل يروي الانقسامات الهائلة بين اليهود الشرقيين، الذين قدموا إلى إسرائيل من الدول العربية والذين يشعرون بالتهميش، والأشكناز، الذين أتوا من أوروبا الشرقية، والذين يتهمونهم بأنهم يحظون بنوع من التمييز في الدولة العبرية.  

في هذا المعنى، أوضحت آنا كارباجوسا، في كتابها "قبائل إسرائيل"، أن "الانقسام بين الأشكناز والمزراحيين (اليهود الشرقيين) كان واضحا عندما يتعلق الأمر بتجميع ملايين اليهود الذين وصلوا إلى تل أبيب طوال تاريخها القصير".  

عموما، كل هذا التنوع موجود في "وادي الدموع" من خلال الجنود الذين فوجئوا باندلاع الصراع: في أعماقه هو صورة للمجتمع الإسرائيلي أكثر منه قصة حرب. 

وأشارت الصحيفة إلى أن "بغداد سنترال"، وهو مسلسل بريطاني يؤدي بطولته الممثل الأميركي من أصل فلسطيني، وليد زواتير، يتجاوز في طرحه مسائل أبعد من نهجه البوليسي. 

ويبدأ "بغداد سنترال" كفيلم تشويقي مذهل، يحقق فيه شرطي عراقي في قضية اختفاء ابنته في بغداد خلال فترة الاحتلال الأميركي.

خلال هذا العمل الفني، صُوّرت المدينة بشكل مثالي، ليس فقط معماريا، ولكن أيضًا من حيث الأجواء المتوترة للأشهر الأولى بعد نهاية الحرب في العراق، والتي بدا فيها أن كل شيء سينفجر وفي أي لحظة.  

وتتطرق خلفية القصة إلى التحركات المستمرة للقوات الأميركية والتوترات المتزايدة مع السكان المدنيين، ومشاكل بقاء أولئك الذين هربوا من الديكتاتورية، لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة غارقين في وضع أكثر تعقيدًا وخطورة على نحو متزايد. 

وبشكل عام، يصور المسلسل أيضا الفساد الذي انتشر في ظل الاحتلال الأميركي للعراق.

وتحكي "نو مانز لاند والموصل" استمرار هذه القصة المحزنة بعد كارثة الغزو، عندما أصبح العراق ساحة معركة بين أنصار تنظيم الدولة، الذين استقطبت أراضيهم (التي سيطروا عليها) آلاف الشباب من جميع أنحاء العالم في ظل وعد بـ"خلافة جديدة"، والتي لم تكن أكثر من نظام قاتل؛ وبين شق آخر مستعد للانضمام إلى المقاتلين الأكراد في حربهم ضد التنظيم. 

أما الجانب الأكثر إثارة للاهتمام فيكمن في كيفية تمكن هذا الإنتاج التلفزيوني والسينمائي، من خلال الشخصيات الجيدة، والإنتاج الدقيق، وإعادة التمثيل القوي؛ من تقريبنا من الصراعات التي تكون بعيدة جغرافيًا.