"عام على الطوفان".. هكذا موّلت بنوك إسبانية حرب إسرائيل في غزة

منذ ٦ أشهر

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور عام على الإبادة الجماعية لقطاع غزة، أزاح تقرير أجنبي الستار عن حقيقة تمويل بنوك إسبانية لإنتاج الأسلحة المستخدمة من طرف إسرائيل في إبادة سكان غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وكشف التقرير أن عشرات الكيانات المالية في إسبانيا منحت قروضا أو استثمرت جزءا من أموالها في سبع شركات تزوّد الكيان الإسرائيلي بالأسلحة والذخيرة.

"الصيرفة المسلحة"

وقالت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية إن مركز "ديلاس لدراسات السلام"، ومقره الرئيس في برشلونة، نشر تقريرا كشف فيه أن عشرة بنوك إسبانية خصصت تمويلات بقيمة ما مجموعه أكثر من 4 مليارات دولار لصالح شركات باعت لإسرائيل الأسلحة المستخدمة.

فضلا عن ذلك، تبيّن أن جزءا كبيرا منها استخدم في مجازر الإبادة في غزة، حيث قُتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في أقل من سنة.

ويحمل هذا التقرير عنوان "الصيرفة المسلحة ومسؤوليتها في الإبادة الجماعية لغزة".

وحلل أكثر من أربعة آلاف عملية مالية بين عامي 2011 و2024، نفّذت معظمها في السنوات الخمس الأخيرة، بين 15 شركة تصنيع أسلحة تبيع إنتاجها لإسرائيل والبنوك التي تموّلها.

ووفقا لهذه الدراسة، قدم 12 بنكا إسبانيا قروضا أو استثمروا جزءا من أموالهم في سبع شركات، خمس من الولايات المتحدة، وواحدة إيطالية واثنتان ألمانيتان، تنتج أسلحة لصالح إسرائيل "يمكن أن يكون قد جرى استخدامها لارتكاب الإبادة الجماعية التي تحدث في فلسطين".

ومن بين هذه البنوك، يبرز على رأس القائمة بنك "سانتاندير" وبنك "بي بي في إيه"، وهما مؤسستان تقدمان أكبر حصة من التمويل بإجمالي 95.4 بالمئة أي أكثر من 4 مليارات دولار بين البنكين. 

وتليهما مجموعة "لا كايكشا" التي تقدر حصتها من التمويلات بحوالي 110.6 ملايين دولار، ثم وبيستينفر بتمويلات بقيمة 65.9 مليون دولار ومجموعة إي دي إم التي تقدم تمويلات بحوالي 8.8 ملايين دولار ومجموعة "إيبيركخا" التي مولت الإبادة بحوالي 2.5 مليون دولار، وغيرها من البنوك الأخرى. 

وبحسب مركز ديلاس، اشترت 11 من بين هذه الكيانات المالية الاثني عشر أسهما في بعض الشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة، لا سيما شركة "رولز رويس" البريطانية متعددة الجنسيات، المالكة للشركة المصنعة الألمانية إم تي يو فريدريشهافن، ولراينميتال، الشركة الألمانية الأخرى المذكورة في التقرير.

علاوة على ذلك، قدم كل من "سانتاندير" و"بي بي في إيه" و"لا كايكشا" وحدهم أكثر من 3.4 مليارات دولار في شكل اعتمادات متجددة وقروض شركات لهذه الشركات، واستثمر البنكان الأولان 660 مليون دولار أخرى في عمليات الاكتتاب في السندات.

ونوهت الصحيفة إلى أن معدي التقرير أطلقوا عبارة "الصيرفة المسلحة" على عملية ضخ الموارد الاقتصادية التي تقوم بها الكيانات المالية الإسبانية لصالح الشركات التي تبيع الأسلحة للجيش الإسرائيلي والتي يتم استخدامها بعد ذلك في غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.

وأكدت أنه "باستخدام هذه الأسلحة، ترتكب إسرائيل بشكل منهجي جرائم ضد الإنسانية، تصل إلى حد جريمة الإبادة الجماعية، وفقا لأصوات الخبراء والتحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية".

