"اتفاقية القسطنطينية".. هل يحق لمصر منع عبور سفن إسرائيل من قناة السويس؟

12

طباعة

مشاركة

عبور سفينة الصواريخ الإسرائيلية (ساعر 5) من قناة السويس، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أثار جدلا صاخبا في مصر، ووجهت اتهامات للنظام برئاسة عبدالفتاح السيسي بالمشاركة في إبادة غزة بهذه الأفعال.

وكان السماح بعبور البارجة الإسرائيلية لقناة السويس، وهي ترفع العلم المصري إلى جانب الإسرائيلي، متجهة إلى ميناء إيلات، للمشاركة في قصف وقتل الفلسطينيين، بحجة التزام مصر بـ"اتفاقية القسطنطينية" والقانون الدولي، مستغربا.

إذ خرق الاحتلال القانون الدولي واتفاقية كامب ديفيد واحتل محور فيلادلفيا، كما أن نفس النظام المصري سبق أن منع مرور سفن تركية وفرنسية وإيرانية وضيق على السفن القطرية بدعوى أن بنودا في اتفاقية القسطنطينية تسمح لمصر بذلك.

الموقف المصري طرح تساؤلات؛ هل تتحجج القاهرة حاليا ببند من اتفاقية القسطنطينية للسماح بمرور سفن إسرائيل؟ بينما تجاهلت بنودا تسمح بمنعها، كما منعت غيرها في السابق كانت تعدها "معادية" بحجة حماية أمن مصر القومي.

عجائب وغرائب

تتضمن "اتفاقية القسطنطينية"، التي تم توقيعها عام 1888 لتنظيم حركة الملاحة في وقت السلم والحرب، 17 بندا، بينها بنود غاية في الغرابة، لذا يقول بعض خبراء القانون الدولي إن تطبيقها مستحيل في الوضع الحالي ويطالبون بضرورة تعديلها.

وتنص الاتفاقية في مقدمتها على أن القادة والدول (بعضها اختلفت)، الذين قرروا حرية الملاحة في قناة السويس هم، "ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا وإمبراطورة الهند، وإمبراطور ألمانيا وملك بروسيا".

"وإمبراطور النمسا وملك بوهيميا وملك المجر الرسولي، وملك إسبانيا النائبة عنه الملكة الوصية على العرش، ورئيس الجمهورية الفرنسية، وجلالة ملك إيطاليا، وجلالة ملك الأراضي المنخفضة، ودوق لكسمبورج، وجلالة إمبراطور سائر الروسين، وجلالة إمبراطور العثمانيين"، وفق نصها.

كما تنص "المادة 9​" على أن "الحكومة المصرية في حدود سلطاتها المستمدة من الفرمانات (العثمانية) تحمي القناة وتحترم تنفيذ المعاهدة، وفى حالة إذا ما كانت الحكومة المصرية غير قادرة على تدبير الوسائل الكافية للحماية.

"عليها الاستنجاد بالحكومة الإمبراطورية العثمانية"، أي أن من حق مصر أن تستنجد بتركيا لحماية القناة معها حال الحروب والخطر، ولأنقره حق منع سفن إسرائيل ضمنا.

أيضا تنص "المادة 5​" على أنه "في وقت الحرب لا يجوز للدول المحاربة أن تنزل أو تأخذ داخل القناة وموانئ مداخلها، قوات أو ذخائر أو مواد حربية"، وهو مبرر لمنع السفينة الإسرائيلية لأنها تنقل قوات وذخائر ومواد حربية.

وتعد "المادة 10​​" مصر من ممتلكات "الحكومة الإمبراطورية العثمانية" والتي ترثها تركيا حاليا، وهي (الإمبراطورية العثمانية) المنوط بها "ضمان الدفاع عن مصر وإقرار النظام العام".

وبسبب هذه البنود الغريبة التي لا تتفق مع الأوضاع السياسية الحالية، يرى مصريون وخبراء قانون أن من الضروري تعديل هذه الاتفاقية أو عدم التزام مصر بها، وحقها في فرض قيود على حركة السفن الحربية التي تمر في قناة السويس.

وفرضت تركيا قيودا على حركة السفن الحربية بموجب اتفاقية مونترو الموقعة عام 1936، لأن ظروف الحرب تعطيها الحق (مثل اتفاقية القسطنطينية) أن تمنع مرور السفن الحربية عبر مضيقي البسفور والدردنيل.

