ورث التطبيع مع إسرائيل.. كيف ابتعد أردوغان بتركيا من مربع الحليف؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

قطار التطبيع مع إسرائيل، الذي ركبته الإمارات بتوقيعها اتفاقية سلام في 13 أغسطس/آب 2020، أثار عاصفة من الغضب العربي والإسلامي على غرار ما حدث مع مصر عندما وقعت اتفاقية السلام قبل 4 عقود، أما المطبعون ومروجوه فوجهوا أنظارهم صوب أنقرة، وتحججوا بالعلاقات التركية الإسرائيلية القائمة منذ زمن بعيد، لتبرير فعلتهم النكراء.

في زمن غابر، كانت أنقرة على رأس المعترفين بدولة إسرائيل والمطبعين معها، وقت أن كانت تركيا تشهد قطيعة تامة وانعزالا عن الدول العربية، وامتدادها الإسلامي العريق.

القفزة التي يحاول أنصار التطبيع إرساءها عن العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، تتجاوز حقيقة إعادة التموضع التي تمت في ظل حكم حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي ورث إرثا ثقيلا من العلاقات والاتفاقيات التاريخية التي عقدها أسلافه.

ومع ذلك استطاع أردوغان أن ينتقل من مربع التحالف الوثيق إلى نقطة الخطر المقلق لحكومات تل أبيب المتعاقبة، التي رأت في صعود وقوة تركيا ونظامها الحالي تهديدا حقيقيا عليها، حسب التقارير الاستخباراتية والصحفية.

فكيف كانت طبيعة العلاقة بين تركيا وإسرائيل؟ وكيف تغيرت في عهد العدالة والتنمية؟ وما هي نقاط الاشتباك بين النظامين؟.

رأس المطبعين

قبل أكثر من 100 عام، وقبل وجود إسرائيل، هزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وتم احتلال عاصمتها إسطنبول، من قبل قوات الحلفاء، وفرضت عليها معاهدات مجحفة.

قاد الأتراك حرب الاستقلال، ونجحوا في إزالة جزء من آثار العدوان، وعقدوا معاهدات أخف وطأة، وفي ظل ذلك أسسوا لدولة جديدة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، أكثر انزواء عن المحيط العربي والإسلامي، وأكثر تبعية للغرب.

ومع الإعلان (المجحف) لقيام إسرائيل عام 1948، كانت تركيا المنعزلة حينها عن قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، ثاني أكبر بلد ذات أغلبية مسلمة بعد إيران، تعترف بدولة الاحتلال، في 28 مارس/ آذار 1949.

تصاعدت بعد ذلك وتيرة العلاقات بين النظامين، بل أصبحت تل أبيب من أكبر موردي الصادرات العسكرية إلى أنقرة، وشمل التعاون المجالات العسكرية، والدبلوماسية، والإستراتيجية، على كافة المستويات والأصعدة.

وفي عام 1958، وقع أول رئيس وزراء لإسرائيل دافيد بن جوريون، مع رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس اتفاقية تعاون ضد توسع نفوذ الاتحاد السوفيتي في الشرق الأوسط.

وشهد العام 1994 أول زيارة على مستوى رئاسة الوزراء التركية، عندما قامت تانسو تشيلر، بزيارة إسرائيل لأول مرة، وفي عام 1996 تم توقيع الاتفاقية الأمنية العسكرية بينهما.

وظلت العلاقات في منحى تصاعدي، إلى أن برز حزب العدالة والتنمية في سماء الحياة السياسية التركية عام 2001، ليغير وجه المعادلة للبلاد بشكل عام، ويعيد تقييم علاقاتها الدولية والإقليمية بشكل خاص.

بين عهدين

النهضة التي حققها حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، جعلت من تركيا قوة صاعدة في الشرق الأوسط، وولت البلاد شطرها مرة أخرى نحو العالم الإسلامي وقضاياه المعقدة.

