بعد انتهاء كورونا.. هكذا سيصبح شكل الاقتصاد في العالم

12

طباعة

مشاركة

تناول كاتبان في صحيفة صباح التركية أبعاد الأزمة الاقتصادية التي من الممكن أن تعصف بالعالم، بعد تفشي فيروس كورونا الذي تسبب بانكماش غير مسبوق.

وقالت الكاتبة أوزليم دوغانير: إن الشكوك حول الأرقام الاقتصادية والحزم المعلن عنها تتزايد بين فترة وأخرى، ومنها مجموعة العشرين التي أعلنت عن حزمة بقيمة 5 تريليونات دولار، وصندوق النقد الدولي الذي أعلن عن حزم قروض؛ وأيضا البنوك المركزية التي وسعت من قنوات المقايضة.

وتابعت دوغانير: أن العالم لا يعرف كيف ومتى يتخلص من هذا الكابوس، وكم يستطيع تحمله، "وعليه فقد تكون أكثر الكتب قراءة في المنزل هذه الأيام هي كتب نظرية الأزمات. الجميع يأمل في الحصول على انتعاشة مميزة وبطرق مختلفة". 

تواصل الكاتبة: "وفقا لاستطلاع أجري على مديري صناديق بنك أوف أميركا، يعتقد 52٪ منهم أن الانتعاش سيكون على شكل حرف U ونسبة أخرى تظن أنه سيكون على حرف W، ونسبة ثالثة تقدر بـ15% تظن أن الانتعاش على شكل V، فيما نسبة أخرى تعادل 7% تظن أنه سيكون على حرف  L".

النوع U يعني انكماشا لربعين ومعدلات نمو سلبية أو صفرية تستمر 4 أرباع على الأقل في أسفل U، مما يعني التعافي بعد عام ونصف إلى عامين.

النوع W يشير إلى تحسن لطيف بعد الضائقة ولكن يكون مؤقتا وبعد هذه الانتعاشة سيكون هناك انكماش قاس يعيشه الاقتصاد.

النوع V، يعني أنه بعد الانكماش المفاجئ الذي يستمر لمدة ربع العام أو ربعين، يبدأ تأثير الصدمة في الدخول بفترة التعافي.

أما النوع L، هناك معدلات نمو صفرية أو منخفضة لمدة عامين على الأقل بعد الركود مع تأثير الصدمة التي بدأت مع تفشي الأزمة.

انكماش اقتصادي

في الاقتصاد الأميركي وحده، هناك توقعات بانكماش يتجاوز 6٪ في الربع الأول و30٪ في الربع الثاني؛ وبسبب هذه الضغوط الاقتصادية، من المتوقع أن يخفف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الإجراءات المتخذة ضد الفيروس في غضون أيام قليلة.

وقد يكون ذلك إنقاذا له قبل الانتخابات التي ستعقد نهاية العام (نوفمبر/تشرين الثاني 2020)، فيما تتوقع الكاتبة أنها لن تعقد برمتها بل ستؤجل ولن تجري.  

على الجانب الآخر من العالم، سيتم نشر بيانات النمو للربع الأول في 17 أبريل/نيسان في بكين. وبصفتها مركز الفيروس، ستكون الصين أول دولة ترى تأثير ذلك على النمو في صناعتها.

وحتى زمن قريب كانت الصين هي الاقتصاد الذي سيحقق النمو الأكبر في العالم عام 2030 لكن مع الفيروس إلى أي مدى يتحقق هدف كهذا؟

أيضا إلى أي درجة ستتأثر الولايات المتحدة بالفيروس بعد أن أصبحت مركزه الجديد، رغم كل التطمينات والتحضيرات التي تتمتع بها واشنطن إزاء أي أزمة؟ 

تقول الكاتبة: إن "تركيا تعاملت مع الفيروس بشكل مختلف، فمنعت كبار السن والأطفال من الخروج، فيما بقيت العديد من المصانع تعمل، ومن يمكنه العمل من المنزل شجعته على ذلك، والكثير من المصانع لقيت دعما كبيرا من الدولة نظير إنتاج المنتجات الطبية وخاصة الأقنعة الواقية".

