بعد حرب 2020.. إلى أين وصلت مفاوضات السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟

2 months ago

12

طباعة

مشاركة

عقب مرور 4 سنوات على استعادة أذربيجان إقليمها المغتصب من قبل أرمينيا، قره باغ، سلمت الأخيرة، مطلع سبتمبر/ أيلول 2024، الحزمة العاشرة من المقترحات الخاصة بمعاهدة السلام، التي يجرى بحثها بين البلدين من أجل وضع حد للنزاعات المتكررة بينهما في السنوات الأخيرة.

في ضوء ذلك، تستعرض صحيفة روسية التباين بين البلدين فيما يتعلق ببعض البنود الشائكة التي مازالت محل نقاش، من أجل الوصول إلى توقيع اتفاق سلام، موضحة فرص وكيفية وأهمية التوصل إلى حل لتلك النقاط العالقة.

وتشير صحيفة "إزفستيا" الروسية، كذلك إلى الأزمة المتعلقة بممرات النقل الحيوية التي تربط أذربيجان بإقليم نخجوان المتمتع بالحكم الذاتي عبر الأراضي الجنوبية لأرمينيا.

تعثر السلام

في سبتمبر/ أيلول 2023، سيطرت باكو على آخر أجزاء قره باغ خلال هجوم استمر ليوم واحد، واضعة نهاية للحملة العسكرية التي بدأت في عام 2020 تجاه هذا الجيب الجبلي.

وسبق أن خاضت أذربيجان حربا استمرت لمدة 44 يوما ضد أرمينيا، في سبتمبر/ أيلول 2020، بهدف استعادة السيطرة على إقليم قره باغ، وانتهت المعارك بتوقيع الطرفين وقف إطلاق نار برعاية روسية.

كما نص الاتفاق على إعادة أجزاء من الإقليم إلى أذربيجان، ونشر قوات حفظ سلام روسية لضمان الاستقرار في المنطقة، وهو ما عرف باسم "البيان الثلاثي".

وبعد سيطرة باكو على الإقليم، في سبتمبر/ أيلول 2023، رضخت أرمينيا لأذربيجان وأعلنت "قبولها بشكل رسمي الاستسلام، مؤكدة بشكل نهائي سياستها بعدم التدخل في شؤون قره باغ"، وفق ما ذكرت الصحيفة.

ويوضح التقرير أن "اتجاه (إزالة قضية قره باغ) من السياسة الأرمينية، كان قد نشأ منذ فترة طويلة، ولم يرتبط باسم شخص واحد فقط".

وأردف: "وقد قام العديد من السكان الأرمن بمغادرة إقليم قره باغ عائدين إلى أرمينيا، بعد استعادة أذربيجان السيطرة عليه مرة أخرى". 

حيث تشير التقديرات التي عرضتها الصحيفة إلى "اتخاذ 150 ألفا من سكان قره باغ قرار العودة إلى يريفان".

وادعت الصحيفة الروسية أنه تم إجبار الأرمن على الرحيل، قائلة: "اتخذ سكان الأرمن في الإقليم قرارا قسريا بمغادرة منازلهم، خوفا من الاضطهاد والانتقام المزعوم".

بعد ذلك، غادرت قوات حفظ السلام الروسية المنطقة بحلول يونيو/ حزيران 2024، وفق ما أفاد التقرير، حيث "فقد بقاؤها في الموقع أي معنى".

لكن الصحيفة ترى أن تلك الأحداث المؤلمة تحمل في طياتها الخير والاستقرار في المستقبل.

فتقول: "وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو حادا ومؤلما، إلا أن أحداث عامي 2020 و2023 قد قربت الطرفين من تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه منذ سنوات طويلة، وهو البدء في مسار التطبيع والشروع في عملية ترسيم الحدود".

وتابعت: "بعد مرور ما يقرب من أربع سنوات (منذ توقيع البيان الثلاثي)، لا يزال مشروع اتفاق السلام وتأسيس العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا، قيد التعديل وباقيا على جدول الأعمال".

حيث يشير التقرير إلى "تمكن الطرفين من الاتفاق على 80 بالمئة من البنود، ويبدو أن الجزء الأكبر من العمل قد تم إنجازه".

ومع ذلك، توضح الصحيفة أن "الأصعب هو تنفيذ ما تبقى، فالمسائل الأكثر تعقيدا لم تُحل بعد، ومن غير المرجح أن يتم الحديث بثقة عن دخول حقبة جديدة في المنطقة دون حلها".

