التحالفات السياسية بالعراق على حافة الانهيار.. هل تطيح بالحكومة؟

يوسف العلي | 6 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور عام واحد على الانتخابات البرلمانية العامة في مايو/أيار الماضي، تشهد الساحة السياسية في العراق حراكا يهدد بانهيار أكبر تحالفين، ولدت من رحمهما الحكومة برئاسة عادل عبد المهدي، في سابقة لم تعهدها العملية السياسية بعد عام 2003.

ومع حديث كتل سياسية منضوية تحت تحالفي "البناء" و "الإصلاح" عن تفضيل الذهاب إلى المعارضة في البرلمان، ألمح آخرون إلى تشكيل تحالفات جديدة قد تطيح بالحكومة الحالية.

صراعات داخلية

انقسمت القوى السياسية العراقية عقب انتخابات مايو/ أيار الماضي، إلى تحالفين رئيسيين هما "البناء" و "الاصلاح"، بغية تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة، إلا أنهما فشلتا في ذلك.

بناء على اتفاق جرى بين كتلتي "الفتح" التي تقود تحالف "البناء" بزعامة هادي العامري، و "سائرون" التي تقود "الإصلاح" المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، انبثقت حكومة جديدة برئاسة المستقل عادل عبد المهدي.

على الرغم من شكوى ائتلاف "النصر" بزعامة حيدر العبادي المنضوي في تحالف "الإصلاح" من التهميش وتقاسم "الفتح" و"سائرون" مناصب الحكومة، إلا أن الانشقاق الأول كان في تحالف "البناء".

عقب اجتماع قيادة تحالف "البناء" مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والتي غاب عنها زعيم "حزب الحل" جمال الكربولي، أعلن الأخير انسحابه من التحالف، مبررا ذلك بالسعي لـ"تصحيح المسار".

وقال الكربولي في تغريدة على "تويتر": إنه "بكل النوايا الطيبة انضممت الى تحالف البناء محققا قصب السبق في صياغة مضلة وطنية جامعة تعلو على كل الانتماءات الضيقة".

وأضاف: إن "شيئا من طموحنا في صناعة أفق سياسي وطني بمعناه الحقيقي لم يتحقق منذ ما ينيف على العام، فإنني أعلن انسحابي من تحالف البناء كخطوة أولى لتصحيح المسار في إطار البحث عن مشروع وطني يعمل بجد لعراق مزدهر يتساوى فيه جميع العراقيين".

لكن مصدرا سياسيا طلب عدم الكشف عن اسمه، كشف لـ"الاستقلال" أن "سبب انسحاب الكربولي من تحالف البناء، كان على خلفية عدم دعوته لاجتماع قيادة التحالف مع رئيس الحكومة، وحضور غريمه داخل حزب الحل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي".

وقال المصدر إن زعيم "البناء" هادي العامري، ذهب إلى جمال الكربولي عقب إعلان الأخير انسحابه من التحالف، في محاولة لثنيه عن قراره، لكن رئيس "حزب الحل" رفض وأبدى استنكاره الشديد لإحلال محمد الحلبوسي مكانه كرمز يمثل المكون السني في "البناء".

وذكر المصدر السياسي أن "الكربولي، أبلغ العامري بأن الحلبوسي حديث عهد في السياسة، فكيف لكم أن تهمشونا، وتجعلوه يتصدر المشهد السياسي ممثلا عن المكون السني".

وبعد أن طفت على السطح الخلافات السياسية بين الكربولي والحلبوسي، كشف الأخير في مقابلة تلفزيونية قرب خروجه من "الحل" وإعلان تشكيل "حزب التقدم".

أسباب التفكك

دفع التذمر المتزايد داخل تحالف "الإصلاح" إلى إعلان ثلاث قوى، بالسعي لتشكيل كتلة المعارضة داخل البرلمان، كونها لا تمتلك حقائب وزارية وبعيدة عن المشاركة في القرار.

وقال القيادي في "تيار الحكمة" خلال تصريحات نقلتها صحيفة "الصباح الجديد" الثلاثاء الماضي: إن "الخلافات السياسية بدأت تظهر في كل الكتل، وضربت تحالف البناء أولا بعد انسحاب كتلة جمال الكربولي منه".

وأضاف العرباوي: إن "تحالف الإصلاح لم يشهد انسحابا لغاية الآن، بل هناك تدارس لخيارات أخرى كون بعض مكوناته لم تحصل على مواقع في الكابينة الوزارية".

ولفت إلى أن "قوى سياسية داخل تحالف الإصلاح كانت تفكر في المعارضة منذ بداية تشكيل الحكومة الحالية مثل النصر والحكمة والقرار العراقي".

وذهب العرباوي إلى أن "التحالفات الحالية ما زالت في مرحلة تأسيسية بعد تجاوزنا المرحلة القومية والمذهبية والمضي للفضاء الوطني، وبالتالي قد تظهر حالة من عدم الانسجام الكامل".

وبرر القيادي في "تيار الحكمة" الذهاب إلى المعارضة بالقول: إن "سبب تفكير أغلب قوى الإصلاح بالمعارضة، هو عدم رغبتها بتحمل المسؤولية كونها غير مشاركة في الحكومة".

وفي السياق ذاته قال الباحث في الشأن السياسي العراقي الدكتور عدنان التكريتي لـ"الاستقلال"إ إن "هذه الانهيارات سببها هشاشة الأساس الذي قامت عليه، وهو أساس ظاهره استقطاب وطني وتغيير للصورة السائدة، فيما باطنه فيه بحث عن المزيد من النفوذ والمصالح".

