كيف ساهمت إسرائيل في نجاح اتفاقية بيع النفط شمال سوريا؟

12

طباعة

مشاركة

تنظر أطراف إقليمية بعين الريبة إلى اتفاق واشنطن مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لتحديث حقول النفط في شمال شرقي سوريا.

وكان قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، وقع، في 30 يوليو/تموز 2020، اتفاقية مع شركة نفط أميركية من أجل تحديث آبار النفط التي تسيطر عليها القوات بدعم الولايات المتحدة.

وجاء توقيع الاتفاقية خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بحضور وزير الخارجية، مايك بومبيو.

وأكد بومبيو أن “الاتفاقية أخذت وقتا أكثر مما كان متوقعا، ونحن في إطار تطبيقها الآن”. وبحسب ما نقله موقع “المونيتور” عن مصادر، فالتوقيع كان مع شركة “Delta Crescent Energy LLC” الأميركية.

وأدانت وزارة الخارجية الروسية الاتفاق، وقالت في بيان عبر موقعها الرسمي، 7 أغسطس/ آب: إن الإدارة الأميركية “أظهرت مرة أخرى ازدراءها الواضح لميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة، المتعلقة باحترام سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها كعضو في الأمم المتحدة”.

وأضافت: أن واشنطن “تحتل بشكل غير قانوني مناطق في شمال شرق وجنوب سوريا، وعلاوة على ذلك، فهي تشارك في النهب والاتجار غير المشروع بالموارد الطبيعية للبلاد التي هي أصول جميع السوريين”.

كما وصفت الخارجية التركية الاتفاقية بأنها "تتجاهل القانون الدولي، وتستهدف وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وأنها خطوة تأتي في سياق دعم صريح للإرهاب، مشيرة إلى أنها تشعر بالأسف لدعم الولايات خطوة غير مقبولة كتلك.

وأكدت في بيان في 3 أغسطس/آب أن: تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابي أظهر بوضوح طموحه للانفصال عن سوريا، من خلال الاستيلاء على الموارد الطبيعية للشعب السوري.

ويشكل تنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الذي تصنفه تركيا إرهابيا العمود الفقري لـ"قسد".

وكانت عملاق النفط إكسون موبيل، التي اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإدارة النفط في شرقي الفرات، قالت: إنه لا يمكنها الدخول إلى تلك المنطقة، لأنها ساحة قتال بين القوى الدولية، وغير مستقرة، "وما دمنا ليس لدينا حق شرعي وقانوني فلا يمكننا الذهاب إلى هناك"، ما أدى لتغير الخطط بهذا الشأن.

ويقول الكاتب في صحيفة ستار التركية "اردان زينتورك": إن ما حدث أن ثلاثة خبراء رفيعي المستوى في مجالات تخصصهم وهم (ضابط دلتا فورس المتقاعد جيمس ريس، والمحامي السياسي للمحافظين الجدد جيمس كين، وخبير النفط في المناطق الخطرة جون ب.دورييه، اجتمعوا في مكتب في فبراير/شباط 2019، وقالوا: "لنجني بعض المال من نفط سوريا، وسيكون الأمر ضروريا للمستقبل". وهذا ما كان.

وتابع في مقال له أن الخطوة التي تم اتخاذها، وهي أهم مرحلة في مشروع "كردستان الكبرى" لحركة المحافظين الجدد/الصهيونية، أظهرت للجميع أن الولايات المتحدة لن تعود عن هذا المشروع، بل على العكس، ستخلق "خريطة جديدة" من خلال نشرها بمرور الوقت.

وبات ذلك واضحا للجميع بدون شك؛ فالقسم الأول تم تشكيله شمال العراق، والثاني أضيف في شمال شرق سوريا، والبقية قادمة، وفق الكاتب.

لوبي داخل الظلام

هل يمكن أن تكون مصادفة أن قوات سوريا الديمقراطية؛ حزب العمال الكردستاني في الأصل والمظلة السياسية لقوات له بقيادة "مظلوم كوباني"، استأجرت شركة ضغط شهيرة في واشنطن لتنسيق مع صفقة النفط؟!

يجيب الكاتب: "بالطبع لا، علاوة على ذلك، فإن الاسم الذي تم به توقيع الاتفاقية مع الكونجرس الأميركي والإدارة هو أيال فرانك، الرئيس المؤسس لـ AF International".