أيضا، العلاج كان بالمجان وفق مرسوم رسمي نشر بالجريدة، سواء للمواطن أو المقيم، وفي جانب آخر، الكثير من المؤسسات المتوسطة والصغيرة تلقت دعما حكوميا نظير أن تواصل أعمالها. 

سقراط قال كلمة قبل 400 سنة قبل الميلاد: "الشيء الذي نعرفه هو أننا لا نعرف أي شيء" لكن وزير الصحة التركي أكد وبشكل لا يقبل التأويل أن "سرعة انتشار الفيروس باتت تحت السيطرة" وهو في الحقيقة خبر مدهش وعظيم، تقول الكاتبة.

وتتابع: "في وقت يضرب فيه الفيروس اقتصاد الدول من الولايات المتحدة إلى إسبانيا، ونرى ذلك في البيانات التي تنسال هنا وهناك، تركيا ورغم أنها لم تعلن حظرا إجباريا، فهي تبدو أقوى من هؤلاء كلهم، وهي تعلن عن الإجراءات بتؤدة وبحذر ودون أي خوف، وفي الحقيقة، لقد فادت الأزمات التي عاشتها البلاد كثيرا في مواجهة هذه الجائحة".

قد يكون الأمر مبكرا، تستدرك الكاتبة: "لكن أريد أن أدعو للتفكير في عالم مجموعة الدول العشرين ما بعد كورونا والتغيرات التي ستحل بهم".

ركود وبطالة

أما الكاتب محمد بارلاس ، فقال في مقالة له: "في هذه الأيام، عندما نغلق المنزل، نشعر أننا لسنا وحدنا في العالم وأننا جزء من الكل الكبير".

على سبيل المثال، في أيام الفيروس هذه التي نعيشها، انخفض استهلاك البنزين في أوروبا وبالطبع أيضا في تركيا بنسبة 80 بالمائة؛ فهل من الممكن ألا نرى أي نوع من الركود ينتظر صناعة السيارات لاحقا؟

ويمكنك أن تتخيل أن 80% من المجالات التي تفتح باب العمل للشبان مغلقة الآن، سواء المطاعم والفنادق وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، يقول الكاتب.

وعليه يمكنك بالطبع أن تتوقع حجم البطالة وموجتها المتصاعدة، خاصة في بعض الأماكن كجنوب إيطاليا التي تشكل السياحة 80% من عائداتها، أي أن الجنوب بالكامل بدون عمل الآن. 

أما هنا في تركيا، يقول: "إذا تذكرنا الأزمات الاقتصادية الكبرى التي مررنا بها، فإننا نرى أيضا أنها أدت لاحقا إلى تحولات سياسية جذرية".

وعلى سبيل المثال: بعد أزمة عام 1929 (الكساد الكبير)، انتهت تجربة التعددية الحزبية، ومرت تركيا بمرحلة الدولة المركزية اقتصاديا، وبما أن العالم كله تأثر جراء الفيروس، لن تكون أنقرة بمنأى عن هذا الأمر. 

وأردف الكاتب: "الإجراءات التي نحتاج إلى اتخاذها ضد الأزمات في الأفق تتم مناقشتها كل يوم في مجلس الوزراء، فيما وزير المالية والخزانة براءت البيرق، ينتهز كل فرصة ممكنة للإعلان عن حزم دعم جديدة، ويحذر المؤسسات المالية والبنوك من استغلال أي فرصة لصالحهم".

فيما يوجه وزير الصحة يوميا خطاباته ونصائحه ويتحدث عن تطورات الجائحة للرأي العام ليضعهم في صورة الوضع أولا بأول.

ويقول: "ما نفتقده هو أن أحزاب المعارضة ذات الآراء السياسية المختلفة تنتقد السلطة فقط، بدلا من إنتاج نماذج مختلفة من الإصلاحات".

ويتابع الكاتب: "لا أحد يعرف متى ستنتهي هذه الأيام، لكنها لن تنتهي والسلام، بل ستترك الكثير من الأزمات والمشاكل التي يتوجب النظر فيها والعمل على حلها، وبالقطع تركيا كغيرها من الدول ستعمل على مكافحة هذه المعضلات".