تعديلات دستورية

وتعود الإشكالية بين الطرفين كون يريفان تقترح التوقيع على البنود المتفق عليها في أقرب وقت ممكن، والحصول على وثيقة أساسية، ثم مواصلة المناقشات حول المسائل المتبقية لاحقا، بينما تتبنى باكو موقفا مغايرا تماما.

ويصر الجانب الأذربيجاني على وجوب تعديل أرمينيا للدستور -الذي يتضمن إشارة إلى إعلان استقلال البلاد، والذي يعلن أن الهدف الوطني هو توحيد أرمينيا مع  قره باغ قبل التوقيع على الاتفاقية.

ويعتقد الأذربيجانيون أن هذه التغييرات ضرورية لإزالة أي مطالبات إقليمية مستقبلية، بغض النظر عمّن سيكون في السلطة في أرمينيا.

بدورها، تثير أرمينيا كذلك بعض التحفظات حول الدستور الحالي لأذربيجان، خاصة حول بعض الفروق الدقيقة، التي أشار إليها رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان في أحد تصريحاته الأخيرة.

فوفقا للصحيفة، لفتت أرمينيا الانتباه إلى "قانون الاستقلال عن الدولة لعام 1991، الذي يذكر إعلان استقلال أذربيجان عام 1918، والذي يتضمن مطالبات إقليمية كبيرة تجاه أرمينيا".

وأوضحت: "يوجد نص يشير إلى أن مساحة أذربيجان تبلغ 108 آلاف كيلومتر مربع، لكنه في ذات الوقت أشار إلى أن هذه المساحة ستصل إلى 141 ألف كيلومتر مربع، بعد حل جميع المسائل الحدودية مع أرمينيا وجورجيا".

وهو ما تفسره أرمينيا "بوجود طموحات إقليمية لدى أذربيجان، تصل لعشرات الآلاف من الكيلومترات"، حسب الصحيفة.

ومع ذلك، تستبعد الصحيفة "احتمالية حل كامل مجموعة التناقضات الأرمنية الأذربيجانية من خلال تسوية المسألة الدستورية، حيث مازالت هناك قضايا أخرى عالقة بين الطرفين".

خطوط النقل

من بين تلك الملفات التي أشارت إليها الصحيفة، هناك قضية خطوط النقل التي تربط المناطق الغربية لأذربيجان، بجمهورية نخجوان ذاتية الحكم، عبر الأراضي الجنوبية لأرمينيا، إذ تتهم باكو يريفان بعدم الوفاء بالتزاماتها بشأن فتح تلك الخطوط.

وتتجلى أهمية خطوط النقل تلك لأذربيجان، بوصفها "تحمل أهمية إستراتيجية لباكو، حيث إن تنفيذها يعزز بشكل كبير من موقف أذربيجان كأحد المراكز اللوجستية الرئيسة في أوراسيا".

ومن زاوية أخرى، يمثل ذلك المشروع طموحا إقليميا وأهمية كبرى بالنسبة لتركيا، حسبما ذكرت الصحيفة، حيث "إن لتلك الخطوط مهمة أوسع تتمثل في تطوير التعاون التركي، من تركيا إلى دول آسيا الوسطى".

وفي السياق، دعت الصحيفة إلى المضي قدما في محاولة حل النقاط العالقة بين أرمينيا وأذربيجان، إذ "تهدد الحوادث المتكررة من تبادل إطلاق النار بين الجنود الأذربيجانيين والأرمن على طول الحدود بين الدولتين، إلى تطور الأمر بسرعة إلى صراع أوسع، مما يعرض عملية التفاوض المعقدة بالفعل للخطر".

بالرغم من ذلك، ترى الصحيفة أن "توقيع اتفاقية السلام لن يقضي على العداء التاريخي بين الشعبين في الوقت الحالي، ولكن بمقدورها أن تقلل من خطر اندلاع حرب شاملة جديدة، وبالتالي من الكارثة الإنسانية في القوقاز الجنوبي".

وتضيف الصحيفة: "هذه مجرد بداية طويلة لاستعادة الثقة وإطلاق العنان للإمكانات اللوجستية للمنطقة".

واختتمت: "هذا المسار يمثل مسارا طبيعيا تماما، فلا توجد حلول سريعة في مثل هذه القضايا، إلا إذا فُرضت من الأعلى، أو قُبلت تحت تهديد السلاح".