صحيفة تركية: أردوغان يقود ثورة في وزارة المالية والبنك المركزي
"حملة إصلاحات جديدة" أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال الأسابيع الأخيرة، ركزت على الاقتصاد والقانون والديمقراطية، وتعيين وزير جديد للخزانة والمالية، ورئيس للبنك المركزي، في إعلان صريح عن مرور الجمهورية إلى "حقبة جديدة".
ونشرت صحيفة "حرييت" التركية مقالا للكاتب عبد القادر سيلفي قال فيه: "لقد قمت بتدقيق النظر في خطابات الرئيس أردوغان خلال الأيام الأربعة الماضية، ورأيت أنه قد شدد على الإصلاحات وعلى أن تركيا دولة يسود فيها القانون، كما لم يفعل طوال السنة الأخيرة".
مرحلة التغيير
وأوضح سيلفي أنه "من أجل فهم ديناميكيات الحقبة الجديدة، سيكون من المفيد إلقاء نظرة على الخطابات التي ألقاها أردوغان في اجتماع حزب العدالة والتنمية في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وفي مؤتمر الحزب بولاية تيكيرداغ في 13 نوفمبر، وفي مؤتمري الحزب في ولايتي قارص وقارامان في 14 نوفمبر".
ويرى الكاتب أن أردوغان هو أفضل من يعكس حقيقة أن "الشيء الوحيد الذي لا يتغير هو التغيير نفسه" في مجال السياسة، ويعتبر حزب العدالة والتنمية مدينا لـ"التغيير" في قدرته على البقاء في الحكم مدة 18 عاما، لأن أردوغان كان يتبنى فكرة "التغيير المستمر" في سياساته.
وأضاف: "في مرحلة ما، بدا أن على حزب العدالة والتنمية أن يرجع إلى (إعدادات المصنع) بناء على هويته الإصلاحية كحل للمشاكل".
وتابع: "لا أعلم ماذا يمكن أن توصف الحقبة الجديدة، لكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن أقوله هو إنها عبارة عن عملية جديدة".
وأوضح سيلفي أن "كلمات الرئيس أردوغان التي تقول: أطلقنا حملة إصلاحات جديدة على صعيد الاقتصاد والقانون والديمقراطية، تبدو ككلمة مرور للحقبة الجديدة، كما تُظهر أن التغيير لا يقتصر على تعيين لطفي ألوان وناجي أغبال في منصبيهما الجديد، وزيرا للمالية، ورئيسا للبنك المركزي".
واستدرك "بل هذا التغيير يشمل الكوادر والموظفين والخطاب والأولويات السياسية كذلك لتأتي السياسة الجديدة مع خطاب جديد، ومع ذلك، هناك حاجة إلى تغيير النموذج أيضا لكي يكون هذا التغيير فعالا".
وأشار سيلفي أن "أردوغان ذكر مصطلح (الحقبة الجديدة) في اجتماع حزبه لأول مرة، قائلا: ستعملون كهيئة تشريعية، معنا نحن كسلطة تنفيذية، لنعد بلادنا للحقبة الجديدة من خلال التنفيذ السريع للاحتياجات التي ستنشأ، بالاستشارة مع الأطراف المعنية في نظامنا القانوني ومع جميع ممثلي القطاعين العام والخاص للاقتصاد".
ولفت إلى أنه "تم اتخاذ الخطوة الأولى هذا الأسبوع، حيث سيجتمع وزير العدل عبد الحميد غول ووزير المالية لطفي ألوان مع المستثمرين، لمناقشة الضمانات القانونية التي يتطلبها رأس المال ومناخ الاستثمار، مثل حق الملكية، وحماية الحقوق المادية والمعنوية".
الاقتصاد أولا
وبحسب سيلفي سيعقد الاجتماع الثاني الذي ينظمه اتحاد الغرف والبورصات بتركيا (TOBB) في 18 نوفمبر في منتدى تركيا الاقتصادي، بحضور الرئيس أردوغان مع إدارته الاقتصادية ليوجه رسائل جديدة إلى المستثمرين المحليين والأجانب".
وأردف: "العالم لا يقف ساكنا، وقد بدأت رياح تغيير جديدة مع تأثير الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومع تطوير اللقاح، من المتوقع أن يدخل الاقتصاد العالمي فترة نمو سريع اعتبارا من الربع الثاني من عام 2021".