ظلم اجتماعي

ويفصّل التقرير أيضا استخدام إسرائيل للأسلحة التي تصنعها شركات تمولها البنوك. وتحديدا، فيما يتعلق بالقنابل الموجهة والصواريخ التي تنتجها شركتا "بوينغ" أو "جنرال سيستمز" الأميركيتان. 

ويفيد بأن هذه المادة استخدمت في تفجيرات متعددة، سواء في غزة أو على الحدود مع لبنان، "متسببة في مئات القتلى والجرحى عند سقوطها على المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات وغيرها من المواقع"، مثلما وثقت واستنكرت منظمات مثل “العفو الدولية” أو لجنة تابعة للأمم المتحدة.

وأكد مركز ديلاس أن شركتي "بوينغ" و"جنرال ديناميكس" قد تلقت تمويلات من قبل بنك "بي بي في إيه" تعادل حوالي 1.3 مليار دولار.

زيادة عن ذلك، تلقت الشركة الأولى تمويلات من بنك سانتاندير بقيمة أكثر من 1.2 مليار دولار، ومن قبل بنك "لا كايشا" بمبلغ 198 مليون دولار.

وفيما يتعلق باستخدام الطائرات لأغراض عسكرية، تناول التقرير تفاصيل تصدير أنواع مختلفة من المروحيات والطائرات المقاتلة، مثل طائرات بوينغ أباتشي التي شاركت في هجمات متعددة على قطاع غزة، بما في ذلك تلك التي تسببت في مقتل عشرات المدنيين في رفح وغزة في يونيو/ حزيران 2024.

من جانب آخر، أشار التقرير إلى طائرات إف-35، المصنعة من قبل شركة لوكهيد مارتن، وبي إيه إي سيستمز، وليوناردو، التي شاركت إلى جانب طائرات بوينغ وبي إيه إي سيستمز إف-15، في عمليات متعددة في غزة ومناطق أخرى، بإطلاق صواريخ تسببت في عدد غير معروف من الوفيات.

وسلط التقرير الضوء على أن "شركة ليوناردو، على سبيل المثال، حصلت على تمويل قدره 198 مليون دولار من سانتاندير وبي بي في إيه".

وبالنسبة للأسلحة وذخائر المدفعية، يبرز الهجوم الذي تم تنفيذه في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على ميناء غزة وبعض الفنادق القريبة، وكذلك على لبنان، حيث استخدمت قذائف الفسفور الأبيض.

وشدد على أن بعض "هذه الهجمات يتم التحقيق فيها بصفتها جرائم حرب وأدانتها منظمة العفو الدولية".

علاوة على ذلك، أشار تقرير مركز "ديلاس" إلى الاستخدام العشوائي لذخيرة دبابات أر إتش -120، من شركة راينميتال، ضد الفلسطينيين والبنية التحتية المدنية الحيوية، مثل المرافق الطبية وقوافل المساعدات أو ملاجئ المدنيين في غزة، وكذلك ضد الصحفيين على الحدود مع لبنان، وهو هجوم أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدة أشخاص. 

وسلط في هذا الصدد الضوء على أن شركة راينميتال، بالإضافة إلى وجود مصنع لها في إسبانيا، تلقت تمويلات من قبل العديد من المؤسسات المالية الإسبانية.

ويرى أن كبار المستثمرين، وعلى رأسهم كيانات أميركية وأوروبية، يدعمون صناعة الأسلحة بشكل كبير، مما يدل على أن "المؤسسات المالية هي المحطة الرئيسة للدورة الاقتصادية العسكرية التي تسمح باستمرار الصراعات المسلحة وانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم". 

وفي مواجهة ذلك، يقترح مركز ديلاس "التمويل الأخلاقي" كبديل يرفض أي استثمار في شركات إنتاج الأسلحة ويروج لنموذج مالي يعتمد على بناء مستقبل يتم فيه الحد من عدم المساواة والظلم الاجتماعي.