قانون لبناني جدلي.. هل يهيئ الرأي العام للتطبيع مع إسرائيل؟

12

طباعة

مشاركة

بالتزامن مع عقد مجلس النواب اللبناني، اليوم الخميس 28 مايو/أيار 2020، جلسة تشريعية لمناقشة عدد من القوانين المقترحة، أبرزها "قانون العفو العام" المختلف عليه بين الكتل السياسية بالمجلس، أعرب ناشطون عبر موقع التواصل تويتر، رفضهم التام لتشريعه.

وأفادت مواقع إخبارية لبنانية، بتنفيذ عدد من الرافضين لإقرار القانون وقفة احتجاجية أمام قصر الأونيسكو، مرددين شعارات مناهضة للقانون، الذي تسمح المادة الثامنة منه بالعفو عن الهاربين أو "المبعدين" إلى إسرائيل عام 2000، وهو ما يعد مخالفة للنصوص الدستورية.

اللبنانيون الهاربون إلى إسرائيل، تتراوح أعدادهم بين 2000 إلى 3000، فروا إلى "تل أبيب" مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان في 25 مايو/أيار 2000 بعد احتلال دام 22 عاما.

وكان هؤلاء ضمن "جيش لبنان الجنوبي" أو ما عرف بـ"جيش لحد" الموالي لإسرائيل، وهي مليشيا من أبناء القرى الجنوبية ووحدات منشقة من الجيش اللبناني تشكلت بدعم الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة الرائد سعد حداد وبعد وفاته بالسرطان خلفه اللواء أنطوان لحد.

ووصل عدد أفراد هذه المليشيا إلى 6 آلاف جندي، هرب معظمهم إلى "تل أبيب" مع قوات الاحتلال بعد إعلان إيهود باراك رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي آنذاك، في أبريل/نيسان 2000 الانسحاب التام من جنوب لبنان دون أي اتفاق، فيما نزح بعضهم مع أفراد عائلاتهم إلى بعض الدول الأوروبية، وسلم آخرون أنفسهم ليجري اعتقالهم.

وأكد ناشطون عبر مشاركتهم في وسمي #عملاء_لا_مبعدين، #حقن_رصاصة، أن من خان الأرض، لا مكان له فيها، رافضين تسميتهم بـ"المبعدين" ومطالبين بوصمهم بالعمالة لإسرائيل وخيانة البلاد مدى الحياة.

وأشاروا إلى أن عودة "العملاء الخونة" يخدم الكيان الإسرائيلي، ويسمح له بإعادة تفعيل قدراته الاستخباراتية بالداخل اللبناني، ويتيح له جمع المعلومات الميدانية عبر العملاء العائدين، ويدعم القدرة الإسرائيلية على تجنيد عملاء جدد.

وشدد ناشطون على أن التراخي في محاسبة الخونة يجعل الخيانة والعمالة لإسرائيل أمرا مستصاغا ومشرعا ومرفوع العواقب عن فاعله بقوة القانون، وفق تعبيرهم.

تمرير التطبيع

ورأى ناشطون أن القبول بالعفو عن العملاء يعني تلقائيا تحضير الرأي العام اللبناني للتخلي عن فكرة العداء لإسرائيل، معلنين رفضهم لأن يصبح التطبيع والعفو عن ما أسموهم الخائنين وجهة نظر.

وقالت فاطمة قبيسي: إن عودة العملاء تعني التطبيع مع العدو الغاصب، واستنزاف الشهداء، وسحق القضية الفلسطينية، وإنكار المجازر الصهيونية بحق لبنان، وجنوب لبنان تحديدا، وهو ما يؤدي إلى انقسام الوطن بين مؤيد عميل ومقاوم معارض، وفتح سيناريوهات العمالة المشروعة على أنها غلطة وليست جريمة.

وسخر أحمد ياسين قائلا: "إذا كان العفو عن عملاء لحد الخونة مقبولا وسيمر كما مر الإفراج عن عامر الفاخوري، شو ناطرين ما بيطرحوا فكرة السلام مع إسرائيل؟ هيك هيك الرأي العام صار محضر لهيك مهزلة، تفه"، بحسب قوله.