ذلك الاتجاه دفعها للصدام مع إسرائيل، التي أقلقها صعود حزب محافظ ذي توجهات إسلامية للحكم في بلد طالما عقدت معه اتفاقيات إستراتيجية، وكان من حلفائها المقربين.

وهو ما عبرت عنه الصحف والتقارير الإسرائيلية، في تعاطيها الأخير مع تركيا، فتحت عنوان "أصبحت تركيا تهديدا متزايدا ضد إسرائيل" نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية تقريرها عن تصاعد دور وقوة ونفوذ تركيا، التي أصبحت تمثل خطرا على تل أبيب، بسبب حكومة العدالة والتنمية بقيادة أردوغان.

وفي التقرير الذي نشر بتاريخ 15 يوليو/ تموز 2020، استشهدت "جيروزاليم بوست" بتصريحات أردوغان عندما قال: إن "أنقرة ستحرر الأقصى"، وهو التصريح الذي تسبب في حالة قلق واستياء داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية.

والتقطت الصحيفة العبرية التصريحات التي صدرت عن ساسة أتراك إبان احتفالات عودة جامع آيا صوفيا إلى مسجد مرة أخرى، وخاصة توجيهات ورسائل هيئة الشؤون الدينية التركية، وأصوات أخرى في حكومة العدالة والتنمية، مرارا وتكرارا بأنهم يريدون "توحيد العالم الإسلامي ضد إسرائيل".

وعقدت الصحيفة الإسرائيلية مقارنة بين خطاب أنقرة اليوم، وشبهته بكيفية بدء خطاب الكراهية الإيراني المعادي لإسرائيل في السبعينيات، ثم تحول فيما بعد إلى تهديد وجودي محتمل ذي طبيعة نووية. 

وشددت أن تركيا في ظل حكم العدالة والتنمية، تنظر إلى العالم من منظور ثنائي، هناك "الأمة الإسلامية" وبعد ذلك الجميع، كما يشير صعود أردوغان كزعيم في المنطقة إلى الرغبة في تعبئة الشرق الأوسط الإسلامي ضد إسرائيل.

واسترجعت "جيروزاليم بوست" الأيام الخوالي بين تركيا وإسرائيل في تسعينيات القرن الماضي، عندما قالت: "لسنوات، ظلت الرواية الرئيسية هي أنه في حين كانت إيران تشكل تهديدا لإسرائيل، فإن أنقرة وتل أبيب ربطتهما علاقات تاريخية متجذرة، لكن هذه العلاقات أخذت منعطفا جذريا نحو الأسوأ بعد حرب 2009 في غزة".

وأضافت: "منذ ذلك الحين، أصبحت العلاقة التي كانت ذات يوم علاقة متدفقة في التسعينيات، عدائية بشكل متزايد على مستويات متعددة. هناك معاداة للسامية في تركيا وانتشار نشط لنظريات المؤامرة اليهودية الإسرائيلية، وهناك تعبئة أكبر للشبكات الدينية اليمينية (الإخوان المسلمون)، مثل تلك التي تقف وراء أسطول (الحرية) مرمرة الذي سعى إلى كسر الحصار البحري المفروض من قبل إسرائيل على قطاع غزة".

واختتمت الصحيفة العبرية تقريرها: "تشير الدلائل إلى أن القوة المتطرفة غير الخاضعة للرقابة في المنطقة ستضع أنظارها في النهاية على مهاجمة إسرائيل، وهو ما فعله جمال عبد الناصر، عندما لعب هذا الدور في الخمسينيات،، وتحول الدور لاحقا إلى آية الله الخميني في إيران ".

وأردفت: "على المدى الطويل، قد يتحول هذا الأمر في تركيا، إذا استمرت هجماتها المتزايدة على جيرانها في المتوسط، وزادت وتيرة  الخطاب المعادي لإسرائيل دون رادع من قبل العالم الغربي".

