بدعوى قرابتهم للرسول وحق "الخمس".. هكذا ينهب الحوثيون ثروات اليمنيين

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مؤخرا، قام الحوثيون بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الزكاة الصادر عام 1999، ومنحوا أنفسهم امتيازا ماليا حصريا تحت مسمى "الخمس"، أي ما يعادل 20% من ثروات الدولة وأموال المواطنين.

وفق الحوثيين، فإن هذه النسبة مستحقة لهم من ثروات البلد وأموال التجار، كحق شرعي بصفتهم من "أولي القربى"، ومن ورثة النبي محمد الذي يدعون الانتساب إليه.

استند الحوثيون في تلك اللائحة للآية القرآنية 41 من سورة الأنفال "واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل".

حسب الحوثيين، فإن الخمس يؤخذ من المغانم والركاز (وهي الثروات المدفونة تحت الأرض وفي البحر)، ويعطى لأولي القربى من بني هاشم، واليتامى بمن فيهم بنو هاشم، والمساكين بمن فيهم بنو هاشم، وابن السبيل، بمن فيهم بنو هاشم أيضا، كما نصت على ذلك اللائحة.

وإلى جانب محاولة الحوثيين إضفاء الشرعية الدينية على حقهم بهذه النسبة، أضفوا أيضا شرعية برلمانية، حيث أقر مجلس النواب الخاضع لسيطرتهم في صنعاء، هذه النسبة، في خطوة تحاكي ممارسات سلطة الولي الفقيه في إيران، وهي الخطوة الأخطر منذ الانقلاب، بحسب مراقبين.

نص اللائحة

نصت اللائحة التي أقرها مجلس نواب الحوثيين على وجوب أخذ الخمس من الغنائم والركاز، أي من الثروات النفطية، كالبترول والغاز والمازوت وكل ما اشتق منها، والثروات السمكية على رأسها الأسماك والأحياء البحرية بجميع أنواعها، بالإضافة إلى المجوهرات التي تستخرج من باطن البحر كاللؤلؤ والمرجان.

وبموجب اللائحة، يجب الخمس في كل أنواع المعادن، كالذهب والفضة والنحاس والزئبق، وحتى المياه المعدنية، وكذلك كل الأحجار الكريمة كالماس والعقيق والزمرد، وحتى الأحجار غير الكريمة كالرخام وأحجار البناء، ومواد البناء كالرمل والحصى.

إضافة إلى ذلك فإن الخمس واجب على العسل، إذا تم اغتنامه من الأشجار أو الكهوف، والقائمة مفتوحة لأي اجتهاد للإضافة التي تعد قابلة للتعديل.

وإعمالا لتلك اللائحة، فقد أسس الحوثيون جهازا مختصا بجمع أموال الخمس من اليمنيين، أطلقوا عليها "هيئة الزكاة" لتسليم الخمس لـ"بني هاشم".

من خلال ذلك الجهاز، سيقتطع الحوثيون ما نسبته 20 بالمائة، من ثروات اليمن النفطية لصالحهم، وسيلزمون كل تجار تلك الأصناف، بدفع 20 بالمائة بشكل سنوي لبني هاشم، الذي يتزعمهم عبد الملك الحوثي.

وبالطبع فإن تلك النسبة التي يستقطعها الحوثيون، تختلف عن زكاة النقد والذهب والعروض التجارية وزكاة الثمار والتي تكون مستحقة عند بلوغ النصاب واكتمال الحول، وتقدر بنسبة معينة تتراوح بين العشر وربع العشر، والتي تقوم مصلحة الواجبات الزكوية بتحصيلها كل عام من التجار.

أساس سلالي

أثار ذلك القانون انزعاج معظم اليمنيين، ورأوا فيه قانونا عنصريا، يفرز المجتمع لفئتين، ويقسمهم أفقيا على أساس سلالي عرقي، قسم يدفع الخمس، وقسم يتلقى الخمس.

وحسب مراقبين، فقد استدعى ذلك القانون المعيار السلالي، وأحل الهوية العرقية مكان الهوية اليمنية الجامعة.

وفي الوقت الذي يفترض أن يكون الناس سواسية، بموجب التعاليم الدينية والأعراف الاجتماعية والقوانين الدولية، والدستور والقانون اليمني، فإن ذلك القانون قد جعل لمجموعة من الناس امتيازا زائدا عن الآخرين، وهو الجانب الأخطر الذي سيكون له تداعياته على النسيج الاجتماعي في اليمن، وفق متابعين.

الباحث المتخصص في العلوم الدينية عصام القيسي قال لـ"الاستقلال": "قانون الخمس فكرة مجنونة لا تصدر عن جماعة تشعر بالمسؤولية الأخلاقية والتاريخية تجاه ما تفعل، وليس لديها أدنى احترام للمجتمع الذي تعيش فيه وتعتاش منه".

يضيف القيسي: "سيكون هذا القانون لعنة على هذه السلالة في المستقبل تورثها الندم، لن تسكت أمة على هذا المستوى من الاحتقار والإذلال والنهب إلا إذا كانت أمة من البهائم، واليمنيون ليسوا كذلك".

يتابع القيسي: "قد يبدو اليمني ساذجا لبعض الوقت، لكنه ليس كذلك طوال الوقت، بدليل أن الحركة الوطنية فيه هي أقدم حركة وطنية في التاريخ العربي، لمواجهة العنصرية السلالية، كما قال مطهر الإرياني في مقدمة مذكرات القاضي عبد الرحمن الإرياني (رئيس اليمن الأسبق)".

