تصاعد الاتهامات.. من كان وراء ترشيح علاوي لرئاسة حكومة العراق؟

يوسف العلي | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت الاتهامات بين الكتل السياسية العراقية عقب فشل رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة الانتقالية، وتدور التساؤلات الأبرز حول الجهات الإقليمية والمحلية التي رشحت محمد توفيق علاوي، في ظل حراك شعبي بمدن وسط وجنوب البلاد منذ 6 أشهر.

يأتي فشل علاوي في تشكيل الحكومة بعد مرور 30 يوما على تكليفه رسيما من رئيس الجمهورية برهم صالح، إلا أنه لم يتمكن من إقناع أغلب الكتل السياسية، وبالتالي لم يكتمل النصاب في جلستين استثنائيتين للبرلمان كانتا مخصصتين لعرض كابينته الوزارية للتصويت.

اجتماع "قم"

تضاربت الأنباء بخصوص الجهة التي رشحت علاوي إلى رئاسة الحكومة الذي كلفه الرئيس العراقي مطلع فبراير/ شباط 2020، لكن التصريحات الرسمية لنواب في البرلمان أكدت في حينها أن الأخير جاء باتفاق بين تحالفي "سائرون" المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و"الفتح" بقيادة هادي العامري.

وقال النائب عن تحالف "الفتح" مختار الموسوي في تصريحات صحفية: إن "ترشيح علاوي جاء باتفاق بين تحالفي الفتح وسائرون، إضافة إلى أطراف سياسية أخرى أيدت تسميته لرئاسة الحكومة"، مؤكدا أن "تحالف الفتح هو من دفع باتجاه محمد علاوي بالتوافق مع الصدر، واسمه مطروح منذ أكثر من شهر".

وفي السياق، أكد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في مقابلة تلفزيونية مع قناة "العراقية" الرسمية إنه "تفاجأ بالاتفاق الذي حصل بين تحالفي الفتح وسائرون، لترشيح محمد توفيق علاوي لرئاسة الحكومة".

وأضاف رئيس الحكومة العراقية الأسبق: "أنا لم أكن ضمن الاتفاق، وفي الوقت الذي لم أعترض على علاوي كشخص، فإني كنت أتمنى أن تكون عملية التوافق عل اختيار رئيس الحكومة أكثر متانة، وأن تأتي من الكتلة الأكبر وبتوافق وطني أكبر".

مصادر من تحالف "البناء" الذي ينضوي تحته "الفتح" قالت لـ"الاستقلال": إن ترشيح علاوي جاء باتفاق بين زعيم "الفتح" هادي العامري وزعيم "سائرون" مقتدى الصدر في لقاء جرى في 12 يناير/كانون الثاني 2020، في مقر إقامة الأخير بمدينة قم الإيرانية.

وأوضحت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها أن "العامري ذهب للاتفاق مع الصدر بتوجيه من إيران، ولم يكن ذلك بملء إرادته، لتدارك خطورة الأوضاع التي تهدد الطبقة السياسية الشيعية الحاكمة جراء المظاهرات الشعبية المندلعة في البلاد".

وأكدت أن "الاتفاق بين الجانبين أتى بتوفيق علاوي كمرشح وحيد إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، ليذهب الأخير إلى تكليفه بتشكيل الحكومة خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما".

لم يغب ذلك الاجتماع عن الصحافة الإيرانية، وسلطت الضوء على اتفاق الصدر والعامري الذي جرى في مدينة قم على ترشيح علاوي إلى رئاسة الحكومة، ووصفت ذلك بأنه "توافق سياسي جرى بين سائرون والفتح على رئيس وزراء عراقي جديد".

وعلى المستوى الرسمي، رحبت طهران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، عباس موسوي، بالقول: إن "طهران ترحب باختيار محمد توفيق علاوي رئيسا لوزراء العراق".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن موسوي قوله: "في إطار الدعم المستمر للاستقلال والسيادة الوطنية ووحدة الأراضي وتعزيز أسس الديمقراطية في العراق، نرحب بتكليف محمد توفيق علاوي برئاسة وزراء هذا البلد".

تراجع وتبرؤ 

قبل إعلان اعتذاره عن تشكيل الحكومة في الأول من مارس/آذار الجاري، بدأت الكتل السياسية الشيعية وتحديدا من تحالفي "سائرون" و"الفتح" تعلن براءتها من ترشيح علاوي لمنصب رئيس الوزراء، ووجهت اتهامات للرئيس العراقي برهم صالح بأنه هو من رشح علاوي بناء على إملاءات خارجية، في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة "الشرقية" العراقية، نفى مقتدى الصدر أن يكون هو من رشح علاوي، وقال: "أنا اعتبرت علاوي حلا وسطا توافقيا اضطراريا، لم أوافق عليه وإنما سكت عن ترشيحه، لأني أعرف أنه ربما لن يكون الحل".