وطالب سياسيون وقانونيون ونشطاء مصريون بمنع مرور السفن الحربية الإسرائيلية من قناة السويس وعدم تطبيق اتفاقية القسطنطينية، بتقدير أن إسرائيل تعد في حالة عداء مع مصر وخرقت اتفاقية السلام معها.

وأوضحوا أن الاتفاقية تحتوي على بند رقم (10) الذي يسمح لمصر بمنع دخول أي سفن قد تحمل تهديدا لأمنها القومي.

خطر على الأمن

ويقول أستاذ القانون الدولي، عبد الله الأشعل، إن “المادة 10 من نفس الاتفاقية تتيح لمصر منع مرور السفن التابعة للدول التي في حالة حرب معها، وأيضا في حال مرور سفن نووية غير مؤمنة قد تؤثر على مجرى القناة”.

لكنه أوضح لـ"الاستقلال" أنه "من الصعب محاولة تعديل اتفاقية دولية مثل القسطنطينية، كما يطالب البعض، لأن هذا سيجلب مشاكل كبيرة لمصر وقد تكون هي أكثر المتضررين من هذا التعديل، الذي يصعب تنفيذه دون دول كبرى".

واستطرد: “المعاهدات والاتفاقيات تخلق أوضاعا قانونية على الأرض لا يمكن تجاوزها بدون موافقة أطرافها كافة على تعديلها”.

وينص هذا البند على أنه "لا تتعارض أحكام المواد 4 و5 و7 و8 مع التدابير التي قد يرى عظمة السلطان وسمو الخديوي اتخاذها باسم صاحب الجلالة الإمبراطورية ليضعا، بواسطة قواتهما وفى حدود الفرمانات الممنوحة، الدفاع عن مصر وصيانة الأمن العام".

وإذا رأى "صاحب العظمة الإمبراطورية السلطان أو سمو الخديوي ضرورة استعمال الحقوق الاستثنائية المبينة بهذه المادة يجب على حكومة الإمبراطورية العثمانية أن تخطر بذلك الدول الموقعة على تصريح لندن".

ومن المتفق عليه أيضا أن "أحكام المواد الأربع المذكورة لا تتعارض إطلاقا مع التدابير التي ترى حكومة الدولة العثمانية ضرورة اتخاذها لكي تضمن بواسطة قواتها الخاصة الدفاع عن ممتلكاتها الواقعة على الجانب الشرقي من البحر".

ويرى مفسرون أن هذا البند يمنح لمصر الحق في رفض عبور بعض السفن من القناة إذا ما كانت تتضمن تهديدا لأمنها العام، مشيرين إلى أن ما تفعله إسرائيل في غزة ورفح، والسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي واستهداف بعض الجنود المصريين وسقوط صواريخ إسرائيل على أرض مصر أثناء العدوان على غزة يهدد أمن مصر.

وعليه يحق لمصر وفق اتفاقية القسطنطينية منع السفن الحربية الإسرائيلية من المرور في القناة؛ لأنها تشكل خطرا على أمن مصر. 

وعلى مدار 154 عاما هو عمر قناة السويس المصرية منذ افتتاحها عام 1869 لم يتم إغلاقها أمام حركة الملاحة العالمية سوى 9 مرات فقط، إما بسبب حروب أو أزمات سياسية.

فقد توقفت عام 1915 بسبب الحرب العالمية الأولى وتوقفت بين عامي 1940-1942 جراء الحرب العالمية الثانية، وكذلك خلال الفترة بين هزيمة مصر أمام إسرائيل 1967 وحتى بعد انتصار أكتوبر/ تشرين الأول 1973 بعامين.

وكان من أسباب توقفها أزمات سياسية أو فنية، غلقها في أعقاب الثورة العربية عام 1882، وغلقها بسبب العوامل الجوية أو جنوح سفن أو ناقلات أغلقت ممرها.

وحين زادت سيطرة الإنجليز على قناة السويس، عقب تدخلهم ضد ثورة أحمد عرابي على الخديوِي توفيق 1882، وتصاعد الصراع مع فرنسا اقترحت لندن وضع نظام جديد لإدارة القناة بشكل يرضي جميع الأطراف.