القاضي الدكتور أحمد عطية وزير الأوقاف اليمني غرد على تويتر قائلا: "لو كان الرسول جاء مبعوثا لسلالة، أو كان الإسلام خاصا بعائلة، أو يخدم أقارب بمزايا كالخمس، ويفضلهم على بقية الأمة، لكان أول من أسلم هم أقارب الرسول أبو جهل وأبو لهب، وكان عمار وبلال وصهيب كفارا بهذا الدين العائلي، لكن حاشا رسول الله ذلك، فهو رحمة للعالمين ونبي للبشرية كلها دون تمييز".

وطالب وزير الأوقاف من جميع علماء اليمن دون استثناء، بإصدار بيانات للرد على ما يسمى قانون الخمس، وتعريته وفضحه لمخالفته للشريعة الإسلامية، والمواثيق الدولية، والفطرة البشرية، والدعوة إلى المواطنة المتساوية بموجب الدستور والقانون، ورفض كل ألوان التمييز العنصري.

نهب الثروات

وعلاوة على كونها تفرز المجتمعات وتؤسس لصراع قادم بين فئات المجتمع، فإن متابعين عدوا ذلك نهبا منظما لثروات البلاد وأموال المواطنين والتجار، في مسعى من الجماعة الحوثية لمضاعفة ثرواتها، وتعزيز وضعها المالي.

وتفرض جماعة الحوثي جبايات وإتاوات مالية على المواطنين، بشكل دائم، من بينها المجهود الحربي، ودعم احتفالات المولد النبوي ويوم القدس العالمي، وتفرض غرامة على من يتخلف عن الدفع، إلا أن أكثر الجبايات خطورة هي الخطوة الأخيرة في فرض الخمس.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني غرد على تويتر قائلا: "لم يكتف مرتزقة طهران (الحوثيون) بنهب الخزينة والاحتياطي النقدي والإيرادات العامة، فذهبوا لسن قوانين فصل عنصرية تشرعن نهب وتقاسم ثروات البلد وممتلكات المواطنين تحت مسمى الخمس، في استهداف خطير للهوية الوطنية والسلم الأهلي وإثارة النعرات العرقية بين مكونات المجتمع اليمني".

وأضاف الإرياني في تغريدة أخرى: "إذا كانت المليشيا تصدر هذه القوانين العنصرية التي تشرعن نهب ثروات البلد وممتلكات المواطنين، وهي تحت ضغط القوة العسكرية، ولا تمارس أيا من وظائف الدولة، ولا تسيطر سوى على 20% من الأراضي، ولا تتمتع بقاعدة شعبية فماذا كانت ستفعل لو أنها تمكنت من فرض الانقلاب وأحكمت قبضتها على اليمن؟".

سلوك عنصري

حزب الإصلاح اليمني أصدر بيانا اعتبره البعض الأشد جرأة، قائلا في أحد فقراته: "كما يؤكد التجمع اليمني للإصلاح إلى ضرورة التجريم لكل أشكال العنصرية، وصنوف التمييز الطبقي، وكل ما من شأنه أن يتعارض مع قيم العدالة والمساواة وحق المواطنة ومبدأ الإخاء الوطني".

وأضاف البيان: "ويدعو (الحزب) البرلمان إلى إصدار قانون يجرم التمييز العنصري والطبقي والسلالي، ويكرس مبدأ الحقوق المتساوية لجميع المواطنين، كما يدعو الإصلاح إلى إعادة صياغة مناهج التعليم بروح وطنية تهدف لتحرير العقول وتحصينها من تأثير حقب الإمامة السوداء وتاريخها المظلم".

من جهته أصدر مجلس النواب التابع للسلطة الشرعية بيانا وصف قانون "الحوثي" بـ"السلوك العنصري الممنهج وامتهانا للشعب اليمني"، وأكد أن القانون "لا قيمة له، لأنه صادر عن مليشيات عنصرية انقلابية إرهابية، لا تتمتع بأي مشروعية".

وأضاف البيان، الذي صدر عن رئاسة هيئة البرلمان: "ما يسمى قانون الخمس يعد خرقا فاضحا لكل المواثيق الدولية وقيم المساواة والعدالة الاجتماعية وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز العرقي".

مضيفا: "في الوقت الذي ينتفض فيه العالم ضد العنصرية بمختلف أنواعها وفي واحدة من أكبر جرائم العصر الحديث أقدمت مليشيات الحوثي العنصرية الانقلابية الإرهابية، والتي لا تتمتع بأي مشروعية، بإعلان قواعد وإجراءات غير مسبوقة تبيح لها استقطاع 20% من جميع عوائد الشعب اليمني وثرواته الطبيعية في باطن الأرض وأعماق البحار وما تزرع الأرض تحت مسمى (الخُمس) لصالح من سمتهم بني هاشم حصرا، والذي يدعي قائد الانقلاب الإرهابي عبد الملك الحوثي زعامته لهم".

عقب ذلك، أصدرت هيئة علماء اليمن بيانا أنكرت قانون الحوثي، قائلة في إحدى فقرات البيان: "لقد وقفت هيئة علماء اليمن على آخر ما أحدثته المليشيات الحوثية الانقلابية بوضع لائحة تنفيذية لقانون الزكاة الصادر عام 1999، بطريقة باطلة لا مستند لها من كتاب الله ولا من سنة رسوله".

وأضافت البيان: "تتصادم اللائحة التي أحدثتها الميلشيا الانقلابية مع نصوص الدستور اليمني النافذ والقوانين اليمنية المنبثقة عن المؤسسات الدستورية، ليجعلوا تلك اللائحة ذريعة لنهب أموال الشعب اليمني بنسبة 20% من الركاز والمعادن وموارد الدولة اليمنية، وغيرها تحت مسمى" الخُمس".