خطاب صاعق

كثير من السياسيين الأتراك يشبهون خطابات أردوغان بـ "الصاعقة"، على غرار السلطان العثماني "بايزيد يلدريم" أو "بايزيد الصاعقة"، الذي كان يهاجم خصومه بضراوة من حيث لا يحتسبون، فلا يعلمون طريقة الهجوم أو كيفيتها، ولكنه يفاجئهم على كل حال. 

هذا ما فعله الرئيس أردوغان مع إسرائيل، عندما هاجمها بشراسة في خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في "نيويورك" بتاريخ 24 سبتمبر/ أيلول 2019.

الرئيس التركي قال (حينها) في خطابه: "إسرائيل لم تشبع"، مستعرضا خارطة فلسطين قبل احتلال إسرائيل لها حتى اليوم، "ليُظهر لرؤساء العالم الدمار الذي حل في الأراضي الفلسطينية التي تتقلص يوما بعد يوم، حتى تكاد تتلاشى بسبب سياسة إسرائيل القائمة على الاستيطان ومصادرة الأراضي".

وشدد أردوغان في خطابه "أين حدود إسرائيل؟ هل هي حدود 1948 أو 1967 أم أن هناك حدودا أخرى لإسرائيل؟ فكيف يمكن نهب الجولان والضفة الغربية تحت نظر العالم. إسرائيل تتعمد إنكار الواقع حتى مع توافر الأدلة والحقائق الكافية".

وانتقد أردوغان عدم تطبيق القرارات التي صدرت في الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية، مؤكدا أن "مشاهد القتل الوحشية لامرأة فلسطينية بريئة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية إذا لم تحرك الضمير فلم يعد للكلام معنى".

وتساءل الرئيس التركي: "لماذا لا يحرك العالم ساكنا في قضية فلسطين، ويراقب السياسات الإسرائيلية التي تقوم على استهداف المسجد الأقصى وفلسطين عموما، وهل الغاية من المبادرة المطروحة على أنها صفقة القرن القضاء على دولة فلسطين ووجود شعبها بصورة تامة؟".

تصريحات أردوغان حول الاستيطان والاعتداءات الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى أثارت غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، زاعما أن أردوغان "لا يتوقف عن قول معلومات غير صحيحة عن إسرائيل. أنصح الرئيس التركي بالتوقف عن إسداء النصائح لإسرائيل".

صفعة عثمانية

الصفعة العثمانية هي إحدى التقنيات العسكرية التركية القديمة للدفاع عن النفس، تلك التقنية كان يتدرب عليها الجيش العثماني بعد وقوع سلاح الفرد في المعركة، لتعزيز وضعيتهم الدفاعية ولإرباك العدو، وكانت هذه الصفعة تؤدي إلى الموت المباشر.

ومن التاريخ إلى الحاضر، يبدو أن الساسة الأتراك الجدد، تعلموا تقنيات "الصفعة العثمانية" في السياسة أيضا، وهو ما ظهر في منتدى "دافوس" الاقتصادي الذي عقد قبل أكثر من عقد من الزمن وتحديدا في 29 يناير/ كانون الثاني 2009، عندما حدثت مشادة كلامية حادة بين أردوغان، والرئيس الإسرائيلي (حينها) شيمون بيريز، انسحب على إثرها أردوغان غاضبا، بعد أن وجه كلمات صادمة لبيريز. 

أردوغان قال حينها بعصبية شديدة: "السبب الذي يدفعك إلى رفع صوتك هو شعورك بالذنب"، وذلك في إشارة إلى ارتفاع صوت الرئيس الإسرائيلي خلال كلمته، وقال أردوغان للرئيس الإسرائيلي: "حين يتعلق الأمر بالقتل أنتم تعرفون جيدا كيف تقتلون. وأنا أعرف جيدا كيف قتلتم أطفالا على الشواطئ في غزة". 

ثم اختتم أردوغان كلمته قائلا: "من المحزن جدا أن يصفق أشخاص لموت الكثيرين"، ثم غادر المنصة وهو يقول: إن "دافوس انتهى بالنسبة لي". 