وأعلن ناشطون رفضهم لدمج عملاء إسرائيل مع الشعب اللبناني حتى وإن سمح لهم بذلك بقوة القانون فستظل خيانتهم وصمة عار تلاحقهم، وفق قولهم.

وقال محمد داود داود: "باستطاعة القانون أن يمنح عميلا البراءة ، لكنه لا يستطيع أن يمنحه الشرف".

وقالت نانسي صابح: "من يقرأ مشروع قانون العفو عن العملاء بيعرف إنن ما بيسترجوا يرجعوا وآلية تنسيق عودة من يُغامر منهم بدها سنة وبهالسنة يخلق الله ما لا تعلمون. يعني من الآخر اللي بالنفوس أقوى من النصوص".

خيانة عظمى

وبدوره، قال حزب الاتحاد اللبناني في بيان له بالتزامن مع مناقشة مجلس النواب لقانون العفو العام: إن القانون يخالف السيادة  لاسيما المادة الثامنة منه، في ما يتعلق بالتعامل مع عدو الوطن في وقت الحرب، الذي تطبق عليه في كل نصوص العالم عقوبة الخيانة العظمى. 

وأضاف: "لا يجوز بنصوص عندنا أن تتم تبييض صفحات العملاء بناء على رغبات سياسية شعبوية حيث يحاول هذا البعض التعمية على هذه العمالة وإظهارها على أنها عملية إبعاد، بينما هي كانت خيارا إراديا خيانيا للوطن ومنهم من حمل الجنسية الصهيونية وخدم في جيش العدو وشارك في الاعتداء على لبنان عام 2006 وأعطى للعدو معلومات عن وطنه كان من نتيجتها سقوط عشرات الشهداء والجرحى".

وأجمع ناشطون على أن المطالبين بعودة عملاء إسرائيل هم مثلهم ويستحقون القتل بالرصاص، وفق رأيهم.

ونادى ناشطون بإسقاط مجلس النواب واتهموه بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي، إذ قال أحد المغردين: "مجلس بدو يقر عفو عن العملاء... على أساس هودي (هؤلاء) النواب قمة الوطنية...! يلي بيعفي عن عميل بيكون عميل أكبر منو".

إلهاء للشعب

ورفض ناشطون تسمية المليشيات الهاربة إلى إسرائيل بأنهم "مبعدون"، إذ قال علي رضا سبيطي: "يحاولون تمرير مصطلح المبعدون، وكأن ما حصل بغير إرادتهم، وفي الحقيقة هم عملاء خونة جبناء فارون! فروا من بلادنا حين لفظت الأرض المحتل. بلادنا نحن لا بلادهم فهي لم تعد بلادهم منذ خانوها".

وكتب آخر: "في كتير ناس تعرضت للظلم والإعتداء من الصهاينة ومع هيدا رفضوا التعامل مع الصهاينة، أما من هرب إلى إسرائيل بحسب قوله إنهم خافوا من القتل فهذا عذر أقبح من ذنب".

واستنكر ناشطون مناقشة مجلس النواب لمثل هذا القانون في الوقت الذي تعاني فيه لبنان من أزمات اقتصادية وسياسية كبيرة تحتاج لمناقشة وحسم، فضلا عن ضعف الخدمات وارتفاع في معدلات الفقر والبطالة وارتفاع أسعار السلع والدولار وغيرها.

واعتبر ناشطون ما يحدث براعة سياسية في تمرير قضايا لإلهاء الشعب عن وضعه المزري، وتغطية على الفشل في تلبية مطالب الشعب وعلى رأسها إعادة الأموال المنهوبة.

وقال عباس الحاج: "الشعب طالب باستعادة الأموال المنهوبة والمهربة فمجلس النواب اليوم عقد جلسة لاستعادة العملاء الهربانين من البلد...الخيانة أكبر خطر، وليست وجهة نظر ولا مكان للعملاء على أرض ارتوت بدماء الشهداء...".

واستهجن وسام الغزاوي قائلا: "#تركوا مشكلة الفساد والسرقة والدولار والاقتصاد والأموال المنهوبة والمصارف وركضوا وراء عودة #العملاء".

وحذر ناشطون من تبعات تمرير القانون وإعادة دمج الهاربين إلى إسرائيل الذين أصبح كامل ولائهم لها الآن مع الشعب اللبناني.