حروب التجارة والطاقة.. ما مخاطرها على الاقتصاد العالمي؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب أردال تاناس كاراغول، سلط فيه الضوء على وضع الاقتصاد العالمي في ظل حروب الطاقة، فإما تنقلب الطاقة لنعمة عليها أو نقمة وهو ما يحدث مع تركيا وفنزويلا. الحروب هذه تزيد الفجوة بين الدول متقدمة والنامية.

وقال الكاتب في مقاله: إنه "يتم إعادة توازن ميزان القوى في الاقتصاد، عندما يكون ميزان القوى في عملية تغيير، وفي هذه الفترة، نرى أن مؤسسي النظام الاقتصادي الحالي يسعون إلى خطوات جديدة لتغيير هذا لصالحهم مقابل احتمال أن يعود التغيير إلى مصلحتهم".

وأكد، أنّ المجالات الرئيسية لهذا التغيير هي الحروب التجارية وحروب الطاقة، مشددا على أن تغذية حروب الطاقة يتم من خلال النفط، وهو أهم الموارد الأحفورية، وتستمر ضد البلدان التي لديها أعلى احتياطيات في العالم.

وأردف الكاتب قائلا: "تستمر هذه الحرب في إيران مع الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية بكل أشكالها. الشيء المثير للاهتمام هو أنه في الماضي كانت هناك بعض القواعد والأسس المنطقية، ولكن الآن لا توجد قواعد ومبررات".

توتر أمريكا وإيران

وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا اقتصادية هائلة على إيران منذ أكثر من عام، في شكل عقوبات أعيد فرضها بعدما انسحبت واشنطن بصورة أحادية من الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين طهران والقوى الدولية في فيينا عام 2015.

وبحسب الصحيفة، فإن الولايات المتحدة، كانت أعربت مجددا عن استعدادها للتفاوض مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاقية جديدة في حال رغبت طهران بذلك، مشددة على أن الضغوط على طهران ستتواصل حتى تقبل بالمفاوضات.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغن أورتاغوسفي، إن واشنطن مستعدة للتفاوض مع إيران بشأن النقاط الـ12 التي حددها وزير الخارجية مايك بومبيو في حال كانت مستعدة لذلك. وأضافت أن العقوبات وحملة الضغوط القصوى على إيران ستستمر إلى حين قبولها بالمفاوضات.

كان بومبيو، قد حدد 12 شرطا للتوصل إلى "اتفاقية جديدة"، من بينها وقف طهران جميع عمليات تخصيب اليورانيوم، ووضع حد للصواريخ البالستية، والانسحاب من سوريا، فضلا عن وقف التدخلات في المنطقة ودعم "الجماعات الإرهابية".

ونقلت الصحيفة، تصريحات عباس عراقجي مساعد وزير الخارجية الإيراني، التي قال فيها، إن إيران نفذت دورها على الدوام لضمان أمن المنطقة، لكن ينبغي على الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الحليفة معهما تحمل تداعيات إجراءاتها المثيرة للتوترات.

وجدد عراقجي نفيه أي مفاوضات مع أمريكا، مؤكدا أن الأولوية بالنسبة لبلاده تكمن في الحوار مع الدول الخليجية.

وتشهد منطقة الخليج توترا بين الولايات المتحدة وإيران، حيث هددت الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره 40 بالمئة من إمدادات النفط العالمية عقب قيام واشنطن بتشديد العقوبات عليها. ودفعت الولايات المتحدة بتعزيزات عسكرية إلى المنطقة رغم إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه لا يرغب في الدخول في حرب مع إيران.

ماذا عن الغاز؟

وتطرق الكاتب التركي في مقاله، إلى أن الغاز الطبيعي يعد أيضا، من أهم مصادر الطاقة بعد النفط، وبالتالي يوفر موقعا إستراتيجيا للبلدان في هذه الفترة.

من وجهة النظر هذه، يقول الكاتب: نظرا لأن الموارد المكتشفة في شرق البحر المتوسط، والتي أصبحت نقطة حرجة في الأجندة الحديثة، نرى أن القوى التي تسيطر على النفط تبحث عن الهيمنة على الغاز الطبيعي وتعمل على تأسيس ذات المعادلة، لذلك يلعبون نفس اللعبة مرة أخرى.

وتساءل الكاتب في مقاله: ماذا يمكن أن يكون السبب وراء وجود الجميع في شرق البحر المتوسط؟  إنها التحكم في التجارة بلا شك.

وذكرت الصحيفة، تصريحات وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، فاتح دونماز، التي قال فيها، إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء انتهاك حقوقها وحقوق جمهورية شمال قبرص التركية شرقي المتوسط.