وفي مارس/ آذار 1885، بدأت مباحثات بين البلدين حول إبرام معاهدة دولية تنظم المرور في القناة حتى تم التوصل أخيرا لبنود معاهدة القسطنطينية في 29 أكتوبر 1888.

وحينها وقع مندوبو 9 دول على الاتفاقية التي تضمنت 17 مادة لتنظيم قواعد مرور السفن في القناة.

ولم تلعب مصر دورا كبيرا في إبرام الاتفاقية بعدما مثلتها الدولة العثمانية، صاحبة السيادة عليها حينها، وبريطانيا التي فرضت احتلالا عليها أدارت بموجبه شؤونها الخارجية والداخلية.

وفي عام 1914، خرجت مصر عن حكم الدولة العثمانية، لكنها ورثت عنها التزاماتها الرسمية في المعاهدة، لكنها لم تلبث حتى اندلعت الحرب العالمية الأولى، وأعلنت بريطانيا الحماية على مصر، لتصبح القناة جزءا من الاحتلال.

31 سنة منع

ظلت إسرائيل محرومة من المرور في قناة السويس، وخاصة سفنها الحربية منذ حرب 1948 ونشأة دولة الاحتلال، وحتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979، أي 31 عاما من منع المرور.

فبعد حرب فلسطين 1948، وتوقيع مصر اتفاق الهدنة معها عام 1949 رأت مصر أن الاتفاق لا ينهي حالة الحرب مع إسرائيل، لذا أعطت لنفسها الحق في منع أي سفينة متجهة لدولة الاحتلال، سواء إسرائيلية أو محايدة.

واستندت في ذلك إلى المادة العاشرة من المعاهدة لـ"ضمان الدفاع عن مصر وإقرار النظام العام"، لهذا منعت القاهرة حتى السفن المحايدة التي تحمل بضائع من دول أخرى تجاه الموانئ الإسرائيلية، وليس السفن الإسرائيلية فقط، فيما يشبه الحصار.

وحين تقدمت إسرائيل بشكوى إلى مجلس الأمن في يوليو/ تموز 1951 تُعِد منع مصر سفنها خرقا لاتفاقية القسطنطينية، أيد مجلس المجلس الموقف الإسرائيلي، وأصدر قرارا بالأغلبية يدعو مصر للوفاء بالتزاماتها البحرية، إلا أن القاهرة لم تستجب، وأصرت على حقها في المنع، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

وفي سبتمبر 1954 حاولت إسرائيل تحدي قرار الحكومة المصرية فأرسلت سفينة تحمل العلم الإسرائيلي نحو قناة السويس فصُودرت حمولتها وسُجن بحّارتها 3 أشهر ثم أعيدوا بعدها إلى دولة الاحتلال.

وبررت مصر موقفها بأنها "تخشى بسبب حالة العداء التي تجمعها بإسرائيل أن تنفذ أي سفينة تابعة لها عملية تخريبية تمنع الملاحة في القناة".

وأكدت أن "منع إسرائيل من استخدام القناة يعد بالتالي أمرا واجبا" وفقا لتفسير مواد اتفاقية القسطنطينية.

وحين تم تأميم القناة 1956، زعمت بريطانيا أن قرار التأميم يهدم اتفاقية القسطنطينية، بحجة أنها نصت على أن "حرية الملاحة ترعاها شركة القناة الدولية وأن استيلاء مصر عليها يتعارض مع الاتفاقية".

لكن حكومة جمال عبد الناصر اضطرت للتراجع عن موقفها بمنع أي سفينة من العبور إلى إسرائيل، فوافقت لأول مرة على مرور البضائع الإسرائيلية غير العسكرية، بشرط أن تكون محمولة على سفن غير إسرائيلية، وإن عدت "النقود والسبائك الذهبية والفضية والأوراق المالية" شحنات عسكرية لا يُسمح بمرورها إلى إسرائيل.

واستمر هذا الوضع حتى اندلعت حرب 1967، التي كانت سببا في تعطيل الملاحة في مجرى القناة لسنوات طويلة لم تنته إلا باندلاع حرب أكتوبر 1973.

