يني شفق: الغرب يلمع الإرهابيين ويشجعهم.. وهذا الدليل
انتقدت صحيفة تركية، ما أسمته "عقدة النظافة" لدى الغرب، حيث أصبحوا يلصقون صفة النظافة في أغلب منتجاتهم من قبيل "القنابل النظيفة"، و"السيارة النظيفة" و"المقاتل النظيف" بل و"الحروب النظيفة".
وتطرق الكاتب "سليمان سيفي أوغون" إلى: الجائزة التي قررت كندا مؤخرا منحها لـ"واحد من كبار الإرهابيين والذي يطلق على نفسه مظلوم كوباني".
وقال: إن "البعض يتعامل مع الإرهابي فرهات عبدي شاهين والذي يطلق على اسمه لقب مظلوم كوباني معرفا نفسه أنه "قائد قوات سورية الديمقراطية YPG" على أنه مقاتل من أجل الحرية، مع أن الأساس الأيدلوجي لـ YPG كان الماركسية اللينينية والستالينية رموز النجمة الحمراء، لكن الحركة تخضع بالكامل لسيطرة الولايات المتحدة وإسرائيل".
تلميع "الإرهابيين"
ومضى الكاتب في مقاله قائلا: "على حدود تركيا، وُعِد هؤلاء بدولة وبدأ تنفيذ بنود هذا الوعد، فكان داعش (تنظيم الدولة) مسيطرا على هذه الأراضي، لتأتي هذه القوات محررة أراضي الدولة المزعومة من هذه السيطرة، بحرب خيالية، وتستلم هي زمام السيطرة وتبدأ معها تغييرا ديموغرافيا، حتى باتت مدينة عين العرب تحمل اسم شركة كوباني الألمانية".
وتابع: أن الأكراد سيطروا هناك وحصلوا على حصص من شحنات النفط في الرقة وحولها، لافتا إلى: أن الوضع بقي هكذا، حتى تدخلت تركيا وأفسدت بعملياتها العسكرية واحدة تلو الأخرى كل هذه الألاعيب، لتترك واشنطن "حلفاءها" وحدهم تحت رحمة النظام السوري وروسيا، حيث كانوا سكاكين دامية.
زاد الكاتب: "تراجعوا هم (المسلحين الأكراد) باتجاه الجنوب، غارقين في غيظهم وغضبهم من أمريكا ومما حدث، وندموا في وقت بات فيه الندم لا يفيد، أما واشنطن فتحاول الفوز من كل ما يحدث، والتوفيق بين كل الأطراف".
حتى أنها وجهت رسالة لكوباني قائلة: "سنكون معكم في ساحات أخرى ونعمل سوية مرة ثانية" وهذا ما جرى في مكالمة هاتفية بين "مظلوم كوباني" والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي تغريدة على تويتر، قال ترامب: إنه استمتع باتصال أجراه مع كوباني، مما أثار غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي طالب واشنطن بتسليمه لأنقرة لأنه مدرج على القائمة الإرهابية.
يأتي هذا فيما حث شيوخ جمهوريون وديمقراطيون الخارجية الأميركية على إصدار تأشيرة لـ"مظلوم" حتى يتمكن من زيارة الولايات المتحدة لمناقشة الوضع في سوريا.
إنها محاولة بدون أي جدوى لتلميع الإرهابي مظلوم كوباني، لتحذو كندا حذوها، حيث توجه دعوة لتقليده جائزة "المقاتل النظيف" وهي جائزة كندية سنوية تمنح لمن يقاتلون بأنفسهم من أجل الحرية، بحسب الكاتب.
وفي وقت قال فيه مدير الاتصالات بالرئاسة التركية فخر الدين ألطون: "نشعر بقلق بالغ إزاء معاملته.. هذا الشخص زعيم بارز في حزب العمال الكردستاني تعتبره الولايات المتحدة وآخرون منظمة إرهابية، وهو هارب من العدالة"، أعلنت وزارة الدفاع الكندية: أنها وجهت دعوة زيارة إلى مظلوم كوباني، قائد قوات سوريا الديمقراطية زاعمة أنه الشريك الرئيس في عملية القضاء على أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة.
ومن المقرر أن تمنح كندا "كوباني" جائزة "المقاتل النظيف" السنوية، التي يتسلمها الشخصيات التي وهبت حياتها لخدمة البشرية في الحروب.
