الإعلام العبري يحتفي بحفتر.. هل تدعمه إسرائيل في مواجهة تركيا؟
احتفت وسائل إعلام عبرية بتصريحات عبد السلام البدري نائب رئيس الحكومة الليبية في بنغازي غير المعترف بها محليا ودوليا، والتي هاجم فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وطالب المسؤول المقرب من اللواء الليبي المنقلب خليفة حفتر، إسرائيل، بتقديم الدعم اللازم لهم، مؤكدا أنهم لم ولن يكونوا "أعداء أبدا" لتل أبيب.
وجاءت هذه التصريحات في حوار هو الأول من نوعه، مع صحيفة "ماكور ريشون" المحسوبة على تيار الصهيونية الدينية في إسرائيل، نشرته مساء 10 يونيو/حزيران.
وقال البدري، من مقره في بنغازي: إنه لن يعطي لأردوغان فرصة لسلب كنوز ليبيا الطبيعية، وفق تعبيره. كما دعا إسرائيل للانضمام إلى مبادرة سياسية جديدة بالتعاون مع اليونان وقبرص ومصر ولبنان.
المبادرة هي توقيع اتفاقية بحرية مشتركة، كنظير لاتفاقية الحدود البحرية التي وقعتها تركيا مع الحكومة الليبية الموجودة في طرابلس، وهي اتفاقية تمنح أنقرة حق التنقيب عن النفط والغاز في تلك المنطقة بالبحر الأبيض المتوسط.
وفي ليبيا الممزقة منذ تسع سنوات في حرب أهلية دامية، هناك حكومتان متنافستان، الأولى في طرابلس بزعامة فايز السراج، وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، والثانية في بنغازي بقيادة خليفة حفتر، التي تسيطر على معظم حقول النفط والغاز الغنية.
ويشغل البدري منصب نائب رئيس الوزراء في بنغازي، كما يتولى مسؤولية ملف النفط.
إظهار القوة
وتقول صحيفة ماكور ريشون: إن الحرب في ليبيا ليست على النفط فقط، وإنما تتعلق بإظهار القوة خارج حدود البلاد، وعلى البحر الأبيض المتوسط بأكمله واكتشاف الغاز في الشرق الأوسط بشراكة إسرائيلية.
حتى وقت قريب كانت حكومة بنغازي تتمتع بالسيادة العسكرية الواضحة، ولكن مع بداية يونيو/حزيران انقلبت الموازنة. بدأت قوات خليفة حفتر - التي فرضت حصارا على طرابلس خلال العام 2019 - تفقد الأراضي وعانت من سلسلة من الهزائم العسكرية الشديدة.
جاء ذلك بعد أن بدأت تركيا في توريد الأسلحة والمعدات العسكرية للحكومة في طرابلس، إلى جانب المستشارين العسكريين والقوات التركية.
في محاولة لوقف هذا التقدم، أنزل الروس في ليبيا أسطولا صغيرا من الطائرات المقاتلة. النتيجة: تنقسم ليبيا الآن إلى مركز نفوذ تركي في طرابلس ومنطقة نفوذ روسية في بنغازي، وفق الصحيفة العبرية.
عبد السلام البدري يدرك الوضع الجديد ويقول: إنه من الناحية التكتيكية كان عليهم الانسحاب، وهي خطوة أنقذت العديد من الأرواح، وأن حصار طرابلس كان خطأ.
لقد باغتهم وصول الأتراك مع الطائرات المسيّرة وهم غير مستعدين، لكنه وحسب أقواله: "فمع المعدات العسكرية الحديثة المناسبة، سيتمكنون من التأقلم مرة أخرى".
يكمل البدري: "لدينا تاريخ طويل من الاتصال مع إسرائيل والجالية اليهودية. نريد خارطة جديدة تراعي مصالح ليبيا إلى جانب دول المنطقة ورحيل جميع الأجانب".
ويوضح: "الأتراك أو الروس، الذين يساعدوننا عسكريا، لا يمكن أن يديرونا كدولة وفقا لتصوراتهم، بالنسبة لنا، الشركات الأميركية هي من أسست صناعة النفط لدينا، ونحن ندعوهم للعودة".
وأخيرا، يخاطب البدري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "لم نكن ولن نكون أعداء أبدا ونأمل أن تدعمونا، الظروف هي التي باعدت بيننا حتى الآن، نحن ندعم مبدأ حل الدولتين (بين فلسطين وإسرائيل). في غضون ذلك، لدينا مصلحة مشتركة، نحن وإياكم في نفس الجانب. سيكون من الغباء أن نتجاهل ذلك".
التوتر مع تركيا
في الأثناء، وصل رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكس إلى إسرائيل في 16 يونيو/حزيران، يليه الرئيس القبرصي نيكوس أناستاساديس بعد ذلك بأسبوع.
وتقول الصحيفة: "ستُجرى زيارات لاستئناف الرحلات الجوية بين إسرائيل واليونان بعد فيروس كورونا، ولكن في قلب جدول الأعمال سيكون نقاش التوتر المتزايد مع تركيا بشأن حقوق الحفر في مخزون الغاز المتوسطي وطرق التعامل مع طموحات تركيا الإمبريالية في البحر الأبيض المتوسط".