هذا الحدث لم يكن عابرا في العلاقات التركية الإسرائيلية، بل كان فارقا، على جميع المستويات، وبالنسبة لأردوغان فإنه كان بمثابة ولادة زعيم، يتخطى تأثيره حدود دولته.

في إسطنبول استقبل أردوغان استقبال الأبطال، حيث تجمع آلاف الأشخاص، في محيط مطار أتاتورك الدولي، حاملين أعلاما تركية فلسطينية، ولوحوا بلافتات كتب عليها "مرحبا بعودة المنتصر في دافوس".

ومنذ ذلك اليوم تحديدا بدأ التنافر والتباعد يزداد بين النظامين التركي والإسرائيلي، حتى وصل إلى المنحى الأسوأ في السنوات الأخيرة.

ليفني تتوعد

على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية، في الأقسام المتعلقة بتاريخ إسرائيل، بحسب رواية دولة الاحتلال، يتحدثون عن خطورة القسطنطينية (إسطنبول) وسلطانها على اليهود، وهو ما ورد في قسم (اليهود في جدول أحداث التاريخ).

صراعات العصور الغابرة، لم ينساها قادة تل أبيب إلى يومنا هذا، وهو ما ظهر يوم 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، أثناء كلمة وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني خلال محاضرة نظمها "معهد الأمن القومي الإسرائيلي".

ليفني قالت: "كل قائد ودولة في المنطقة، يجب أن يقرروا أن يكونوا جزءا من معسكر الإرهاب والتطرف، أو معسكر البراغماتية والاعتدال، وإذا قرر قائد دولة ما مسارا آخر فسيكون هناك ثمن لهذا".

وأكدت ليفني "أعلم أنه عندما أتحدث عن تركيا، وعن أردوغان، والحزب الذي يحتفل الآن بمرور 10 سنوات على نشأته، فإن الأمر ليس فقط حول المصالح، بل يتعلق بالأيديولوجية، تركيا تتطرف أكثر".

خطر متصاعد 

الحرب الباردة هو مصطلح سياسي قد ينطبق الآن على العلاقات التركية الإسرائيلية، التي انتقلت من الجفاء إلى التنافس، وصعود لهجة العداء. 

في 17 يناير/ كانون الثاني 2020، أدرجت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) في تقديرها الاستخباراتي لعام 2020 تركيا ضمن قائمة المنظمات والدول التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي.

ولأول مرة يدرج تقدير للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، دولة تركيا على لوائح التهديدات، رغم الحفاظ على علاقات دبلوماسية رسمية بين تل أبيب وأنقرة.

وأرجع تقرير "أمان" ذلك إلى ما وصفه "بالأعمال العدائية" المتزايدة التي تقوم بها أنقرة في الشرق الأوسط، وفي شرق البحر المتوسط، وتعديل الحدود البحرية الاقتصادية مع ليبيا.

ولم تحدد الاستخبارات العسكرية في تقديراتها طبيعة ونوعية ومضمون التهديد الذي تشكله تركيا على الأمن القومي الإسرائيلي، لكنها قالت : إن "السياسات التي يتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي تحالف حزبه الإسلامي مع جماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، كانت وراء القلق الإسرائيلي، إذ جعلت هذه الممارسات والسياسات تركيا واحدة من أكبر المخاطر الإقليمية التي يجب مراقبتها ورصد تحركاتها".

كما لا يقتصر التهديد التركي على البحار، بل أيضا داخل فلسطين التاريخية نفسها، إذ يتم التحذير من تدفق المال التركي على فلسطينيي 48، عبر عشرات الجمعيات بالقدس والداخل الفلسطيني، التي تنشط في الدعوة الإسلامية ورعاية المقدسات والعائلات المستورة، وترميم آثار ومعالم بنيت خلال العهد العثماني.

