"مكافحة الإرهاب".. قانون يشدد الخناق على الإعلام المصري المعارض
نشرت صحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الناطقة بالفرنسية، تقريرا تناولت فيه دراسة البرلمان المصري تعديل قانون مكافحة الإرهاب رقم (8) لعام 2015، مؤكدة أنه يمكن من خلاله تشديد الخناق على بعض وسائل الإعلام الناقدة للسلطة باعتبارها منظمات إرهابية.
وقالت الصحيفة في تقريرها: إن لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بالبرلمان المصري، أقرت في 27 يناير/ كانون الثاني 2020، مشروع تعديل للقانون رقم 8 لعام 2015 يعرف "الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات الإرهابية".
سلاح الحكومة
ولفتت إلى أن النص المقترح يستهدف الصحفيين على وجه التحديد، مع الإشارة إلى "قنوات البث السمعي البصري أو الورقي، فضلا عن المحطات الإذاعية ووسائل الإعلام الموجودة على الشبكات الاجتماعية".
وأكدت الصحيفة أنه "في حال التصويت على النص، يمكن تصنيف بعض القنوات التلفزيونية أو أجهزة الراديو أو وسائل الإعلام عبر الإنترنت على أنها إرهابية – ويتم معاقبتها على هذا النحو".
وأوضحت أنه من خلال تضمين مصادر من "داخل أو خارج البلاد"، يستهدف النص بشكل أكثر تحديدا بعض القنوات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين والتي تبث من تركيا أو قطر.
ونوهت الصحيفة إلى أن الحجة المالية هي سلاح تقدمت به الحكومة لإضعاف المعارضة، حيث يمكن حرمان وسائل الإعلام المستهدفة من حقوقها وفقدان وصولها إلى أي شكل من أشكال الدعم.
وذكرت أن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي صرح مؤخرا: "ستكون الدولة المصرية سخية في دعمها للصحافة طالما أنها تخدم الأهداف المحددة لها، لكن الوصول إلى هذه الإعانات يعد مصدر قلق ثانوي في ظل الرقابة المباشرة أكثر من اللازم".
ونقلت الصحيفة عن صابرينا بنوي، رئيسة مكتب الشرق الأوسط في منظمة "مراسلون بلا حدود"، قولها: "تخضع بعض وسائل الإعلام المستقلة للرقابة في الدولة وموقعها محظور ولا يمكن مطالعته".
خنق الحريات
وأكدت "لوريان لوجور" أن "مصر تُعد واحدة من أكثر الدول التي تسجن صحفيين، خلف الصين والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية".
وبحسب تقرير نشرته مراسلون بلا حدود في ديسمبر/ كانون أول 2019، فإنه "خلال عام 2019، قُتل 49 صحفيا، كما يوجد 389 محتجزا حاليا و57 كرهائن".
وفي نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، اعتقل أربعة صحفيين وفتشت أماكن عملهم وفي مقدمتهم موقع "مدى مصر"، إذ أعربت المنظمة عن قلقها تجاه تضييق الحكومة على واحد من آخر معاقل الصحافة المستقلة في البلاد، والمعروف بتحقيقاته الحساسة.
كما أنه في يناير/ كانون الثاني الماضي، قبضت السلطات المصرية على صحفيين من مكتب وكالة أنباء "الأناضول" التركية في القاهرة بدعوى نشرهم "أخبارا كاذبة" عن مصر.
ورأت ""لوريان لوجور" أن هذه التطورات تعكس سياسة النظام الذي عمل منذ عام 2014، على خنق أي صوت معارض عن طريق تجريم العاملين في مجال الإعلام أو طلاب الجامعة أو النشطاء المتهمين من خلال تهم "الإرهاب والتآمر"، لافتة إلى أن "الصحفيين، وكذلك المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والباحثين في مقدمة المستهدفين".
خدمة للقمع
الصحفية أكدت أنه "إذا تم إقرار هذا القانون خلال الأسبوع الجاري، فإن التعديل سيعزز ترسانة قانونية موجودة بالفعل تهدف إلى تعبئة القانون في خدمة القمع".
ولفتت إلى أنه في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تم التنديد بقانون تنظيم وسائل الإعلام باعتباره وأدا للحريات، خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام المستقلة التي رأت أنه سيفرض تكاليف مالية إضافية تهدد بقاءها.
وذكرت "مراسلون بلا حدود" في تقريرها الصادر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن "تطبيق قانون تنظيم وسائل الإعلام يعزز مناخ القمع على الشبكة. يجب على الصحف الإلكترونية الآن التقدم للتسجيل لدى السلطات. بالنسبة إلى المواقع المحظورة بالفعل من قبل الحكومة، يبدو أن الحصول على إذن أمر مستحيل، في ظل ما يحدث هناك ليس هناك ما يضمن إمكانية فك الحظر عن هذه المواقع مرة أخرى".
ووفقا للصحيفة الناطقة بالفرنسية، فليست الترسانة القانونية هي الوسيلة الوحيدة التي تستخدمها الحكومة لخنق حرية الصحافة. ونقلت عن صابرينا بنوي، قولها: إنه "في سبتمبر/ أيلول الماضي، عقب الاحتجاجات المناهضة للسلطة، نفذت السلطات أكبر موجة من الاعتقالات منذ تولي عبدالفتاح السيسي السلطة، وهي موجة طالت الصحفيين وتبين كيف أن الصحافة باتت مخنوقة بالكامل".
وأكدت أن "تعديل القانون الحالي سيكون ميزة للنظام إذ أنه يمكن تصويت البرلمان أن يجعل ببساطة هذا العمل أسهل من خلال توفير قواعد قانونية جديدة لتجريم المهنة. إضافة إلى الخطر الذي يواجه مهنيي الصناعة والرقابة الفعلية الموجودة، يمكن أن يشجع التعديل الرقابة الذاتية".