وفي تقرير آخر لموقع "israeldefense"، يحذر من إرسال تركيا غواصات للمشاركة في الحملة داخل ليبيا.
في الأيام الأخيرة، بدأت التقارير تتراكم بأن تركيا تشغل غواصات بالقرب من الساحل الليبي، كجزء من مشاركتها في الحملة الليبية ومساعدتها لحكومة الوفاق الوطني.
وشرعت الغواصات التركية في المهمة بعد أن بدأت مصر في تعزيز قواتها، ودخول القوات المصرية المدرعة إلى ليبيا والاعتداء على قافلة ومقر للجيش التركي، بمساعدة طائرات ميغ 29 الروسية، وفق الموقع العبري.
يقول التقرير: "يجب تذكر أن مصر وروسيا تساعدان مليشيا الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال حفتر. في هذا السياق، ساعدت القاهرة في إنشاء وتدريب وتشغيل قوة كوماندوز بحرية، تعمل ضد الحكومة وتنفذ أيضا عمليات قتالية بحرية ضد السفن التركية (بما في ذلك التجارية)".
وأضاف: "تم تجهيز الكوماندوز البحري التابع للجيش الوطني الليبي من قبل المصريين بقوارب هجوم سريعة وأسلحة خفيفة". كما تدعم روسيا المليشيا الليبية، حيث أرسلت قوات برية وجوية ونحو 1500 من المرتزقة، تعمل نيابة عنها للمساعدة ضد حكومة الوفاق.
ويقول الموقع: "الغواصات التركية التي وصلت إلى الموقع تساعد القوات الأخرى في جمع المعلومات الاستخبارية في الساحة والوقوف على أهبة الاستعداد لأي تطور في الساحة البحرية".
ويوضح أنه "تم تجهيز الغواصات التركية بأسلحة متطورة، مثل الطوربيدات المضادة للغواصات، والصواريخ المضادة للسفن، وأنظمة جمع المعلومات الاستخبارية المتقدمة، ويمكنها مساعدة القوات البرية والبحرية التركية والحكومة الليبية في حالة الهجمات البحرية المصرية أو الروسية ضد أهداف برية أو بحرية".
إلى جانب تقارير عن وصول غواصات إلى ليبيا، جرى نشر تغريدة على تويتر تفيد بأن أنظمة الاتصالات البحرية الغواصة معطلة. ويعتقد أن تعطل الأنظمة ينبع من عمليات الحرب الإلكترونية للمصريين أو الروس، الذين يعملون في الساحة بقوة أكبر، وفق الموقع العبري.
وقال: إن الحملة في ليبيا تصاعدت في الأسابيع الأخيرة، وهي مشهد من الصراع بين القوى البحرية العاملة في الساحة - فرنسا وروسيا ومصر وتركيا- ويُسمع في الخلفية صوت الأمم المتحدة للمصالحة والتهدئة.
دور إسرائيل
وفي مقالة على موقع زمان يسرائيلي، يوضح فيها الدبلوماسي ومحاضر العلوم السياسية الإسرائيلي ميخال هراري الآثار المترتبة على "تل أبيب" فيما يتعلق بالشأن الليبي.
على الرغم من أن المسألة الليبية ليس لها آثار مباشرة على إسرائيل، ولكن بالنظر إلى تفاقم الصراع وخاصة مشاركة العديد من الفاعلين الأجانب، يبدو أن ليبيا تتحول إلى منطقة اقتتال إقليمية، وحتى بين القوى العظمى (مع غياب واشنطن).
ومع هذا كله، قد يكون للاقتتال آثار، ولو بشكل غير مباشر على المصالح الإسرائيلية الحيوية، يقول هراري.
ويتابع: "في الواقع يجب على إسرائيل تحسين علاقاتها مع حلفائها الواضحين الآن - مصر واليونان وقبرص، وكذلك مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الدائرة الثانية - فيما يتعلق بالتطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط.
بعبارة أخرى، من المناسب أن تدعم إسرائيل حلفاءها في مواجهة التصعيد في الساحة الليبية، دون الخوض في تفاصيل حول طبيعة الحل السياسي المنشود في ليبيا.
في نهاية المطاف، فإن العواقب السلبية تمس استقرار مصر وكذلك تعزيز مكانة أنقرة في المنطقة يؤثر بشكل مباشر على المصالح الإسرائيلية الحيوية، وفق الأكاديمي هراري.
وبين أنه "يجب توضيح الموقف الإسرائيلي بهذه الاتجاه، حتى وإن لم يكن بصوت عال وبالعلن، في العواصم التي لها صلة، مع التركيز على واشنطن وبروكسل وموسكو، وكذلك بالطبع مع حلفائها".
في هذا الوقت، لا مصلحة لإسرائيل في كشف جميع الأوراق التي بين يديها، كما حاولت عدة تقارير في الآونة الأخيرة أن تخلق جدلا وتربط القضية بحوار إسرائيلي تركي محتمل.ويختم أن "استئناف الحوار السياسي مع أنقرة أمر مرغوب فيه، ولكن يجب أن يستند إلى اجتماع حقيقي للمصالح، ربما حول الساحة السورية، ولكن في هذا الوقت من الصعب للغاية صياغته (بالذات الآن مع مشروع ضم الضفة الغربية)".