الأمر لم يتوقف عند مجرد الدعم، بل وقفت أنقرة كشوكة في حلق تل أبيب في قضايا محورية، فبعد إعلان الرئيس الأميركي عن خطته المزعومة للسلام (صفقة القرن)، وتعهده بأن تظل القدس عاصمة "غير مقسمة" لإسرائيل، خرج الرئيس التركي في 31 يناير/ كانون الثاني 2020، ليؤكد أن "مدينة القدس خط أحمر، وأنه لا يمكن القبول بالخطة الأميركية الجديدة التي أعلنها ترمب".

أردوغان أكد أن "الدول العربية التي تدعم مثل هذه الخطة إنما ترتكب خيانة حيال القدس وكذلك حيال شعوبها والأهم من ذلك حيال كل الإنسانية. لا يمكن القبول بالخطة الأميركية الجديدة وبعض الدول العربية قبلتها وهذه خيانة".

وبسبب ما تراه إسرائيل أنه تهديد تركي عظيم لمصالحها، ومع تصاعد قوتها يمكن أن تمثل خطرا على وجودها أقامت تحالفات أعمق مع أنظمة تناصب تركيا العداء، لا سيما فيما يخص ملف صراع المتوسط. 

جحيم المتوسط 

أردوغان، لطالما أطلق على تحالف شرق المتوسط اسم "تحالف الشر" ومن ضمنه إسرائيل، وتوعدت أنقرة في بياناتها بأنها "قادرة على تدمير محور الشر المشكل ضدها في شرق المتوسط".

قامت أنقرة باستعراض قوتها العسكرية البحرية والجوية مرات عديدة في شرق المتوسط عبر مناورات حربية متتالية في السنوات الأخيرة، وكان من أشهرها مناورة "الوطن الأزرق" وهي المناورة العسكرية الأضخم في تاريخ البلاد. 

على الجانب الآخر فإن تقديرات شعبة الاستخبارات الإسرائيلية، في يناير/ كانون الثاني 2020، ترى أن أي وجود أو نشاط عسكري تركي في المتوسط، هو تهديد لمصالحها الإستراتيجية، خاصة توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، والذي اعتبرته تل أبيب، انتهاكا لحقوق حلفائها في قبرص (اليونانية) وأثينا والقاهرة. 

وأوردت الاستخبارات الإسرائيلية، أنه وبينما تعزز تركيا دورها في ليبيا، وتصعد من عمليات المراقبة والتدريبات العسكرية، فإن الصدام مع إسرائيل واليونان يبدو حتميا، وسيكون هدف إسرائيل تشجيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا أيضا على مساعدتها لإيجاد حل.

كما يشكل النشاط التركي تهديدا لحرية الملاحة والتجارة البحرية والمصالح الإسرائيلية، ويضع مشروع خط أنابيب (East Med) الإسرائيلي لنقل الغاز الطبيعي من البحر المتوسط إلى أوروبا أمام تحديات وعراقيل قد تمنع إنجازه. 

ورأى بعض خبراء الطاقة في إسرائيل، ومنهم عميرام بركات أنه "في ظل الصراع بين النظام التركي من جانب، والنظام في مصر واليونان وقبرص، فإن دخول تل أبيب للصراع بحيثياته القائمة، من شأنه أن يعرض طرق التجارة البحرية الإسرائيلية للخطر". 

يذكر أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس، الذي وقع في ديسمبر/ كانون الأول 2019، مكن تركيا من العودة إلى شرق المتوسط ونشر قطعها العسكرية الحربية في شرق المتوسط وصولا للسواحل الليبية.

لكن الأهم كان رسم خط محدد من السواحل التركية وحتى السواحل الليبية ينص على أنه لا يمكن للتحالف المضاد لتركيا أن يبني مشروع أنابيب غاز إلى أوروبا بدون المرور من الجرف التركي، وبالتالي يتوجب على هذه الدول الحصول على موافقة تركيا، الأمر الذي يعطل مشاريع استثنائها وحصارها في جرفها القاري.