أزمة النظافة
وتابع الكاتب: "نحن نعلم أن النظافة هي شغف برجوازي يمكنه في بعض الأحيان الحصول على أبعاد مرضية وله توسعات أنثروبولوجية ونفسية معقدة للغاية وتم تكوين تصور الذات للغرب على هذا المحور حيث إن النظافة تشكل عقدة كبيرة عند الغرب الذي عاش في قذارة كبيرة ولقرون طويلة تسمى في تاريخهم "القرون المظلمة".
وأضاف: أن "هذا الأمر لم يكن فقط للطبقات الفقيرة والفلاحين، بل حتى كان أيضا للطبقات الغنية والمترفة "الأرستقراطية"، حتى أنهم اعتبروه نوعا من الذل والاضطهاد، ومع بداية القرن 19 وضع العقل البرجوازي هذه الأمور في سلة اهتماماتهم".
في الحرب العالمية الثانية، يقول الكاتب: "بدأت الطبقة الوسطى في النمو كما أدى إدراج الطبقات العاملة بعد الحرب إلى انتشار هذا الشغف على نطاق عام حتى عبر الاستشراق عن وجهة نظر العالم لهذه العاطفة، فذكروا أن الغرب كان نظيفا فيما الشرق لم يكن كذلك".
ويصور المنظر الثقافي والفيلسوف جان بودريار المرحلة الأكثر تطورا من شغفه بالنظافة باعتبارها: "وحدة العناية المركزة" .
يواصل الكاتب: أن ما بعد توصيف "بودريار"، بات هناك شيء غريب للغاية، حيث أنتجت وحدة العناية المركزة، من الناحية التحليلية، فيروسات لا تقاوم، كما شن مواليد الحرب معارك ضد جيل الآباء، الذي خاض هو بدوره الحرب، فاستعادت الحركات المناهضة للثقافة في الستينيات والسبعينيات الأوساخ التي كانت في الحقبة السابقة.
وتطرق الكاتب في مقاله لمرحلة "الهيبيز" وأمثالهم الذين رفعوا شعار "لا للاستحمام". والهيبيز مجموعة من الشبّان يدخنون الحشيش بشكل مستمر، لا يكترثون لأي شيء في العالم ولا حتى الاستحمام، يحبون الانطواء والعزلة، ويلبسون ثيابا غريبة وفضفاضة ضمن سياراتهم التي تشبه الباصات شديدة التلوين والبهجة مع موسيقى الروك أند رول.
هؤلاء الهيببز وأمثالهم وجدوا أن تراث الماضي كان سيئا، لدرجة أن النظافة، التي كانت هاجسا برجوازيا في عيون الأجيال المتمردة، أصبحت أعظم خطيئة.
السخرية في هذا كله هو إنتاج قنابل النيترون التي لم تؤذ الأبنية لكنها آذت البشر في سنوات السبعينات، حتى أنهم أطلقوا عليهم قنابل نظيفة، وكان الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت "جيمي كارتر" يعلن عن القنبلة باعتبارها "قنبلة نظيفة" مع ابتسامة مرسومة على وجهه.
الغرب يعتبر أن أعظم انتصار هو أخذ قضمة من التفاحة الخضراء مع أسنان نظيفة بعد الاستحمام والركض في بيئة منزلية مفروشة ولكن هذه العودة لا تكرر أخطاء الطبقات الوسطى القديمة وعلاقاتها السلبية بالنظافة.
هذا التاريخ الكبير من الصراع على النظافة ينطبق على العالم السياسي ونظافته من عدمه، وهذا يقودنا إلى كندا ورئيسها الذي لا يعرف عنه غير أنه وسيم يحتوي على خليط ما بحيث يحب الطبيعة والبيئة والحيوانات أكثر من البشر.
ورأى الكاتب: أن "النظافة ومشكلتها كانت ثقافة فيما يبدو عند هؤلاء، ففي سنوات السبعينات مرة أخرى، كان ثوريون آسيويون وأوروبيون وأمريكيون يرفضون الحضارة بطريقة ما، ويعتبرون القذارة رمزا للثورية".
وختم الكاتب مقاله: بأن الغرب دائما ما يعلن أن حروبه نظيفة ومحاربيهم كذلك، قنابلهم تتسم بأنها أيضا نظيفة، ولكن السؤال هنا: في ظل هذا الكم من النظافة، كم من الأطفال تم قتلهم؟ وكم من البيوت جرى هدمها على رؤوس ساكنيها؟