"تفجير البالون".. هكذا تخطط تركيا للقضاء على الجنرال حفتر
تتواصل تداعيات الموقف العالمي مما يحدث في ليبيا، إذ تحاول تركيا الحفاظ على مصالحها الاقتصادية بالبحر المتوسط، فيما تقف دول غربية وعربية ضد أنقرة عن طريق دعم الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، في محاولة للعثور على موطئ قدم لها في المنطقة المشتعلة.
الكاتب محمد بارلاس، قال في مقال بصحيفة "صباح" التركية: إن "الفضول أثاره، عندما أعلن عن مكالمة أخرى جرت بين الرئيس رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، تناولت الشأن الليبي".
حفتر وسليماني
وتساءل "هل سيكون لواشنطن موقف متقدم حيال ما يحدث في ليبيا وإيقاف سيل الدم المنهمر هناك، ولا سيما وإن حفتر يواصل وعيده وتهديده، بل وجرائمه، إذ هاجمت قواته مؤخرا حديقة مدرسة بالعاصمة طرابلس، أدت لسقوط قتلى وجرحى؟".
وأضاف بارلاس أن ترامب، الذي أمر باغتيال الجنرال الإيراني سليماني، منهيا الكثير من الأعمال التي كان يقوم بها، هل يمكن أن ينسحب ذلك على حفتر؟ موضحا أن "ذلك في الوقت الراهن غير ممكن، حيث يرى أن استبدال الملف الإيراني بالليبي من واشنطن، غير ممكن خلال الظرف الراهن".
وشدد على أن "ترامب يرى أن أولى أولوياته الآن هي إسرائيل، بحيث يحولها إلى دولة وصاحبة أرض، محاولا تطبيق صفقة القرن، بحيث تعود الأراضي التي احتلتها إسرائيل في الضفة الغربية لها وهي في صورتها الحالية مستوطنات عشوائية بنتها بعد عام 1967".
وتابع الكاتب: "لذلك، بغض النظر عن مدى عمق ومصداقية حوار ترامب مع أردوغان، يصل هذا الحوار إلى أقصى درجاته قوة عندما يكون محور الحديث هو نتنياهو وإسرائيل".
"تفجير البالون"
ورأى بارلاس أن "حل الأزمة في ليبيا يقع على عاتق تركيا وحدها دون الرهان على طرف ما حتى لو كان ترامب، لذلك ليس هناك فائدة من توقع الكثير من ترامب أو ميركل ومن خلال ما أرسلته تركيا من جنود وضباط لها سيعمدون على تدريب القوات الحكومية المعترف بها في ليبيا، لتعمل هي بعد ذلك على تفجير ذلك البالون المسمى حفتر".
من جانبه، قال الكاتب بولنت أوراك أوغلو في مقال نشرته "يني شفق" التركية: إنه "منذ القضاء على القذافي بعد ثورة شعبية عليه، حيث تدخلت القوى الغربية والولايات المتحدة، انقسمت ليبيا فعليا إلى دولتين متحاربتين، بين حكومة الوفاق الوطنية، المعترف بها دوليا بقيادة، فايز السراج، والأخرى قوات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر".
وتابع: "وفيما تجد الحكومة الشرعية دعما من الاتحاد الأوروبي وتركيا وإيطاليا وقطر، فإن حفتر يحصل على دعم فرنسا والسعودية ومصر والإمارات وكذلك إسرائيل؛ وفيما كانت روسيا تتحرك وفق أهوائها في السابق باتت تتعاون مع تركيا حاليا".
صنيعة أمريكية
ولفت أوراك أوغلو إلى أن "حفتر ضمن التابعين للمخابرات الأمريكية بل هو يحمل الجنسية ذاتها، وبعد محاولة الانقلاب على القذافي عام 1993 حكم عليه بالإعدام ومن وقتها وهو يقيم في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى موطنه بعد مقتل القذافي، ليعلن نفسه قائدا للجيش الليبي، بل ويخوض معارك ضارية بهدف السيطرة على طرابلس وحكومتها الشرعية، وتجاوز حدوده مؤخرا حين هدد بإغراق السفن التركية بعد توقيع أنقرة مع طرابلس اتفاقية التفاهمات البحرية الأخيرة".