وشدد سيلفي على أن "تركيا وجب عليها الاستعداد من الآن حتى تتمكن من استغلال فرصة الاستثمار في تركيا وتجذب المزيد من المستثمرين الأجانب".
وأكد الكاتب التركي أن "الرئيس أردوغان سيكرس المزيد من وقته للاقتصاد في المرحلة الجديدة، عبر إجراء سلسلة من الدراسات حول جذب المستثمرين الأجانب وتشجيع المستثمرين المحليين".
وأوضح أن "هذه الدراسات ستتم عن طريق جمع المطالب أولا، ثم تعزيز البنية التحتية القانونية لذلك، بعدها يتوقع أن يتم البدء في عقد اجتماعات مع المستثمرين الأجانب، وخاصة في العاصمة البريطانية لندن".
من ناحية أخرى، يرى سيلفي أن "الشعب يثق في حزب العدالة والتنمية وفي قدرته على حل المشاكل والأزمات المختلفة التي تواجهها تركيا".
وأوضح أن "إجابة 33.3٪ من الشعب أن حزب العدالة والتنمية سيحل المشكلة، وذلك في جوابه على سؤال استطلاع رأي قامت به شركة أوبتيمر (Optimer) للأبحاث في نوفمبر، والذي يقول: أي حزب سيحل مشاكل تركيا".
ولفت إلى أن "مجموع الشعب الذي يثق بواحد من أحزاب المعارضة سواء كان، الشعب الجمهوري أو الجيد أو الشعوب الديموقراطي أو الدواء أو السعادة أو المستقبل، يساوي 32.1٪، وبعبارة أخرى، ثقة الشعب بأحزاب المعارضة ككل، لا تساوي ثقتهم في العدالة والتنمية وحدها".
وذكر سيلفي أنه في نفس الاستطلاع كانت إجابة المواطن على سؤال "من هو رئيسك المفضل"، بـ"أردوغان" وجاء في المرتبة الأولى بنسبة 34.5 في المائة.
وتابع متسائلا: "هل تعرفون كم الفرق بين رؤساء المعارضة وأردوغان؟ لقد قال 5.3 في المائة من الشعب إن (رئيسة حزب الجيد) ميرال أكشنر ستقوم بحل مشاكل تركيا".
أما نسبة من يقول بأن "(زعيم حزب الشعب الجمهوري) كمال كيليجدار أوغلو سيقوم بحل مشاكل تركيا" فهي 3.5 في المائة، وبالتالي فإن أردوغان يتمتع بثقة الشعب أكثر من ثقتهم بكيليجدار أوغلو بعشرة أضعاف وثقتهم بأكشنر بسبع مرات"، وفق سيلفي.
وأكد الكاتب أن "الشعب يرى الحل في أردوغان وفي حزب العدالة والتنمية، لكنه يرغب منه أن يجدد خطابه وسياسته وكوادره، ويظهر هذا من خلال الدعم والتأييد القوي الذي أظهره الشارع التركي لحملة الإصلاحات القانونية والتغييرات الأخيرة".
دروس "ديميرل"
وفي استحضار للتاريخ، أشار سيلفي إلى أنه "بعد انقلاب 12 سبتمبر (عام 1980 بقيادة كنعان أفرين)، لم يقبل رئيس تركيا سليمان ديميريل أن يلتقي بالوفود الأجنبية التي رغبت في مقابلته".
وأضاف: "عندما سئل ديميريل: لماذا لا تقابل الوفود؟ كان جوابه: ماذا تقصدون؟ هل سأشتكي بلادي؟! وكان يطلب تسجيل وكتابة حديثه معهم ويقول: لتعلم دولتي ماذا أقول، ومن ثم يقوم بإرسالها إلى وزارة الخارجية".
وعلق سيلفي على ذلك: "عندما رأيت أن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو ألقى خطابا في افتتاح الجمعية الدولية للمستشارين السياسيين، واشتكى بلادنا للأجانب خلال ذلك، تذكرت ديميرل".
وأضاف: "لقد خسر ديميريل رئاسة الوزراء 6 مرات، وعاد إلى رئاسة الوزراء 7 مرات، ثم بعد ذلك أصبح ـ أخيرا ـ رئيسا للجمهورية، لكنه لم يشتك أبدا بلاده للأجانب".
ويختم سيلفي مقاله مخاطبا إمام أوغلو قائلا: "أقول لك يا سيد أكرم: لا يمكن أن تصبح رئيسا للجمهورية وأنت تشكو بلادك إلى الأجانب".