"ذا إيكونوميست": هذه دلالات استقالة وزير الخارجية الإيراني
نشرت مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، تقريرا عن دلالات استقالة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، وأرجعت السبب إلى تنافس معسكرين داخل الحكومة الإيرانية على قيادة الدولة.
وقالت المجلة، في تقريرها، إنّ مهندس الاتفاق النووي مع أمريكا والغرب، اعتذر في 25 فبراير/ شباط المنقضي، عن تقصيره في أداء عمله، وقدّم استقالته من منصبه عبر حسابه على موقع "إنستجرام".
تنافس المعسكرين
وأضافت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "الاستقلال": إنه "في غضون ساعات، تنافس معسكران في إيران -أحدهما لا يزال راغبًا في التواصل والارتباط مع الغرب، والآخر يتعطش للمواجهة- وأخذا بتبادل التهم".
وأكدت "ذا إيكونوميست" أنّ "حكومة الرئيس حسن روحاني المنتخبة، لم تقبل وضغطت على ظريف للبقاء. بينما احتفلت السلطات غير المنتخبة والتابعة للحرس الثوري الإسلامي، التي تمثل رأس الحربة للمتشددين، بذهابه". وعقّبت المجلة: "نادرا ما كان الصراع على السلطة داخل إيران بمثل هذا الوضوح".
وقال التقرير إن "روحاني رفض الاستقالة مبررا قراره بأنها "ضد المصالح الوطنية الإيرانية"، ومع تصدّر وسم "ابق يا ظريف ZarifStay#" على تويتر، طالب معظم أعضاء البرلمان الوزير بالبقاء وسحب استقالته". وأشار المصدر ذاته، إلى أن "العديد من السفراء هددوا بفعل ما فعله ظريف وتقديم استقالتهم".
وعلى النقيض من ذلك، يقول التقرير: "هرعت وكالات مرتبطة بالحرس لتأكيد رحيله، وأشاد واحد من أبواقها التلفزيونية، وحيد يامين بور، باستقالته ورحيله. كما تنبأ حلفاء الحرس الثوري بأن وزير النفط، الساعي للتوافق مع الغرب، بيجان زانجانيه، سيكون الراحل المقبل من الحكومة".
"وقد بلغ الحال بدعوة بعض المتشددين إلى الإطاحة بالرئيس روحاني نفسه، فيما بقي المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، الذي له القول الفصل ملتزمًا الصمت"، بحسب التقرير.
إحباط جهود ظريف
ورأت المجلة المهتمة بالشؤون الدولية، أن "احتجاج ظريف العلني كشف عن إحباطه من قوة المتشدّدين، بعد أن عُرقلت جهوده لإبقاء إيران خارج القائمة الدولية للدول الراعية للإرهاب. وعندما قام رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بأول زيارة سرية لطهران منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، تم استبعاد ظريف من إدارة الملف السوري الذي تولّاه رئيس الحرس الثوري، قاسم سليماني".
وعاد التقرير إلى الفترة الرئاسية السابقة لباراك أوباما، وأشار إلى أن "فريق روحاني وظريف احتك كثيرا مع الأميركيين، وتمكنت الاتفاقية التي تحد من طموحات إيران النووية الموقعة في 2015، إلى رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران".
واعتبرت "ذا إيكونوميست" أن "فوز الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب في 2016، وقراره بانسحاب أمريكا من الصفقة في العام الماضي قضت على نهج البراغماتية المتبادلة. وتم إعادة فرض العقوبات على البنوك والصادرات النفطية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وانخفاض قيمة العملة الإيرانية، إلى جانب شعبية روحاني، ومازالت الاضطرابات تأخذ في الارتفاع".
ونقلت المجلة عن الأكاديمي الإيراني-الإيطالي في جامعة تورنتو بإيطاليا، بيجمان عبد المحمدي قوله: "يريد الحرس الثوري ومحافظو خامنئي حكومة أكثر راديكالية".
من سينتصر؟
وعقب التقرير: "لطالما حاول الحرس أن يتجاوز سلطة روحاني، فقد طردت وحدات الاستخبارات التابعة لها بعض وزرائه وأجبرتهم على الخروج من الحكومة، واتهمت بعضهم بالعلاقات مع الموساد جهاز التجسس الإسرائيلي".
واستشهد الكاتب بتصريح المسؤول الإيراني الكبير الذي فر إلى أمريكا العام الماضي، كافي مدني، الذي قال: "إنهم يحاولون منع كل شيء، والسيطرة على كل شيء". واعتبرت المجلة أن "الحرس تمادوا بشكل متزايد في اعتقالهم لمواطنين مزدوجي الجنسية ولأسباب واهية، كما سجنوا أحد زملاء ظريف من المفاوضين بتهم التجسس رغم اعتراضات رجال الأمن الخاص التابع لروحاني".
وأفاد المصدر ذاته، أن شهر مارس/ آذار الحالي عرف تقديم شقيق روحاني للمحاكمة بتهمة الفساد. ونقلا عن أحد مساعدي روحاني قالت المجلة: "إذا كانوا قادرين على ذلك، فإنهم سيشنون انقلاباً". وأشارت أنه "مازال موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2021، لكن الحديث عن استطلاع مبكر في تزايد مستمر".
"سيبتهج بعض الحرس برؤية الاتفاق النووي، الذي ما زالت دائرة روحاني تتمسك به، ينهار بشكل رسمي. لا ينكمش هذا الفريق من احتمال تصاعد المواجهة مع السعودية والإمارات العربية المتحدة حول اليمن أو حول الجزر المتنازع عليها في مضيق هرمز"، بحسب التقرير.
ورأت المجلة أن الحرس الثوري "لا يمانعون العقوبات الاقتصادية الأمريكية؛ لأنها تساعد في حماية مصالحهم التجارية الضخمة من المنافسة الدولية. يبدو أنهم مرحِّبون بالعزلة الدبلوماسية مع الغرب التي أفنى ظريف فيها السنوات الخمس الماضية في سبيل إنهائها".
وخلص التقرير إلى أن "روحاني أقنع ظريف بالبقاء، في الوقت الحالي، لكن قد يضطر الرجلان إلى تكييف سياسة إيران الخارجية بصورة ترضي الحرس الثوري".