وفي مارس/ آذار 1975، أعلن الرئيس الراحل أنور السادات نيته إعادة افتتاح قناة السويس، لكنه أكد أن سفن إسرائيل ستظل محرومة من استخدامها لنقل بضائعها في ظل عدم إنهاء حالة الحرب بين البلدين، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

لكن حين تم توقيع اتفاقية فض الاشتباك الثانية بين مصر وإسرائيل، في 4 سبتمبر 1975، تضمنت الاتفاقية في "المادة السابعة" نصا يسمح بـ"مرور البضائع الإسرائيلية غير العسكرية بشرط أن تكون محمولة على سفن غير إسرائيلية"، أي العودة إلى الوضع الذي كان سائدا بين عامي 1957 و1967.

وحين انتهت حالة الحرب رسميا عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979، تم النص فيها على "حرية مرور السفن الإسرائيلية في خليج السويس وقناة السويس على أساس اتفاقية القسطنطينية لعام 1888".

وبموجبها أصبح لإسرائيل الحق في عبور جميع سفنها التجارية والحربية قناة السويس لأول مرة بلا أي قيود منذ 1948.

مبررات واهية

رغم أن المادة الأولى من اتفاقية القسطنطينية تنص على أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام "حرة ومفتوحة سواء في وقت الحرب أو السلم".

كما تشدد المادة الرابعة من الاتفاقية على فتح القناة حتى للسفن الحربية التابعة للمتحاربين وأن تمنح لها حق العبور، إلا أنها تحدثت بوضوح عن منع سفن حربية في حالتي الحرب مع مصر، أو وجود ما يشكل خطرا على أمنها القومي.

لذا كان تذرع مصر – عبر بيان هيئة قناة السويس -باتفاقية القسطنطينية لتبرير مرور البارجة الحربية الإسرائيلية، مبررا واهيا لأن الاتفاقية ذاتها تضمنت بنودا تسمح لمصر بمنع مرور سفن حربية من قناة السويس في بعض الحالات.

وتمنع "القسطنطينية" مرور السفن التابعة لدولة في حالة حرب مباشرة مع مصر، أو تهدد الأمن القومي المصري، وهي بنود تمثل سلاحا كان من الممكن لمصر استخدامه لمنع السفينة الإسرائيلية.

فقد انتهكت إسرائيل اتفاقية السلام مع مصر، واحتلت المنطقة الحدودية ومحور فيلادلفيا وسيطرت على معبر رفح من الجهة الفلسطينية، وهي أمور من أعمال الحرب.

وقد أكد هذا بيانات متكررة أصدره "مصدر (مصري) رفيع المستوى"، يعتقد أنه جهاز المخابرات، حين انتهكت إسرائيل المعاهدة وحين هددت الأمن القومي بالخطر.

فحين احتلت إسرائيل منطقة معبر رفح، صرح "مصدر رفيع المستوى" لقناة “القاهرة الإخبارية”، بأن "احترام مصر لالتزاماتها ومعاهداتها الدولية لا يمنعها من استخدام كل السيناريوهات المتاحة للحفاظ على أمنها القومي".

وكان لافتا نقل "القاهرة الإخبارية" عن المصدر في 21 مايو/ أيار 2024، أن مصر حذرت إسرائيل بالقول "يمكننا استخدام كل السيناريوهات للحفاظ على أمننا"، ما يعني أن مصر تعد ما تفعله إسرائيل خطرا عليها ويهدد أمنها القومي.

وهذه المخاطر، تعدها اتفاقية "القسطنطينية" مبررا لمنع سفن إسرائيل من المرور في قناة السويس.

وحمل رد المستشار مرتضى منصور على مذيع السلطة أحمد موسى، الذي وصفه بأنه "الحاخام أحمد موشيه"، ما يشير إلى أن مصر في حالة حرب مع إسرائيل لخرقها اتفاق السلاح، وبدا أن حديثه موجها ضمنا للسلطة والجيش والمخابرات.

منصور قال، عبر فيسبوك، إن المادة 10 من الاتفاقية تمنح مصر الحق في المنع إذا كانت الدولة مالكة السفينة تهدد الأمن القومي المصري، والكيان الصهيوني يهدد أمننا القومي من الجبهة الشرقية.

وأكد أن "الصهاينة ألقوا اتفاقية كامب ديفيد المشبوهة المرفوضة من المصريين في سلة المهملات، واحتلوا ممر فيلادلفيا ضاربين بالاتفاقية عرض الحائط، وفي نفس صندوق القمامة كان مصير اتفاقية أوسلو، وأعادوا احتلال غزة والضفة وبنوا آلاف المستعمرات بالمخالفة للاتفاقية".

