حريق الكاتدرائية يُسقط ورقة التوت
احترقت كنيسة (نوتردام باريس) الفرنسية ولحقتها أضرار مادية كبيرة وهو أمر محزن، نحن المسلمين نتألم لدمار أي معلم ديني له مكانة عند أهل ديانته.
ولكن! نعم ولكن، المؤسف أن هذا الحريق كشف المستور وأسقط ورقة التوت عن كثير من المسلمين، أضفى على السطح ما كان مخفيا وكأن الحريق ضربة ربانية لكشف ما خفي من أحوال المسلمين عن المسلمين أنفسهم.. كيف ذلك؟ا
هذه الكاتدرائية Notre Dame De Paris تعني بالعربية (سيدتنا العذراء لباريس) بناها الملك شيلد بارت الأول ملك الفرنجة في نسختها الأولى عام 528م، فأصبحت كاتدرائية مدينة باريس في القرن العاشر، ثم تم بناؤها بشكلها الحالي عام 1260م. المهم ما علاقة المسلمين بها أكثر من علاقة احترامهم للأديان الأخرى ولدور عبادتها فقط لا غير؟
لكن ما رأيناه أن المسلمين يتباكون عليها أكثر من الفرنسيين أنفسهم، ويسارعون بجمع التبرعات لترميمها وإعادة بنائها قبل الفرنسيين أنفسهم، بل قبل حتى أن تعلن الحكومة الفرنسية عن باب التبرعات لترميمها؛ ولعل سرعة تحرك المسلمين لمدها بالتبرعات هو الذي أوحى لهم بهذا الجانب.
ورأينا:
- من سارعوا من المسلمين بجمع ودفع المليارات لترميمها!
- من المذيعين من أقاموا عليها مندبة وعويلا أكثر من الفرنسيين أنفسهم.
- مذيعة تبكي بحرقة على الهواء مباشرة على احتراق الكاتدرائية كما لم تبك حتى على فقد أمها أو أبيها أو عن دمار مواقع إسلامية.
- ورأينا إعلاميا تونسيا يتوجه بالنداء التالي إلى أئمة جامعي الزيتونة وجامع عقبة بن نافع القيروان، هذان أكبر وأعرق جامعين في تونس ورمزيتهما تجاوزت حدود البلاد التونسية، "بعد الحريق المروع الذي شهدته كاتدرائية نوتردام أتمنى أن يقوم أئمة جامعي الزيتونة وعقبة بن نافع بحركة ولو رمزية!! بجمع تبرعات لفائدة مشروع إعادة ترميمها؛ هكذا سيخلدون موقفهم وسيذكر التاريخ أن أئمة تونس بادروا وفي حركة حضارية بالمساهمة في إنقاذ هذا المعلم الديني الحضاري العظيم". ولم نسمع له من قبل ولو إشارة واحدة تدعو إلى صيانة المعالم الإسلامية التي تم تدميرها بفعل فاعل وليس كالكاتدرائية (قضاءً وقدرا ).
كل ما قدّم جميل جدا لو أن الفرنسيين والغرب عموما قاموا ولو بحركة أو كلمة مواساة عندما تعرضت معالمنا للدمار وجانب كبير منه بأيديهم؛ كيف ذلك؟
لكل من تباكوا على احتراق الكنيسة نقول لهم:
أولا؛ في عام 1185م خرج فليب اوغست، بابا كنيست نوتردام، ومعه الملك ريتشارد قلب الأسد -ملك إنجلترا- وفريديريك ملك ألمانيا، من ذلك الاجتماع بأقوى حملة صليبية على الإسلام؛ تم فيها ذبح 70 ألف مسلم في القدس، وأعدم ملك إنجلترا ألفين و700 أسيرا في عكا. وكانت تقام صلوات الشكر على هذه المجازر داخل كنيسة نوتردام فرحا لسقوط القدس. هل تباكى هؤلاء المسلمون على هذا؟
ثانيا؛ الجامع الأموي في حلب، الذي هو أقدم من الكنيسة نفسها، إذ تم بناؤه سنة 716م، وأيضا مئذنة المسجد العمري في درعا، وهي أقدم أيضا، بنيت عام 1100م تم تدميرهما بالكامل سنة 2013. كذلك المنارة الحدباء في الموصل عمرها 100 عام دمرتها القوات الأمريكية في حربها على العراق، والمسلمون أين هم؟ لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي، جميل أن تبكي على مصيبة جارك والأولى أن تبكي على مصيبتك.
وليعلم هؤلاء وأمثالهم أنه مهما تمسحوا على أعتاب وأقدام الكنيسة ومن وراءها ومن يرعاها، فلن يزدادوا عندهم إلا احتقارا ومذلة وطمعا في استعبادهم ونهب المزيد من خيراتهم، كما فعل (الكاوبوي) بثروات المسلمين لهفها في لمح البصر.. أليس كذلك؟
ورحم الله الفاروق عمر الخطاب القائل: "نحن قوم كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإن طلبنا العزة في غيره أذلنا الله من جديد. وصدق الله القائل: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون) سورة المنافقون.. الآية 8.