استطلاع: رحيل بوتين عن الكرملين يقلق الروس.. وهذه الأسباب

12

طباعة

مشاركة

أظهر مسح روسي حديث، أن مغادرة فلاديمير بوتين المحتملة للكرملين في عام 2024 تسبب قلقا للمواطنين، حيث يعتقد أكثر من نصف المستطلعين أنه بعد مغادرة الرئيس الحالي للسلطة، سيتدهور الوضع على كافة الأصعدة في البلاد.

ونقلت صحيفة "كورييه إنترناسيونال" الفرنسية، المختصة في ترجمة المقالات من الصحف العالمية، عن "أر بي سي ديلي- موسكو" (RBC DAILY - MOSCOU)، أن أكثر ما يخيف الروس فيما يتعلق برحيل بوتين هو تفاقم الصراع على السلطة، وإعادة توزيع الممتلكات، وفقدان هيبة البلاد. 

وقالت الصحيفة: "وفقا لدستور روسيا، لا يمكن لفلاديمير بوتين (67 عاما) الترشح للرئاسة مجددا، وبالتالي، فإن ولايته الحالية، التي ستنتهي عام 2024، هي الأخيرة، مما يدفع العديد من المراقبين إلى السؤال كيف يعتزم الرئيس البقاء؟".

عاصفة سياسية

وأثار بوتين عاصفة سياسية في 15 يناير/كانون الثاني الماضي باقتراحه إصلاحات على الدستور الروسي استقال على إثرها رئيس الوزراء الذي لم يكن يحظى بشعبية دميتري مدفيديف وأعضاء حكومته.

وخرجت تكهنات بأن بوتين يناور من خلال المقترحات التي فاجأت الروس ومعظم أركان المؤسسة الحاكمة لإحكام قبضته على السلطة إلى ما بعد انقضاء ولايته الرابعة في الكرملين عام 2024.

ويقول الخبراء: إن مناقشة سيناريوهات السلطة والمستقبل السياسي لبوتين اشتدت بعد بدء الإصلاح الدستوري، فعلى الرغم من التكهنات بأن بوتين يريد البقاء في السلطة، أعطى رئيس الدولة العديد من الإشارات التي تم تفسيرها بأنه لا يعتزم البقاء في الرئاسة إلى الأبد وأن التعديلات التي اقترحها لا تهدف إلى تمديد فترة ولايته الحالية. 

وبعيدا عن هذه التكهنات، سلط مركز الحالة السياسية بقيادة أليكسي تشيسناكوف (معهد خاص ولكن قريب من الكرملين) الضوء على مخاوف السكان الروس من احتمال مغادرة بوتين للكرملين، بعد 24 سنة من دخوله.

ووفقا لتقرير "أر بي سي" اليومية، فإن رحيل الرئيس المحتمل عن منصبه ومن الحكومة ككل، يثير قلق المجتمع الروسي، وبشكل أكثر تحديدا المخاوف والمخاطر بالنسبة لمستقبل البلاد، الذي يربطه المواطنون بشخص الرئيس الحالي.

تفاصيل الاستطلاع

لمعرفة المخاطر والمخاوف الموجودة في أذهان الروس فيما يتعلق بخروج بوتين المحتمل من الرئاسة والسياسة بشكل عام، أجرى خبراء المركز استطلاعا للرأي بناء على عينة تمثيلية متنوعة اجتماعيا وثقافيا في أربع مدن هي موسكو وبيرم وفولغوغراد وإركوتسك. 

وبحسب الاستطلاع، فإن الخوف الأكثر وضوحا هو تفاقم الصراع على السلطة بين القوى السياسية المختلفة، والحد من الالتزامات الاجتماعية للدولة وإلغاء المشروعات الوطنية، وضعف السياسة الخارجية، وتراجع سلطة روسيا في العالم ورفض رئيس الدولة في المستقبل الاستمرار في السير على نهج سياسة بوتين.

ويوضح الاستطلاع أنه بالنسبة لمعظم من تمت مقابلتهم، فإن "شخص" ساكن الكرملين الحالي "ضمان للاستقرار"، ويخشى العديد من فوضى بالبلد فمن غير المعروف ما الذي سيحدث عند مغادرته.

كما يرى الروس أنه لا توجد شخصية بارزة حاليا يمكنها خلافة بوتين، حيث يقول أحد المستطلعة آراؤهم: "بغض النظر عن كونه جيدا أم لا، لا أستطيع تخيل من يمكن أن يحل مكانه".

ويشير الاستطلاع كذلك إلى أن "من بين المخاوف تفاقم النزاعات بين الأعراق وتعزيز المشاعر الانفصالية، وهي مخاطر موجودة في القوقاز وغيرها من الجمهوريات الوطنية.

وأشار التقرير، على وجه الخصوص، إلى أن استقرار الوضع في القوقاز يعتمد على العلاقات الشخصية بين الرئيس الروسي الحالي ورئيس الشيشان رمضان قاديروف والميزانية الفيدرالية.

وقال المواطنون الروس: إن بوتين وقاديروف يبليان بلاء حسنا، فقد استطاعا إخراج المسلحين وأعادا بناء المدينة. ويقولونه "إذا غادر بوتين فسيوقفون إرسال الأموال إلى هناك وينتهي كل شيء".

فيما أعرب آخرون عن خوفهم من أنه إذا تغيرت السلطة ستتعرض ثروات البلاد للنهب من قبل المسؤولين القدماء والجدد، أي أن "الفساد سيتضخم إلى حد لا يمكن تصوره".

ويرى الروس أيضا أن وجود بوتين في السلطة يحمي البلاد من التهديدات العدائية خاصة القادمة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية "إذا غادر بوتين، ستشعر أمريكا بمزيد من الحرية؛ أنا خائف من الأمريكيين، أخاف منهم حقا، لأن قوتهم مجنونة" كما يقول أحدهم. 

مخاوف أقل

وبسبب المخاوف والمخاطر المحيطة بروسيا، تتوقع الدراسة، وفقا للآراء التي جمعتها، تدهورا كبيرا في الوضع الاقتصادي للبلاد الذي قد ينهار بسبب الصراع المستمر على السلطة، وانخفاض في قدرة موسكو الدفاعية.

كما تتوقع اضطرابات شعبية، واحتمال نشوب حرب مع دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، فوفقا لهم يحاول بوتين حل كل شيء بشكل سلمي، وإذا جاء آخر في مكانه سيبدأ بالحرب.

وبشكل عام، يشرح المركز أن سبب مخاوف المواطنين المرتبطة برحيل الرئيس يرجع في الأساس إلى تجربتهم الشخصية بعد مغادرة ليونيد بريجنيف، ميخائيل غورباتشوف وبوريس يلتسن.

ويعرف الناس أن تغيير السلطة في روسيا ليس كما هو الحال في المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية، فتغيير رئيس الدولة عادة ما يؤدي إلى تغييرات خطيرة وليس دائما للأفضل.

ورغم هذه المخاوف، يؤكد الخبراء أن هناك العديد من العوامل التي تضعف أو تخفف من المخاطر والمخاوف المثارة في أذهان المواطنين، فمع استبعاد افتراض أن بوتين يخطط بالفعل لترك السلطة بعد انتهاء ولايته؛ فحتى لو غادر بالفعل الرئاسة سيظل هو بطل الرواية في النظام السياسي أي الرئيس الخفي لروسيا.