وسأل منصور أحمد موسى: “أين أحكام محكمة العدل الدولية التي أمرت أقاربك (الصهاينة) بوقف الإبادة الجماعية فورا لشعبنا العربي الفلسطيني، طبعا عرفت أين مصير الأحكام، هل أخبرك أم ستغضب؟” وهي تلميحات تتضمن اتهامات ضمنية للسيسي والجيش.

حملة انتقادات

وسبق أن منعت مصر مرور سفن من دول مختلفة في قناة السويس لأسباب أقل أهمية، مثل منع حاملة طائرات فرنسية عام 2006 من عبور قناة السويس لاحتمال احتوائها على نفايات خطرة، ولم تعترض باريس أو تحتج باتفاقية القسطنطينية.

ورفضت مصر السماح لسفن قطرية عام 2017، أثناء الخلاف معها، بالرسو في موانئ المنطقة الاقتصادية للقناة، بحجة الأمن القومي المصري، حيث أعلنت في 5 يونيو/حزيران 2017، "إغلاق حدودها البحرية والجوية أمام كل وسائل النقل القطرية".

لكن مسؤولا بهيئة قناة السويس أكد لـ"وكالة الأنباء الفرنسية" حينها أن مصر لا تملك منع السفن القطرية من المرور عبر قناة السويس، لأنها ممر ملاحي عالمي، ومرور السفن به يخضع لاتفاقية القسطنطينية، لكن تم حظر وقوفها في موانئ مصر.

واشتكت إيران عام 2012 و2019 من احتجاز سفن لها في قناة السويس، لكن القاهرة أعلنت رسميا أنها لم تمنع مرور أي سفن إيرانية، بما فيها سفن حربية تم السماح لها بالمرور عقب ثورة يناير 2011 بعد فترة انقطاع منذ الثورة الإيرانية.

وحين رفع أحد المحامين دعوى قضائية ضد الرئيس محمد مرسي لمطالبته بمنع مرور سفن إيرانية حربية في قناة السويس يُشتبه بأنها تحمل أسلحة لدعم النظام السوري أكد رئيس القناة حينئذ إيهاب مميش لوكالة "الأناضول" التركية عام 2012 هذا المنع.

وقال مميش "ليس من حق هيئة قناة السويس طبقا لاتفاقية القسطنطينية المنظمة لعمل المرفق العالمي منع أي سفينة تحمل مواد عسكرية وأسلحة من المرور في القناة أيا كانت وجهتها".

لهذا قال مصريون إن المسألة مسألة "إرادة" لا “قوانين دولية”، وسبق لمصر في عهود سابقة منع مرور سفن إسرائيل بحجة أنها تشكل خطرا على أمنها القومي، فلماذا لا تمنعها حاليا وغزة تُباد والمجازر لا تتوقف وانتهاك الحدود المصرية مستمر؟

لعدم قناعة سياسيين ونشطاء بمبررات الموقف المصري للسماح بعبور السفينة الحربية الإسرائيلية، شنوا حملة انتقادات وتخوين ضخمة لنظام السيسي واتهموه بأنه “شريك في إبادة غزة”، خاصة بعد استقبال سفينة كاثرين أيضا التي تحمل شحنة سلاح لإسرائيل ورست في ميناء الإسكندرية.

وكتب المعتقل السابق أحمد دومة: "السلطة شريكة في الإبادة، ليست مجرد متواطئة ولا خائنة، بعد الحصار والإخراس والتسليم في الوساطة، حاليا شريكة مباشرة".

كما اتهم متظاهرون من الصحفيين والسياسيين، خلال مظاهرة بمقر نقابة الصحفيين في 3 نوفمبر 2024، نظام السيسي بأنه “شريك في جريمة إبادة غزة”.

وهتفوا، ضد مرور سفينة حربية إسرائيلية في قناة السويس، وأنباء رسو السفينة محملة بمواد متفجرة في طريقها إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، في ميناء الإسكندرية، قائلين: "مصر شريكة، مصر شريكة (في إبادة غزة)".

وأضافوا: "مصر حزينة، مصر حزينة، مصر عدى منها سفينة.. تضرب، تقتل في أهالينا.. مش حتكون بأسامينا، حطيتوا دماغنا في الطينة"، و"يسقط كل كلاب أميركا"، و"طول ما دم اخواتنا رخيص.. يسقط يسقط أي رئيس".