وأشار الوزير التركي إلى مواصلة تركيا أنشطة التنقيب عن الغاز والنفط على أراضيها وبمياه شرقي المتوسط، مشيراً إلى اعتزام أنقرة إرسال سفينة تنقيب ثانية بحلول يوليو/تموز المقبل، لافتا إلى مواصلة سفينة "الفاتح" التركية أعمال التنقيب شرقي المتوسط.

وبحسب الصحيفة، فقد شدد الوزير بهذا الخصوص: "لم ولن نقف مكتوفي الأيدي إزاء انتهاك حقوقنا وحقوق جمهورية شمال قبرص التركية في شرقي المتوسط"، موضحا أن تركيا لا تطمع في الاستيلاء على حقوق أحد، إلا أنها لا تسمح في الوقت ذاته لأحد بانتهاك حقوقها.

وأردف الوزير: "ما يهمنا هو تسخير مواردنا الطبيعية والباطنية في مناطقنا المرخصة، لخدمة ورفاه مواطنينا ونهضة بلادنا". واستطرد: "هناك أطراف لها حسابات قذرة في البحر المتوسط، ويوجهون التهديدات لجمهورية قبرص الشمالية مستقوين بقوى ليست من المنطقة".

وزاد دونماز محذّرا: "ندعو هذه الأطراف إلى التراجع فورا عن جنونهم، فتركيا ستواصل حماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك"، مؤكدا مواصلة بلاده مسيرها إلى أن تحقق كل أهدافها وغاياتها التي حددتها لنفسها، والوصول إلى تركيا القوية ونيل الطاقة المستقلة.

وفي نهاية أكتوبر /تشرين الأول الماضي، أطلقت تركيا سفينة "فاتح" الوطنية للقيام بأول عملية تنقيب عن الغاز الطبيعي والنفط بالمياه العميقة التابعة لها في مياه المتوسط.

ويثار هذه الأيام الجدل حول التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط بين تركيا وقبرص اليونانية ومصر، في وقت أبدت فيه عدة جهات دولية قلقها من بدء تركيا التنقيب عن الغاز الطبيعي في جرفها القاري.

حروب التجارة

وعلى صعيد التجارة، يؤكد الكاتب، أن قضية التجارة مجال مهم آخر هو الذي يحدد حجم الاقتصاد ويكشف التفوق في هذا المجال. البلدان التي ستعمل على تحسين فرصها التجارية سيكون لديها ناتج محلي إجمالي أعلى من خلال إنتاج المزيد وتصدير المزيد.

وبالتالي يضيف الكاتب، سيحدد هذا في الواقع أي دولة في العالم سيكون لديها أكبر ناتج محلي إجمالي. هذا هو السبب وراء كل الحروب وهذه المقاومة، فالحصول على أعلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم يعني أن تكون محددا للسياسة العالمية.

وأشار إلى أن الصين تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي أعلى من أجل تقليص الفجوة بينها وبين الولايات المتحدة والتي تحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتواصل تطويرها بأقصى سرعة. وفقًا لتوقعات 2019، سيكون الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي 21 تريليون دولار، بينما من المتوقع أن يصل إجمالي الناتج المحلي الصيني إلى 14 تريليون دولار.

وبيّن الكاتب أنه "من الواضح أن الانخفاض في الفجوة يعتمد على المزيد من مبيعات الصين، أي الصادرات. لهذا السبب، تفرض الولايات المتحدة ضريبة على البضائع الصينية وكذلك تمنع المزيد من الواردات وتشجع إنتاجها".

بالإضافة إلى ذلك، رأى الكاتب، أن مشروع طريق الحرير الحديث، الذي تريد الصين تنفيذه في السنوات المقبلة، حتى عام 2049، يجتمع أيضا مع الموانع الأمريكية من أجل منع سياسة الصين التجارية العدوانية. في حالة تطبيق طريق الحرير الحديث، ستتاح للصين الفرصة للتداول مباشرة إلى 65 دولة مع خطوط بحرية وبرية من آسيا إلى إفريقيا ومن هناك إلى أوروبا.

وعليه، يؤكد دونماز، أن الفرص التجارية الجديدة مع 65 دولة تعني إمكانية عالية لتغيير ميزان القوة الاقتصادية العالمية، وهنا، يشدد الكاتب، أنه من الواضح أن المؤسسات والمنظمات التي سيتم تشكيلها وكذلك التجارة ستطلق عمليات بحث بديلة جديدة.

وتحت هذا العنوان يتوقع الكاتب، أن يؤدي تباطؤ التجارة العالمية بسبب الحروب التجارية المستمرة والعنيفة بشكل متزايد بين الولايات المتحدة والصين والتوتر الأمريكي الإيراني والتطورات الخارجية المحتملة في منطقتنا إلى تباطؤ اقتصادات الاقتصادات الناشئة لصالح ميزان القوى الاقتصادية.

وأكد الكاتب في ختام مقاله بالقول: "إن هذه المخاطر ستؤدي إلى توسيع الفجوة بشكل أكبر بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية، ولفترات زمنية أطول".