قوة معارضة.. موقع روسي يرصد صعود نجم أول حزب إسلامي في الهند
يتطرق موقع "صوت الإسلام" الروسي، إلى خلفيات ومستقبل حزب "مجلس عموم الهند لاتحاد المسلمين" (AIMIM) وتمدد قوته بين المجتمعات الإسلامية في الهند، وذلك من خلال اقتباسه من تقرير بث على قناة "الجزيرة" القطرية.
وذكر الصحفي والكاتب المتخصص في شؤون شرق آسيا والشرق الأوسط، "يعقوب هدجيتش"، أنه "في السنوات الأخيرة بدأ حزب المجلس (تأسس منذ 1927)، يكتسب أصواتا لدى الناخبين في عموم الهند".
صعود ملحوظ
وأوضح هدجيتش أن "المجلس ولعقود من الزمان، كان محصورا في مدينة حيدر أباد الجنوبية في ولاية تيلانغانا، ولكنه تمكن في السنوات الأخيرة من التسلل والوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلمون، مستغلا إحباطات المسلمين وحرمانهم من التمثيل السياسي".
ويعزى ذلك أيضا، كما يحلل المقال، إلى قرارات الحزب الحاكم، حيث إنه ومنذ وصوله إلى السلطة عام 2014، أصدرت حكومة رئيس الوزراء "ناريندرا مودي"، كجزء من أجندتها القومية الهندوسية، العديد من القوانين واللوائح التي يقول منتقدوها إنها تمييز ضد المسلمين.
وفي العام الماضي، أثار "قانون المواطنة" المثير للجدل الذي قال نشطاء: إنه يتعارض مع الدستور العلماني للبلاد، وشهدت البلاد -ردا على اعتماد القانون- مظاهرات صاخبة في عموم البلاد، غالبها من المجتمع المسلم.
كما ألغت حكومة "مودي"، الحكم الذاتي عن كشمير المتنازع عليه في أغسطس/آب 2019.
وشهدت البلاد حالات غضب ضد الأحزاب المعارضة أيضا، من بينها "المؤتمر الوطني الهندي"، الذي يصوت عليه المسلمون تقليديا، بالتزام الصمت في القضايا الرئيسة، التي تهدد المجتمع المسلم -كأكبر أقلية في الهند-.
"مدثر نزار"، أحد الناخبين الذي أدلى بصوته لصالح الحزب "المؤتمر" في ولاية بيهار، قال: "عائلتي كانت تصوت تقليديا لأحزاب المعارضة العلمانية، ولكن بالانتخابات الأخيرة في الولاية، صوتوا بدلا من ذلك لحزب (مجلس عموم الهند) الذي يدافع عن حقوق المسلمين والفئات المهمشة الأخرى".
وأشار إلى أن "هناك شعورا في المجتمع (المسلم) بأن أحزابا علمانية مثل المؤتمر (الهندي) خانت المسلمين".
من جانبه، قال الصحفي ماجد علم: "عندما يتنافس كل حزب علماني مزعوم، لإثبات نفسه باعتباره حاملا لهموم الأغلبية، يحدث تجاهل مقصود وغير مبرر لمحنة المجتمعات المهمشة، فمن الطبيعي أن نرى صعود حزب يركز على محنة مجتمع معين".
وأضاف: أنه "خلال الحملة الانتخابية في ولاية بيهار، تجنب المؤتمر الوطني وحليفه الإقليمي راشتريا جاناتا دال (RJD)، إثارة القضايا المتعلقة بالمسلمين".
وأكد "علم" أن هذه الأسباب "دفعت بعض الناخبين المسلمين، لتقديم الدعم الكامل إلى حزب (AIMIM) الذي تحدث بصراحة عن مشاكلهم".
قيادات الحزب
وأوضح الكاتب هدجيتش أن "قيادة حزب المجلس هي بيد أسد الدين أويسي، البرلماني لأربع ولايات، والمعروف بخطاباته القوية في البرلمان، وكذلك على شاشات التلفزيون، وقد أصبح مدافعا بارزا عن قضايا المسلمين في البلاد".
وأضاف: أن "أويسي البالغ من العمر 51 عاما، يواجه بشراسة خصومه في الأخبار التلفزيونية، وهو يرتدي زي الشرواني (سترة طويلة تقليدية يرتديها مسلمو جنوب آسيا) وقلنسوة".
من جانبه، قال المتحدث باسم "AIMIM"، فاريس باتان: "لقد طرحنا أسئلة حول الظلم ضد جميع الأقليات، بمن فيهم المسلمون، والناس يدركون ويشعرون بجديتنا في حمل القضية، والآن بدأ هذا يظهر في خطابات حملتنا".
وأضاف: "في الانتخابات الأخيرة (في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2020)، فاز الحزب بأكثر من 500 ألف صوت مقارنة بانتخابات الولاية عام 2015. عندما حصل بالكاد على 80 ألف صوت ولم يفز بأي مقاعد".
