"صوت الوطن".. هل قتلت السلطات السعودية الصحفي صالح الشيحي؟

12

طباعة

مشاركة

اتهم ناشطون على موقع "تويتر" النظام السعودي بقتل الكاتب الصحفي السعودي صالح الشيحي، الملقب بـ"صوت المواطن" عقب وفاته في 19 يوليو/تموز 2020، بعد صراع مع مرض عانى منه طيلة مدة اعتقاله وزادت حدته منذ الإفراج عنه في مايو/أيار الماضي.

وأثنى رواد "تويتر" عبر مشاركتهم في وسم #صالح_الشيحي، على مواقفه وشجاعته في مناهضة الفساد ودعم المظلومين، ودفاعه عن قضايا المواطن السعودي بكل صبر وجلد، والمطالبة بتحسين أوضاعه، مؤكدين أن ما حدث له هو مصير كل أصوات الحق فى السعودية.

وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة قد قضت بسجن الشيحي في فبراير/شباط 2018، لمدة خمس سنوات ومنعه من السفر أيضا لخمس سنوات بعد انتهاء محكوميته، بتهمة "القدح والذم والإساءة للديوان الملكي والعاملين فيه" خلال لقاء تلفزيوني سابق له تحدث فيه عن الفساد.

واستجاب ناشطون كثر لدعوة القائمين على حساب "معتقلي الرأي" على "تويتر" المعني بالتعريف بالمعتقلين بالمملكة، للمشاركة بحملة تغيير صورة حساباتهم في "تويتر" إلى صورة "الشيحي" لمدة 24 ساعة، كأقل تعبير عن قيمته في قلوبهم، ورفضا لجريمة تسبب السلطات بموته البطيء.

وتداولت حسابات ناشطين مقاطع فيديو للقاءات الشيحي الأخيرة التي كانت سببا في اعتقاله، أبرزها لقاؤه الأخير في برنامج "يا هلا"على قناة روتانا خليجية، الذي اتهم فيه الديوان الملكي بمنح أراض في مواقع إستراتيجية بنظام المحسوبية دون وجود آلية لتوزيع تلك الأراضي.

كتالوج موحّد

وربط ناشطون بين الطريقة التي توفي بها الشيحي، وبين وفاة الصحفي المصري محمد منير نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وبين تصفية الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، مشككين في الطريقة التي توفي بها.

وأكدوا أن هذه آلية الأنظمة الديكتاتورية في تصفية معارضيها الصادقين الرافضين لمجاملة الفسادين والتغطية على فسادهم، متهمين السلطات السعودية بالإفراج عنه للتهرب من المسؤولية عن إيذائه صحيا ونفسيا خلال فترة اعتقاله.

وقال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل: إن "استشهاد الصحفي السعودي صالح الشيحي على الطريقة المصرية، بالكربون مثل استشهاد الصحفي محمد منير!!  اعتقال منذ يناير 2018، إفراج مفاجيء في مايو 2020 ثم ينقل للعناية المركزة منذ خروجه ثم إعلان الوفاة أمس!، مستطردا: "كتالوجكم القذر واحد!".

ورأى الشاعر عبد الرحمن يوسف في تغريدة على حسابه في "تويتر" أن "#صالح_الشيحي لم يمت بل قُتل".

ونشر الإعلامي الأردني ياسر أبو هلالة صورة من مقطع فيديو صورته الصحفية حليمة مظفر، للشيحي داخل محبسه أثناء فعاليات "برنامج إدارة الوقت" في سجن ذهبان بجدة، واستخدمت لاحقا إعلاميا لتلميع صورة السجون السعودية ‏والترويج للتعامل الإنساني الراقي من عناصر المباحث العامة للمساجين.

وعقّب "أبو هلالة" قائلا: إن "هذه الصورة الكاذبة للشهيد #صالح_الشيحي وهو متنعم في سجنه، والواقع أنه قتل بسلاح #الإهمال_الطبي بعد سجنه ظلما! غادر عالما ظالما إلى عالم الرحمن الرحيم".

ولفتت الإعلامية حياة اليماني‎ ‎إلى أن وفاة ‏الشيحي، جاءت بعد فترة من الإفراج الصحي عنه من سجون السعودية، متساءلة: "هل بتنا ‏نعيش عصر القتل النظامي الممنهج من لم يقطعه المنشار، تقتله برودة السجن وفظاعة ‏السجان؟".

سيرة الشيحي

وتحدث ناشطون عن سيرة الشيحي، ومواقفه المناهضة للفساد وتمسكه بحقوق المواطن، وانتقاده للفساد المالي والإداري في الديوان الملكي في وقت يعاني فيه الشعب السعودي من أزمات اجتماعية متفاقمة وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة.

وقال الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب: إن #صالح_الشيحي استحق لقب #صوت_المواطن وبجدارة، لأنه لم يسكت وقال كلمة الحق في زمن العبيد والمطبلين.