وفرانك هذا ليس شخصية عادية، إذ بدأ حياته المهنية كأخصائي علاقات تشريعية عام 1998 قبل الكونجرس والبيت الأبيض، والغريب أن موكله الأول كان السفارة الإسرائيلية في واشنطن، فقد عمل عن كثب مع اللوبي اليهودي داخل الكونجرس لسنوات، وهو مستمر في ذلك، وفق الكاتب.

وأضاف: "أدت الميزة الكبيرة التي نشأت لهذا اللوبي إلى العمل مع مراكز الفكر الصهيونية، ومعهد دراسات الشرق الأدنى في جامعة واشنطن، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مقر التحالف الإماراتي-الإسرائيلي، وهذا يعني باختصار أنه يمكن اعتباره رجل إسرائيل الأول".

يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية استأجرت جماعة ضغط في واشنطن لاستثناء الإدارة الكردية من عقوبات "قيصر" على النظام السوري، ومحاولة لجم تركيا.

وبحسب تقارير، فإن "قسد" وقعت عقدا مدته ستة أشهر مع المحامي الشهير أيال فرانك للضغط من أجل مصالحهم في الكونجرس ولدى إدارة ترامب، حيث تحاول تجنب الوقوع تحت تشريع العقوبات الأميركية الجديد، فضلا عن حرمان تركيا من دعم واشنطن في عملياتها الهجومية.

يعود تاريخ أيال فرانك باعتباره الرجل الأول في الحركة الكردية في الشرق الأوسط إلى عام 2006 وفي ذلك الوقت، كان جهد الإدارة الذاتية الكردية العراقية للحصول على مبلغ 4 مليارات دولار وقد نجح في ذلك وبالفعل تمكن من إيداع هذه الاموال في صناديق الأمم المتحدة.

وفي تلك الفترة كان هناك أيضا ممثل لكردستان العراق في واشنطن في تلك السنوات، حيث قرع ذلك الممثل باب داني ياتوم، الذي كان رئيس الموساد في 1996-1998 ، من أجل متابعة هذه القضية.

يقول الكاتب: "لدينا اسم آخر وهو شلومي مايكل، شريك ياتوم، الذي لديه استثمارات في شمال العراق، وهذه العلاقة جلبت الإدارة الكردية إلى أيال فرانك في وقت قصير".

توفيرا للمال، وجه أيال فرانك استثمارات الشركات الأميركية إلى إدارة أربيل وأصبح مؤسسا لمجلس الأعمال الأميركي الكردي! وهذه العلاقة جعلت فرانك صديقا مقربا لكوبات، نجل جلال طالباني، الذي كان ممثل واشنطن للإدارة الكردية بين عامي 2006 و2012.

ولذلك، يمكننا أن نرى أيال فرانك يتعامل مع اللوبي اليهودي أثناء استفتاء الاستقلال الكردي في عام 2017، والذي رفرفت فيه الأعلام الكردية والإسرائيلية جنبا إلى جنب في شوارع أربيل والسليمانية وهذا بالطبع ناجم عن هذا التعاون الكثيف بين هذه الأطراف.

السبب وراء الإشارة إلى أيال فرانك بـ "اللوبي الذي يغير النظام" في الغرف الخلفية في الشرق الأوسط هو أنه تولى أيضا قيادة لوبي المجلس الانتقالي الإيراني (ومقره لندن، زعيمه حسن شريعتمداري)، المصمم على قلب النظام في إيران بدعم أميركي إسرائيلي، وفق الكاتب.

وبالتالي، فإن اتفاق حزب العمال الكردستاني مع نفس الشركة ليس مفاجئا: إذا كنت ستفعل شيئا كحركة كردية، بالاعتماد على التحالف الأميركي الإسرائيلي، فإن العنوان واضح بالفعل: أيال فرانك.

وأوضح الكاتب: "يجب الالتفات إلى ممثل واشنطن عن مجلس سوريا الديمقراطية والذي يقول إن قانون قيصر للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأميركية على النظام السوري مهم، ويضيف: أنه كان علينا إقامة علاقات منتظمة مع الكونجرس ومؤسسات صنع القرار من أجل وقف الهجمات التركية على منطقتنا".

وتبقى الإشارة إلى أن "ميزانية اتفاقية الضغط التي وقعها حزب العمال الكردستاني مع AF International منخفضة للغاية بالنظر إلى العمل المنجز وقوة الشركة، ولكن بالنظر إلى أن اللوبي اليهودي كان يحمي الحركات الكردية منذ عام 2001، يمكن الاعتقاد أن معظم الكعكة جاءت من مكان مختلف"، بحسب صحيفة ستار.