وبخصوص التخوف من عودة "الطائفية السياسية" في تشكيل التحالفات، استبعد التكريتي ذلك قائلا: "لا نعتقد أن هناك عودة للاستقطاب الطائفي بشكله الحاد، لأن المجتمع لم يعد يتقبله، ولذلك سيبقى العنوان الوطني هو المطروح مع بقاء النوازع الطائفية تعمل عملها".

هل تطيح بالحكومة؟

وبالتزامن مع الحديث عن تشكيل معارضة في البرلمان، برز اسم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، على أنه ينسق مع ائتلافي "النصر" و "الحكمة" للإطاحة بحكومة عبد المهدي.

وفجر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، جدلا كبيرا في تغريدة كتبها على "تويتر" حذّر فيها من "مؤامرة" يقودها "حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، للإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي".

ومع أن زيباري سارع إلى حذف التغريدة، لكن تصريحات أخرى أدلى بها نواب في البرلمان أشارت إلى "تنسيق مشترك" بين الأطراف التي ذكرها القيادي الكردي.

وقالت النائبة عالية نصيف عن ائتلاف "دولة القانون" بزعامة المالكي: إن "نواب النصر ودولة القانون في البرلمان ناقشوا فعلا آليات التنسيق النيابي المشترك، ويمكن أن ننفتح على كتل أخرى في مجلس النواب"، في إشارة إلى تيار الحكيم.

وأكدت نصيف أن "مشروع التنسيق النيابي عرض على قادة ائتلافي دولة القانون والنصر فوافقوا"، لافتة إلى أن "هذا الأمر فرضته ظروف العمل النيابي حيث تضيع على الكتل الصغيرة الكثير من الفرص للتأثير في الأداء العام لمجلس النواب ما يتطلب تشكيل كتلة كبيرة يمكن لها أن تحمي رؤيتها".

ومن جهته، قال النائب عن تحالف النصر رياض التميمي: إن "الأيام المقبلة ستشهد مستوى متقدما من التنسيق بين النصر ودولة القانون".

ولفت إلى أن "عدد نواب النصر والقانون مع النواب الذين يشعرون بالتهميش في كتلهم، يصل الى أكثر من 80 حاليا".

وبعد تزايد التكهنات عن الموضوع، خرج المالكي في تغريدة قال فيها: "نجدد التأكيد على موقفنا الذي أعلناه أكثر من مرة أننا ومن خلال تحالف البناء نعمل بالتنسيق مع جميع التحالفات والكتل البرلمانية لتنشيط دور البرلمان في الرقابة وتشريع القوانين ومساندة الحكومة  لتقديم الخدمات للشعب العراقي كما يستحقها".

وفي حديث لـ"الاستقلال" قال المحلل السياسي التكريتي: إن "الحكومة والبرلمان في أضعف حالتهما، وقد نصل للحظة فارقة قد تهدد بقاء عبد المهدي، ولكن حتى مضي سنة على الأقل، لن تنهار". 

تحركات للتدارك

وعلى وقع الأخبار التي تحدثت عن نية كتل من تحالفي "البناء" و"الإصلاح" الانشقاق والذهاب باتجاه كتلة برلمانية تشكل معارضة واسعة، تحرك هادي العامري في اجتماعات مكوكية بحث فيها حراك الكتل السياسية التي تسعى لإحداث انشقاقات.

وأجرى العامري زيارات إلى كل من رئيس تحالف "النصر" حيدر العبادي، ورئيس تيار "الحكمة" عمار الحكيم، فقد بحث مع الأخير ضرورة الإسراع في استكمال الكابينة الوزارية بشخصيات "كفؤة"، وضرورة ترتيب أولويات الحكومة وفقا لأولويات المواطن.

وقال مكتب الحكيم في بيان له، إن الأخير استقبل "رئيس تحالف الفتح هادي العامري، وبحث معه تطورات الشأن السياسي العراقي ومستجدات إكمال الكابينة الحكومية".

وشدد البيان على "ضرورة الإسراع بإكمال الكابينة الوزارية بشخصيات كفؤة قادرة على إدارة وزاراتها بمهنية وشفافية "، مؤكدا "أهمية أن يلمس المواطن فقرات البرنامج الحكومي على أرض الواقع".

والتقى العامري رئيس تحالف "النصر" حيدر العبادي، وبحث مسألة استكمال التشكيلة الوزارية، فيما ذكر البيان الختامي الذي صدر عن مكتب العبادي أن الجانبين أكدا "أهمية وضوح الرؤية والشفافية في التعامل مع جميع الملفات".

وذكرت مصادر سياسية لـ"الاستقلال"، أن "كتلتي النصر والحكمة، توجستا من تحركات الصدر والعامري للسيطرة على مناصب الحكومة، ولاسيما بعد حصول التيار الصدري على منصب الأمين العام لمجلس الوزراء، إضافة إلى 4 وزارات".

وكان رئيس الحكومة السابقة زعيم تحالف "النصر" حيدر العبادي، قد كشف في مقابلة تلفزيونية أن كتلتي "الفتح" و "سائرون" تقاسمتا وزارات حكومة عبد المهدي، خلافا لما اتفق عليه بشأن منح الأخير حرية في اختيار التشكيلة الوزارية من المستقلين.