فوز المحافظين بالبرلمان.. انعكاسه على العام الأخير من حكم روحاني
سلطت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، الضوء على الانتخابات التشريعية الإيرانية، إذ وصفت نسبة الامتناع العالية عن المشاركة بالتصويت وما أفرزته من نتائج، بأنها تمثل ضربة قاسية للإصلاحيين وإحباطا للمحافظين، رغم فوزهم، وخبرا سيئا بالنسبة إلى المنطقة.
وأعلن وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في 21 فبراير/ شباط الجاري، بلغت 42.57 بالمئة، ما يعكس أدنى نسبة مشاركة في اقتراع مماثل منذ عام 1979.
أزمة ثقة
تقرير "لوفيجارو" للصحفي جورج مالبرنو، أكد أن الرهان على الانفتاح في إيران سيُصبح من الماضي بعد فوز المحافظين، مشيرا إلى نسبة المشاركة المتدنية للغاية لم تحدث منذ ظهور الجمهورية الإسلامية، حيث خرج عدد قليل من الشعب للتصويت في الانتخابات.
وأوضح أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أعلنتها وزارة الداخلية، هي الأقل في تاريخ الانتخابات الثورية في إيران، فخلال عام 2016، كانت المشاركة 62 بالمئة، حيث أدلى في العاصمة طهران، واحد من كل أربعة أشخاص بصوته في صندوق الاقتراع (26.2 بالمئة).
ورأى التقرير أن هذه الأرقام تكشف أزمة الثقة العميقة بين القادة والشعب الإيراني، الذي تجاهل المرشد علي خامنئي- أعلى سلطة في البلاد- بعد حثه المواطنين على المشاركة، وذلك وسط تنامي الغضب من الحكومة والتدهور الاقتصادي الناتج أساسا عن العقوبات الأمريكية.
ونوه إلى أنه في كل أربع سنوات، من خلال الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، تحتاج "الديمقراطية" الإيرانية، إلى الاقتراع العام من أجل إضفاء الشرعية عليها، لكن هذه المرة، أدى الكذب بشأن تحطم طائرة بوينج الأوكرانية التي أودت بحياة 176 شخصا، من بينهم العديد من الجنسيات الثنائية - واستبعاد أكثر من 7 آلاف مرشح إلى فقدان الكثير من الإيرانيين الاهتمام في اقتراع حسمت نتائجه مقدما.
طريق شائك
وأكد التقرير أن هيمنة المحافظين على البرلمان المقبل، الذين فازوا بنحو 200 من أصل 290 مقعدا، جعل للإصلاحين، أنصار رئيس الجمهورية المعتدل حسن روحاني بعد منع أغلبهم من الترشح، خمسة عشر ممثلا فقط بالمجلس.
وفي مواجهة برلمان قادم، ينتقد سياسة الانفتاح، يمكن أن يكون العام الأخير لروحاني كرئيس للجمهورية طريق معبدة بالأشواك بالنسبة لأولئك الذين راهنوا على الصفقة النووية لإخراج إيران من عزلتها الدولية، بحسب التقرير.
وتابع: كما أنه في ظل استمرار رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تعزيز سياسته المتمثلة بـ "أقصى ضغط" على طهران، يمكن لهذا البرلمان أيضا أن يأخذ زمام المبادرة لطلب خروج إيران من معاهدة حظر الانتشار النووي، مع احتمال تصاعد التوترات مع الغرب بشأن القضية النووية في الأشهر المقبلة.
وأشار التقرير إلى أنه في المقابل، وردا على هذه المشاركة المتدنية التي لم تصل إلى الـ 50 بالمئة وهو الهدف الذي حددته ضمنيا السلطة، اتهم المرشد الأعلى علي خامنئي وسائل الإعلام الأجنبية بأنها لم تشجع الشعب الإيراني على التصويت، واللجوء، حسب قوله، إلى ذريعة فيروس كورونا الجديد، الذي أدى حتى الآن إلى إصابة 61 شخصا، وتسبب في وفاة 14 شخصا آخرين في جميع أنحاء البلاد.
وقال خامنئي خلال درس فقهي، في 23 فبراير/ شباط الجاري: "الأعداء في الأشهر الماضية سعوا لخلق أجواء سلبية لمنع المشاركة في الانتخابات، كما استخدموا انتشار كورونا كذريعة.. أشكر الشعب الإيراني على المشاركة الواسعة في الانتخابات البرلمانية، رغم الدعايات المغرضة للأعداء لقد شاءت إرادة الله لهذا الشعب أن ينتصر".
وأضاف: "لقد بدأت الدعاية السلبية قبل بضعة أشهر ضد مشاركة الشعب في الانتخابات، وازدادت مع اقتراب موعد الانتخابات، وخاصة في اليومين الأخيرين، تحت ذريعة مرض وفيروس ما، لم تفوت وسائل الإعلام التابعة للعدو أدنى فرصة لثني الناس عن التصويت".
وعبّر خامنئي عن اعتقاده بأن "عداء أعداء الشعب الإيراني لا يقتصر على المجالات الاقتصادية والثقافية والدينية، بل إنهم يعارضون حتى انتخابات الشعب الإيراني".
خطوة للوراء
ومن المفارقات، يوضح التقرير، في حين أن طهران تعد معقل الإصلاحيين لم يفز أي منهم في العاصمة، بعدما عزف الشباب على نحو خاص عن الاقتراع، وفوزه بفكرة أن النظام قد انتهى، رغم أن هذا الرأي لا تشاركه معظم الدول الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، وكذلك جيرانها، حتى أولئك الذين يعارضون طهران مثل الإمارات.
وأكدت "لوفيجارو" أن غالبية الإيرانيين، الذين راهنوا على حسن روحاني والصفقة النووية لتحسين حياتهم، أصبحوا مقتنعين الآن بأنه لا يمكن تغيير الجمهورية الإسلامية.
وبحسب التقرير، فإنه رغم أن البرلمان ليس مخولا باتخاذ القرارات الإستراتيجية في هذا البلد، فإن انتخاب عدد كبير من مؤيدي الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد يمثل خطوة إلى الوراء من وجهة نظر الكثير من الإيرانيين. لأن كل أدوات السلطة - باستثناء رئاسة الجمهورية - هي الآن في أيدي المتشددين.
وأوضح أنه في العام المقبل، ستنتخب إيران رئيسا جديدا محافظا على الأرجح، حتى تظهر البلاد جبهة موحدة ضد الولايات المتحدة، خاصة إذا تم إعادة انتخاب دونالد ترامب.
وخلص تقرير "لوفيجارو" إلى أن الحال في البلاد يشير إلى نهاية ولاية الرئيس السابق محمد خاتمي، عندما ذهب 51 بالمئة فقط من الإيرانيين في عام 2004 للتصويت في الانتخابات التشريعية، وإدانتهم للعقبات التي لا تعد ولا تحصى التي وضعتها الحكومة في طريق رئيس يرغب في الإصلاح، ففي العام التالي، تم انتخاب أحمدي نجاد المحافظ، وشددت إيران من مواقفها.