مؤتمر دولي: هكذا تحاول تركيا إصلاح الأمن وتحقيق الاستقرار في ليبيا
تحدثت صحيفة تركية عن قضية "إصلاح قطاع الأمن" في ليبيا، في خضم عملية سياسية تقودها الأطراف المتنازعة من أجل الحوار والاتفاق على تشكيل حكومة جديدة.
وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني، شارك وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني، صلاح الدين النمروش، ونظيره التركي، خلوصي أكار، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، في مؤتمر دولي افتراضي، بشأن إصلاح قطاع الأمن هناك.
وعقد المؤتمر مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”، المقرب من دوائر صنع القرار في أنقرة، ويُعتمد عليه في تحليل وفهم القضايا المتعلقة بالسياسات الخارجية التركية والدولية.
وجمع المؤتمر الدولي خبراء من ليبيا، إضافة إلى أعضاء أكاديميين من تركيا وأوروبا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية.
وناقش المؤتمر الافتراضي مجموعة المتطلبات الأساسية والتحديات بشأن إصلاح قطاع الأمن الأساسي لليبيا.
تحول مرتقب
وقال الكاتب في صحيفة "صباح" التركية، برهان الدين دوران في مقال: "دعونا نذكركم بأن منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي عقد في تونس في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، كان قد اتخذ قراره بالذهاب إلى الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021 في جولته الأولى، أي بعد 13 شهرا".
ورأى أن هذا يمثل نقطة تحول مهمة في الأزمة الليبية، بينما يبدو أنه من الواضح أن عملية دمج المؤسسات هشة.
ولذلك، يعتقد الكاتب أن قطاع الأمن هو جزء من الجمهور والدولة، قائلا: "يجب إيجاد حل شامل للوضع الهش في ليبيا، وذلك من خلال نهج بناء الدولة الذي يشمل إصلاح الإدارة العامة وقطاع الأمن، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، لا يمكن تنفيذ ذلك دون تحليل الوضع الراهن".
ومن المتوقع أن تستمر حكومة فايز السراج في البقاء حتى موعد الانتخابات الذي يوافق وأن يكون يوم استقلال البلاد أيضا.
ولم يتضح بعد شروط المشاركة في الانتخابات، وأي الأحزاب يمكن أن تشارك، ومن هم اللاعبون في هذه الانتخابات. كما لم يتحدد بعد ما إذا كان الاستفتاء على الدستور سيجري قبل الانتخابات أو بعدها.
ويؤكد الكاتب: "يجب أن تتم عملية الانتقال السياسي بطريقة لا يبرز فيها القادة الاستبداديون مثل معمر القذافي أو خليفة حفتر، كما لا بد من إقامة دولة ديمقراطية بكافة مؤسساتها لتحقيق مبادئ وأهداف ثورة 2011 والحفاظ على تماسك البلاد".
بالطبع، فإن الجهات الفاعلة المعنية تتابع عملية الانتقال السياسي في ليبيا عن قرب وخاصة تركيا، وهناك حاجة لعمليات إصلاح في قطاع الأمن الذي سيقوم بوظيفة دمج المجموعات العسكرية في البلاد بالإضافة إلى الحاجة إلى تلبية الاحتياجات الأساسية ومكافحة كوفيدـ19، يقول الكاتب.
ويضيف: "يشير التقرير الذي أعده مركز البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية سيتا (SETA) بدعم من مركز البحوث الإحصائية والاقتصادية والاجتماعية والتدريب للدول الإسلامية (SESRIC)، إلى الحاجة لتحديد المفاهيم والمنظمات والسلطات والمسؤوليات الأمنية بوضوح من أجل منع النزاعات والصراعات في ليبيا".
كما يتم التأكيد في تركيا على أن الإصلاح الأمني يجب أن يتسم بالشفافية والشمول والحياد، بينما يجري اقتراح إصلاح يتماشى مع الأعراف والتاريخ والثقافة والتقاليد المحلية في ليبيا، من أجل منع الصراعات المستقبلية.
وقال مصطفى ساكيزلي وهو مدير عام برنامج ليبيا لإعادة الإدماج والتنمية في كلمته بالمؤتمر: "يجب إيجاد حل شامل ومتكامل للوضع الهش هناك". وشدد على ضرورة إعادة بناء المؤسسات بدلا من إعادة هيكلتها وإحيائها.
أهداف تركيا
فيما أكد وزير الدفاع التركي أكار، أن هدف تركيا الأولي يتمثل في أن يحكم ويدير الليبيون أنفسهم في ليبيا وفي حفظ وحدة الأراضي الليبية وتوفير الوحدة الوطنية فيها.
وذكر أكار أن وجود تركيا في ليبيا مبني على دعوة من حكومة الوفاق الوطني والتي أرسلت رسائل دعوة لخمس دول هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا والجزائر وتركيا وحلف شمال الأطلسي.
وأشار إلى أنه تم توفير التدريب والتعاون والدعم الاستشاري لليبيا بناء على هذه الدعوة وعلى الاتفاقيات الثنائية بين البلدين.
وشدد على أنه ومن أجل ضمان السلام والاستقرار في ليبيا، يجب وقف جميع المساعدات الخارجية لخليفة حفتر على الفور.
ووفقا للكاتب، بدأت بالفعل منافسة شرسة حول من سيتولى السلطة في الانتخابات التي ستجرى بعد 13 شهرا، مبينا أن "الأسماء والأحزاب جديدة كانت أو قديمة تستعد لخوض هذا السباق".
بينما ينشط الفاعلون الذين يشكلون ثقلا في الملف الليبي، في الميدان حتى لا يبقوا على الهامش أثناء عملية الانتقال السياسي، لا سيما بوجود دول مثل روسيا ومصر وفرنسا والإمارات والتي تشارك في أنشطة وعمليات من شأنها أن تعرقل عملية الانتقال السياسي في ليبيا.
وقال الكاتب: إن "دعم أبوظبي لقوات حفتر يفيد الجماعات المسلحة التي تعتمد على المصالح القبلية وتسعى إلى النظام الديكتاتوري (الاستبدادي)، وهي لذلك لا يمكن أن تنشئ مؤسسات أمنية شاملة، أما أنقرة فإن وجودها في ليبيا يعمل لأجل عملية انتقال صحية".
ويرى أن "أنقرة ترغب في أن تجري الانتخابات بطريقة تحافظ على الوحدة والاستقرار والسلام، فهي لا تريد لحفتر الانقلابي أن يحقق ما لم يستطع أن يحققه عسكريا (الاستيلاء على طرابلس)، من خلال المناورات السياسية".
وهكذا تدعم تركيا عملية التفاوض السياسي وتضع مصالح الطرف الآخر وداعميه في الاعتبار. وبهذا الشكل فإن إصلاح قطاع الأمن الذي ستنفذه أنقرة، والذي يتبنى هذا النهج، سيخدم السلام والديمقراطية والوحدة في ليبيا بكل تأكيد، يخلص الكاتب.