"لو كنا ظالمين مكنش ربنا وفقنا".. من أوهم السيسي أنها ليست 7 عجاف؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

"لو كنا ظالمين ومعتدين مكنش ربنا وفقنا"، شعور بالفخر والنجاح عبر عنه رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، بعد مرور 7 سنوات على وصوله لسدة الحكم عبر انقلاب عسكري قاده على الرئيس المدني المنتخب الراحل محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013.

السيسي الذي تولى الحكم في يونيو/حزيران 2014 عبر انتخابات شكلية ومسرحية هزلية يدعي أنه مؤيد من قبل السماء لمجرد استمراره في الحكم طيلة هذه المدة.

نسي السيسي أن كثيرا من المستبدين والطغاة قبله بقوا في الحكم لعشرات السنين، دون أن يكون ذلك دليلا على حكمهم العادل، ولا إنجازاتهم العظمى بل فقط لأنهم أمعنوا في استبداهم، ورفع عصيهم يجلدون بها ظهور شعوبهم، الرئيس الراحل حسني مبارك، الذي حكم 3 عقود بلا منازع، خير دليل على ذلك، ورغم ذلك كانت نهايته ثورة شعبية عارمة أودت بسلطته، وانتهت به داخل السجون والمحاكمات.

في بداية حكمه وبحثه عن شرعية مفقودة، أجبرته السعودية على التنازل عن تيران وصنافير في 2016، وقبلها بعام أجبرته إثيوبيا على التوقيع على اتفاق المبادئ عام 2015، والذي منحها الضوء الأخضر للبدء في بناء السد.

غلاء فاحش في الأسعار، ورقعة الفقر تتزايد يوما بعد يوم، وديون تتراكم بالمليارات، وطبقة وسطى تتآكل بمرور الزمن، وكرامة إنسانية يداس عليها بالأقدام، وإعلام موجه بالريموت كنترول من قبل ضباط المخابرات، ومناطق تاريخية وحضارية يتم هدمها بدعوى تنظيم الطرق، فعن أي توفيق ونجاح يتحدث الجنرال وسط أنصاره؟.

منطق أعوج 

في 28 يوليو/ تموز 2020، خلال كلمته بافتتاح المدينة الصناعية بالروبيكى (شرقي القاهرة) قال السيسي: "عمري ما قلت كلمة صعبة في أصعب الظروف، وافتكروا 30 يونيو (حزيران) 2013، وعام 2014 و2015 و2016.. وشوفوا مصر عاملة إزاي، لو كنا ظالمين ومعتدين مكنش ربنا وفقنا".

الإعلامية المصرية نادية أبوالمجد قالت: "هو مَش شايف في قتل واعتقال وتشريد عشرات الآلاف من المصريين المعارضين لانقلابه أي ظلم أو اعتداء! وشايف إن الوضع اللي مصر بقت فيه ده توفيق ونجاح!عليه العوض ومنه العوض".

فيما كتب حساب باسم المواطن المصري يوسف: "جنكيز خان (ربنا وفقه) وحكم 21 سنة ويقال إنه قتل 10% من سكان الأرض وقتها.. اطمئن يا (السيسي) كلامك صح طالما إنك نجحت يبقى ربنا وفقك ومش ظالم! كتالوج الطغاة والمجرمين واحد من بداية البشرية".

ومن جانبه ردا على تصريحات السيسي، قام رسام الكاريكاتير عماد حجاج، بنشر صورة للسيسي، وكتب عليها: "ما تبقّى لمــصر!" في إشارة للفشل الذريع من قبل رئيس النظام المصري في إدارة الملف.

اقتصاد محطم

التوفيق الذي تحدث عنه السيسي، تنفيه بشكل قاطع أرقام الاقتصاد، والدولة الغارقة في الديون، ففي مطلع العام 2020، بحسب وكالة "رويترز" للأنباء  أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، ارتفاع الدين العام المحلي 8% على أساس سنوي إلى 4.186 تريليونات جنيه (270 مليار دولار) بنهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2019-2020.

البيانات التي وثقتها "رويترز"، أوردت أن الدين الخارجي للبلاد زاد 18% على أساس سنوي إلى (109.362 مليارات دولار) في نهاية سبتمبر/أيلول 2019، علما أن أمام مصر جدول سداد ديون خارجية صعب للعامين المقبلين، وهي تحاول توسيع قاعدة مستثمريها وتمديد آجال استحقاق ديونها والاقتراض بفائدة أقل. (الدولار= 15.75 جنيها).

وفي 8 أغسطس/ آب 2019، نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرا بعنوان "رغم إجراءات مصر الاقتصادية.. الفقر يزداد"، تحدثت فيه عن سياسة الحكومة المصرية الاقتصادية، تحت قيادة السيسي.

وذكرت فيه أن "المصريين الأكثر فقرا، هم الذين ينفقون نسبة 48% من دخلهم لشراء الطعام، وهم الأكثر تضررا، فقد أصبح اللحم من الكماليات، فكيلو لحم بقري يعني إنفاق 9% من دخلهم الأسبوعي، وحتى صحن (طبق) الكشري، الذي يعد الغذاء الشعبي لمعظم المصريين زاد سعره، وتبيع المطاعم الصحن اليومي بخمسة أضعاف أو أكثر من سعره السابق".