وعلقت خديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي، بالقول: "إن كنت ناقدا وطنيا شرسا فنهايتك السجن أو الموت البطيء مثل #صالح_الشيحي إن كنت ناقدا وطنيا معقولا مؤدبا نهايتك القتل مثل #جمال_خاشقجي".

ونشر الإعلامي القطري جابر الحرمي مقطع فيديو للقاء يجمع خاشقجي والشيحي، وعلق قائلا: "اجتمعا في الدنيا على الدفاع عن قضايا المظلومين والضعفاء .. اللهم اجمعهما - وهما قد نزلا عندك - تحت ظل عرشك ..".

تحقيقات أممية

وصب ناشطون جام غضبهم على النظام السعودي، وطالبوا بتحقيقات خارجية بخصوص ما يحدث داخل السجون السعودية، وتحديدا في وفاة الشيحي، ولا سيما بعد تكرار وفاة المعتقلين نتيجة الإهمال الطبي.

وطالب رئيس منظمة "القسط لحقوق الإنسان" يحيى عسيري، بتحقيق بمشاركة أممية في وفاة #صالح_الشيحي، وتساءل عما يجري في المملكة قائلا: "نحن لا نثق في هذه السلطات، ولم يعد #جمال_خاشقجي وحده، بل تلاه #عبد الله_الحامد ثم الآن #الشيحي!".

وأشارت علياء الهذلول شقيقة الناشطة المعتقلة لجين الهذلول، إلى غموض وفاة #صالح_الشيحي، مطالبة بمعرفة حالته الصحية عندما خرج من السجن؟ والأسباب التي سمحت له بالخروج من السجن.

وأضافت: أن "هذا الغموض ليس من مصلحة أحد، ويفقد الدولة شيئا فشيئا ثقة الشعب بها"، مستطردة: "لا نريد أن نفقد الثقة رغم أنها مهتزة".

واعتبر فهد العمادي مدير تحرير جريدة "الوطن" أن السكوت عن سلوكيات ابن سلمان هو موافقة على أفعاله من ممارسات قمعية وجرائم فهو  يلعب على الحبلين، يأخذ حريته في  قمع  الأصوات بوحشية بينما ينسب لنفسه داخليا ودوليا فضل الإصلاحات، وكأنه قدمها كعمل خيري، وفي الواقع هو مجرد "ثور هائج".

وقالت أريج السدحان شقيقة عبد الرحمن السدحان المخفي قسريا منذ اعتقاله في 12 مارس/آذار 2018: "ما أمدانا نفرح بخبر الإفراج عنه حتى نفجع بخبر وفاته"، متساءلة: "مالذي يحصل في السجون؟ دخل السجن سليم وخرج ينازع المرض! الوضع خطير! يجب التحقيق فيما يحصل في السجون!!".

وطالبت المعارضة السعودية مضاوي الرشيد، بمحاسبة النظام لاستهتاره بمعايير العدالة والإنسانية، موضحة أن صالح الشيحي من ضحايا النظام السعودي عبر عن رأيه فسجن ثم أطلق سراحه وبعدها توفي. وأضافت: "عندما نفتقد المحاسبة والقضاء المستقل يتلاعب النظام بالشعب دون رقيب - الله يرحمه ويصبر أهله".

 

يشار إلى أن السلطات السعودية تحتجز ما لا يقل عن 15 صحفيا وراء القضبان، ضمن حملات اعتقال واسعة النطاق ومتتابعة ضد المعارضين في المملكة، بدأت منذ وصول ولي العهد محمد بن سلمان للسلطة.

وبحسب منظمات حقوقية وصحفية، فإن المعتقلين احتُجزوا بشكل تعسفي من السلطات. ولكن بسبب السرية التامة التي يفرضها النظام على هذه الحالات، ورفض بعض الأسر الحديث عنها خوفا من الانتقام، فإنه لا يزال من الصعب جدا تحديد عدد المحتجزين بالضبط.

ورجحت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن المعتقلين قد خضعوا للاستجواب بشأن كتاباتهم سواء في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي (تويتر، سناب تشات، إلخ)، أو في مداخلاتهم التلفزيونية، حيث يلومهم النظام الحاكم على ما يعتبره عدم الولاء للسياسة السعودية الحالية.

وتحل كل من السعودية ومصر في المرتبة الثالثة للبلدان التي تسجن أكبر عدد من الصحفيين وفق التقرير السنوي الصادر عن لجنة حماية الصحفيين.

وتؤكد التقارير أن الصحفيين  الذين مثلوا أمام المحكمة صدرت ضدهم أحكام بأسلوب سري وغالبا مستعجل، فيما تفيد تقارير طبية قيام السلطات السعودية بضرب السجناء السياسيين وتعذيبهم بالحروق وتجويعهم، بما في ذلك أربعة صحفيين، بحسب "الجارديان".

ودعت منظمات حقوقية منذ انتشار فيروس كورونا المستجد في المملكة السعودية، السلطات إلى إطلاق سراح المعتقلين تخوفا من انتشار الوباء داخل السجون، إلا أن السلطات لم تلفت لتلك الدعوات.