"أفيناش كومار"، الأستاذ المساعد للدراسات السياسية في جامعة "جواهر لال نهرو" (JNU) في نيودلهي، يقول للجزيرة: "بعض الجماعات الإسلامية في البلاد رأت أن تدعم وتتحول إلى مجلس عموم الهند لاتحاد المسلمين، لأنهم يرون أنها قوة معارضة يمكن أن تمثلهم سياسيا".
كما يقول بعض المحللين: "إن (المجلس) هو أول جماعة سياسية إسلامية بعد الاستقلال تتمتع بتمثيل على مستوى البلاد، رغم أن الغالبية العظمى من المسلمين ما زالوا يصوتون لأحزاب المعارضة".
التمثيل السياسي
وفي سرده للتغييرات في التمثيل السياسي للمسلمين بالهند، قال الكاتب هدجيتش: إن "المجلس (AIMIM) تمكن من تأمين 5 مقاعد برلمانية في ولاية بيهار، التي تضم عددا كبيرا من السكان المسلمين".
فيما يقول السكان: إن "أحزاب المعارضة العلمانية في الهند تجاهلت هذه المنطقة الفقيرة المحصورة بين نيبال وبنغلاديش منذ عقود"، ويتهمون "الأحزاب العلمانية" بأنها لا تتجرأ حتى في الحديث عن قرارات الحكومة الحاكمة ضد الأقليات، ناهيك عن معارضتها.
من ناحية أخرى، أكد هدجيتش أن "مجلس عموم الهند لاتحاد المسلمين، كان عالي الصوت جدا ويبدو أنه فاز بثقة المجتمع".
وأشار إلى أن مسلمي الهند، الذين يشكلون 14 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة، أصبحوا مهمشين بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، حيث يعانون من نقص التمثيل السياسي، ولأول مرة في التاريخ، لن يكون هناك وزير مسلم في حكومة ولاية بيهار الجديدة.
وقال رئيس الشباب في "المجلس" ببيهار، عادل حسن آزاد: إن "الهدف هو بالتأكيد حضورنا في عموم الهند، وأن بيهار ليست انحرافا عن القاعدة، لقد قمنا بتحسين أدائنا أينما نشارك، ففي ولاية ماهاراشترا العام الماضي، قمنا بزيادة حصتنا في التصويت بشكل كبير وحصلنا على مقعدين".
ولفت الكاتب إلى أنه "حاليا، من بين 543 عضوا في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، 27 فقط (أقل من 4 في المئة) هم من المسلمين، بزيادة 4 عن انتخابات 2014، عندما كان عدد المسلمين هو الأدنى منذ 40 عاما".
العلاقة مع المعارضة
وقال هدجيتش: إن "حزب AIMIM اتهم المعارضة في الهند بعدم معارضة أجندة مودي القومية الهندوسية، بسبب المكاسب أو السياسات الانتخابية المختلفة، ولم تخرج هذه الأحزاب علانية؛ احتجاجا على قرارات الحكومة التي تتعارض مع القيم الأساسية للدستور (الهندي)".
وبذلك، يعتقد زعيم "المجلس" والمتحدث باسم الحزب، عاصم وكار أن "الحزب بديل ليس فقط للمسلمين أو للأقليات المهمشة بل لعموم المجتمع الهندي ككل".
وأوضح وكار: "لا نقدم أنفسنا (حصريا) كحزب مسلم، لقد تمكنا من الفوز بمقاعد حتى في المناطق التي يشكل فيها السكان الهندوس أغلبية ونسبة المسلمين منخفضة للغاية".
واستكمل هدجيتش سرده، أنه في انتخابات ولاية بيهار، انضم الحزب إلى حزبي "باهوجان ساماج" (BSP) و"راشتريا لوك سامتا" (RLSP)، اللذين يمثلان مختلف الطوائف المهمشة غير المسلمين.
كما شكل "المجلس" تحالفا مع حزب "داليت" في ولاية "ماهاراشترا" خلال الانتخابات العامة عام 2019. وفاز بمقعد برلماني خارج معقلها في "حيدر أباد" لأول مرة.
واعتبر محللون سياسيون أن "صعود مجلس عموم الهند لاتحاد المسلمين كان ممكنا إلى حد كبير من خلال كاريزما أويسي، التي استحوذت على خيال الناخبين المسلمين خاصة الشباب منهم".
وقال الأستاذ المساعد للصحافة في جامعة "عليا" بمدينة كولكاتا الشرقية، محمد رياز: إن "مظهر أويسي وأسلوبه ولغته لا مثيل لها عند أي من معاصريه، وكان هذا عاملا هائلا في بروز المجلس".
في الوقت نفسه أشار هدجيتش إلى أن "بعض أحزاب المعارضة تتهم المجلس بتقسيم أصوات المسلمين، وبالتالي تقوم بشكل غير مباشر بمساعدة حزب بهاراتيا جاناتا (حزب مودي)".
وختم هدجيتش مقاله بالقول: إن "حزب مجلس عموم الهند لاتحاد المسلمين، بتجاهله للانتقادات، يستعد الآن للانتخابات المقبلة في ولاية البنغال الغربية، حيث يشكل المسلمون 27 في المئة من مجموع السكان".