وقال الصدر: إن "رئيس الجمهورية هو من رشح علاوي، وجزاه الله خيرا، ولكن ذلك لا يعني أنني أوافق على علاوي أو أرفضه، أنا لا أريد ذمه، فهو كشخص لا بأس به، وقد لا يكون عليه ملفات فساد".

أما المتحدث باسم تحالف "الفتح" النائب أحمد الأسدي، فقال في مقابلة تلفزيونية: "علاوي جاء بتوافق نيابي ولم ترشحه الكتلة الأكثر عددا مثلما ينص الدستور"، لافتا إلى أن "56 نائبا هم من رشح علاوي إلى رئيس الجمهورية، والأخير هو من كلفه بتشكيل الحكومة".

لكن الأسدي ناقض نفسه بعدما بين أن كتلته مع تحالف الصدر هي من جاءت بعلاوي، قائلا: "نحن في الفتح وسائرون، طالبنا علاوي بأن تكون حكومته مستقلة وبعيدة عن الكتل السياسية، مع مراعاة المكونات جميعا، والرجل التزم بذلك".

وأضاف: "اشترطنا (سائرون، الفتح) على علاوي أن تتوفر في الوزير 3 شروط وبخلافها سنسقط حكومته، وهي: الكفاءة والنزاهة والاستقلالية، وفعلا الرجل تحاور مع الأحزاب والكتل السياسية على هذا الأساس".

وعن تحميل الكتل الشيعية للرئيس العراقي المسؤولية في ترشيح علاوي، قال المحلل السياسي العراقي وائل الركابي لـ"الاستقلال": "رئيس الجمهورية لدوافع ربما إقليمية أو دولية أو كردية، هو من جاء بعلاوي ورشحه إلى رئاسة الحكومة".

وأوضح أن "التدخل الأمريكي واضح، فاتصال وزير الخارجية مايك بومبيو، برئيس الوزراء المكلف في وقتها كان داعما لعلاوي، بعدما ذهب رئيس الوزراء المستقيل إلى محور بعيد عن أمريكا، ولم يمسك العصى من المنتصف، حرصا على مصالح العراق".

وأشار الركابي إلى أن "اتصال بومبيو مع علاوي تدخل في إجراءات تنفيذية عراقية، وهو حاول جس نبض علاوي في حينها، وإلا كيف نفسر حديثه عن محاسبة قتلة المتظاهرين ومنح السنة والأكراد حصصا في الحكومة".

"مصالح مشتركة" 

يأتي الاتصال الهاتفي بين بومببو وعلاوي بعد ساعات من فشل الحوارات بين تحالف العامري والتحالف السني لضمان تصويت الأخير على حكومة علاوي، وبتخوف السنة والأكراد من حكومة جديدة أريد لها أن تبقى لعام 2022.

وحض بومبيو، خلال الاتصال علاوي على حماية الجنود الأمريكيين وتلبية مطالب المحتجين الذين يتظاهرون منذ أشهر، وذلك قبيل تصويت برلماني لمنح الثقة للحكومة الجديدة.

ويعتبر هذا الاتصال أول تعليق أمريكي بخصوص محمد علاوي منذ تكليفه مطلع شباط/فبراير 2020، كمرشح توافقي، إذ قال بومبيو: إنه أبلغه في اتصال هاتفي بأن الولايات المتحدة تدعم أن يكون العراق "قويا وسياديا ومزدهرا".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية مورغان اورتيغوس في بيان: إن بومبيو "شدد على واجب العراق في حماية الولايات المتحدة والدبلوماسيين عن التحالف وعناصره ومنشآته".

وتحدث بومبيو مع علاوي بشأن "ضرورة أن تضع الحكومة العراقية المقبلة حدا لقتل المتظاهرين وتحقيق العدالة للذين قتلوا وجرحوا وتلبية مطالبهم المشروعة"، وفق المتحدثة.

لكن النائب عبدالإله النائلي عن "ائتلاف دولة القانون"، المقرب من إيران أشار إلى وجود "مصالح مشتركة" بين علاوي، والولايات المتحدة، دفعت واشنطن إلى الإسراع في مباركة تكليفه.

وقال النائلي في تصريحات صحفية: إن "موقف ائتلاف دولة القانون، الرافض لتكليف علاوي، هو موقف مبدئي ينطلق من حساسية هذه المرحلة وضرورة التصدي لرئاسة الوزراء من قبل شخص يشعر بالمسؤولية الكبيرة تجاه البلد، من أجل السيطرة على الأزمات التي يمر بها العراق وتحقيق مطالب المتظاهرين".

ولم يقف الأمر عند اتهام علاوي بالتعامل مع الأمريكان، بل اتهمه النائب العراقي بأنه متورط بالفساد، بقوله: "الكتل السياسية تورطت في اختيار شخصية عليها ملفات فساد وفشلت في إدارة الوزارات في مرحلة سابقة"، في إشارة إلى علاوي عندما كان وزيرا للاتصالات في حكومة المالكي الثانية عام 2010.