مجرد من مضمونه.. ماذا قدم منتدى دافوس الاقتصادي منذ تأسيسه؟
نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب شهاب كافجي أوغلو، تناول فيه اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، وطبيعة الحضور التركي فيه منذ اجتماعه الأول في عام 1972 وحتى يناير/ كانون الثاني 2020، مشيرا إلى غياب المناقشات السياسية عنه.
وقال الكاتب في مقاله: إن "اجتماعات دافوس على أهميتها وسمعتها العالمية، لم تسهم بشكل او بآخر بحل الأزمات العالمية"، مبينا أنها "كانت على مدار سنين طويلة مسرحا لتبادل التصريحات والتراشقات الإعلامية على مستوى عالمي من دون جهود حقيقية في معالجة الأزمات السياسية، فضلا عن الاقتصادية".
الحضور التركي
وأوضح أن "اجتماعات دافوس بدأت لأول مرة في عام 1971 من قبل كلاوس شواب، أستاذ الأعمال بجامعة جنيف. وكدولة، لم نحضر هذه الاجتماعات في تلك السنوات. حتى أواخر عهد تورجوت أوزال حين أصبح رئيسا للوزراء في تركيا".
واستذكر الكاتب "كيف حوّلت اجتماعات دافوس مشاركة أوزال فيها إلى عرض الرجل الواحد في السياسة الداخلية في تلك السنوات". وأضاف: "اجتماعات دافوس، التي لم تكن على جدول أعمالنا لسنوات عدة بعد أوزال، عادت إلى جدول الأعمال مع حكومة حزب العدالة والتنمية".
ولفت إلى أن رئيس الوزراء آنذاك، الرئيس رجب طيب أردوغان، وصل إلى ذروته في عام 2009 مع خروجه من المؤتمر في موقفه المعروف بـ "دقيقة واحدة"، وأكد أنه لن يذهب إلى "دافوس" مرة أخرى، ومنذ ذلك الوقت لم يكن "دافوس" على سلم أولويات تركيا حتى عاد للصدارة مرة أخرى بمشاركة وزير الخزانة والمالية التركي براءت ألبيرق.
وبيّن الكاتب أن المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"، كان قد قدم دعوة رسمية للرئيس أردوغان، لحضور احتفال الذكرى السنوية الـ49 لانطلاق المنتدى، وذلك بعد مرور 10 سنوات على انسحاب أردوغان من المنتدى، على خلفية السجال الساخن مع الرئيس الإسرائيلي آنذاك، شمعون بيريز.
وأردف: غير أن كلا من وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو ووزير الخزانة والمالية براءت ألبيرق شاركا في المنتدى. والتقى الأخير، مجموعة من المديرين التنفيذيين لشركات عالمية، ومسؤولي مؤسسات مالية دولية، مؤكدا أهداف تركيا التي وضعتها في برنامج الاقتصاد الجديد، وإنها عازمة على مواصلة جهودها في هذا الإطار، دون التخلي عن سياسية الانضباط المالي.
حل النزاعات
ونوه الكاتب إلى أن اجتماعات دافوس بدأت لأول مرة كمنتدى الإدارة الأوروبي، تم تغييره فيما بعد إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 1987 وأصبح منصة جيدة لحل النزاعات الدولية.
وعلى الرغم من أن اجتماعات دافوس هي واحدة من مؤتمرات القمة الرئيسية التي تناقش فيها القضايا المتعلقة بالاقتصاد العالمي، إلا أنها تعد أيضا كمنصة يجتمع فيها الزعماء السياسيون وممثلو الأعمال التجارية، ويبحثون عن حلول للمشاكل الدولية؛ لذلك، جرى استخدامه كمنصة محايدة من القادة السياسيين، بحسب الكاتب.
وساق الكاتب عددا من الأمثلة على ذلك، منها: ما حدث عام 1987 حيث وبينما كانت تركيا واليونان على شفا حرب، بسبب قضية الجرف القاري في بحر إيجه؛ توجه كل من رئيس الوزراء تورغوت أوزال، ونظيره اليوناني أندرياس باباندريو إلى "دافوس" لمحاولة الخروج بحلول وسط، وتبادل الآراء على مستوى عالمي.
وتكرر الأمر في عام 1989، حين نجح "دافوس" في عقد الاجتماعات الأولى على مستوى وزاري بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، وفي عام 1989 أيضا، التقى المستشار الألماني الشرقي هانز مودرو والمستشار الألماني هيلموت كول في دافوس لمناقشة توحيد ألمانيا.
كذلك شهد منتدى دافوس واقعة "دقيقة واحدة" حيث حضر الرئيس رجب طيب أردوغان كرئيس للوزراء في 29 يناير 2009، ورد على تصريحات الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز التي شرّعت هجمات غزة في تلك الفترة. ومع ذلك، لم تشهد اجتماعات هذا العام واجتماعات القادة أي تفسيرات ومناقشات من شأنها حل المشاكل في العالم.
وتابع الكاتب: كان من الواضح أن المنتدى الاقتصادي العالمي وقمة دافوس لم تعد فعالة كما كانت من قبل، وأنها لم تستطع تحقيق نتائج من شأنها أن تؤثر على جدول أعمال العالم والدليل على ذلك، أنه على الرغم من أن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، قال: إن التطورات المعادية للمسلمين في الهند "تشبه ألمانيا النازية"، إلا أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار على الإطلاق كما الآلاف من الناس وعائلاتهم، الذين فقدوا وظائفهم بسبب تقلص التجارة والنمو العالميين بسبب التدابير والحروب التجارية، لم تتم مناقشتهما قط في المنتدى.
البيان الأفضل
ورأى الكاتب أنه سيكون من الأفضل لو كان البيان الذي صاغه كلاوس شواب، مؤسس والمدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي "أي نوع من العالم نريده؟" بدلا من "أي نوع من الرأسمالية التي نريدها" لكان أفضل بكثير.
وزاد كافجي أوغلو، قائلا: "رغم أن الرأسمالية الجامحة، التي لم نتمكن من تغييرها لمدة 50 عاما على الأقل، عوملت على أنها رأسمالية أصحاب المصلحة، إلا أنه يمكن التأكيد على أن جميع الأنظمة التي تركز بوضوح أكبر على الناس هي في الواقع ليست كذلك إذ يعيش ما يقرب من 50 بالمئة من سكان العالم في بؤس، وينمو هذا البؤس في أجزاء كثيرة من العالم وذلك لأن النظام يحمي الأغنياء حيث يزدادون ثراء، وهو ما يحدث على ظهور الفقراء".
وهنا يجب مناقشة أنظمة جديدة للحد من الفرص وظلم الدخل في دافوس، إذ تساءل الكاتب: " كيف سيكون الوضع إذا تحدثنا عن عالم لا يُقتل فيه الأطفال، ولا يجبرون على ترك منازلهم وصالات نومهم، وحيث يستفيدون من جميع أنواع المرافق التعليمية والصحية؟"
وأجاب كافجي أوغلو، قائلا: "إذا كان بإمكان الزعماء والقادة العالميين إنشاء مخارج أوسع تجعل الناس ينمون ويحققون فرصهم وأحلامهم بغض النظر عن لونهم أو دينهم أو جغرافيتهم وبلدهم".
واختتم الكاتب مقاله، بالقول: "أتمنى لو أن غريتا تونبرغ (الطفلة السويدية) تحدثت عن الأشخاص الذين لقوا حتفهم في القوارب الغارقة في بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط، ضمن خطابها الجميل حول التغيرات المناخية في العالم، ربما حدث بعض الحرج على وجه الزعماء الأوروبيين في ذلك الوقت".