وأوضح الكاتب أن "حفتر لا يعترف بالحكومة الشرعية، بل وأصر على أن يواصل التحرك انطلاقا من مجلس النواب المنعقد في طبرق شرق البلاد، وهو البرلمان غير المعترف به من كثير من الدول، في وقت كانت بعض الأنباء في الصحافة الإقليمية قد أشارت سابقا إلى أن مصر والسعودية والإمارات، الذين هم من أنصار حفتر، يستعدون لتشكيل حكومة جديدة تحت قيادة السفير الليبي السابق لدى أبوظبي عارف النايض في ليبيا".
ولفت إلى أنه "في ليبيا، تبرز القوى والروابط السرية التي تتعامل مع حفتر، الذين يعارضون الحكومة الشرعية ويحاولون شن هجمات إرهابية".
بارلاس اعتبر أن "حفتر الذي لعب دورا رئيسيا في الإطاحة بالقذافي، تم إحضاره أيضا إلى المسرح من بؤر مظلمة للإطاحة بحكومة السراج، وإضافة إلى الأهمية الإستراتيجية لليبيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن القوى التي وضعت أعينها على الموارد النفطية أطلقت حفتر الذي كان يتمتع بعلاقات وثيقة مع وكالة الاستخبارات المركزية في الماضي إذ تم إنقاذه من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية".
وأضاف: "بعد أسر حفتر في الثمانينيات من القرن الماضي، في تشاد، تم إنقاذه وإرساله إلى الولايات المتحدة بواسطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وأقام علاقة وثيقة مع مقر الوكالة في لانجلي بواشنطن، حيث خدم هناك بعد أن فشل تماما في التغلب على القذافي سواء في اغتياله أو في محاولات الإطاحة به".
وبيّن الكاتب "بعد الانتفاضة التي بدأت ضد القذافي في عام 2011، عاد حفتر إلى ليبيا، حيث كان القائد الرئيسي لقوة مسلحة مؤقتة في الشرق، ولعب دورا مهما في إخراج القذافي من السلطة وبعد سقوط الأخير، عاد حفتر مرة أخرى عام 2014 ليقود ما وصفه انتفاضة ضد حكومة السراج".
حفتر وغولن
وحاول بارلاس ربط علاقة ما بين منظمة غولن وجنود حفتر، حيث تطرق للكثير من منتسبي غولن الذين يفرون من تركيا للخارج، وهم تقريبا كانوا يتولون مناصب رفيعة لها علاقة بالأمن القومي والعسكري في تركيا ما جعلهم يسربون الكثير من الوثائق التي لها علاقة بحلف شمال الأطلسي وتركيا التي هي عضو فيه".
وأشار إلى أن "أعضاء منظمة غولن الفارين سلموا هذه الوثائق للبلاد التي فروا إليها، وخاصة ألمانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ما عزز من قبولهم في تلك البلدان، بل وتلقوا دعما منهم، ومن نافلة القول: إن الاستخبارات التركية تجابه تلك العمليات بمزيد من الدقة والحيطة والعمل على عدم تسريب تلك المعلومات خارجا".
ونوه الكاتب إلى أن "حفتر يستفيد من هذا كله، لأنه وكما هو معروف فالاتفاق مع ليبيا تقف ضده كل من اليونان، والجزء اليوناني من قبرص، والإمارات ومصر، وعليه هناك الكثير مما يجب عمله إزاء ذلك، ولهذا، بدؤوا الترويج أن هذا الاتفاق مخالف للقانون، لكن هذا الأمر لا يبدو مجديا تماما، إذ هناك عدد لا يحصى من القرارات التي اتخذت، مؤيدة لتركيا في القضايا التي فتحتها محكمة العدل الدولية".
واختتم بارلاس حديثه بالقول: "لهذا يلعب حفتر على وتر آخر وهو الوصول إلى السلطة واعدا داعميه أنه وفي حالة الوصول إلى السلطة سيعمل على إلغاء هذه الاتفاقية بين تركيا وليبيا. بطبيعة الحال، فإن منظمة غولن، التي تخضع لسيطرتها، تعبر عن آراء حفتر واليونان وفرنسا وعلى رأس هذه المنظمة تأتي الاستخبارات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، حيث تستخدم كل هذه الأطراف بما فيها حزب العمال الكردستاني (بي كاكا) كأدوات لخوض حرب بالوكالة مع تركيا".