وقالت: إنه بحسب هيئة الإحصاء الوطني عن تقرير تم تأخيره حول دخل أصحاب البيوت المصرية، ووجدت أن 33% من سكان مصر البالغ نحو 100 مليون، يعدون فقراء حتى العام الماضي (2019)، وهي نسبة أعلى بـ 28% مسجلة في عام 2015.

وحسب تقرير شبكة بلومبيرج في 6 أغسطس/ آب 2020 تحدث عن الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في مصر مشيرا إلى أن معظم المصريين "يعانون بشدة بسبب خفض قيمة العملة بما جعل الجنيه يفقد أكثر من نصف قيمته وكذلك بسبب تقليص الدعم الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد".

وسبق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) في مصر أن أعلن "ارتفاع معدلات الفقر في البلاد إلى 32.5 في المئة من عدد السكان بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016، بنسبة زيادة بلغت 4.7 بالمئة، وهي أكبر زيادة لنسبة الفقر في البلاد منذ 19 عاما".

وتسببت هذه الموجة من الغلاء المستمر في اضطرابات اجتماعية داخل بنية المجتمع المصري، حيث سجل المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر أواخر العام 2019، ارتفاعا حادا في معدلات الطلاق، بالإضافة إلى ارتفاع معدل الجريمة، وكذلك ارتفاع معدلات الانتحار بشكل ثابت، وتقلص الطبقة الوسطى على حساب الطبقة الفقيرة.

نظام مفلس

في 6 أغسطس/ آب 2016، نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرا بعنوان "تدمير مصر"، قالت فيه: "إن السيسي أثبت أنه أشد قمعا من حسني مبارك الذي أُطيح به في الربيع العربي".

ووصفت المجلة نظام السيسي بالمفلس، وأكدت: "أنه يعيش فقط على المنح النقدية السخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المعونات العسكرية من الولايات المتحدة".

لكن هذه الإخفاقات وحدها لم تكن المظهر الوحيد لحكم الجنرال الدموي، فمنذ 3 يوليو/ تموز 2013، لأول مرة في تاريخ مصر يحيل القضاء بشقيه المدني والعسكري أوراق نحو 2553 مواطنا إلى المفتي، ليتم تثبيت أحكام الإعدام على 956 منهم في 70 قضية مختلفة، منها 10 قضايا نظرت أمام دوائر عسكرية.

تم الحكم فيها على 111 مدنيا بالإعدام، ومن بين تلك الأحكام استنفدت 50 منها درجات التقاضي لتصبح نهائية، وتم تنفيذ الحكم بشكل فعلي في 42 متهما.

وأظهرت بيانات وزارة الداخلية في الفترة من أول يوليو/ تموز 2015 حتى نهاية 2018، أنه لم يبق على قيد الحياة سوى 6 فقط من المشتبه بهم من بين 471 رجلا في 108 وقائع.

وقاحة وجرأة

الداعية الإسلامي المصري، عصام تليمة، عقب على حديث السيسي عن التوفيق المحاط به قائلا: "من الوقاحة والجرأة على الله أن يعمل الإنسان المعصية، ثم يقول (لو أنا بعمل حاجة حرام مكنش ربنا وفقني)، لأن الله عز وجل جعل في الكون أوامر تشريعية (افعل ولا تفعل)".

وأضاف تليمة لـ"الاستقلال": "هل السيسي منصاع لأوامر الله، ويلتزم بتشريعاته! وهنا نتساءل عن توفيق الله له، هل هدم المساجد، وإهانة الموتى، وتدمير الأحياء! هل من وفقه الله يفرط في كل مقدرات بلاده بهذا الشكل الذي يقدم عليه السيسي؟!".

وتابع: "وفي هذا الإطار، أولئك الذين يقولون إن (السيسي موفق) من أنصاره، فمن أين له بالتوفيق؟ فضريبة نجاحه في انقلابه العسكري، جعلته يفعل الآتي، أولا: تواطأ مع أعداء أمته (الصهاينة، والأميركان وغيرهم)، ثانيا: تحالف مع كل إنسان حتى ولو كان ضد مصلحة الأمة، وقد رأينا هذا في هدم الجوامع، والقروض التي مثل الرز، وحصوله على معونات ومساعدات من جميع أعداء الثورة".

وأوضح الداعية الإسلامي، أن "كل هذه نجاحات مؤقتة غرته بأن يقول مثلما قال، ومع ذلك فإن مبارك حكم 30 سنة، فهل نستطيع القول إن الله وفقه طول هذه المدة! ولننظر إلى خاتمته كيف كانت".

وشدد على أن "الله عز وجل عندما يملي للظالم لعله يرتدع أو يعود، ولنا في قصة فرعون عبرة، فكم من السنين كان يعذب بني إسرائيل، حتى أن سيدنا موسى عليه السلام ولد ونشأ وكبر في عهده، ثم بعد كل هذه السنوات هزم، بعد أن أخذ بنو إسرائيل بالأسباب وأعدوا العدة، ثم جاء هلاك فرعون وهو في أوج جبروته، ومنتهى قوته، وكانت اللحظة التي ظن أنه انتصر فيها، واقترب من الإمساك بموسى عليه السلام وأتباعه، هي لحظة نهايته".